الأربعاء، 9 أبريل 2025

العلاقة بين التسوق وأداء الصلاة

 هل لاحظت كيف يصلي الناس في مسجد المول أو في الأماكن التي خصصت كمساجد في المولات ؟

 يأتون سراعاً ويصطفون ويقيمون الصلاة، وما أن تنتهي مجموعة حتى تأتي أخرى، هكذا على شكل مجموعات، في حركة دائمة، خارجين من التسوق عائدين إليه بعد أدائهم للصلاة.

 ولو دققت كثيراً لوجدت أن أداءهم لفريضة الصلاة لا يختلف كثيراً عن أدائهم لعادة التسوق، ولشعرت أن الصلاة ليست خروجاً من جو سابق أو شعور عام ودخول في جو وشعور آخر.

جميل أن تنتشر أماكن للصلاة في أماكن التسوق حتى يتمكن الجميع من أداء الصلاة في أوقاتها، لكن أخشى أن تصبح الصلاة في هذه الأماكن جزءاً من شخصية الإنسان ذي البعد الواحد؛ وهو إنسان استلبته التقنية وأخذت بلبه وعقله، فأصبح يجاريها بعيداً عن حاجته الحقيقية، وهو مصطلح صكه الفيلسوف الألماني ماركوز، حيث يصبح المجتمع يجري خلف ما تنتجه التكنولوجيا وهي تنتج سلعاً باستمرار، فتصبح رغبته في متابعة ما تنتجه أكثر من حاجته الحقيقية إلى هذا المنتج وهو ما يجري حالياً مع موديلات التلفونات والآيفون وغيرها من وسائل الاتصال التي تتجدد كل شهور وليس سنوات.

 أرى كثافة المصلين في المولات وأفواجهم فيتبادر إلى ذهني هذا الشعور وهو شعور يربط ربطاً مباشراً بين التسوق وأداء الصلاة داخل مجال التسوق ذاته، فتبدو وكأنها فترة قصيرة يعود بها الإنسان إلى ذاته الإنسانية قبل العودة إلى استئناف دوره المادي في اللحاق واللهاث وراء ما تنتجه الأسواق والشركات من منتجات.

 ثقافة المول حدت بالطبع من طبيعة الصلاة داخله لأسباب كثيرة منها عدم وجود إمام، وعدم وجود المكان الملائم حقيقة كمسجد، مجرد أماكن صغيرة في جزء من المجمع، صغر الحجم جعل الصلاة سريعة لإتاحة المجال لمن يأتي لاحقاً.

 كنت أتذكر الصلاة في مسجد الفريج في الماضي حينما كان الإمام ينتظر حتى يأتي كل المصلين أو معظمهم ليقيم الصلاة بركادة وطمأنينة ومتسع من المكان ومن الوقت، وهناك إمكانية في اختيار الإمام وتقديم بعض على بعض، في حين في المول لا يتوفر ذلك إلا بقدر ما تمد يدك لأي سلعة لتضعها في سلة مشترياتك، في الفريج كنت أصلي وليس في جيبي نصف ريال، ولكن في المول لا أستطيع أن أقترب منه إلا وفي جيبي ما يملؤه من مال.

هذه كانت ثقافة الفريج والتالية هي ثقافة "المول" وتبقى الصلاة هي الصلاة.. رحم الله الفريج وثقافته، وأعاننا على "المول" وثقافته.

abdulazizalkhater@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق