الاثنين، 4 سبتمبر 2017

السعودية عودة الوعي أم إستمرار في الغيَ؟




حصار قطر في إعتقادي نذير شؤم على دول الحصار وخاصة المملكة العربية السعودية , نظرا لطبيعة  نظامها  القائم على  إحداث الضرر   دائما  في الجوار خوفا  وتحصينا وصرفا للنظر عن الداخل الهش خوفا من  رياح التغيير ولي هنا بعض الملاحظات:

أولا: حدود السعودية دائما حدودٌ متحركة  مع الجوار  ودافع التوسع دائما هو هاجس الدولة الدائم والمستمر , لها خلافات حدودية مع جميع جيرانها بلا إستثناء  تسخن  كلما إستدعى الوضع الداخلي ذلك وتبرد كلما إقتضت  مصحلته أيضا.

ثانيا:  النظام السعودي نظام براجماتي الى درجة كبيرة  وإن إدعى  الكثير من المثالية الدينية الاسلامية ,حيث لايمثل الاسلام  في أجندته سوى  وسيلة براجماتية  فلدية قدرة كبيرة في تقمص  إرادة الخير في مقابل إرادة الشر , إلا أن هذة الأزمة كشفت  كثيرا من  الفجوات في مفهوم الخير الضيق الذي يعتمدة النظام السعودي ومفهوم الشر الواسع الذي يصمه لمن يخالفه .

ثالثا: أنشأ النظام السعودي رابطة العالم الاسلامي  منذ الستينيات  لمواجهة  التيار القومي  وهاهو يستغلها اليوم بشكل فج لاهدافه السياسية من خلال الدعوة لمقاطعة قطر وكيف يمكن لمنظمة إسلامية أن تتبنى  موقفا سياسيا  ضيقا بلا إعتبار  لوضعها الاخلاقي والديني؟

رابعا: وقفت السعودية في الماضي مع الامام الحوثي ضد الثورة في اليمن  واليوم تحارب الحوثي حتى آخر يمني  على قيد الحياة رغم الفشل الذريع  حيث اثبتت عاصفة الحزم أنها ليست سوى نزوة  غير محسوبة المخاطر , فالشعب اليوم في اليمن يمر بمجاعة ولم يشهدها في تاريخة  وتفشى للأمراض يفتك بأبناءه لم يشهد له التاريخ الحديث مثيلا

خامسا: لايسعى النظام السعودي الى إقفال الملفات مع دول الجوار, ولايسعى الى حلها  في نفس الوقت والدليل  الازمة الراهنة  مع قطر حيث كل مايحتفظ به  من إدعاءات  مضى عليها أكثر من عقد من الزمن  وتخللتها فترات  طويلة من شهر عسل توج بزيارة تاريخية للملك سلمان منذ شهور قليلة, لكن الوضع الداخلي تطلب أن  تكون أزمة  بهذة الشدة والعنف.

سادسا:حتى ميثاق الدرعية الشهير بين محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب  الداعي لتنقية الدين من الشوائب عام 1745 والذي يُعتبر إساس  ومرجعية النظام السعودي السياسية , جعله نظام "المحمدين" دكا وكأن لم يكن ونحن نشاهد  غلاة الشيعة على جبل عرفة منذ أيام وهويمارسون بدعهم وضلالاتهم.

سابعا: في حين كانت الكويت تدفع رواتب  هيئة التدريس في جامعة صنعاء والتي أنشأتها أيضا الكويت , كانت السعودية ترشي القبائل وتستعدي الواحدة على الاخرى لتأمين حدودها  وشراء الذمم ,"الشرعي إعلامي يمني" هنا الفرق بين  النظام الوطني العروبي والنظام البراجماتي الذي يربط القيم بالمنفعة الخاصة الضيقة.

ثامنا:أنشأت السعودية قناة العربية لمواجهة قناة الجزيرة  , إلا أنها أصبحت مصدرا  لكراهية الشعب السعودي قبل غيره لبجاحتها ولقلة مهنيتها فلم تصل للمواطن العربي  على الرغم من التحفظات الكثيرة على  جوانب من قناة الجزيرة إلا أنها  تحظي  بشعبية جارفة وسط المجتمعات العربية  خاصة بعد الازمة وهذا يعكس بالتالي  شعبية النظام القطري  مقارنة  بالنظام في المملكة   .

