الخميس، 31 أغسطس 2023

دكتوراه حتى دورة المياه

لابد من إعادة النظر في ارسال بعثات جديدة للحصول على شهادة الدكتوراة رسمياً على الاقل إلا في حالة الحاجة الاكاديمية الملحة , بدأ البحث عن شهادة الدكتوراة في مجتمعنا طموحاً بحثياً واكاديمياً لينتهي منذ مدة ليست بالقصيرة الى وضع سايكلوجي ليس له علاقة بالعلم بقدر علاقته بالمجتمع وتحسين وضع الشخص اجتماعياً وهذا ايضاً مشروع الى حد ماالا أنه لايجب ان يكون على حساب العلم, اين تبدو الاشكالية , مجتمعاتنا مجتمعات ألقاب وصور نمطية, فشهادة الدكتوراة تماماً كشهادة الميلاد , تظل ملاصقة لك في كل مكان وفي أي زمان حتى وان كان موضوعها دراسة سلوك النمل مثلاً, فتسمع جاء الدكتور , ذهب الدكتور, قام جلس , أكل ... ابتزاز سخيف لوعي المجتمع لاداع له, هناك نظام اعتقد انه في فرنسا يدعى de-schooling ينزع شهادة الدكتوراه لمن لم يقدم بحوثاً ذات قيمه في كل فترة من الزمن, والربع عندها جلهم ولا أقول كلهم خاصة الذين هم خارج إطار الجامعة لم يعرفوا طريق البحث العلمي منذ حصولهم على الشهادة , ويستثمرونها في مجتمع منهك الوعي امام الشهادات وبريقها, البلد محتاجة اولاً الى مهنيين وشهادات انتاجية في علوم تطبيقية كما أن هناك حاجة كذلك الى تعزيز مفهوم الممارسة والخبرة واحلالها مكان الشهادات الجامعية, عدد من يحمل الدكتوراة في قطر اكبر من الانتاجية المتوقعه منهم دليلاً على البعد الاجتماعي الصرف التي جاءت من أجله , في مجتمع قبلي يعني له الاسم الكثير والقبيلة المعنى الاكبر, أما عن مصادر هذة الشهادات فحدث ولاحرج, العروض تتوالى من كل ناحية, أحدهم غضب حين قدمته لاحد الاصدقاء مجرداً من لقب دكتور, سألت عن أحدهم ذات يوم مذكراً بأسمه فجاءني الرد تقصد الدكتور ,قلت له نعم , أجاب الدكتور في "الحمام", همست في داخلي , يا الهي ما اعظم هذا الانجاز الذي يلحق بصاحبه المتقاعد حتى داخل دورة المياه

الأربعاء، 30 أغسطس 2023

إنسان"المول"فرجة أم سلعة؟

قبل عدة سنوات لم يكن في الدوحة «مولات» سوى" السنتر" الذي أنشئ على ما يبدو في أواخر السبعينيات، وكان حدثاً كبيراً في مجتمع لم يعتد على كل هذا التجمع في مكان محدود إلى جوار تنظيم واضح للسلع وللمطاعم أو الكفتريات داخله. سمعت ساعتها عن زوار من المملكة العربية السعودية للتبضع فيه والتسوق في أرجائه، واستمر الحال على ذلك مدة طويلة حتى عهد قريب حينما انتشرت المولات وتكاثرت بشكل مشهود في أرجاء قطر. لا يهمني كيف أنشأت ولمن؟ .. وهل هي فعلاً امتداد لاقتصاد حقيقي أم لا؟ . ما يهمني أثرها الاجتماعي على المجتمع وهنا لي بعض الملاحظات لعلي أبديها.. المولات تندرج تحت ما يسمى باقتصاديات الحجم واقتصاد الحجم يحتمل التبضع والفرجة؛ بل إن الفرجة والتعود على مكانها نوع من التسويق السيكولوجي للفرد؛ فتنطبع الأشياء في ذاكرته ليعود فيشتريها في وقت ما. لذلك أصبح هناك ما يمكن ان اسميه بإنسان المول بحيث إذا ذكرت مولاً معيناً تبادر إلى ذهنك تواجده. لست أدري إذا كان لها أثر على قضاء الفرد في بيته نسبة أقل من الساعات؛ كما كان قبل وجودها، ولكن المؤشرات تدل على ذلك، فبالتالي لها تأثير غير مباشر على الأسرة. تبدو المولات مكان لرؤية مؤشرات اجتماعية مهمة في المجتمع منها الزي واللبس فيمكن مثلاً معرفة الموضة السائدة للعبايات النسائية من خلال التجوال في المول، كذلك ممكن من خلالها الإتيان بانطباع عن نسبة الأجانب وجنسياتهم في البلد. كما يمكن ملاحظة العديد من السلوكيات الجديدة وربما الغريبة على المجتمع من زيارة المول أو عدد من المولات، مثل البشاعة في المظهر بشكل لافت أو التطرف في استخدام الموضة، أو إيجابياً ممارسة رياضة المشي المكيف للعديد من الناس خاصة في الطقس الحار.ايضاً هناك ظهور الشللية الاجتماعية بصورة أكبر، فدائماً تجد مجموعة من الأصدقاء في مكان معين في وقت معين من الأسبوع، ولكنها عفوية وبلا - طبعاً- برامج، مقارنة بما عرف عن بعض المقاهي في بعض الدول من كونها أشبه بتجمع ثقافي فلسفي بين شيخ ومريديه. لكن ، تبقى الفرجة هي النشاط المشترك للجميع، بل يبدو وجود أو كثرة هذه المولات في بلد صغير كقطر ضغطا على الفرد وعلى الأسرة لأنه من السهولة بمكان التحول من نشاط الفرجة إلى التسوق اللامبرر أو الزائد عن الحاجة. اجهزةً الصراف الآلي المنتشره في انحاء المكان تدعوك للسحب بينما كان الشيك سابقاً له وقت محدد لصرفه ولحاجته، بمعنى أنها نمط استهلاكي مغر يصعب مقاومته. تحل المولات شيئاً فشيئاً محل ثقافة «الفريج» المندثرة فأهل كل منطقة عادة ما يأتون إلى الأقرب منها اليهم ولكن ليس بشروطهم كما الحال في «الفريج» وإنما بشروطها»المولات» فتحدث التغيير فيهم ولا يستطيعوا التغيير في نمطها أو أسلوب الخدمة فيها سواء كان تسوقاً أو تجولاً وحركة. و قد تشكل الكتل الموجودة داخل هذه المولات أنماطاً سلوكية لا علاقة لها بالمجتمع؛ تفرض مع الوقت وجودها وحضورها. كما يبدو إنسان المول غير نشط كإنسان الأسواق السابقة «الشبرات مثلا» الذي كان يأتي مباشرة ليشترى ويذهب أدراجه؛ فإنسان المول يمعن النظر ساعات في كل شىء حوله من بشر ومن حجر قبل أن يمد يده ليشتري الحاجة على كل حال : من ياتي الى المول لقضاء وقت للفرجة قد يصبح هو كذلك موضوعاً للفرجة ، فبين متسوق الحاجة ومتسوق الفرجة بون شاسع؛ فالأول جاءت به الحاجة أما الثاني فجاء به الفراغ والتقاعد المبكر وقصور المجتمع الثقافي

الجمعة، 25 أغسطس 2023

القراءة بحثاً عن الذات

إشكاليتنا عميقة , كنا خلال عقود التنمية السابقة نبحث عن الكاتب , ونشتكي من قلة عدد الكتاب وندرتهم ولا نزال , مقارنة بغيرنا من دول الخليج الاخرى,كانت القراءة مجالاً مفتوحاً وأفقاً شاسعاً , الكل يريد أن يقرأ لكن الرافد الوطني من الندرة بشكل يجعل من المجتمع يصاب بخيبة أمل بين رغبة في القراءة في الشأن المحلي وندرة الكتاب أصحاب الشأن فيه, مابين غمضة عين وانتباهتها إنقلب الوضع رأساً على عقب , هناك فجوة معرفية إخترقت الصفوف لتحل محل القراءة وتدفع في نفس الوقت الى إزدياد عدد الكتاب خاصة من العنصر النسائي, استطيع أن أصفها من خلال عاملين:العامل الاول هو العامل التقني من وسائل الاتصال المجتمعية الحديثة التي حولت القارىء الى مجرد جهاز تسجيل آلي وليس عقل يفكر والعامل الثاني البحث عن اثبات الذات لدى العنصر النسائي في مجتمع ذكوري دفعهن ايجابياً نحو الكتابة بل والابداع فيها على الجانب الآخر تطلب الوصول الى مواقع التأثير في المجتمع والشعور بوجود الذات أساليب أخرى ليست الثقافة والقراءة من أبجدياتها كما كان متصوراً في السابق الأمر الذي أدى الى العزوف عن القراءة أو عما يُكتب , وقد ذكر لي أحدهم قائلاً أنت لمن تكتب ؟ هناك ما هو أجدى من ذلك واسرع مردود للوصول لمواقع التأثير إختصاراً للوقت في المجتمع لا يعير سمعاً للقراءة او لمن يقرأ"أفترض أن الكتابة عندي مصدر ريع وليس بحثاً وتعبيراً عن ذات بالدرجة الاولى؟".فبالتالي تجد تراكماً في الاحاديث لكنها ليست تراكماً نوعياً نتيجة للقراءة انما هو تراكماً كمياً نتيجة ملاحظات وانطباعات .خسارة المجتمع للقراءة خسارة كبيرة وخطيرة , لايمكن تعويضها , ووجود كتاب من غير قراء يعني انهم زيادة عن الحاجة وطاقات معطلة عليها ان تبحث عن عمل انتاجي آخر.نبشوا معي عمن يقرأ حتى أجد أنا وغيري من الكتاب معنى لوجودنا في مجتمع لا يقرأ

الاثنين، 7 أغسطس 2023

العقل الفقهي

تحضع حياتنا منذ الولادة لرؤية فقهية ويخضع كل فرد منا لقراءة فقهية للحياة, يولد الفرد ليتلقى قراءة فقهية مباشرة من والدية , مذهبك الأعلى , قبيلتك ,الأعظم , أصلك الاسمى وهنا تتشكل بذور العقل الفقهي .العقل الفقهي عقل"هوية" وليس عقل "حرية"منذور للدفاع ومستعد دائم ليس فقط للدفاع وانما كذلك للهجوم والاعتداء لايتحدث الا عن الاختلافات بل هدفه في البحث عنها لا للتعايش معها بل للتمايز عنها والاشارة اليها عن بعد كحالة مروق او ابتعاد عن الحق والحقيقة لامجال للتعرف على الآخر , معظم تاريخنا حروب ومعارك بينية نتيجة لمركزية هذا العقل في ثقافتنا , بل ان المحاججة الفقهية هي لها الاولوية على التحصيل العلمي وما اكثر المحاججات في تاريخنا , هوايته صناعة الخصوم , لاإحتواء الاختلاف , امراضنا الاجتماعية بل وحتى النفسية الشخصية هو من اسبابها المباشرة لأنه يحيل الفضاء الاجتماعي بل وحتى الشخصي الى قفص وسجن , مهاترات , عدوات, كراهية, انظر الى مايباع من الكتب في معارضنا السنوية, من مشاهداتي , معظم الكتب التي تباع من داخل ما يعتقده الشخص فقهياً زيادة في التأكيد والاصرار والبعد عن الآخر والتميز عنه., هو عقل تمت برمجته للقتال لا للتفاهم , منذ الولادة ثم يتم احتضانه في المؤسسات الفقهية هنا وهناك في ارجاء عالمنا العربي والاسلامي, في ظل فقر مدقع فيما يتعلق بالعقل العلمي ووسائل تنميته , ولسيطرة العقل الفقهي وقوة جبروته تجد ان كثيراً ممن تم وصفهم بالارهاب يحملون شهادات علمية, طب , هندسة... ولكن الغلبة كانت للعقلية الفقهية التي تلقوها منذ المهد العقل الفقهي يبحث عن الاختلاف لا ليتعايش معه وانما ليتمايز عنه وليس هذا فقط وانما في مراحل متقدمة ليكفره ويزندقه بعد ذلك حيث من ميكانزماته الدفاع والهجوم والتأهب بإستمرار لذلك مسقطاً حكمة الله عز وجل في اهمية الاختلاف واهمية التعايش ومركزية التعارف في هذة الحياة.

الخميس، 3 أغسطس 2023

مواطن بين ثقافة معلقة وصحافة مؤجلة

لااعرف كيف يمكننا الحديث عن الثقافه ونحن لانمتلك سوى نادي أدبي واحد تقاصر دوره حتى أصبح هزيلا لايكاد يُرى؟ لااعرف كيف يمكننا الحديث عن تطوير الصحافه في قطر ونحن لانرى برنامجا تلفزيونيا واحدا يقدمه صحفيون او أنهم ضيوفا عليه لتدوال قضايا المجتمع ؟ ". يوجد في المملكة العربيه السعوديه أكثر من أربعة عشر نادي أدبي متناثره على رقعتها الجغرافيه الكبيره , من هذه الانديه يخرج الصحفيون والادباء ومقدمي البرامج والمذيعين , قنوات التلفزه السعوديه لديها اكثر من برنامج عن الصحافه يقدمه صحفي محترف كداود الشريان وادريس الادريس والعليان والمديفر وغيرهم .لايوجد في مناطق دولتنا المختلفه نوادي أدبيه تستقطب المواهب والطاقات الادبيه وبدون نواد ثقافية تبقى الثقافة نخبوية في الادارات الحكومية, والمكاتب الرسمية فكرة النوادي الشبابيه مختلفه تماماً عن ما أقصده حتى هذه لم تعد واضحة كما كانت , النادي الأدبي أكثر شمولية ,يستضيف المفكرين والادباء وله كيانة المستقل على الأقل ثقافيا ,مناطق قطر تحتاج الى مثل هذه النوادي الثقافية . أذكر مشروع إقامة مكتبات في انحاء الدولة حيث أنني كنت اذهب الى مكتبة الريان مقابل نادي الريان سابقا لأجدها فارغة تماما وكأنها بيت مهجور الى أن أقفلت , على جانب آخر فاذا كانت الثقافة في اعتقادي أصبحت نخبوية, فإن الصحافة ادارياً نخبوية ولكن ممارسة ووجوداً وحضوراً تراجعت فيها الحياة وملامسة المجتمع ليس بفعل التقنية وانما بفعل بعدها عن رسالتها الثقافية الحقيقية كسلطةرابعة كما يقال . . أعتقد أن مهمة وزارة الثقافة ومركز الصحافةاليوم إعادة تنشيط الذهنية الثقافيه لدى أفراد المجتمع, التي ترى في الثقافة القدرة على التفكير الحر, والغريب أن قدرة المجتمع على ممارسة دوره ثقافيا في السابق كانت أكبر منها اليوم , والدليل الازدهار الذي عاشه نادي الجسره الثقافي في الثمانينيات وما حولها , إطلاق هذه الذهنية هي مسؤولية كبرى علينا القيام بها , مانقوم به حاليا , ليس إطلاقها وإنما توجيهها وهنا الخلل؟ لدينا ذهنيات تراثيه, لكن لانمتلك ذهنيات ثقافيه ناقدة " النقد هنا بمعنى محاولة الفهم" ولا صحفية تملك النظرة الفاحصة والمبادرة وحرية التفكير , والرأي , يراودني تساؤل باستمرار عن أقلام الثمانينات وعن نقاشات التسعينيات , اذكر نقاشاً للراحل الشيخ القرضاوي مع أحد الكاتبات العربيات المبدعات, لا أذكر اسمها حول موضوع التكفير استمر اسابيعاً في صحافتنا وكذلك اكثر من سجال بين الدكتور عبد الحميد الانصاري ومن يعارض فكره وتوجهه, أقلاماً جميلة في حب الوطن والغيرة عليه والتهافت على خدمته ثقافياً وعلمياً.كان من الممكن أن يترجم مثل ذلك بعد ضمور الصحافة الورقية اعلاميا من خلال برامج صحفية أو صحف إعلامية لو أن الاشكالية مجرد انتقال أو تحول ولكن يبدو ان الاشكالية وجودية وتتحمل حفراً وليس رسماً على ورقb>

الأحد، 30 يوليو 2023

أزمة صحافة أم مجتمع بلا إتجاهات؟

يبد واضحاًأن أزمة الثقافة في قطر لها خصوصية غير تلك المتعلقة بتراجع قراءة الصحف الورقية بشكل عام على مستوى العالم او على الاقل على مستوى المنطقةبعد اجتياح وسائل الاتصال الاجتماعي الزمان واحتلال المكان. فالأزمة كما يبدو هيكلية أو بنيوية وليست مقصورة فقط على المستوى اللوجستي الظاهربل هي اعمق من ذلك. الآن تعاني صحافتنا من ثلاثة أمور .الأول العنصر البشري المواطن .ثانياً القارىء النوعي .ثالثاً مجتمع خال من الاتجاهات وعلى قدر من التسطيح فيما يتعلق بها. فيما يتعلق بالأمر الأول ندرة العنصر المواطن يمكن التعامل معه على المدى البعيد بالاستعانه كما قائم بالعنصر العربي الاكثر خبرة في هذا المجال وجرى التوجه على الاعتماد على خريجي قسم الاعلام في الجامعة للالتحاق بالصحف وهذا في اعتقادي ليس حلاً, حيث الصحافة رغبة وموهبة بالدرجة الاولى في حين ان معظم من يلتحق بقسم الاعلام في الجامعة هدفه التخرج وامتلاك الشهاده والبحث عن وظيفة في معظمها بعيداً عن الصحافة حيث اشتهر تخصص الاعلام بسهولته عن غيره من التخصصات , في حين أن معضلة منصب رئيس التحرير تبدو انها محكمة بعملية التدوير وحيث ان معظم رؤساء التحرير يأتون من خلفية ثقافية واحدة أما رياضية او وظيفية " موظفي حكومة سابقين" نجد ميزة كل رئيس عن اخر تأتي في قدرة علاقاته الاتصاليه بالمجتمع وليس على قدر ما يحمله من اتجاه فكري او ثقافي. أما ما يتعلق بالعنصر الثاني: القراءة فدعونا نفرق بين القارىء بشكل عام وقارىء الصحف بشكل خاص , بالنسبة للقارىء العام أوجدنا معارض للكتب سنوية , إلا أننا لاحظنا أن ظاهرة تأليف الكتب فاق وزاد على مستوى القراءة ورأينا حفلات توقيع الكتب طغى في حين أن دور النشر تشكو قلة المرتادين , لست ضد ذلك لكن لم يلمس المجتمع قيمة مضافة لتأليف كل هذا الكم من الكتب , لاأستزيد هنايبقى قارىء الصحف وهو قارىء نوعي لاتستطيع ان توجد محللين ومناقشين دون وجود لأعمدة رأي وتحليل وزوايا نقاش في الصحف اذا لم تحقق الصحيفة قارئاً نوعياً لها فهي صحيفة حائط لاأكثر . يبقى الأمر الثالث والمهم وهو: مجتمع بلا اتجاهات وهذا سبب كبير في تخلف الصحافة وندرة الصحفين وعزوف الناس عن القراءه كنا في الثمانينات والتسعينيات نشهد حراكاً صحفياً واضحاً ونقاشات ومقالات وردود واختلافات في الطرح كل ذلك اختفى اليوم وخلا المجتمع من الاتجاهات فالقضية قضية معنى لاقضية مبنى, اليوم هناك من يفكر بإعادة اصدار بعض الصحف التي اقفلت ورقياً ومنها جريدة الحياة اللندية وغيرها مجتمعاتنا تحتاج الى الصحافة الورقية , لاتزال تحتاج الى إثراء واقعها بتعدد الاتجاهات واختلاف الأراء , لعل المجتمعات الاخرى تعدت هذا المرحلة واصبحت الاتجاهات فيه افقية يمارسها المجتمع بالسليقة لكن في مجتمعاتنا لايزال الامر غير ذلك البته.

السبت، 29 يوليو 2023

الخوف أم القلق؟

هناك فرق بين الخوف والقلق. الخوف يعني أن هناك ثمة شىء تخاف منه. أما القلق فليس بالضرورة أن تعرف مصدره أنت تشعر به لكن لاتستطيع تمييز مصدره. ألا ن الاشكالية في الخوف الوجودي والقلق الوجودي, لماذا الوجود هنا , لأنه يرتبط بالايمان, أذا كنت تشعر بالخوف وجودياً فهناك مشكلة في ايمانك لانه يفترض أن يبدد كل خوف يلازم الوجود الخاص بالانسان المؤمن , بينما القلق قد يتسرب الى نفس المؤمن وقد يكون ايجابياً لينتقل معه الى درجة اكبر وأعظم من اليقين أو قد يتراجع نحو الشك ويبدأ في البحث والتنقيب في درجة ايمانه وهي حالة ايجابيةمقارنة بالخوف الوجودي الذي اذا سيطر على المؤمن فقد تتآكل بنية الايمان لديه. القلق الوجودي له علاقة بمراتب الوجود نفسه , التي تبدأ من الحواس الى العقل الى الروح الى الارتقاء , بينما الخوف الوجودي كما أشرت له علاقة ببنية الوجود والحياة فليس هناك مراتب في هذة البنية أما ايمان أو خوف . فأنا اعجب من مؤمن خائف على مستقبله , لكنني لاأعجب من مؤمن قلق على مستقبله؟ لانتفاء وجود العلاقة كما ذكرت بين الايمان والخوف من جهة وتسلسل العلاقة بين الايمان والقلق, هناك من بدأ شاكاً وانتهى مؤمناً وهناك من بدأ مؤمناً وانتهى شاكاً, الاول بدأ بالقلق لينتهي بالايمان والآخر بدأ بالخوف ايمانياً لينتهي شاكاًوجودياً. الخوف ليس مصدراً للوجود بأي شكل من الاشكال فالايمان أحد مصادر العلاقة مع الوجود واعني الايمان بدين معين , أو بفلسفة معينه فالفلسفات الوجودية بشقيها الالحادي والايماني جاءت لتفسير التعامل مع الخوف الوجودي والقلق الوجودي كذلك, يرى هايدغر مثلاً أننا أتينا الى الحياة لنموت الامر الذي يجعل من القلق عاملاً ايجابياً للبقاء , انا دائماً قلقاً على حياتي ولا أعرف متى سأموت لذلك علي أن أعمل منها قيمة وجودية ووجوداً أصيلاً لاو جوداً زائفاً أو التحاقاً بوجود الآخرين , , بينما جاء فيلسوفاً وجودياً مؤمنا هو هو جابرييل مارسيل ليؤكد ان ان مرتبة الوجود الكبرى هي الوقوف امام عتبة الله والتواضع امام تجليه وعظمته فانت تعيش قلقاً ايجابياً حتى تصل الى هذة المرحلة والنهاية... فلا يصح لك أن تخاف وجودياً وانت مؤمن ولكن لك كل الحق أن تقلق على وجودك وان ترتقي درجات في سلم هذا القلق.

الجمعة، 21 يوليو 2023

الوجه الآخر للمثقف

اسطرنا مفهوم المثقف "جعلنا منه إسطورةأو أيقونه" فأوجدنا منه تضاداً مع مفهوم الجهل وهذا غير صحيح ، فالمثقف بالضرورة في سيرورته جاهل ، تماماً كالعلم بالضرورةفي سيرورته كاذب، المثقف في كليته يكشف عن جهله، حيث لا يمكنه الالمام بكل شيء ، فثقافته في نسبيته، كذلك العلم في كليته كاذب ، كثيرة هي النظريات التي سادت صحتها فترة من الزمن ثم ثبت بطلانها، وكثيرة هي الادوية التي يومياً يثبت تطور العلم انها داء اكثر منها دواء وموت اكثر منها احياء وبعث ، بل ان صفة العلم الاولى هي انه قابل للتكذيب،لكن في عقليتنا التاريخية جعلت من المثقف اشبه بالرسول او بالوحي الذي يتنزل بالحقيقة، وهنا يكمن جمودنا التاريخي فلا تستطيع ان تنتقد من وصفتهم الامة بالمثقفين من الرواة والمحدثين والمؤرخين ، واوصد باب البحث امام كل تجديد محتمل ، وجعلنا من صفة المثقف سارية مع الزمن وعابرة للتاريخ وظروفه،اشكاليتنا في تكثيف المفاهيم والعمل على ازمنتها بحيث تصبح كتل تاريخية زمنية وبالتالي يصعب تفكيكها او الاقتراب منها ، وفي معظم الحالات يتم تقديسها بعد ذلك، نحن امةٌ ككل الامم تنتج مفاهيمها ومصطلحاتها إلا أنها بعد ذلك تقع صريعةٌ لها , اغتراباً وتهميشاً لدور الانسان ودور العقل في النظر والبحث. ان النسبيه والجهل والتواضع كل هذا هو ذروة سنام المثقف في امة ترتقي وتتطور وتتقدم ، والغطرسة والكبرياء والغروروإدعاء العلم كل هذه الصفات هي ذروة سنام المثقف في أمةٍ آثرت الجمود والتوقع وتمجيد الماضِ وتقديس الاشخاص.

الثلاثاء، 11 يوليو 2023

جدل النص والواقع

الواقع يتطلب اصلاح، روشتة الاصلاح عند النص، الواقع متغير، النص ثابت. العقل الانساني هو الوسيط بينهما، كلما تغير الواقع على النص ان يجاري هذا التغير والا اصبح نصاً تاريخياً يصلح لعصر ولا يصلح لعصر اخر،الفهم مَلكة انسانية عليها المعول في سد الفجوة بين النص والواقع لكي يستمر النص فاعلاًومنفعلاً ويستمر الواقع منفعلاً وفاعلاً كذلك بصورة ايجابية ، الحركة الديناميكية التفاعلية هذه بين النص والواقع هي اساس تطور الواقع ومد صلاحية النص. تماماً مثل عند مايحتاج المجتمع الى تشريعات وقوانين جديدة بل ربما يحتاج الواقع الى دستور جديد ليتحرك ويتجدد ، اقتضى الامر تحقيق ذلك، فالواقع حاكماً على النص ، والنص قد لايكون محتاجاً الى تغيير وانما الى فهم جديد ومتجدد وهنا تقع المسؤولية على عاتق المجتمع او اصحاب النص لاعادة فهمه بما يتناسب مع الواقع المعاش.لا ثبات ولا جمود في الحياة وانما هي تغير مستمر، وليس هناك اعظم من القران " كنص" يحتوى الحياة بكل ما فيها وما قد ياتي مستقبلاً او ما يستجد من امور ، لكل عصر عليه ان يستخلص منه ما يناسبه وتفسيره لا ينتهي ي حتى قيام الساعة أما تأويله فلا يعلمه الا الله وحده " والراسخون في العلم " على علم بهذه الحقيقة حقيقة علم الله وحده بتاويل نصه الخالدأما المسلم فعليه الاجتهاد والسعي للاقتراب منه اخذاً في الاعتبار واقعه الذي يعيشه وهنا سرعظمة القران واسباب خلوده

الاثنين، 3 يوليو 2023

العقيدة والمجتمع

صراع العقائد خطير وليس فيه منتصر كالنار تأكل بعضها بعضا . من المفروض ان يكون اتجاه العقيده الى اعلى وليس الى اسفل من المفروض ان تتصل بالمصدر لا ان تحتدم فى الواقع المتعدد .و حيث انها لاتقبل النقاش فهى بالتالى يجب ان تتماهى فى المطلق لاان تتكدس فى النسبى وهى تفاصيل الحياه. ادرك الغرب ذلك بعد الحروب الدينيه التى امتدت لمايزيد عن العشرين عاما والتى اتجهت العقيده عنده بعد ذلك الى السماء والمطلق وتركت الواقع والنسبى للاداره المدنيه البشريه , ليست القضيه قضيه فصل الدين عن السياسه كما قد يتصورها البعض بقدر ماهو فهما لطبيعة العقائد ,محاولة الزج بالعقيده كيفما اتفق واعتبارها محور الاتصال البشرى الانسانى امر غير سديد وفهم ضيق للدين. بل ان تحميل الدين مايجب ان يقوم به المجتمع كتجمع انسانى يطلب السلم والتعايش وضع لايستقيم وطبيعة الدين والدنيا, نطلب من خطيب الجمعة مثلا ان يقوم بما من المفترض ان تقوم به المجالس المنتخبه من مطالبه بما فيه خير المجتمع ورخائه كما نطلب من عالم الدين ان يتجرد ليخدم الناس بشكل يعفيهم من القيام بدورهم او بماهو دور المجتمع المدنى اساسا هذا فى حد ذاته تكريس للعقيده على ارض الواقع استعدادا للتصادم اذا ما ادركنا الاختلاف الطبيعى وتعدد العقائد ذاتها داخل المجتمع الواحد وهروب ايضا من الاستحقاق الحضارى للامه بل ان ذلك يدعوا بالتالى الى اخضاع العقائد وادخالها فيما هونسبى ويتطلب اجتهادا بشريا يماشى العصر. كنت حتى وقت قريب ارى فى خطبة الجمعه باعثا لابد منه لحث وتغيير المجتمع , وادركت بعد ذلك اننا نرتبط بحاله نفسيه او سيكلوجيه مع الخطيب او مع الداعيه الشيخ يمتص من خلالها ما نعانى منه من شكوى ونحتاج بعد ذلك الى جرعات مماثله كل فترة واخرى بالضبط كالقائد الكاريزمى امام شعبه وجمهوره , مع انه من المفروض ان يكون ذلك مسؤوليه المجتمع المدنى او السلطه المدنيه للمجتمع بما يحقق الامن والامان والاستقرار له كتجمع بشرى انسانى يقوم على حرمة دم الانسان وكرامته وحريته بمعنى ان تناقص الدور المدنى للمجتمع يزيد من الدور الدينى ورجاله ونفوذهم دونما فائده تذكر لاسباب عده منها الشخصى ومنها العام المترابط. الخطوره اليوم تتزايد بقدر ما يتزايد انفصال العقيده عن الواقع الانسانى بل قيامها بديلا عنه من المستحيل ان يختزل المجتمع فى العقيده , لقد اعتنقت الامبراطوريه الرومانيه العقيده المسيحيه بعد فتره طويله وجاء الاسلام للعرب فى شبه الجزيره وتغلغل بسماحته لابحديته وانتشر بل ان انتشاره تاريخيا كان كدين "لين" كما يشار احيانا اكثر من انتشاره كدين "صلب" فالاصل اولا،الذات الانسانيه وكرامتها واحترامها لجميع العقائد والاديان ان محاولة الطعن في عقائد الاخرين وحرق الكتب المقدسة وتشجيع بعض الحكومات التي تدعي الحرية على فعل ذلك من قبل بعض المتطرفين لهو الوجه الساطع للنفاق العالمي الذي يشهده عالم اليوم ،ممن يدعي الحرية وحقوق الانسان بينما يتكدس حول عقيدته ويشجع على تسفيه عقائد الاخرين رسمياً من خلال دعمه للمتطرفين تحت ستار حرية الرأي التي يتبجح بها . .

الأربعاء، 21 يونيو 2023

المجتمع وعقلية الغنيمة

مظاهر عقلية الغنيمة في المجتمع لها صور واشكال ومظاهر متعددة منها على سبيل المثال لا الحصر: أننا نفكر بعقلية فردية، وطالما أنا وعيالي سالمين ما يهمني الآخرين. «الغنيمة» أننا نصفق للقائم، وإذا سقط دسناه بأرجلنا ومزقناه بألسنتنا. «الغنيمة» أن كل فرد أو عائلة أو قبيلة تعتبر نفسها أفضل من غيرها، ولها الأولوية، وأنها هي التي تكتب التاريخ. «الغنيمة» أن خطابنا في العلن ليس هو خطابنا في السر، وأننا أصحاب شخصية مزدوجة. «الغنيمة» ان إيماننا بالمظهر على حساب الجوهر، والافتتان بالشحم على حساب اللحم. «الغنيمة» أننا لا نعي دلالة الصلاة، فنؤديها كعادة ولا نعي أنها ابتعاد وانتهاء عن المنكر، غلبت العادة على العبادة، . «الغنيمة» أننا لا ننصح ولكن نجامل، على حساب ضمائرنا ، من أحب نصح، ومن كره جامل ونافق. «الغنيمة» أننا نعرف الحق بالرجال ولا نعرف الرجال بالحق، فنأخذ بالمظهر على حساب الجوهر,وبالأسم على حساب الانجاز، ، . «الغنيمة» أننا نتكلم عن الفساد ولا نشير إليه، فلذلك نشترك في وصفه مع الفاسدين فصفة الشيء جزء منه. «الغنيمة» أن لا نستغل أي مساحة من الحرية متوافرة لنا مهما كانت محدودة لإعلاء الحقيقة وكشفها، فالحرية ليست معطى وإنما حركة ضمن ما تسمح به الظروف. «الغنيمة» أننا نتكلم عن التغيير وننسى أننا جزء منه، نحن أول من يجب أن يتغير . «االغنيمة » أننا نركض وراء الاستهلاك ولا نقاوم برامجه ولا خططه بل نتسابق في الإقتناء على حساب اصالة الوجود الحقيقي للإنسان وهي قيمته في ذاته وليس فيما يملك, فالاصالة سمة فردية ووعي خاص . «االغنيمة » أننا موجودون كأجساد، لكننا مغيبون كإرادة، وهي حالة تفسد كل جمال محتمل

الخميس، 15 يونيو 2023

التجديد لا التدوير

عندما يهب المجتمع فاقداً الثقة في نخب تبؤات يوماً زمام المسؤولية صارخاً "الجديد" وليس القديم أو التجديد لاالتدوير, عندما يفقد المجتمع ثقته في مؤسسات كانت تمثل له أملاً في مستقبل قادم, عندما يشعر المجتمع أن هؤلاء الذين كانوا يوماً في موقع المسؤولية لم يحققوا انجازاً واضحاً للمواطن بل خيبوا ظنه وتوقعاته, واستغلوا مناصبهم لمصالحهم الخاصة وبالتالي سيحولون تدويرهم سيفقر المجتمع وسيقضي على أمل الاجيال اليانعة قد يبدو مثل هذا الخطاب صيحة او صحوة من أجل المستقبل أوجدنا نُخب بلا مؤسسات فسقطت في بحرالعسل, لذلك ردة الفعل المتوقعة هي الاعتراض على اعادة تدويرمن ثبت فشله ولم يقدم ما يستحق استمراره لا أن الخطاب الشعبوي التي يملأ اعلامنا الغير رسمي اليوم ظاهرة طبيعية نتيجة لممارسات خاطئة فهو يحاول الخروج من أسر استيلاء الماضي على الحاضر وهو لايملك سوى الزمن ليقيس عليه نظراً لغياب المؤسسات محاولاً الوقوف أمام اغراء الريع السياسي والاجتماعي الذي يعتقد ان من حقه الوصول اليه كذلك عدم شبع بل و نهم هذة النخب الماضوية فا لشعبوية هنا صرخة وليست ظاهرة سياسية حيث لامجتمع مدني ولامؤسسات يمكن قياسهما عليه , يندفع هذا الخطاب من الاعماق مباشرة كما نسمع ونرى لا كبيرة لهذا المرشح او ذاك المرشح لانه لم يخدم المرجعية الاولى واليوم يريد منه أن ترشحة من جديد هنا يقف الخطاب الشعبوي شاهراً سيفه في وجهه. فنحن أمام تجربة ديمقراطية تحمل في أحشائها شعبوية ويلتحم الاثنان على أمل أن تنتصر الديمقراطية مؤسسياً وهذا هو وليس خطاباً فوقياً فقط يخفي تحت الرماد بركاناً من الجمر لايزال يشتعل.

الأربعاء، 14 يونيو 2023

عن جيلنا الذي لايعرف الكراهية

جيلنا لم يعرف الكراهية , لم يعرف الفرز , نتعامل بالأسماء , نتفاهم بالمشاعر العربية الواحده بعيدا عن أي هوية ضيقة أخرى أذكر أنه في الفصل الدراسي لشهادة الثانويه لعام73-74 م في مدرسة الاستقلال الثانوية في فصلنا عدد من الاخوة الافاضل من اصحاب الديانة المسيحيه كانوا من أعز أصدقائي وأكثر الطلبة مرحا وسرورا وابتهاجا داخل الفصل وخارجه , لاأذكر أن أحدنا قط قد خاطبهم ولوجا من ديانتهم , لم أستشعر ديانتهم كمحدد للعلاقة معهم اطلاقا بالاضافة كان هناك إخوة لنا من الطائفة الشيعيه لم يكن ذلك أمرا ننتبه إليه , ولم نكن نعلم ولانبحث عن ذلك قبل سريان حمى الكراهية التي إجتاحت المنطقة بلا هوادة, أذكر ان الاخوة المسيحيين كانوا معفيين من حضورة حصة الدين , وكان ذلك أمرا عاديا لم ينتبه اليه حد بحكم الشعور الانساني السائد والشعور القومي العربي الذي كان محددا أكثر ثبوتا من غير من اشكال المرجعيات الصغرى الآخرى.لم يعرف جيلنا الكراهية كما يستهلكها يوميا جيل اليوم بشكل يدعو الى التقزز والنفور, في تلك الاثناء كانت حرب إكتوبر 73 حيث كنا نلتئم حول المذياع نتناقل أخبار الحرب على الجبهتين السورية والمصريه ونردد الله أكبر بما في ذلك الاخوة العرب أصحاب الديانة المسيحيه الاديان لاتعرف الكراهية إلا حين يجهل طبيعتها أبناءها كان نظامنا التعليمي إنعكاسا لتطلعات الأمة وأمالها وتطلعاتها, لاأعرف أين ذهب هؤلاء الزملاء بعد ذلك , لكنني على يقين أنهم عاشوا معنا عصرا جميلا من التآخي يصعب اليوم إعادته .فاللاخوة المسيحين العرب عبر التاريخ دور مجيد في تاريخ العرب والاسلام بل أن الكثير منهم قد آمن بالإسلام كهوية جامعة لعروبته ومسيحيته. هناك قول لأحد أكبر المنظرين المسيحيين العرب الحزبين عن الاسلام يؤكد روح التالف ونبذ الكراهية التي كانت سائدة’ حيث يقول"’"’ إن حركة الاسلام المتمثله في حياة الرسول الكريم هي الهزة الحيويه التي تحرك كامن القوى في الأمة فتفيض على الامم الاخرى فكرا وعملا"" نحن اليوم مع الاسف نعيش بين كراهيتين , كراهية داخل الدين الواحد وكراهية مع الآخر المختلف دينيا, وبدأت أجيال الكراهية تتناسل حاملة داءها في ردائها أرجو أن نتبه لذلك قبل فوات الأوان

السبت، 3 يونيو 2023

أنا نمط إستهلاكي إذاً أنا موجود؟

دارسة للدكتور احمد زايد استاذ علم الاجتماع(1991) بعنوان "الاستهلاك في المجتمع القطري "انماطه وثقافته " حيث أجريت الدارسة على المجتمع القطري ، وتعد بالفعل دارسة رائدة ونموذجا لدارسات الاستهلاك حيث طرحت التراث النظري في دارسةالاستهلاك والملامح العامة للاطار الاستهلاكي ، وتناولت الاستهلاك كموضوع قائم بذاته ، كما تعرضت إلى الاستهلاك العادي، والاستهلاك غير العادي، ورمزية الاستهلاك، والاستهلاك كأسلوب للحياة، وأهم العوامل المؤثرة في العملية الاستهلاكية وضبط وترشيد الاستهلاك، وترى الدارسة أن انتشار الثقافة الاستهلاكية بين الافراد الذين لايستطيعون تحقيق متطلباتهم تخلق لديهم إحساسا بعدم الوجود في العالم الذي يدفعهم إلى الاستهلاك بشكل مخل إذا توافرت لديهم الإمكانية فالمزيد من الاستهلاك الترفي في هذه الحالة يخلق لديهم الألفة بالعالم، ويزيح عن أنفسهم الإحساس بأنهم لا شيء ويشعرهم بأن لهم وجودا مثل الآخرين. هنا أقول : إن علاقة الاستهلاك بالوجود علاقة غير سوية،لايمكن ان يكون الاستهلاك معياراً لدرجة او مرتبة الوجود الانساني , حيث أنه إمتداد أو أثر لهذا الوجود اذا كان مقدار استهلاكك يقدر مقدار وجودك فنحن امام مجتمع ينتحر، المفترض ان يكون الانجاز وليس الاستهلاك هو ما يحقق لك الوجود الاصيل بشرط ان يدعم المجتمع هذا التوجه لدى الفرد، اما اذاكان المجتمع يعتبر ان الاستهلاك معياراً للقيمة وللوجود عندئذ يصبح الوجود وجوداً زائفًا ، وهو ما يمكن ملا حظته في مجتمعاتنا الخليجية بصورة عامة ومجتمعنا على وجه الخصوص ليس على المستوى المادي بل على المستوى المعنوي كذلك فصناعة الرموز، مثلاً ليست سوى انتاجاً لسلع تتحول من دلالاتها المادية إلى دلالات رمزية معنوية، والتسابق في الاستهلاك كذلك على الرغم من الفارق في الدخول والامكانيات الاقتصادية هرباً من تصنيف المجتمع لجوءً وبحثاً عن مكاناً آمناً للشعور بالوجود ليس إلا مجتمعاً لم يحقق ذاته بعد

الاثنين، 22 مايو 2023

الافكار تتغير بالممارسة والنقد

يذهب كثير من الكتّاب والباحثين إلى أن من أهم أسباب ضعف الحداثة السياسية والثقافة الديمقراطية والليبرالية في المجتمعات العربية هو أولا، ضعف الرغبة في قيام إصلاحات سياسية فعلية وعاجلة.وثانيا، وجود بنية اجتماعية وثقافية تقف عقبة أمام التحديث والتغيير ومتطلباته.وثالثا، ضعف أو غياب مؤسسات مدنية تخلق مناخا عاما من الاستنارة مواتيا للتحديث والإصلاح.رابعا، أن مناهج التعليم لدينا ما زالت محدودة الأثر في مجال الإصلاح الديني وتقديم قراءات عقلانية للنصوص الدينية.وهذا كله في النتيجة يُبقي الفكر الديمقراطي والليبرالي ضحلا أو هشّا في ثقافتنا ووعينا وممارستنا السياسية .وإذا كان طابع المحافظة و”الممانعة” إزاء التحديث والإصلاح يشمل قطاعا واسعا لدى النخبة السياسية والطيف الأكثر انتشارا من فئات المجتمع، حيث لا يشكل احترام الحريات العامة والخاصة وحقوق الإنسان، ومحاربة الفساد والمحسوبية، أمرا حيويا لديها. لذلك يبدو التركيز على الأسباب الداخلية، واعطائها الأولوية في الإصلاح وليس على العوامل الخارجية و”المؤامرات أمراً لامفر منه”، كما أنه لا يحمّل المسؤولية لطرف واحد بل لأطراف متعددة، ما يمنح هذه المقاربة مزيدا من الصدقية والموضوعية. .ورغم أن هذه المسألة(العائق الثقافي)تنطوي على درجة عالية من الصواب ودقة التوصيف،فإن وجه الاندهاش هو تصوير هذا الخلل في مجتمعاتنا وكأنه”جينات” للانغلاق والتخلف وغياب التسامح، ليس لنا أمامها أيّ فكاك أو مهرب. الفهم يتوافر على”قدَريّة” في التوصيف لا تلتفت إلى أمرين مهمين:أولا، أن الأفكار تتغير وتتحول بالممارسة والنقد، وأن العوائق الثقافية التي نتحدث عنها منتجة تاريخيا ويمكن تحويلها، عن طريق ممارسة المجتمع لحقوقه ،وليس هناك شعب تحوّلت ثقافته السياسية مرة واحدة قبل أن يحقق نظام حكم أفضل. الأمر الثاني، أن ذاك التوصيف”الذي يجعل مستقبل المجتمع أمراً قدرياً ” يدين النخب أساسا، فهي بكلامها هذا تتصرف وكأنها ليست جزءا من هذا المجتمع، أو كأنها في طبقة متعالية عليه ما يولّد انعزالها وإغراقها في تنظير(لا شك أنه مهم وضروري) لا يجد طريقه للناس، أو لا يثير جدلا يحلحل بعض الأفكار الراكدة ويفككها، كما أن التوصيف المذكور يدين هذه النخب من حيث غياب أو ضعف ثأثيرها في مجتمعاتها.

الأحد، 14 مايو 2023

المنصب بين الإنتاجية والريع

المنصب له انتاجية وله ريع كذلك، المجتمع العقلاني يتوقع انتاجية المنصب اما المجتمع العاطفي فيكتفي بريع المنصب.في المجتمعات الانتاجية، الاساس الذي تقوم عليه عملية تقييم من يتقلد منصب هي انتاجيته،والانتاجية لها مقاييسها المادية الملموسة ، لكن في مجتمعات الريع الامر فيه لبس كبير بين انتاجية المنصب وربعه، ريع المنصب هي المواصفات الاخلاقية والاخلاق الانسانية التي من المفترض ان يتحلى بها كل انسان ، الا انها في صاحب المنصب تبدو لدى المجتمع بانها ثمرة للمنصب، كالتواضع، وحسن الاستقبال والبشاشة وسهولة التواصل ، يعتمدها المجتمع الريعي كإنتاجية، وهذا خلط كبير ، اما اذا اجتمعت انتاجية المنصب وريعه فهذا شي عظيم وقلما يحصل لذلك اتحدث عن مجتمعنا، في الجيل القديم لم يكن هناك ريع للمنصب حيث اولئك الاوائل ، شخصياتهم قبل واثناء وبعد المنصب ثابتة، على المجتمع ان يدرك وان يفرق ، خاصة ان مجتمعنا يدخل مرحلة تغيرات كبيرة وواسعة في جميع المجالات، وان لا يخلط بين انتاجية المنصب وريع المنصب،هناك من هو منتج في منصبه لكنه لايجيد استخدام ريع هذا المنصب فلا يجب التنكر لقيمته الانتاجية لانه ليس قادراً على ارضاء المجتمع " ريعياً"، والعكس موجود هناك من انتاجيته صفر لكنه يجيد استخدام ريع منصبة بجدارة فائقة الى درجه ان تتحول في ذهنية المجتمع انتاجاً مادياً مشهودا، درجة وعي المجتمع عامل هام في تطوره ، وتحوله من مجتمع ريع الى مجتمع انتاج.

الاثنين، 8 مايو 2023

من ادارة الريع الى ريع الإدارة

أصبحت صفة التحضر تقترن بالبحر وأهله ونشاطاته، ولم يكن هناك ربط واضح لقيم الانتاج ضمن الشخصية القطرية الجديدة وانما استعيض عنها بممارسة هوايات التراث التي كانت يوما تعد أعمالا إنتاجية. فبرزت قيما انتهازية جديدة للوصول إلى مصادر الريع، وسيطر فكر الغنيمة على المجتمع طالما كان الموضوع مجرد إعادة لإنتاج وتوزيع لا استنبات وزرع. وكانت مثل هذه القيم التي كانت قيما إنتاجية في السابق إلا انها اليوم كرست ثقافة الغنيمة اكثر من ذي قبل، مع تراجع دور الوظيفة الحكومية أمام الوظائف الانتهازية، كذلك برز مفهوم آخر هو مفهوم الهيمنة ليس في المجال الاقتصادي والمالي حيث الريع المادي بل في المجال الاجتماعي كذلك، فلم تعد العائلة ناهيك عن الفرد كمواطن يكفي بل ربما القبيلة او المرجعية الاولى فاصبحنا أمام ريع اجتماعي لا ينضب، في حين اصبحت العلاقات عمودية بشكل كبير داخل المجتمع حيث أفرزت العلاقة الجديدة المتكونة من ثنائية الريع الاقتصادي والريع الاجتماعي الذي ذكرت، نمطا في العلاقة العمودية القائمة على مستوى الاستفادة بين اطرافها بحيث يتسع المجال لريوع اقتصادية واجتماعية جديدة كلما تضخمت المنفعة بين اطراف العلاقة لذلك رأينا فقاعات اقتصادية كبيرة تتكون في يوم وليلة ويزداد تأثيرها يوما بعد آخر داخليا واقليميا وعالميا، فانضوت الدولة داخل هذه العلاقات بشكل خجول وبدا موظفها أقل من أن يذكر أو أن يشار إليه، مما افقد المجتمع خاصية التراكم الاداري القادر على التشغيل الذاتي فجرى التضحية بالادارة الوسطى والعليا كذلك"مستوى الوكيل"واصبحا مجالاً للتغيير المستمر او الغياب المستمر, مما أفقد الإدارة خاصيتها في التراكم الايجابي للخبرة والانتاجية

الخميس، 4 مايو 2023

ترييف المدينة أم تَمدُين الريف؟

احدث قيام الدولة سياقا آخر إلى جانب سمات الشخصية القطرية لتمرير وجود الدولة فكان محاذيا لها ولم ينشأ من داخلها وإنما لبسته لباسا، جعل من السهل لاحقا أن تبرز تضاريسها بشكل أكثر حدة بعدما تراجعت فكرة الدولة الوطنية من الاذهان بتأثير الريع وسرعة السير والقفز أحيانا لتحقيق أهداف كبيرة وضخمة لا تتماثل وحجم وعدد السكان، فسياق الدولة كان له المجال بعد الاستقلال، عندما ظهرت طبقة وسطى حكومية هشة، تحمل قيم الطبقة الوسطى وتتمتع بقدر من الاستقلال الثقافي والمادي إلى حد ما بموافقة الدولة، وبرزت مؤسسات الدولة الحكومية وطبقة من موظفي الدولة الكبار لهم مكانتهم وأماكنهم الرسمية والترفيهية وتميزت هذه الفترة بتدرج في التغيرات فمثلت تلك الحقبة حقبة من الاستقرار على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي. إلا انه بعد ذلك حصل تغير راديكالي كبير في التحول من قيم المدينة الذي زرعتها الدولة مع بداية قيامها إلى قيم الريف والبداوة فنزحت الخيام" ثقافياً" على المدينة أو جرى بالاحرى خيمنة المدينة. ولا يستطيع أحد أن ينكر دور القبيلة في مجتمعاتنا العربية قاطبة،لكنه لوحظ بعد ذلك تراجع ظهور سياق الدولةفي الوعي كثقافة " مدينية" كماهو في السبعينيات والثمانينيات من القرن المنصرم وتضخم الشخصية الريعية على حساب الشخصية الانتاجية.

