الارتقاء بفكر المجتمع إلى مستوى الدوله يتطلب وجود دستور, عندما يغيب الدستور تغيب الدوله, يخلق الدستور فى وعى الناس حيزا للدوله إلى جانب حيز البرنامج الانتخابى للمرشح. بدون ذلك يصبح الحيز بأكمله مملوكا لفكر الناخب وتوجهاته. من يصوت اليوم لمرسى يصوت لفكر الاخوان ولايصوت لفكر الدوله التى يشكل الاخوان جزءا منها وليس كلها, من يصوت اليوم لشفيق يصوت للحزب الوطنى وللمباركيه حيث لاحيز للدوله التى يمثل بقايا النظام جزءا منها لغياب الدستور. لست مع الاجتثاث لايمكن إجتثاث حصيلة مرحله جاوزت الثلاثين عاما, لاتزال فى روسيا بقايا للستالينيه واللينينيه, الفكر لايمكن اجتثاثه لأنه يعود أو تبقى آثاره أو يتطور مع الوقت وهذا هو الأفضل. يعيب الناس على إنتخاباتنا الخليجيه بأنها قبليه أو طائفيه, لأن المجتمعات لم تخرج من دائرة القبيله والطائفه , هذا صحيح ولكن هذه مصر العريقه, تنتخب على نفس المنوال بين طائفة مرسى وقبيلة شفيق , بناء الدوله يتطلب الارتقاء الى فكر الدوله, لاتبنى الدوله كإمتداد لاحق للقبيله أو الطائفه. التجربه المصريه الحاليه لن تحل الاشكال بل ستعمقه أكثر وأكثر , لأن الناس أتت الى الدستور من خلال مرجعياتها الأولى والخوف على ضياعها. أفسد الاستبداد إمكانية تحقق الدوله الدستوريه فى مصر بشكل يضمن إمكانية تدوير الحياه المدنية فيها بلا مشاكل. يبقى الاشاره الى موقف الجيش, الجيش فى عالمنا العربى ضحية الانظمه أما بالاستحواذ عليه أو بإنشاء بدائل عنه تحمى النظام , درجت الانظمه العربيه على إفساد الجيوش وإدخالها فى الحياه السياسيه والاقتصاديه لضمان ولاءها فأصبح من الصعب جدا وقوفه على الحياد أو مع الشعب ألا فى حالات نادره كالحاله التونسيه وبدرجه أقل الحاله المصريه, فيما كانت قوات الامن النظاميه ترتكب الجرائم والقتل والجيش فى سوريا مثال بشع لصورة الجيش الوطنى حيث استطاع النظام تكوين عقيده مختلفه لدى الجيش بحيث يقاتل شعبه وكأنه يفتك بعدو متربص. مثل هذا الوضع يجعل من الأولويه بناء الدوله وإقامة الدساتير قبل الشروع فى إجراءات ديمقراطيه أخرى لأن الأمر وهو كذلك سينتهى إلى كونه إعادة إنتاج للاستبداد بزى مختلف وبأسم جديد.
الأربعاء، 13 يونيو 2012
الاثنين، 11 يونيو 2012
"الفتنه تنقلب إلى فرصه" مدخل لفهم الاسلام السياسى
كانت فى نظر البعض فتنه لايجب المشاركه فيها, بل وحرمها البعض لأنها خروج على الإمام أو السلطان, وتلكأ البعض حتى يرى مسارها وإمكانية نجاحها ليحدد موقفه منها. تلك كانت قصة الربيع العربى مع تيارات الاسلام السياسى المختلفه. تعهد الاخوان بعدم تقديم مرشح للرئاسه وطردوا أحدهم وبعد ذلك قدموا مرشحين بدلا من واحد. فيما حرم الاسلام السلفى فى الجزيره مثل هذه الثورات. لأنها خروج على الامام ووجود إمام جائر خير من فوضى تعم. تبدو هنا بجلاء صعوبة الحكم الاخلاقى على بعض الاحوال والمواقف بعيدا عن الواقع ومستجداته. كيف يمكن الحكم أخلاقيا على موقف الاخوان السابق مثلا؟ كيف يمكن الحكم على من أعتبر أن الثورات فتنه وتحولت لديه إلى فرصه ليقتنصها بعد ذلك؟ كيف يمكن الحكم على من حرمها وبرر للاستبداد برأيه هذا كونه خير من عدم وجود إمام جائر أو عادل؟ من العجيب أننا كأمه نفتخر بأخلاقياتنا وهى الشىء الوحيد الباقى لدينا بعد ضمور وغياب أى نهضه ماديه واضحه فى تاريخنا المعاصر, ثمة خلط خطير بين الحكم الفقهى والحكم الاخلاقى ادى إلى إعتماد الأمه على الحكم الفقهى بشكل غاب معه الحكم الاخلاقى أو يكاد, يبرر الحكم الفقهى احيانا للكذب على الصغير أو للكذب من اجل المصلحه العامه وللخديعه إذا كانت لازمه لموقف معين أو للعصبيه ضد الغير وقامت دول عليها. برر الحكم الفقهى فى وقت معين مديح مبارك وبن على والاشاده بصالح وببشار والتنويه بتجربة القذافى التنمويه. وعندما حانت فرصة الشعوب التى إنكوت بنيراهم , تحول الحكم الفقهى تحولا الى الاتجاه الآخر, ونال من كل منهم كل منال , مع أنه لوكان ثمة حكما أخلاقيا يسود الامه وتياراتها وليس الشارع المكلوم لأصبح من إمكانية التحول الديمقراطى بعد الثورات بعدا حقيقيا ولكفانا ما نشهده اليوم من تنازع وتراجع وانقسام وتشرذم. فى مجتمع الانسان يسود الحكم الاخلاقى أو هكذا يفترض أما فى مجتمعات الانقسام فتسود الاحكام الفقهيه فى كل مايستجد . وليس هناك حكما أخلاقيا أكبر من تكريم الله للإنسان بعموميته كبنى آدم فى حين تحوله بعض الاحكام الفقهيه إلى إنسان بمواصفات معينه وبدم خاص وعرق مختلف.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)