تاسعا:  قضية تسييس الحج طرحت هذا العام بعد الحصار بشكل لم يحصل من قبل  وتنادت المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الانسان  بضرورة إبعاد الدين عن السياسة. وهذا مدخل  خطير  وستظل عيون العالم مسلطة عليه دائما   خاصة أن إيران كانت ولاتزال تطالب  ان تتنازل السعودية عن ادارة الحج الى لجنة اسلامية حيث كيف يجتمع الملايين ليدعوا  لملك السعودية  في موقف رباني لاعلاقة له  بالسياسة لامن قريب ولا من بعيد 

عاشرا: التغير الواسع والجذري والمفاجىء في نفس الوقت في الاجهزة الامنية في المملكة يشير الى دخولها في منعطف  وجود معارضة  معتبره يُحسب لها  وأن هناك تصدع  واضح داخل العائلة الحاكمة والقوى الفاعلة في المجتمع.

أحد عشر:اللجوء الى تحريك القبلية والقبائل  دعوة تحمل ضررا للسعودية قبل غيرها, فهي صاحبة  أضعف  المؤشرات الحيوية البشرية مقارنة بقطر او بالكويت أو بالامارات , بطالة وأجور متدنية  وآلاف من السعوديين  لايمتلكون مسكنا خاصا بهم  وهذا  لاتجده في قطر ابدا , مما يجعلها  تيار جاذب  ولو تركوا للسعوديين خيار لإلتحق بدولة قطر الكثير منهم  ولايزال بعضهم لايريد مغادرة عمله وسكنه في قطر رغم التهديد, فالرهان على القبائل خاسر وهو دليل إفلاس واضح.

إثنا عشر: حالة التعطش لدى بعض القوى العالمي مثل روسيا والاقليمية مثل إيران تنتظر الفرصة السانحة  للتدخل في المنطقة وسوء حسابات السعودية تكاد تحقق لهم ذلك يوما بعد آخر  كل ذلك نتيجة تصاعد الوضع الداخلي  بشكل سلبي , وكذلك التراجع الامريكي الواضح في عهد أوباما واليوم التذبذب الواضح في عصر ترامب  يدعوا السعودية للعودة الى الداخل وليس  للإستمرار  في تصدير الازمات الى الخارج حيث إنقلبت الموازيين  عن السابق.

ثلاثة عشر:النظام السعودي يعيش مجموعة من التناقضات فهو أكبر مصدر للنفط الخام في العالم  وموقع لأقدس الاماكن الاسلامية  ويمتلك أحدث الاسلحة المتطورة  إلا أنه مغمور فيما يتعلق  بالحريات والمساواة وحقوق الانسان هذة التناقضات  من المستحيل  أن تستمر دون  أن تحدث إنفجارا سواء في الداخل أو في الخارج وكلا الخيارين أحلاهما مُرُ

أربعة عشر: لم تستخدم السعودية ثروتها النفطية في خدمة القضايا العربية إلا في حرب إكتوبر73 أيام الملك فيصل  الذي وضع المبدأ فوق السياسة  وجمع بين العروبة والاسلام  رحمه الله,  وغير ذلك  كانت تستخدمها الادارة الامريكية لاضعاف  الدول   العربية التي كانت تسعى لامتلاك  قرارها  مثل العراق ومصر  في السابق وذلك من خلال إغراق السوق النفطية بالنفط لكي تنخفض الاسعار  وتتأثر دول نفطية عربية أخرى  تمتلك مشروعا كالعراق   كما أشرت . 

خمسة عشر: ارجو أن يستيقظ النظام في السعودية لأنه من مصلحتنا جميعا أن تبقى المملكة حصنا حصينا ,عليها أن تعود الى الداخل  لاأن تهرب الى الخارج عليها أن تعالج مشاكل المجتمع السعودي  وهي أغنى دولة في العالم ,فالمؤشرات الاقتصادية العالمية عن الاقتصاد السعودية تكشف  عن مخاوف طويلة الامد في ظل ارتفاع نفقات الاسرة المالكة  وتراجع مؤشرات التنمية البشرية  وتآكل الشعبية التي يحتاجها كل نظام لكي يستمر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق