الخميس، 6 أبريل 2023
من سرد التجربة الى نقدها"ندوات رمضان"
بصمة وزارة الثقافة على رمضاننا هذا العام واضحة كل الوضوح ، اذ سيرت جنباً الى جنب مع معرض الكتاب الرمضاني الذي كان انجازاً يحسب لقيادتها الشابه، سلسلة من الندوات ذات طابع واقعي معاش، من خلال استضافة قيادات ادارية وسياسية كان لها تاثيراً كببراً في فترة من فترات هامة في تاريخ الادارة والوزارة في بلدنا الحبيب. ولي هنا بعض الملاحظات اود ان اوجزها في عدة نقاط؛
اولاً: القيادات التي تم استضافتها، بلا شك قيادات لها تاريخ مشرف سواءً مجال التعليم او النفط او العمل الخيري او مجال الاقتصاد والمالية، او المعمار والهندسة
ثانياً:اتخذت هذة الندوات نهج السرد التاريخي وهو شيء مطلوب وجميل ولكنه لا يظهر سبب التحولات ولا يبرر حصولها سواءً قبل تبوأ هذا المسؤول او ذاك المنصب او بعد خروجه منه.خاصة اذ لا يوجد استقالات تذكر عبر تاريخ الوزارة في قطر . من هنا يبدو ان المدخل الحقيقي للتجربة هو النقد لا السرد
ثالثاً: الذي كثف من نهج السرد" هي سلبية الحاضرين من المستمعين الحاضرين ، وعدم تفاعلهم مع المحاضرين تفاعلاً ثقافياً بقدر ماكان تفاعلاً اجتماعياً الأمر الذي صبغ هذا السرد بطابع "بطولي" أوفردي
رابعاً: كان من الاجدر أن يكون بعضاً ممن حضر من موظفي الحقل نفسه من أهل الاختصاص او معاصري تلك الحقبة ممن لهم علاقة مشتركة سواء ، كوادر تربوية او نفطية أو اقتصادية او غير ذلك من الجهات الاخرى في ذلك الوقت الذين عايشوا التفاصيل عن قرب لعل السرد يتحول الى حوار مع المحاضر أوربما في تطور لاحق لمجتمعنا الى نقد ذاتي وبناء يدفع ويحث المحاضرالمسؤول لنقد تجربته بدلاً من سردها.
خامساً:لماذا نحتاج الى نقد التجربة اكثر من سردها؟ حتى يمكن للمتابع او المراقب او حتى المجتمع تقييم كل تجربة بوضوح وبمؤشرات واضحة، ان يتحدث الوزير عن تجربته ليس ان يذكر ما فعل وحقق فقط وانما ماذا كان عليه ان يفعل ولم يفعل ؟ماذا الذي حد من طموحه لتحقيق ارادته،ما اخطاء مرحلتة وجوانب القصور فيها ،وليس هناك تجربة بلا أخطاء, ملف التقطير في وزارته ابان عهده؟ إعداد صف ثان؟ولماذا تم التحول في سياسة الوزارة بعد رحيله، طبعاً من الصعب على المرء ان ينقد ذاته في مجتمعاتنا،ولو لاحظنا أن اسئلة الحضور كانت توجه للمحاضرين وكأنهم لايزالون على وظائفهم السابقة, اشترك الطرفان في العقلية السردية وهي عقلية لاتكترث بالنقد الذاتي البناء
سابعاً: مرة اخرى شكراً لوزارة الثقافة ولوزيرها الشاب، في تحريك المجتمع نحو الفعل الثقافي ودفعه نحو التفاعل البناء والبدء من الواقع وصولاً للنظرية ، بدلاً من الاسقاط النظري على واقع متغير
الأحد، 2 أبريل 2023
المسلم الأخير
جسده آية؛ كل ما فيه ينبض ببساطة الإسلام، قلبه سليم، قرآنه إنسان كرَّمه الله، يؤدي فروضه، يرعى جاره، يُحسن إلى الفقراء والمحتاجين، يتعامل مع الجميع بمسطرة الإنسانية، لا يهمه بل ربما لا يعرف عقيدة صاحب المتجر الذي يشتري بضاعته منه، كل أهل الفريج مسلمون في نظره، لا ينوي على شر، ولا يكتنز حقداً، ولا يحمل حسداً. يفتخر بتاريخه ويعتز بلغته، بيئته طاهرة، مجلسه فواح برائحة الأخُوة، الإسلام عنده واضح وبسيط، قلب سليم ومحبة ورحمة، لا يحتاج إلى تصنُع، ولا إلى التكلف ولا إطالة اللحى، ولا إلى شيخ يقلده أو مطوع يلبس جلبابه.
يؤدي واجباته الدينية وكفى، ويقوم بحاجاته الدنيوية بإنسانية لا تعاني من ضغط مهما كان نوعها دينية كانت أم اجتماعية.
