السبت، 15 مارس 2025

كل عام وانتم بخير

 كل عام وانتم بخير , عبارة تعودنا على سماعها  مع كل سنة جديدة او اي مناسبة سعيدة  تتكرر , عبارة غنية بالمعنى   ومفعمة بروح الأمل,  لايمكن  أن يعيش الانسان دون أن يمني نفسه بالأمل , لا يستطيع أن يواجه المستقبل دون ان تحدثه نفسه  بأن غداً أفضل  , حتى لو لم يحدث شيئاً في ذلك  إلا ان الأمل في حد ذاته  إنجاز اً نفسياً, أنظر الى الكثير من حولك من الضعفاء  والمحتاجين , من أين تأتيهم البسمة , رغم حرمانهم وحاجتهم المستمرة  لاساسيات الحياة,, ألحياة محتوى وليست كتله أو قطعة واحدة , لايمتلكها شخص مهما بلغ ثراؤه أو قوته أو منصبه , حينما تكتفي ولم تعد تأمل شيئاً  تكن قد فقدت المعنى  فلابد لك من  ان تجد باباً لم يطرق ولم يُفتح بعد  بهذه الطريقة تحضر الظروف  وتفتح باباً لمستقبل  آخر , المستقبل ليس مستقبلك أنت وحدك , فهذه انانية يقع في براثينها كثير من أصحاب الثروة والاغنياء, المستقبل هو مستقبل الإنسانية , مستقبل الإنسان  في كل مكان ,  , لايمكن لك أن تضمن مستقبلك ومستقبلك أولادك واحفادك ومستقبل الانسانية كله مهدد بحروب نووية وأوبئة وأمراض فتاكة, سمعت كثيراً عبارة" أنا ضمنت مستقبل أولادي  من خلال ماتركت لهم من  أموال منقولة وغير منقولة" مثل هذا لايدرك أن العالم أصبح  متصلاً ببعضه البعض بشكل تماماً يشبه  قطع الدومينو , بحيث لو سقطت  قطعة واحدة  سقطت معها الاف القطع بشكل متواصل  حتى تسقط جميع القطع وهو مايسمى " تأثير الدومينو", أموالك   اليوم التي تستخدمها ترجع  آخر النهار الى  بنوك الغرب , وكل دولار  في يدك , يبات ليلاً في الخزينة الأمريكية ,  وأمريكا وما يعصف بها  سيصيب العالم في مقتل , الحقيقة أننا بحاجة  الى نظام إنساني جديد يكون  فيه الانسان هو المركز والقيمة   وليس الدولار أو السلعة, كنا نقول في السابق لبعضنا البعض عبارة" كل عام وانتم بخير" بطمأنينة , المساحة الجغرافية التي تبعدنا  مراكز التوتر , كلنا نقولها  بإطمئنان  قبل أن يصبح مصير العالم  بضغطة زر في يد مسؤول طائش , كنا نقولها بثقة أكبر حينما كان الذهب  سلعة العالم  وليس الدولار المطبوع  , كنا نقولها قبل أن تسيطر شركات الادوية على  مراكز القرار السياسي في الدول الكبرى لتحولنا الى فئران تجارب   لكي تجني الارباح الطائلة من وراء عالم ثالث منهك   يشتري  هذه الادوية  طوعاً أو كرهاً أو أن يعزل  ويخرج من دائرة  التقنية ووسائل الاتصال  الحديثة. العالم على مدارك عصر جديد لايمثل فيه الانسان أي قيمة  فهو موضوع استهلاكي  متى  ما حان وقته والبداية تكون من الاضعف  طبعاً ,  يصفوننا بالدول الغنية  وأعينهم ليست على البشر وإنما على النفط والغاز والموقع الاستراتيجي,  الى متى سيستمر ذلك , لاأعلم  ولكن كل عام وانتم بخير , طالما نحن مؤمنين بوجود إرادة الهية عليا  تدبر الكون وشؤونه, ومن سننها التداول  وسقوط الظلم مهما طالت به الايام  جرياً مع منهج الاستخلاف  الانساني للكون 

