السبت، 31 مايو 2025

مجتمع الدهشة

 كون الدهشة فاعلة وايجابية حين يعقبها سؤال حيث انها في الأساس تمظهر لجهل وتعبير عن عدم معرفة، والتطور الانساني عموما جاء لازالة الدهشة عن حياة الانسان، الاديان ذاتها أزالت دهشة الانسان وكشفت له عن أجوبة لأسئلة الوجود. الدولة المدنية والتطور السياسي قلّص من أسئلة الدهشة عند الشعوب بتحويلها إلى أسئلة تجد لها اجابات عند مؤسساتها وأفرادها. عندما يشعر المجتمع بأن الدهشة سمة يومية فثمة خطأ في حياته وثمة توعك في مسيرته وخطاه.

البرلمانات وجدت للإجابة عن أسئلة الدهشة لدى المجتمعات، ووجدت لاظهار وابراز من يستطيع الاجابة عن أسئلة الدهشة المتكررة. المعضلة كما أراها ليست في الدهشة الايجابية ذاتها أي تلك القادرة على طرح الاسئلة للتخلص من دهشتها ذاتياً، المعضلة في الدهشة السلبية التي لا تقوى على طرح الأسئلة لسبب ما. عندما تعجز المجتمات عن معالجة دهشتها لا تتطور بل تتكور وتستلب.  مجتمعات الدهشة مجتمعات معوقة لاتستطيع فرض رؤيتها ولاتحقيق مطالبا، مجتمعات الدهشة  دائما تنام على شكل وتصبح على شكل آخر، مجتمعات الدهشة  تبصم حتى على شهادة وفاتها د  كحاطب ليل لايعرف مكانه وماذا يلامس أحطب كان أم أفاعٍ، امجتمعات الدهشة كمن يحمل داءه في ردائه،   مريضة نفسياً لأن عدوى الدهشة السلبية تجعلها تشك حتى في نفسها،   تقول نعم في النهار وتعقبها بلا خفيفة في الليل بين الجدران، أفرادها لا يمكن أن يتغلبوا على فرديتهم لصالح مجموعهم، نزواتهم أولوية وشعارهم الفردية، تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى. لا يعرف التاريخ شعباً كالشعب العربي عانى ولم يزل يعاني من الدهشة تمر العقود عقداً وراء آخر، ودهشتهم تزداد مع سرمدية القائد الملهم، وأيامهم تفنى مع الوعود البراقة بالديمقراطية والانتخابات النزيهة، أجيال ترحل على أمل لا يستطيع الأبناء تحقيقه فتصبح الدهشة مركبة لدى الأحفاد بعد ذلك. أين أسئلة الهزيمة؟ أين ملفات المسؤولية؟ ومن يتحملها؟ عجزت الشعوب عن طرح أسئلة الدهشة التي انتابتها، فاستمر الاندهاش واستمرأته الشعوب حتى صار ديدنها فاستحقت بحق شعار مجتمعات الدهشة بجدارة.  

