كان المد القومي الناصري من القوة بحيث وحد الاجيال، فكبار السن كانوا أكثر حماسا من الشباب والصغار، كانت الاحوال الاقتصادية متواضعة جدا، لكن كانت الحياة تقوم على المعنى أكثر من المادة، تفاعل اهل الريان ككل أهل قطر بل العالم العربي أجمع مع الهزيمة بطريقة وطنية بعيدا عن أي ايديولوجيا أو تأنيب ضمير، وتطوع العديد من أبناء قطر للذهاب للقتال مع صفوف المقاومة كنت لم ألتحق بالاعدادية بعد أوفي صيف الانتقال من الابتدائية إلى الاعدادية، حيث قامت بعد ذلك حرب الاستنزاف التي ارهقت إسرائيل حتى عام 69 وطلبت إسرائيل الهدنة، وفي عام 68 افتتحت إذاعة قطر وكان يوم ثلاثاء على ما أذكر وبصوت المذيع زهير قدورة شعور جميل أحسست به تلك الليلة وكأنها تتكلم باسمي شخصيا.
الإشكالية اليوم أن وضع العزيمة المادية في ذلك الوقت أفضل من وضعنا الحالي حيث الهزيمة النفسية، اليوم نحن مهزومون مادياً ونفسيا إلا من ثلة تحمل روح المقاومة لاتزال في غزة الباسلة .تحول النزاع العربي -الإسرائيلي واصبح نزاعات بينيه , وأصبحت الخيانة وجهة نظر , والوطنية تهمه الى أن يثبت العكس .
أطالب بإعادة الاعتبار لهزيمة 76 وإعتبارها لحظة إفاقة لم تستمر ,بعد أن وصل بنا الوضع إلى ماهو عليه من تشرذم اوإعتبارها هزيمة مادية فقط وليست هزيمة معنوية أو كسراً لروح المقاومة والتحدي والصمود , يجب تجاوزها والنظر الى ماجاء بعدها من نكسات سببها الهزيمة النفسية , لم نهزم لكننا نفكر كمهزومين , هذا هو الفرق بين هزيمة 76 وما نشهده وماوصل به الحال اليوم وغزة الجريحة خير شاهد. العجيب أني أجد البعض يجمد التاريخ في لحظة معينة ليرمي عليها جميع أسباب ما آل إليه الوضع العربي الآن, بعد مرور أكثر من نصف قرن عليها وعلى من لحقت به كزعيم , ليتخلص من عقدة تأنيب الضمير , عقلية لاتستفيد من الماضي بل تجعله منصة للنواح والشكوى,عقلية تحتاج الى تفكيك, في حين تجاوزت العقلية اليابانية والالمانية هزيمتهما الكبرى الماحقة ليصبحا في مقدمة الدول المتقدمة .