الأحد، 16 أبريل 2023

الوعي المتقدم لجيل الأمس

من اللافت للنظر أن أولئك البسطاء لم يكونوا يرون تعارضاً بين عروبتهم وبين إسلامهم، كما نرى اليوم، رغم وضعهم الاقتصادي الضعيف والمحدود ، لم يكونوا يرون في ذلك مدعاة لفهم الدين ونصوصه فهماً متطرفاً، إذا ذكرت أمام شباب اليوم أنك تؤمن بالعروبة كفكرة سياسية وحامل ثقافي، تبادر إلى أذهانهم تماماً أنك ضد الإسلام، وإذا أسبلت ثوبك وأطلت لحيتك فذلك دليل على أنك ضد العروبة أو القومية العربية بالأحرى. هذا الانقسام الخطير لم يكن قائماً عند أولئك الأوائل وكبار السن من ذلك الجيل ومعظمهم تبنى الفكر القومي وآمن به وهم أئمة مساجد، آمنوا بأن إسرائيل هي العدو الحقيقي للأمة، حتى أوضاعهم كانت أفضل داخل أوطانهم كمواطنين؛ حيث كان للمجتمعات ذاتها آليات دفاع عما يعترضها من أخطار وصوت مسموع لأفرادها لدى الدولة، كنت أشعر أن ثمة وعياً وطنياً سائدًا كل ذلك بفعل التأثير الإيجابي لعدم الخلط بين العروبة مع الدين وعدم وضعهما في تقابل وتعارض ينقسم على أثره المجتمع. كنا نخرج بعد صلاة العصر من المسجد لنجتمع في المجلس حتى صلاة المغرب لينتظم الجميع صفاً في تأديتها، كان الوعي السياسي لديهم رحمهم الله متقدماً عن وعي شباب اليوم، لم يكن الإسلام قد اُختطف، ولم تكن القومية قد اختلطت في عقول البعض بين كونها «فكرة» وبين تطبيقاتها. كانت نظرتهم إلى المشروع هي الأساس وليست النظرة إلى الأفراد، حتى بعد الهزيمة لم يسقط المشروع من أذهانهم، كما نرى اليوم من عملية تفتيت لم يسبق للأمة أن شهدتها عندما وضع الدين في تعارض مع القومية الفطرية التي أوجدها الله في الشعوب. رحمهم الله جميعاً، يبدو من ذلك اكتساح الفكر القومي الناصري، مع احتفاظ الناس بدينهم وتمسكهم به وقيامهم بفروضه وبواجباته، لم تكن هناك حاجة لمؤتمرات تجمع بين القوميين والإسلاميين وكأنهم في تباين وتضاد، لم يتكرس ذلك الفهم مع الأسف، وساد بعده نوع من التكفير الثقافي انقلب مع الوقت ليصبح تكفيراً دينياً، ندخل على اثره نفقاً مظلماً لانزال بين دهاليزه، كم كان وعي أولئك الآباء متقدماً على وعي الكثيرين من شباب اليوم الانشطاري ممن درس وتخرج في كبرى جامعات الغرب وهو لا يدرك أن العروبة والإسلام وجهان لعملة واحدة

الخميس، 13 أبريل 2023

تراثنا بين التقديس والتدنيس

هناك جانبان لتشخيص أشكالتنا مع التراث: الجانب الأول : نفسي فالتراث بشقيه المادي والمعنوي ذاكرةً للأمة والذاكرة في الأساس قدرة على استرجاع أحداث الماضي ولكن قد تحتل الحاضر أو معظمه كذلك إذا ما أصبحت هاجساً وأصبح الحاضر فضاءً فارغاً لا يملؤه شي يذكر. أما الجانب الثاني فيتمثل في عدم تبلور آلية للتعامل مع هذا التراث بالشكل الذى يجعل منه ذو نفع بحكم أنه ماض يستفاد منه لا أن يعاش وبحكم أن الأشياء لا توخذ بشكل شمولي غثها وسمينها وآلية التعامل مع التراث تتطلب عنصرين هامين لتحقيق الغرض المرجو منها وهما – المسافة اللازمة للحكم على الأشياء والنظرة النقدية وليس النظرة النوستالجية المتشوقة أو الحانة الى الماضي وعدم تحقق هذان العنصران في تعاملنا مع تراثنا أصبح عبئاً على حاضرنا وشغل يومنا وغدنا. إن دراسة أي شئ تتطلب حيادية الدارس أمام الموضوع الذى يراد دراسته وتتطلب الفصل بين الذات الدارسة والذات المدروسة، نحن ندرس الماضي والتراث ونحن نعايشهما بشوق كبير نلتصق بالماضي حفظاً لذاتنا الضائعة وخوفا عليها من الاندثار، نتشوق الى الماضي وتراثه بحنين يفوق حنين ألام الى وليدها الرضيع لان الحاضر مرعب ولا ندرك من أشياءه الكبرى أو الصغرى ذرة تطمئنها أو تهدى من روعنا. أية موضوعية نتقصاها بعد ذلك نحن نذوب في ماضينا كما يذوب الملح في الماء وننزوي في أركانه وزواياه كما ينزوي الخائف من أشعة الشمس أو برد الشتاء. إن انتصار نظرة التقديس للماضي وتراثه على تيار النظرة النقدية الفاحصة له كان لها الأثر الكبير في تراجع دور هذه الأمة بين الأمم، قد تجنح النظرة النقدية نحو التحامل قليلاً ولكن لا يمكن الاستغناء عنها بأي حال من الأحوال ما نمارسه اليوم في حاضرنا عندما نحاول استعادة الماضي وتراثه العريق تحت العديد من الشعارات سواء كانت دينية أو قومية أو غير ذلك هو قمة التقديس لـه. لقد كان اقتحام الحاضر بأسلحة الماضي وبالاً على الأمة لأننا لم نفرق بين عناصر الزمن الثلاثة الماضي والحاضر والمستقبل. لقد كانت قلوبنا غُلف ونحن نقف أمام النقد ونعتبره سَباً وهجاءً لان قاموسنا اللغوي لا يعرف كلمة النقد وملئ بأبواب السب والهجاء الى جانب المدح المبتذل. لننظر كيف كانت وقفتنا مع من أراد أن ينظر ببصيرة الى التراث ويفرزه فرزاً في الماضي والحاضر ممن جرى تكفيرهم أو طردهم أو قتلهم أليس كان من الأفضل التحاور معهم وفتح باب النقاش بدلاً من تكميم الأفواه وسد الثغور وترحيل الإشكالية من زمن الى آخر ومن جيل الى آخر. لقد كان انتصاراً كبيراً للشمولية السياسية والعسكرية التي تزهق أرواحنا يومياً وانهزاماً للكيفية التي لو قدر لها لوضعتنا على خريطة الأمم الرائدة.

الخميس، 6 أبريل 2023

من سرد التجربة الى نقدها"ندوات رمضان"

بصمة وزارة الثقافة على رمضاننا هذا العام واضحة كل الوضوح ، اذ سيرت جنباً الى جنب مع معرض الكتاب الرمضاني الذي كان انجازاً يحسب لقيادتها الشابه، سلسلة من الندوات ذات طابع واقعي معاش، من خلال استضافة قيادات ادارية وسياسية كان لها تاثيراً كببراً في فترة من فترات هامة في تاريخ الادارة والوزارة في بلدنا الحبيب. ولي هنا بعض الملاحظات اود ان اوجزها في عدة نقاط؛ اولاً: القيادات التي تم استضافتها، بلا شك قيادات لها تاريخ مشرف سواءً مجال التعليم او النفط او العمل الخيري او مجال الاقتصاد والمالية، او المعمار والهندسة ثانياً:اتخذت هذة الندوات نهج السرد التاريخي وهو شيء مطلوب وجميل ولكنه لا يظهر سبب التحولات ولا يبرر حصولها سواءً قبل تبوأ هذا المسؤول او ذاك المنصب او بعد خروجه منه.خاصة اذ لا يوجد استقالات تذكر عبر تاريخ الوزارة في قطر . من هنا يبدو ان المدخل الحقيقي للتجربة هو النقد لا السرد ثالثاً: الذي كثف من نهج السرد" هي سلبية الحاضرين من المستمعين الحاضرين ، وعدم تفاعلهم مع المحاضرين تفاعلاً ثقافياً بقدر ماكان تفاعلاً اجتماعياً الأمر الذي صبغ هذا السرد بطابع "بطولي" أوفردي رابعاً: كان من الاجدر أن يكون بعضاً ممن حضر من موظفي الحقل نفسه من أهل الاختصاص او معاصري تلك الحقبة ممن لهم علاقة مشتركة سواء ، كوادر تربوية او نفطية أو اقتصادية او غير ذلك من الجهات الاخرى في ذلك الوقت الذين عايشوا التفاصيل عن قرب لعل السرد يتحول الى حوار مع المحاضر أوربما في تطور لاحق لمجتمعنا الى نقد ذاتي وبناء يدفع ويحث المحاضرالمسؤول لنقد تجربته بدلاً من سردها. خامساً:لماذا نحتاج الى نقد التجربة اكثر من سردها؟ حتى يمكن للمتابع او المراقب او حتى المجتمع تقييم كل تجربة بوضوح وبمؤشرات واضحة، ان يتحدث الوزير عن تجربته ليس ان يذكر ما فعل وحقق فقط وانما ماذا كان عليه ان يفعل ولم يفعل ؟ماذا الذي حد من طموحه لتحقيق ارادته،ما اخطاء مرحلتة وجوانب القصور فيها ،وليس هناك تجربة بلا أخطاء, ملف التقطير في وزارته ابان عهده؟ إعداد صف ثان؟ولماذا تم التحول في سياسة الوزارة بعد رحيله، طبعاً من الصعب على المرء ان ينقد ذاته في مجتمعاتنا،ولو لاحظنا أن اسئلة الحضور كانت توجه للمحاضرين وكأنهم لايزالون على وظائفهم السابقة, اشترك الطرفان في العقلية السردية وهي عقلية لاتكترث بالنقد الذاتي البناء سابعاً: مرة اخرى شكراً لوزارة الثقافة ولوزيرها الشاب، في تحريك المجتمع نحو الفعل الثقافي ودفعه نحو التفاعل البناء والبدء من الواقع وصولاً للنظرية ، بدلاً من الاسقاط النظري على واقع متغير

الأحد، 2 أبريل 2023

المسلم الأخير

جسده آية؛ كل ما فيه ينبض ببساطة الإسلام، قلبه سليم، قرآنه إنسان كرَّمه الله، يؤدي فروضه، يرعى جاره، يُحسن إلى الفقراء والمحتاجين، يتعامل مع الجميع بمسطرة الإنسانية، لا يهمه بل ربما لا يعرف عقيدة صاحب المتجر الذي يشتري بضاعته منه، كل أهل الفريج مسلمون في نظره، لا ينوي على شر، ولا يكتنز حقداً، ولا يحمل حسداً. يفتخر بتاريخه ويعتز بلغته، بيئته طاهرة، مجلسه فواح برائحة الأخُوة، الإسلام عنده واضح وبسيط، قلب سليم ومحبة ورحمة، لا يحتاج إلى تصنُع، ولا إلى التكلف ولا إطالة اللحى، ولا إلى شيخ يقلده أو مطوع يلبس جلبابه. يؤدي واجباته الدينية وكفى، ويقوم بحاجاته الدنيوية بإنسانية لا تعاني من ضغط مهما كان نوعها دينية كانت أم اجتماعية. في المسجد لا يستمع إلى خطبة إيديولوجية تحت شعار ديني، لذلك عالمه ليس منقسماً ولا يعاني من الانشطار النفسي، خطيب المسجد عنده موظف إذا لم يدرك شيئا من عادات المجتمع وقيمه وسلوكياته أرشده وعلمه. يرى الخير في جميع الناس، لم ترد إلى سمعه كلمة التكفير بعيد، إذا غم عليه شيء أو استشكل عليه أمر سأل أحد المشايخ القريبين والمعدودين عنه، كان ينشر الدين عمليا، ويحبب فيه الغريب تعاملاً، وطنه ليس مجالاً للمساومة، إسلامه ليس على حساب وطنه، ولا وطنه مشروعاً أصلا لانتهاك إسلامه. ، يدرك أن الإسلام الحقيقي ليس في تضاد مع قوميته العربية، لم يخلط بين الفكرة والتطبيق، كان حصيفا رائعا، لأن إسلامه إنساني، لا يعمم، ولا يتهم، ولا يبحث في النوايا والسرائر، آذانه بسيط بلا ميكروفونات صاخبة، وصلاته بلا بروفات، كان مرتفعا إلى مستوى الدين، ولم ينزل به إلى مستوى نزعات النفس البشرية وشهواتها، نسخة أصل أخيرة لمسلم أدرك ان العالم يحتاج الى الاسلام , كما يحتاج الاسلام الى العالم, لم يعد يدرك ماذا حصل بعد ذلك أصبح موضوعاً بعد أن كان ذاتاً ومشروعاً بعد أن كان أصلاً وتراكماً بعد أن كان بدايةً وسلعةً بعد أن كان إنساناً, وهواناً بعد أن كان كرامةً على من يلقي باللائمة على قصور الاسلام أم على تقصير المسلمين ؟

