افتقد المجتمع القطري تاريخيا إلى تعرجات ومسالك تكون الطبقات الاجتماعية، فالتاريخ القطري ليس تاريخ مراحل بل هو تاريخ القفزة أو الطفرة، لذلك فالطبقة في قطر ليست تكون تاريخي وإنما صناعة الدولة. الطبقة الوحيدة في قطر هي الدولة التي تفرز طبقاتها. قفز الاقتصاد القطري من الرعي والغوص
إلى النفط. واستعاض لسد هذه الثغرة الانتاجية بالعمالة الأجنبية الاسيوية بالذات بكثافة كبيرة وباقتصاد التوكيلات التجارية التي أصبح ملاكها فيما بعد يمثلون طبقة برجوازية حملت في ثناياها بوادر وآمال طبقة وسطى هشة. لم يمر الوعي الشعبي كذلك بمرحلة تصورات لما قبل الدولة، الوعي السياسي الوحيد للمجتمع هو وعي الدولة نزولا إلى المجتمع. مجتمعات الخليج معظمها متشابهة في هذا المجال إلا أن بعضها كالكويت مثلا كان للتجار دور كبير بل واصبحوا طبقة وشاركوا في بناء الدولة مع الشيوخ. وأنفردوا بالتجارة مقابل الحكم للشيوخ حتى عهد عبدالله السالم "عبداللطيف الدعيج. جريدة القبس الكويتيه". قطر لم تكن مركزا تجاريا في أي نوع من أنواع الاقتصاد التقليدي كانت ممرا للسفن وتعاني من ندرة في السكان وأهلها أهل غوص وصيد وهذه المهن لا تساعد على إقامة طبقة التوفير والاستهلاك الذاتية التي تكون بالتالي الاستقلالية الفكرية والمادية. هناك بعض العوائل القطرية التجارية إلا أنها محدودة وأرتبطت بتجارتها مع الدولة لضعف المجتمع وضعف موارده المادية وصعوبة استمرار تجارتها دونما إحتواء ومشاركة من الدولة. هناك اساسا تجار ولكن ليست هناك تجارة من دون الدولة وبموافقتها. هذا الشكل السياسي لأولوية الدولة على المجتمع أعطى الدولة في قطر ميزة قد تفسر ريادتها اليوم وسرعة تحركها في المحافل الدوليه والإقليمية. أن تقوم الدولة بتشكيل المجتمع وتنظيمه والتحكم في طبقاته ليس نمطا شائعا في علم الاجتماع السياسي الذي يشير إلا أن الدولة أساسا تمظهرا لإرادة المجتمع وشكلا من أشكال وعيه السياسي. تحول إجتماع القطريين إلى مجتمع بإرادة الدولة فضرورة إقامة الدولة في حينه لم يكن لينتظر الأمور لتصبح في سياق قيام الدولة التاريخي من تحت إلى أعلى. إدماج المجتمع في الدولة بحيث تصبح دولة المجتمع وحصر جوانب التسرب في العلاقة بين الطرفين وزيادة المشاركة وإرساء القانون كمرتكز للدولة وللمواطن باستقلالية، كفيل مع الوقت لإصلاح الخلل وقيام كل من المجتمع والدولة بدوريهما الفاعلين.