الثلاثاء، 11 مارس 2025

ذاكرة المكان"غزة"

 

غزة الصامدة اليوم , غزة التي تسطر أروع صفحات تاريخ المقاومة والصمود والتحدي في وجه الصهيونية ومن وراءها الاستكبار الامبريالي العالمي, غزة التي أيقظت ضمير العالم  واحرار العالم من سبات المدنية الغربية الزائفة, غزة التي حركت كبرى عواصم العالم نحو وعي جديد  لامكان فيه لاستغلال الانسان  وسرقة احلامه   وارضه واقتلاع تاريخه, لم تكن بعيدة وعي الانسان القطري  كأسم  وكرمزية  للمكان  وللإنسان العربي الفلسطيني 

 أذكر أنني أول مرة سمعت باسم غزة اعتقدت أن الكلام عن غزة فلسطين، كنت في المرحلة الابتدائية، حين أشار بعض الرفقاء للاستعداد لخوض مباراة لكرة القدم مع فريق «غزة» فإذا بها منطقة لايفصلها عن الريان حيث كنا نسكن  سوى مسافة  قصيرة لم تُعمر بعد في حينه  

عندما كنا طلابا في مدرسة الريان القديم الابتدائية، فوجئنا بإخوة كرام يلتحقون بمدرستنا قادمين من غزة، وهي تجمع سكاني لا توجد به مدرسة في حينه، يقع شرق الريان القديم والغرافة، وتفصله أرض قاحلة إلا من بعض الاشجار والأعشاب القليلة التي تسمى اليوم بمنطقة «اللقطة».
أذكر أننا على الدراجات لكي نصل إلى غزة، علينا أن نمر أولا إلى الغرافة، ومن محطة البترول القديمة التي كانت قائمة هناك، نسلك طريقا صغيرا وخطيرا من الأسفلت قادما من الشمال، حتى نصل إلى غزة، حيث كانت كرة القدم ديدن شباب تلك الأيام ومباريات الفرجان شبه أسبوعية.
سمعت أن أول من أطلق عليها هذا الاسم هم أوائل من سكنها من قبائل وعوائل أهل قطر الكريمة، حيث كانت سكنا لعددمن هذه العوائل والقبائل   
وسمعت كذلك أن من أطلق عليها هذا الاسم أيضاً هو أحد الدبلوماسيين القطريين المخضرمين.تفاعلاً مع قوميته  والشعور العربي العارم  مناصرة للقضية الفلسطينية  .
ما أود أن أشير إليه أن الوعي العربي القومي في تلك المرحلة كان له انعكاسات مباشرة في حياة الشعب القطري.
ولا أدري إن كان اسم غزة تيمناً باسم غزة فلسطين،أم لسبب آخر؟ وربما أنه كذلك تيمناً بغزة فلسطين لسيطرة القضية الفلسطينية على ذهن وتفكير المواطن العربي عموما، والقطري خصوصا في تلك المرحلة، إلا أنني على يقين من أن أسماء كالعروبة والوحدة والتحرير والأحرار، التي كانت مسميات لأندية قطرية لكرة القدم، هي من نتاج الفكر القومي الذي كان سائدا في الذهنية العربية عموماً آنذاك.
 أنشأت الدولة فيما بعد مدينة خليفة  الشمالية والجنوبية  لتتضمن منطقة "غزة"  جرياً مع مشروعات الدولة للتحديث  إلا أن  من عايشوا تلك  الحقبة المبكرة  في وعي الشعب القطري لايزالون  يتذكرون وتأتي مع احاديثهم وذكرياتهم , حيث لاتزال القضية الفلسطينية تحتل مكانتها في ضمير أهل قطر , ولاتزال غزة الصمود نبراساً  يضي طريق الامل  مهما طال وأستوحش, لذلك لم يكن وقوف قطر حكومة وشعباً غريباً مع غزة وشعبها الذي يتعرض لابادة ممنهجة من قوى الشر العالمي , غزة    في قلب الشعب القطري باكراً وتسمية قطعة عزيزة من أرض قطر بإسمها دلالة على  أصالة  وجودها  في ضميره وفي وعي أجياله جيلاً بعد آخر