جمال القصر وجلال القبر

الإنسان جميل, أما الموت فهو جليل , نشعر بجمال الحياة, ونشعر بجلال الموت حين يتخطفنا نبحث عن الرفاهية في حياتنا , في المسكن والاقامة في أحياءئنا وفي مدننا ولكن تحمل نفوسنا ترسبات وصور ذهنية موحشة عن المقابر مكان إقامتنا وسكننا الابدي لاتتناسب وجلال الموت فهي ذلك المكان المقفر الذي تسكنه رائحة الموت والعشوائية لا زلت اذكر مقابراً في الريان اندثرت وبعضها ترك حيناً من الدهر ملاذاً لا تسكنه سوى الريح واكوام التراب ، حتى مقبرة الريان الكبيرة حتى وقت قريب كانت تراكم عشوائي بسور من الحجر متآكل ، الا ان تنبهت البلدية الى ذلك مقابرنا تعكس نظرتنا تجاة الموت. افق ممتد موحش وجاف ، يقذف به في اطراف المدينة خوفاً على الاحياء من عدوى الالتحاق سريعاً وكأن الموت مسافة وليس لحظة حيث يستحسن ان يكون من اللامفكر فيه حتى يتحقق . كنا نمر على القبور في اوروبا حين نستقل القطارات وكأننا نمر بحديقة، بشواهد واضحة ومرقمة وتحيط بها الورود، هذة نظرتهم الى الموت ، عندنا لا شواهد لا نبات، خوفاً من غضب السماء، حسناً عملت السلطات موخرا ً بالسماح بالترقيم وكتابة الاسماء كما قيل ، ليست هناك مدينة لا يسكنها الموت، الموت شىء والاموات شىء اخر، الموت مصير واستئناف لما بعده، اما الاموات فهم نحن البشر الذين هم موضوعاً لهذا المصير، وكما يختار الاحياء اماكن سكناهم ارتياحاً ،في حياة كم هي قصيرة مهما طالت ، فما بالك بحياة طويلة حتى البعث وما نؤمن به ، قد لا نستطيع ان نزرع ورداً، لكن لا اقل من ان نخلق وضعاً يخفف من غلواء نظرتنا الى الموت ، مقابرنا ليست سوى انعكاس لصورة الموت في اذهاننا ، على الرغم من انه القاعدة والحياة هي الاستثناء، وعلى الرغم من ان ديننا يجعل منه مرحلة من مراحل الحياة الابدية الا ان ثقافتنا عجزت عن مواكبة عقيدتنا، علينا ان نحتفي بالمدينة ونقيم عدلاً بين من سكنها احياء كانوا ام من الراحلين الاحتفاءوالاهتمام ببيت وسكن يليق بالرحيل الابدي أكثر عقلانية من الاحتفاء بسكة سفر وعبور الدنيا خيال في لباس حقيقة أما الموت فهو الحق وإن غاب عن أعين الخلق

الحقيقة...إتفاق

المجال الانساني ليس موضوعاً للحقيقة، هو مو ضوع للتداول،الحقيقة مجالها الطبيعة والعلم الطبيعي وهي تخرج من المختبر ، في الحياة الانسانية الحقائق نسبية، ومتغيرة وغير ثابته ماعدا الموت الذي ينتهي اليه كل استقراء لا محالة، الصراع حول الحقيقة هو من سمات المجتمعات المتخلفة، بينما الاتفاق على الحقيقة مظهر من مظاهر المجتمعات المتحضرة، دعنا نجلس على طاولة مقهى صغير ونتفق على ما يجعل من وجودنا وجوداً فعال ومنتج هنا نحن نصنع حقيقة، دعنا نجتمع على ان الاختلاف مظهر اجتماعي ايجابي. ويزيد من ثراء المجتمع هنا نحن نصنع حقيقة، دعونا نتفق على ان الاديان ارسلها الله رحمة للعالمين، هنا نحن نحقق السلم الاجتماعي وهو حقيقة الحقائق الكبرى، يشير عالم الاجتماع الايطالي جياني فاتيمو، الى ان الحقيقة لا تتنزل كاملة وانما تتطور بتطور المجتمع ونضوج افراده بمعنى انها تاويل افراد المجتمع لوجودهم الاجتماعي ، ما احوجنا ان نجتمع ونلتقي لنصنع حقائق وجودنا الانساني ، كل منا يحمل جزءاً من الحقيقة، لكن لا احد منا يمتلك الحقيقة ، حتى الحقيقة السماوية تتعدد بعدد فهومات كل من تنزلت عليهم، لا تبحث عنها في الخارج هي في داخلك ، ابحث فقط عن شروط تحققها في الخارج ومع الاخرين ولا يتم ذلك الا عن طريق الجلوس والاتفاق حولها ، فمجتمع التواصل هو المجتمع الذي تسكنه الحقيقة والقادر على تصريف طاقتها نحو البناء لا الهدم والتدمير

الأربعاء، 29 مارس 2023

من الاجدر بالنقد أكثر؟

من الاجدر بالنقد أكثر , الاحياء أم الاموات ؟هذا السؤال لا تجيب عليه ثقافتنا اجابة عقلانية، بل اجابة عاطفية ، حيث الاموات افضوا الى ربهم ، اخطاء الانسان هي اعظم ما يخلفه وراءه من حصيلة حياته خاصة اذا كان مسؤولًا أو تبوأ مكاناً كان يرتبط به مصير الكثير من الناس، والنقد هنا لا يعني المساس ، ولكن يعني تقييم العمل ، تبجيل الموت يختلف عن تبجيل الميت، مالم نخرج من تراثنا ثم نعود اليه بعد تمحيصه لن يكون رافعة بقدر ما يصبح عقبة ,الاشكالية الثقافية التي نعاني منها ليس في نقد عمل الاموات ولكن في التشفي من الاموات ذاتهم، وهذه نتيجة واضحة لتقديسنا للموت، وليس لاحتفاءنا بالحياة، في الغرب نقد الموتى ليس محرماً ولا مذموماً، النقد الذي يضعهم في مواضعهم الحقيقية في العقل الجمعي للمجتمع، النقد الموضوعي وليس التشفي الذي يمثله انسان " الغل" في ثقافتنا العربية، حيث انها مجتمعات " خوف" والخوف يخفي المشاعر الحقيقية، الى ان يزول لتنفجر بعد ذلك بلا عقلانية، اذكر انني رأيت شعاراً لأحد الرؤساء العرب مرفوعاً في بلده يقول فيه" لو كان الخوف رجلاً لقتلته ليأمن شعبي" وبعد رحيله المأساوي أُشبع تشفياً من اطياف شعبه،الذين كانواقليلاً من الليل ما يهجعون خوفاً ورعباً منه دليلاً على انه لم يقتل الخوف بل الخوف هو الذي قتله،، نحتاج العقلانية في النقد للاموات قبل الاحياء، نقد اعمالهم لتجاوز أخطاءهم وحتى تصبح لدينا الجرأة بعد ذلك لعقلنة تراثنا كأمة وحياتنا كأفراد لاستشراف ذاكرة المجتمع والاجيال نحونا بعد موتنا

الخميس، 16 مارس 2023

ثغرة الوجود الانساني

الانسان هو الثغرة التي ينفذ منها العدم الى الوجود.هو التصدع الذي يسبب عدم التجانس في نسيج الكون حيث وجوده ناقص يتخلله العدم من كل جانب ويتخطفه الموت من كل ناحية، الانسان مشروع لا يكتمل الا بالموت . كل ميت هو مشروع انسان قد اكتمل ، لردم فجوة العدم الذي يحمله الانسان في داخله عليه إن يؤمن بحريته، وانه مشروع حرية او بالاحرى محكوم عليه بالحرية، كما يشير" سارتر" ، عليه ان لا يعلق هذة الحرية حرية الاختيار على مشجب الاخرين سواءً افراد او مجموعات او عقائد او ايديولوجيات ، العدم يتسرب الى الانسان حينما يفقد حرية الاختيار او يتنازل عنها ، اذا مارست في كل امورك حرية الاختيار ولم تركن الى اختيار مسبق تفرضه سلطة او مذهب او سياسة فانت هنا تردم فجوة العدم في داخلك، أولئك الذين لا يختارون بمحض حريتهم يتخللهم العدم رغم وجودهم المادي الا انهم هاربون من وجودهم الانساني الذي يملأ الكون ثراءً الى الوجود الثابت كوجود التمثال في زوايه احد المتاحف، فالاشياء هي الاشياء لا تتبدل لكن الانسان عليه ان يختار نفسه في كل مرة ماذا يريد ان يكون، فما الانسان في الكون الا حريته في اختيار ماذا يريد.؟ واعدام مالا يريد .

السبت، 11 مارس 2023

لاتفاق السعودي الايراني.. جرح التاريخ ام مصالح السياسة؟

الاتفاق السعودي الايراني الذي اعلن عنه بالامس برعاية الصين، والذي يشير الى عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وفتح سفارات البلدين خلال شهرين من تاريخه وعودة التجارة والنشاط الاستثماري وتطبيع العلاقة بين البلدين الجارين على ضفاف الخليج، على الرغم من جميع الملاحظات والمؤشرات حوله من انه نصر واختراق صيني. في ظل تراجع للدور الامريكي في المنطقة او انه يبدو انتكاسة للتعاون السعودي الامريكي الاسرائيلي للوقوف امام تمدد ايران في المنطقة والحيلولة دون امتلاكها السلاح الذري ، امام كل هذة الافتراضات الا انني اجد نفسي متشائما ً تجاهه لعدة اسباب منها: ١/ان ايران تتمدد في المنطقة دينياً وقومياً وتعتمد المظلومية الشيعية اساساً في هذا التمدد بالاضافة الى النزعة القومية الفارسية وما يمثله نظام الولي الفقية من ثقل قومي وسياسي وديني. ٢/اي دور سياسي او اتفاق دبلوماسي مع اي طرف عربي في المنطقة لا يجب ان يمس هذة المسلمة بل لابد ان يتسق معها ٣/ايران توجد اليوم في العراق وفي لبنان وفي اليمن وفي فلسطين، هذة كلها معاقل القومية العربية سابقاً، سقطت العراق حينما سقط النظام القومي فيها وسقطت لبنان حينما سقط النظام الناصري بعد حزيران٦٧ وسقطت اليمن حينما تراجع المد القومي وفلسطين سقطت حينما تراجع الاهتمام القومي بها وبقضيتها ٤/ ايران اليوم تلعب سياسة على خلفية ايديولوجية دينية وقومية كثيفة هنا وهناك، لذلك على السعودية وهي من تمثل الاسلام السني الكبير في العالم ان تسعى لايجاد وعودة الجناح الاخر لهذا الاسلام وهو البعد القومي العربي، على المستوى القومي حارب شيعة العراق شيعة ايران دفاعاً عن ارضهم العربية ، على المستوى القومي وقفت لبنان مع كل قضايا العرب على المستوى القومي حارب العرب وقدموا ضحايا من اجل فلسطين. ٥/ايران تسعى الى تديين الصراع في النهاية، وستسعى لتديين اي اتفاق تريد ان تتنصل منه، خاصة انها قد نجحت بهذة السياسة على السيطرة على اكثر من عاصمة عربية،انها تتمسك بجرح التاريخ الاسلامي وتصر عليه في حين ان الاسلام السني دون امتداد قومي يبدو هشاً ، السعودية اليوم في وضع يمكنها معه بناء سد قومي امام اطماع الغير،فهي تعيد علاقاتها مع الجوار بشكل جيد ومع الاغيار كذلك مثل تركيا. وتبحث عن السلام مع الجار اليمني بشتى السبل.لابد من استلهام البعد القومي داخل الدول العربية التي ذكرت و التي تعاني من التاثير الايراني والسيطرة الايرانية ٦/ الخلاف السعودي الايراني هو قطع طولي عميق في التاريخ الاسلامي. لا اعتقد انه يمكن علاجه مهما كانت جدية هذا الاتفاق ، الا انه يمكن تجاوزه حينما يجري العمل على اعلاءه الى مستوى الايديولوجيا القومية السياسية من طرف العرب مجاراة لايران التي تعتز بقوميتها ايما اعتزاز بايجاد بنية قومية عربية تمتد من الخليج الى المحيط لا اقول وحدة وانما روح ، هذا ما نجده عند ايران وعند تركيا وغيرهما، الاشكالية. اننا اسقطنا الروح القومية حينما سقطت التجارب القومية او بالاحرى رغم عدم نضجها الا انها لم تسقط حقيقة وانما جرى اسقاطها ، ادراكاً من الاعداء لخطورتها على المدى البعيد ليست دعوة لاعادة تجارب مشوهة وانما دعوة لعدم اهمال البعد العربي تلافياً لحروب دينية تنتصر فيها رائحة الموت وغبار الدمار