مركزية القرآن ... كنص أم كواقع؟

 كيف  نفهم القرآن؟ هذا السؤال يراودني بإستمرار, هل نفهمه إنطلاقاً من النص  الثابت أم إنطلاقاً من الواقع المتغير؟  وهل يمكن فهمه  بتفكيك النص  الى أقصى إحتمالاته  ليتوافق مع الواقع لضبطه  في حياة متغيرة بإستمرار؟ وهل يمكن الاكتفاء بالنص كحروف وكلمات أم الحاجة الى فهم روح النص  هي مايمكن الركون اليه  ليتماشي مع المسلم في كل زمان ومكان ؟ هل يمكن القفز الى حدود ومرامي القرآن القصوى  مباشرة حيث أنه كتاب كثيف المعاني  وعميق المرام أم يمكن استشفاف ما يجعل منه  مشروع سلام لا موضوع صدام ؟كثيرة هي الاسئلة التي يعيشها المسلم  نظراً لعظمة كتابه الذي أنزل عليه عن طريق رسول الاسلام الكريم, هناك من المفسرين  ما يعتمد على اللغة في شرح القران وما يكتنفها من إعجاز وبلاغة. وهناك البعض الآخر من يأخذ بروح النص القراني  واخرين  يرون فيه كتاب إعجاز علمي  وهناك من يربط  الواقع به ربطاَ مباشراً, فالتغيير يبدأ   من  الواقع  مهما كانت تعقيداته الذي يجب أن يتغير ليتماشي مع  النص, وآخر ينطلق من الواقع لفهم النص  وتفكيك كثافته ليحصل منه على حلول  لهذا الواقع المتغير الذي يعيشه المسلمون اليوم, ما أود الاشارة اليه هو أنه رفقاً بشباب المسلمين , فهم يعيشون اليوم عصراً لايملكون من أدواته العلمية الا الشىء اليسير بل  ويعيشون إحباطاً  مركباً ليسوا في حاجة الى "تثوير" القرآن بقدر حاجتهم الى فهمه والتوافق مع  غاياته  وما يهدف اليه , جاء الدين لخدمة الانسان والبشرية جمعاء , واقعنا معقد الى درجة كبيرة , يعيش العرب والمسلمون على هامش الحضارة الانسانية اليوم انتاجاً  وعلماً, فلنأخذ من القران ما يساعدنا على النهوض  والوسطية  ولا نلج العالم  بسلاح أوحد وهو الدين  فقط , فعندما ساد المتطهريين اوروبا  وبفهمهم الحدي للعقيدة هرب أهلها الى العالم الجديد أمريكا وأقاموا  حضارة  تعايش لم يشهد لها التاريخ مثيلاً من قبل . فالذي يفصل بين الاستشهاد في سبيل الله  وإلقاء الانسان بنفسه الى التهلكة خيط رفيع لايرى بالعين المجردة, فلنحافظ على دولنا وقياداتنا  ما أمكن  ولنعمل على الاصلاح من الداخل  من خلال ثورة ادارية  وعلمية  ولننظر  الى  النيران  التي تلتهم العالم على حدودنا ونحن لانزال في مأمن منها بفضل الله أولاً ثم بفضل الخيرية التي تمثلها هذة المنطقة وأهلها .

الجمعة، 30 مايو 2025

المستقبل ... و الفكر أم الواقع؟

 في اعتقادي ان هناك لحظتين  تاريخيتين حاسمتين  كان لهما الاثر الفعلي قي تشكيل ذهنية المجتمع  وطريقة تفكيره , حيث قبلهما لم يكن مجتمعاً بقدر ما كان تجمعاً حيث المجتمع لابد وان يملك وعيه بذاته وارادته  ليصبح مجتمعاً بالمعنى المتعارف عليه  .

 اللحظة الاولى  هي اللحظة الاقتصادية  : تفجر النفط 

واللحظة الثانية : هي لحظة الاستقلال والشروع في بناء الدولة

كلا اللحظتان  لم  تكتملا بعد , وتعمل الدولة جاهدة لاستكمالهما ,  لحظة الانتقال من اقتصاد الريع الى الاقتصاد الانتاجي , ولحظة قيام الدولة الى استكمال مؤسساتها الدستورية.  هنا بالامكان ان أطرح سؤالاً  هنا وهو  من الذي يسبق الآخر  الواقع  أم الفكر هنا ؟ بالنسبة لتحقيق هذين الهدفيين الساميين , وهما الانتقال من الريع الى الانتاج , والاسراع في بناء دولة المؤسسات الدستورية بعد قيام الدولة بما يقارب الخمسة عقود.أستطيع ان أشير الى أن إقامة أو دعم جذور المجتمع المدني الموجودة  خطوة حاسمة وضرورية  لتحقيق  اهداف الخطوتين التي ذكرتهما آنفاً, تنفق الدولة إنفاقاً عظيماً على القطاع الصحي والقطاع التعليمي وجميع القطاعات الاجتماعية الاخرى  في المجتمع , كما يتطلب القطاع الخاص كذلك دعماً  لاتألوا الدولة جهداً في تحصيله   وتوافره , يبقى تفعيل  قوى المجتمع المدني من نواد ونقابات وجمعيات  لترفد الدولة والقطاع العام  بكوادر  شبابيه مؤهله  ذات تفكير خصب ومستقل , مكونات المجتمع المدني  رديف قوي للقطاع العام  ولايمكن لاي مجتمع  يطمح الى التقدم نوعاً وكيفاً  من عدم الاهتمام به بحيث يبدو مستقلاً ما أمكن  لتحقيق التكامل  وسد الفجوات داخل المجتمع وتأهيل كوادر ذات فكر  نوعي  وغير شمولي لتحقيق  النمو الكيفي , كلما كان هناك تعاون وتنسيق بين القطاع العام والقطاع الخاص المستقل  أمكن للواقع أن يتغير نحو آفاق جديدة و ,أمكن للفكر ان ينطلق نحو ابعاداً  مستقبلية.