"النص" بين الحرية والحتمية

 أعني بالنص هنا القران الكريم , بلاشك ولاجدال , نحن أمة أنشئها النص , وعلى مر تاريخها لديها إشكالية ليس فقط في فهم هذا النص بل وفي إسلوب تطبيقه,والجدال والفتنة التي حصلت في أول عهد الامة مصدرها الاختلاف في فهم النص وفي تأويله ,وحتى اليوم والسياسة والحكم أو التأمر عبر تاريخها أيضاً مرهون بإستخدام النص وتوظيفه.والجميع يدرك عظمة النص القراني  وكثافته  وسرمدية إمكانية فهمه لجيل بعد آخر  كلما تطورت أساليب الفهم والدليل أننا نحظى سنوياً  بأجيال تتجدد مع فهمه وتتفنن في استخراج  كنوزه  وجواهره,فهل هو داء الأمة أم دواؤها؟ 

بالطبع ليس هو داء بل دواء ولكن بأي جرعة فهم وبأي مقدار تطبيق ؟

وهل كيف يمكن المؤامة بين النص الثابت والواقع المتحرك؟

هل ثمة شيٌ خارج النص , أم "لاشىء خارج النص"؟

ماهو مقدار الحرية وما هو مقدار الحتمية في كل من فهمه وتطبيقه؟سواء للفرد ام  المجتمع؟

هل الأمر مناط بالفرد أم بالسلطة؟ الفرد أم المؤسسة؟

ماهي حدود حرية الفرد في فهمه ؟ وماهي نسبة الاحتكار في ذلك سواء كان ذلك لمؤسسة دينيه أم جهاز  سلطة دينية؟

هل يكفي صلاح الفرد لصلاح المجتمع أم يجب إصلاح المجتمع من خلال فرض رؤية شمولية ترى الدولة انها الانسب ليلتزم بها الفرد فهماً للنص القراني؟

هل القران كتاب هداية وإيمان أم كتاب علم ونظريات علمية وجميعنا  يدرك هبة التفسير العلمي للقران التي سادت ثم إنحسرت ؟

القران كتاب يبهر الانسان حين يتمعن فيه  لأن في طبقاته من الكنوز الكثير  كلما ازداد الانسان إدراكاً كلما إكتشف جديداً مبهراً. ولكن في إعتقادي يبقى هناك شيء خارج النص , وهو النص المرئي أو المشاهد وهو الطبيعة بشكل عام  وحوادث التاريخ ومشاهد آثاره " قل سيروا فأنظروا كيف بدأ الخلق "  وغيرها من آيات السير والنظر في القرآن وهي كثر بمعنى ليس فقط الذهنية الايمانية وانما الذهنية العقلية لها دور في النظر والاستقراء والاستنتاج ,وهو أمر يرجع الى النفس البشرية ومرجعيتها  وهو مجال للحرية خارج النص لايمكن إهماله أو الاستهانة به.ثم أي فهم لأي نص ؟ يبني الأمة ويعزز اللحمة ويدخلنا العصر ؟ هذا سؤال جواهر , نحن لانزال خارج العصر  رغم  وجود هذا الكتاب بين ظهرانينا لاكثر من الف  وخمسمائة عام,. أعتقد أننا  نتحرك في فهمه إنطلاقاً من عقلية الحتمية وليس انطلاقاً من مبدأ الحرية, بمعنى أننا نريد أن  ندخل العصر في داخله أو نفرض فهماً معيناً له على العصر, وفي اعتقادي أنه يحتمل كل العصر وتغيراته  بشرط أن نفهم آياته الكونية  من حيث الإبدال والاحلال وشروط كل منهما, ونترك فكرة العصر الذهبي المستعاد لاستحالة  ذلك.