الاثنين، 6 مارس 2023

موسم الندوات

فكرة جميلة لوزارة الثقافة ان تخصص موسماً للندوات ، وهذا هو عامه الثاني ، الذي بدأ يوم السبت الماضي بندوة" شعرية"، من خلال استعراض برنامج الندوات هذا العام ، اجد في ذهني بعض الملاحظات والتساؤلات منها: اولاً: مفهوم الندوة يتضمن وجود فكرة يجرى حولها النقاش من جميع النواحي والاتجاهات طبعاً بوجود مختصين او من هم اقرب الاختصاص في كل جانب من جوانبها. ثانياً: يبدو ان موضوع" الفكرة" فكرة الندوة" كان غائبًا في هذا الموسم بشكل اكبر منه في العام الماضي، بدأت بالشعر لتنتهي الى المعمار والاسلام والحداثة. ثالثاً: يخيل لي. ان القائمين على الندوات ، يضعون عنوان الندوة ثم يبدأون في البحث عن من يتكلم حولها، وكان الاحرى ان يضعون " الفكرة" فكرة الندوة او موضوعها. ثم يبحثون عن من يتكلم في تفرعاتها . رابعاً: في الموسم الاول العام الماضي بدأ الموسم بندوة عن " الهوية" وكنت اول المشاركين فيه وانتهى بمحاضرة شاملة عن الهوية ايضاً قدمها الدكتور عزمي بشارة، ثمة ترابط يمكن ان يخرج المتابع من خلاله الى خلاصة عن الفكرة موضوع الندوات. اما هذا الموسم فلم تكن هناك اساساً فكرة حول موضوع الندوات بل جزر متناثرة،يجد المرء نفسه منقطعاً مشاركاً كان أم مستمعاً؟ لعل ضيق الوقت كان سبباً في ذلك خامساً: هناك خلط بين الندوة والامسية الشعرية فيما يتعلق بالتفاعل ، فالندوة موضوعاً للتفاعل كونها" عقل"بينما الامسية الشعرية موضوعاً للاستماع كونها " وجدان" سادساً: المسافة بين كل ندوة وأخرى طويلة وذلك يرجع الى غياب الترابط أي "الفكرة "التي تحدثت عنها وبالتالي فقدان الزخم المطلوب لاستمرار الحضور رغبة لا دعوةً , لو اختزلت الندوات في اسبوع واحد حول فكرة او موضوعاً محدداً كان ذلك أجدى , سابعاً :أتمنى ان يتم اختيار موضوعاً لكل موسم على ضوءه تقام الندوات ومن خلال تفرعاته واهميته يتم النقاش والتداول بين الحضور و المتحدثين ، ثامناً: اشكر لسعادة وزير الثقافة على هذة البادرة وهذا النشاط والاهتمام ، وانا على يقين ان كل عام سيحمل جديداً اثراءً للمشهد الثقافي، خاصة ان نسبة الحضور تزداد باستمرار مع كل موسم جديدوهو في حد ذاته انجاز، ، فكم عانينا من ندوات بلا حضور، ومحاضرات بلا جمهور

الثلاثاء، 21 فبراير 2023

المثقف" المندّس"

يعاني مجتمعنا كما تعاني بعض مجتمعات الخليج من ظاهرة مثقف" السطح"،يحمل شهادة لم ينجزها، ودرجة علمية لم يحققها، ولقب اشتراه من سوق النخاسة الفكرية، في الكويت ولأنها الدولة الاكثر شفافية، حصرت الدولة عشرات شهادات الدكتوراه مزيفة لشخصيات اجتماعية واعلامية تطفو على سطح المجتمع كمثقفين لهم الريادة والسبق، كذلك في مجتمعنا يتهامس الجميع فيه حول ظاهرة تزوير الشهادات المنتشرة واكتساب الالقاب العلمية دون جدارة سوى اللحاق بركب المجتمع وملء فراغ الثقة في النفس، هناك من يُكتب له، وهناك من يُنشر باسمه، يعيش في كنفنا ،مثقف" مندس" في جميع المجالات، الشعر، السياسة، الاجتماع، الرواية… ، عرض علىّ احدهم قبل سنوات الحصول على شهادة الدكتوراة دون ان اخرج او اتعنى مشقة الاعداد والبحث، واعطاني اسماء من حقق لهم ذلك هنا في مجتمعنا، فرفضت ، الا انه قال لي بالحرف الواحد، مجتمعكم بكر فاغتنم الفرصة قبل ان ينضج. كلام خطير،. الا انه واقع ، هناك مثقف مندس وهناك مثقف يطفو على سطح المجتمع، ليس بالضرورة ان يتواجد المثقف المندس في المجتمع قد يكون في بلد قريب او بعيد، قد يكون موظف في وزارة او ادارة وصاحبها يطفو على سطحها دكتوراً ، او موظفاً في جريدة يبيع فكره وقلمه لمن هو في حاجته تقرباً رئيسا ًاو مديراً، حتى مجال الفن لم ينجو من الملحن المندس الذي يبيع الحانه لكبار المطربين ,ناهيك عن من يسرقها , القصائد حكاية اخرى طويلة, الشهادات لم تعد مصدراً للحكم ولا المقالات التي تُكتب الا اذا تأكدت انه من يحملها او من يكتبها ، هو نفس الشخص عايشها عمقاً وجهداً وحملها الى سطح المجتمع فكراً منيراً يستضاء به .قد يكون المجتمع قاسياً في تراتيبيته الاجتماعية لكن هذا لا يبرر ان تعيش حقيقة مزيفة وشهادة مزورة او مقالاً مسروقاً او فكراً مستعاراً أبحث عن المثقف المندس قبل ان تحكم على مثقف السطح لعل تضع الحكم في نصابه وتكشف الزيف المتراكم على جليد الحقيقة .

الأحد، 15 يناير 2023

وعي المجتمع وضرورة التجاوز

في اعتقادي أن لحظتين تاريخيتين حاسمتين كان لهما الأثر الفعال في تشكل ذهنية المجتمع وطريقة تفكيره، حيث قبلهما لم يكن مجتمعاً بقدر ما كان تجمعاً، حيث لابد ان يمتلك المجتمع وعيه بذاته كمجتمع، وليس كذوات أصغر من ذلك، سواء أفرادا أو قبيلة أو طائفة. أ- اللحظة الاقتصادية: تفجر النفط ب- اللحظة السياسية: عند خروج المستعمر وانتزاع مسمى الدولة لدخول العصر. والجدير بالذكر فإن معظم دول الخليج إن لم يكن جميعها مرت بنفس الظروف مع الاختلاف في الدرجة فقط. هاتان اللحظتان كانتا ولا تزالان سياقات إنتاج المعرفة في هذا المجتمع. وبما أن الدين كان ولا يزال هوية المجتمع، فأصبح الضغط على استثماره كبيراً وعميقاً، كلاصق ولاحم للفجوة بين هاتين اللحظتين أو الصدفتين التاريخيتين. كان من المفترض أن تنتقل اللحظة الاقتصادية من الريع إلى الإنتاج، وهو الأمر الذي لم يتحقق. وأن تنتقل اللحظة السياسية من لحظة الدولة إلى استكمال الدولة مؤسسياً ودستورياً، وهو الذي لم يتحقق كذلك، فظل أو استمر الريع ولحظة الدولة، وليس استكمالها واستثمار الدين كلاصق هما سياقات إنتاج النظام المعرفي حتى اللحظة. وكان من المفترض أن يحل المجتمع المدني محل الدين ليس كهوية، وإنما كلاصق ولاحم اجتماعي بين الطرفين، حتى يمكن زعزعة الريع نحو الإنتاج وتطوير لحظة الدولة إلى بناء الدولة. وهو أمر لم يتحقق بعد، واستمر كل من لحظة الريع الاقتصادية، ولحظة الدولة السياسية والدين، في إنتاج النظام المعرفي. اشير هنا إلى أهمية الإسراع في العمل على إيجاد المجتمع المدني الفعال لمساعدة السلطة في الانتقال إلى سياقات معرفية تليق بدولة قطر، بحيث يبدو النظام العلوي متسقاً، وسياقه الذي ينتجه لتجنب الازدواجية والتذبذب ان قيام مجتمع مدني فاعل ضرورة لثروة قطر، وسياسة قطر، خاصة أن ولاء القطريين لقيادتهم فوق أي شك وأرفع من كل شبهة.

الخميس، 12 يناير 2023

أزمة ثقافة أم أزمة مثقفين؟

اتابع اصدارات ودراسات وابحاث ورسائل لنيل شهادة الدكتوراة لعدد من الاخوة والاخوات من ابناء وبنات قطر، هناك العديد منها على قدر كبير من الاهمية ومن الممكن ان يشكل قيمة مضافة للمجتمع في مجاله، الا ان هناك اشكالية تبدو مزمنة ومحكمة وهي ان كل هذة الابحاث والدراسات والمساهمات لاتدخل تيار الثقافة السائدة في المجتمع، الذي يبدو منجزاً مسبقاً ومعقماً عن كل جديد يحاول التسلل داخله.مجتمع الثقافة المنجزة مجتمع مكتفىء بذاته ، الحقيقة فيه مكتملة وجاهزة ، بينما الثقافة المنفتحة ترى الحقيقة مشروع لا يكتمل فباستمرار هناك بحثاً عنها وتجديد داخل اطارها الامر الذي يدفع المجتمع للتجديد، المثقف في مجتمع الثقافة الناجزة خارج الاطار لكنه يدور في افقه وفي نطاقة كأجرام الكوكب السماوي التي تدور حوله دون ان تؤثر فيه فبالتالي فهو مثقف كنبه يستدعى حيث الحاجة ، بينما المثقف في مجتمع الحقيقة التي لا تكتمل يمثل لبنة يقوم عليها التطور المستمر لا يمكن الاستغناء عنه وعن اسهاماته مهما كانت بحثيه ام دراسيه او صحافيه كل مجالات الثقافة مشروعاً هاماً لبناء الحقيقة التي لا تكتمل طالما هناك تطور وانسان يسعى اليها، فالامر يبدو لدينا كما يلي، ثقافة لها نطاقها المكتمل ومثقف يدور في فلك هذا النطاق يتأثر به ولا يؤثر فيه، لذلك كل هذة الدراسات والابحاث والرسائل الجامعية مكانها الارشيف او مخازن الادارات ، وتبقى ثقافة الحقيقة المكتملة تدور في مجالها ويبقى المثقف يسطر الورق والبحوث لتمتلىء به مخازن المكتبات وارشيف الوزارات

الثلاثاء، 10 يناير 2023

حادثة الموت أم ثقافة القتل؟

اذا ما تأملت الزمان وصرفه ادركت ان الموت ضرب من القتل ---------------------- هذا البيت لابى الطيب المتنبى يحكى جل تاريخ العرب. القتلى فيه اكثر من الاموات , بل ان الموت نوع من القتل وليس كل القتل. فالقتلى الاحياء اضعاف من مات, الاهمال نوع من القتل كالموت تماما , التهميش قتل مؤلم ولعله اكثر ايلاما من الموت, الاقصاء, النبذ , الحرمان من الحقوق الانسانيه كل هذه انواع من القتل تتساوى والموت تماما وموطنها ومشاعها عالمنا العربى ومساحته التاريخيه والجغرافيه. هناك يموت الفرد مرة واحده وفى عالمنا العربى يموت عدة مرات يموت فى حياته قبل ان يدفن فى قبره. هذه الجموع من البشر التى لاصوت لها ولارأى تساق الى الحروب دون ان تدرك القضيه وتنادى الى الاصطفاف دونما اراده وتتظاهر بمرسوم وتصفق بأخر , تأكل لتجوع وتجوع لتأكل . فى عالمنا العربى قد تخرج من دائرة الاقصاء والتهميش لكن دون ضمانات تجعلك بعيدا من العودة اليه , قد تصبح مرموقا ولكن دون صك قانوى يمنعك من الانحدار الى سلم الرق, قد تملك الكثير ولكنه عرضه للتبدد متى اخليت بقواعد اللعبه, تنمو وتعيش انواع القتل هذه وتتكاثر فى البيئة العربيه لانها بيئه ديدنها اللاقانون وقاعدتها الاتهام حتى يثبت العكس ومرجعيتها انيه مثل شمس النهار المتحوله. , فلا داعى للخوف من الموت فى مثل هذه البيئه لان اسماؤه الاخرى او مترادفاته لها نفس الطعم والنكهه والرائحه, . اذا لم تجد التنميه فى اى بلد حتما ستجد الموت وضروبه . عندما لايجد الانسان الافق مفتوحا له ليحلم ويأمل ويعمل لتحيقيق ذاك الحلم وذلك الامل يصبح صدره حرجا كأنما يصعد فى السماء, عندئذ تبذر البذرة الاولى فى الشعور بالموت ومترادفاته. انظروا الى افق مجتمع "لوثر" لما صاح انا عندى" حلم" وانظروا لمجتمعه عندما تحقق ذلك الحلم.كم كان ذلك الافق مرتفعا وعاليا فى حين ان شاعرنا الكبير قال بيته هذا فى تحديد مترادفات وضروب الموت التى كان يعانى منها افق مجتمعه فى حينه ولم يدرك بأن هذا الوصف سيظل عنوانا لامته بعد ذلك واحد فنونها فى صنع الضحيه والتخفيف من الامها فى مواجهة مصيرها المحتوم.

الاثنين، 9 يناير 2023

المنصب إثخان أم مرور الكرام

هناك وزراء اثخنوا وهناك وزراء مروا مرور الكرام، مالذي يجعل وزير يُثخن في الارض. بينما غيره يمر مرور الكرام؟ هذا السؤال لا يبدو يشغل بال أحدٍ من الناس ، لكنه في الحقيقة يكشف لنا عن تضاريس المجتمع الذي نعيشه، او القاع السيسيولوجية له كمجتمع بشري، اسماء دائما ًفي بؤرة وعي المواطن، واسماء لم يعد يتذكرها اصلاً مع أن البعض بعيد زمنياً ألآ أنه في الذاكرة والاخر قريب وقتاً وزمناً الا انه في بؤرة النسيان.هل العامل الفردي او الشخصي هو المحدد؟ام المجتمع هو من يفرض خياراته؟ ، المستوى العلمي، الذكاء، العلاقة الاجتماعية؟ ذكر احدهم انه لايزال يتذكر اسماء اول تشكيل وزاري في قطر، ولا يكاد يذكر سوى اسم ام اسمين مما تلا ذلك من اسماء في التشكيلات الوزارية اللاحقة؟ هل هي قضية اداء للفرد ام قبول مسبق لدى المجتمع؟ اسئلة كثيرة وتساؤلات مشروعة ، قال لي اخر، لعل ذلك بفعل المؤسسات بمعنى اننا اصبحنا دولة مؤسسات ؟ هل نحن فعلاً نصبنا المؤسسة بدل الفرد ؟ لاتزال قصة الادارة في قطر على جميع المستويات ارض بكر لم تحرث بعد للتوضيح والاجابة على جميع هذة التساؤلات كان السلم الوظيفي أكثر صلابة منه اليوم والتدرج والخبرة كان ديدن الترقيات لذلك كان الشاب أكثر طموحاً منه ركضاً ريعياً كما نشاهد اليوم كان طموح الشاب ان يصبح رئيسًا لقسم وفي الاقصى مدير ادارة، اليوم اصبح التسابق على المناصب العليا حتى بلامقدمات متاحاً للجميع بل وبحسب قدرات الشخص الاجتماعية على الاخص , كان منصب السفير حديث المدينة،والوكيل حديث النخبة وأما الوزير فهو منصب الجاه الاجتماعي بامتياز , من هنا نستطيع ان نحكم على من أثخن منهم في منصبه ومن مرعلى المنصب مرور الكرام طبقاً للخصوصية التي كان المجتمع يعطيها لكل منصب كما ذكرت ، اتمنى ان يعاد صياغة مفهوم الادارة العامة من جديد بحيث تصبح رافداً للدولة بعناصر فاعلة، من ابناء قطر الاوفياء

الأحد، 8 يناير 2023

قطري بعد التعديل

تحتاج الشخصية القطرية الى اعادة صياغة، الشخصية السائدة اليوم تمثل انقطاعاً عن ماضيها ومكتسباتها ، فكرة القطيعة مع الماض او مع التراث التي دعا ويدعوا اليها العديد من المفكرين والمثقفين العرب، تراها متجسدة حقيقة في الشخصية القطرية السائدة اليوم التي تمثل انقطاعاً مع ماضيها بكل ما تحمله الكلمة من معنى،اذا كنا سنُعرف الوجود الى وجود بالقوة بمعنى وجود كامن ووجود اخر بالفعل بمعنى وجود متحقق في الواقع فان الشخصية القطرية اليوم تمثل وجوداً بالقوة اي مع الكمون بينما في السابق كان لها وجوداً متحققاً في ارض الواقع، من هنا نستطيع ان نعرف سبب سيطرة الكرسي على من يشغله، وهيمنة الوظيفة على شخصية من يحتلها، الوجود بالقوة معلق لا ينزل الى الارض الا اذا نتقل ليصبح وجوداً بالفعل في الواقع، الكرسي والمنصب والوظيفة مجال او افق من افاق السلطة او هي مجرد اجرام في مجالها الحيوي ، في السابق كانت الشخصية القطرية من الفعل والارادة ان تسخر هذا الافق والمجال الحكومي لصالح المجتمع وافراده، بينما هي اليوم مجرد جرم يدور في افق السلطة ، لا يخدمها ولا يخدم المجتمع ذاته، لذلك يتحسر المجتمع على مستوى الادارة وحتى الوزارة السابق، الشخصية القطرية تحتاج الى تعديل بشكل يجعلها تتحقق في الواقع ولا تكتفي كونها وجوداً لم يتفتح بعد ، الوضع رائع والدولة قائمة بكل مسؤولياتها والمواطن الى حد كبير في وضع جيد، لكن هذا لا يمنع من ان المستقبل يتطلب وجود اكثر فاعلية، حيث المؤسسات ليست وجوداً مادياً فقط بل لا بد من وجود انساني فاعل بدونه تصبح اسمنتاً وكونكريت ولافتةً معلقه، عباءة الدولة دافئة بشرط ان يكون في داخلها انساناً ذو فاعلية وذو ارادة مستقلة

الثلاثاء، 3 يناير 2023

الدنيا من منظور "المتنبىء"

وَمَن صَحِبَ الدُنيا طَويلاً تَقَلَّبَت عَلى عَينِهِ حَتّى يَرى صِدقَها كِذبا وَكَيفَ اِلتِذاذي بِالأَصائِلِ وَالضُحى إِذا لَم يَعُد ذاكَ النَسيمُ الَّذي هَبّا ذَكَرتُ بِهِ وَصلاً كَأَن لَم أَفُز بِهِ وَعَيشاً كَأَنّي كُنتُ أَقطَعُهُ وَثبا __________________ سُبِقنا إِلى الدُنيا فَلَو عاشَ أَهلُها * مُنِعنا بِها مِن جَيئةٍ وَذُهُوبِ ٦ تَمَلَّكَها الآتي تَمَلُّكَ سالِبٍ * وَفارَقَها الماضي فِراقَ سَليبِ ———————————— نُعِدُّ المَشرَفِيَّةَ وَالعَوالي وَتَقتُلُنا المَنونُ بِلا قِتالِ وَنَرتَبِطُ السَوابِقَ مُقرَباتٍ وَما يُنجينَ مِن خَبَبِ اللَيالي وَمَن لَم يَعشَقِ الدُنيا قَديماً وَلَكِن لا سَبيلَ إِلى الوِصالِ نَصيبُكَ في حَياتِكَ مِن حَبيبٍ نَصيبُكَ في مَنامِكَ مِن خَيالِ رَماني الدَهرُ بِالأَرزاءِ حَتّى فُؤادي في غِشاءٍ مِن نِبالِ فَصِرتُ إِذا أَصابَتني سِهامٌ تَكَسَّرَتِ النِصالُ عَلى النِصالِ

الشخصية النمطية في مجلس الشورى

يتساءل العديد لماذا لم يحقق مجلس الشورى الحالي" المنتخب" ولو بعضاً من امال الناخبين؟ كنا نطالب بالانتخاب وبأنه الطريق الى تفعيل ارادة المواطن، ورغم ما شاب عملية الانتخاب الا ان النتيجة مخيبة للامال في الاعضاء ، ليس هذا رأيًا شخصياً وانما شعوراً عاماً تجده في جميع قطاعات المجتمع الذي كان يأمل الكثير من العملية الانتخابية، مرت سنة واكثر من شهرين، ولم يتحسس المجتمع اي بوادر لتشريع او لعملية مراقبة وهما الوظيفتان الاساسيتان لعمل اي مجلس تشريعي منتخب،حتى ان البعض طالب بالعودة لنظام التعيين لانه انجع؟ وتناسى ان عملية الانتخاب ذاتها اعتمدت على القبيلة كمرتكز اساسي لها ، رغم الادعاء انها كانت ضرورية ولامفر منها كبداية ,لكن ما اود ان اشير اليه هنا هو العامل الذاتي للشخصية القطرية الذي اعتقد انه احد عوامل الاعاقة الرئيسية في تطور مجلس الشورى بل ربما في انتكاسته رغم انه منتخب ؟ علينا ان نفرق في تناولنا للشخصية القطرية بين جيلين، جيل الاباء وجيل الابناء.جيل الاباء كان مشاركاً، بينما جيل الابناء كان مجرد قيد الاستدعاءالفرق كبير وجودياً بين الطرفين,حيث اصالة الوجود للجيل الاول بينما الجيل,[,] اللاحق جيل الابناءيبدو وجوده افتراضياً والسبب يبدو في انه منذ اكثر من اربعين عاماً مضت لم يكن المجتمع في وضع المشاركة او حتى في اقتناص فرصة المشاركة في اي من الاحداث والتغيرات الكبرى التي شهدتها الدولة، والشخصية القائمة على الاستدعاء شخصية نمطية بالضرورة، لذلك حين تطلب منها المبادرة لا تستطيع او تتردد الى درجة الاحجام، اليوم الدولة تتقدم بصورة اكبر المجتمع ، والمجلس لدية مساحة للتحرك كفلها لها القانون والدستور والسلطة تحثه على ذلك لكنه محجم ،حتى انك تلاحظ ان العضو لا يفرق بين كونه مرشحاً سابقاً وعضواً حالياً، لايزال يعيش ترشيح القبيلة والجماعة حتى اليوم في خطابه للمجتمع مهنئا ً في مناسبة او غير ذلك وينسى انه عضواً اليوم يمثل المجتمع بأسره.من خصائص الشخصية النمطية انها شخصية محافظة جداً وترى مرور الوقت مكسباً اكثر من العمل على الاستفادة منه ، لا تؤمن بالعلاقة السياسية بقدر ما تؤمن ببركة السلطة ولاترى مساحة للناخب بقدر ماترى انه دعماً من السلطة واصطفاءً من قبلها، هذا في الاحوال الطبيعية فكيف إذاً اذا كانت الامور كما جرت، انا اعتقد انه من الضروري العمل على ايجاد مسافة بين السلطة والمجتمع لقيام شخصية فيها قدر من الاتزان يمكن ان يحقق اهداف وجود مجلس منتخب ، ترك المجتمع يتفاعل افقياً مدة اطول مع وجود مسافة اجتماعية بين السلطة والمجتمع كفيل بالتخلص من الشخصية النمطية السائدة اليوم والتي تمثل اعاقة ذاتية لتطور المجتمع ونمو الدولة بشكل يحقق الهدف المنشود من عملية الاصلاح التي تهدف الدولة لايجادها.