في المسجد لا يستمع إلى خطبة إيديولوجية تحت شعار ديني، لذلك عالمه ليس منقسماً ولا يعاني من الانشطار النفسي، خطيب المسجد عنده موظف إذا لم يدرك شيئا من عادات المجتمع وقيمه وسلوكياته أرشده وعلمه.
يرى الخير في جميع الناس، لم ترد إلى سمعه كلمة التكفير بعيد، إذا غم عليه شيء أو استشكل عليه أمر سأل أحد المشايخ القريبين والمعدودين عنه، كان ينشر الدين عمليا، ويحبب فيه الغريب تعاملاً، وطنه ليس مجالاً للمساومة، إسلامه ليس على حساب وطنه، ولا وطنه مشروعاً أصلا لانتهاك إسلامه.
، يدرك أن الإسلام الحقيقي ليس في تضاد مع قوميته العربية، لم يخلط بين الفكرة والتطبيق، كان حصيفا رائعا، لأن إسلامه إنساني، لا يعمم، ولا يتهم، ولا يبحث في النوايا والسرائر، آذانه بسيط بلا ميكروفونات صاخبة، وصلاته بلا بروفات، كان مرتفعا إلى مستوى الدين، ولم ينزل به إلى مستوى نزعات النفس البشرية وشهواتها، نسخة أصل أخيرة لمسلم أدرك ان العالم يحتاج الى الاسلام , كما يحتاج الاسلام الى العالم, لم يعد يدرك ماذا حصل بعد ذلك أصبح موضوعاً بعد أن كان ذاتاً ومشروعاً بعد أن كان أصلاً وتراكماً بعد أن كان بدايةً وسلعةً بعد أن كان إنساناً, وهواناً بعد أن كان كرامةً على من يلقي باللائمة على قصور الاسلام أم على تقصير المسلمين ؟
جمال القصر وجلال القبر
الإنسان جميل, أما الموت فهو جليل , نشعر بجمال الحياة, ونشعر بجلال الموت حين يتخطفنا
نبحث عن الرفاهية في حياتنا , في المسكن والاقامة في أحياءئنا وفي مدننا ولكن تحمل نفوسنا ترسبات وصور ذهنية موحشة عن المقابر مكان إقامتنا وسكننا الابدي لاتتناسب وجلال الموت فهي ذلك المكان المقفر الذي تسكنه رائحة الموت والعشوائية لا زلت اذكر مقابراً في الريان اندثرت وبعضها ترك حيناً من الدهر ملاذاً لا تسكنه سوى الريح واكوام التراب ، حتى مقبرة الريان الكبيرة حتى وقت قريب كانت تراكم عشوائي بسور من الحجر متآكل ، الا ان تنبهت البلدية الى ذلك
مقابرنا تعكس نظرتنا تجاة الموت. افق ممتد موحش وجاف ، يقذف به في اطراف المدينة خوفاً على الاحياء من عدوى الالتحاق سريعاً وكأن الموت مسافة وليس لحظة حيث يستحسن ان يكون من اللامفكر فيه حتى يتحقق . كنا نمر على القبور في اوروبا حين نستقل القطارات وكأننا نمر بحديقة، بشواهد واضحة ومرقمة وتحيط بها الورود، هذة نظرتهم الى الموت ، عندنا
لا شواهد لا نبات، خوفاً من غضب السماء، حسناً عملت السلطات موخرا ً بالسماح بالترقيم وكتابة الاسماء كما قيل ، ليست هناك مدينة لا يسكنها الموت، الموت شىء والاموات شىء اخر،
الموت مصير واستئناف لما بعده، اما الاموات فهم نحن البشر الذين هم موضوعاً لهذا المصير، وكما يختار الاحياء اماكن سكناهم ارتياحاً ،في حياة كم هي قصيرة مهما طالت ، فما بالك بحياة طويلة حتى البعث وما نؤمن به ، قد لا نستطيع ان نزرع ورداً، لكن لا اقل من ان نخلق وضعاً يخفف من غلواء نظرتنا الى الموت ، مقابرنا ليست سوى انعكاس لصورة الموت في اذهاننا ، على الرغم من انه القاعدة والحياة هي الاستثناء، وعلى الرغم من ان ديننا يجعل منه مرحلة من مراحل الحياة الابدية الا ان ثقافتنا عجزت عن مواكبة عقيدتنا، علينا ان نحتفي بالمدينة ونقيم عدلاً بين من سكنها احياء كانوا ام من الراحلين الاحتفاءوالاهتمام ببيت وسكن يليق بالرحيل الابدي أكثر عقلانية من الاحتفاء بسكة سفر وعبور
الدنيا خيال في لباس حقيقة أما الموت فهو الحق وإن غاب عن أعين الخلق
الحقيقة...إتفاق
المجال الانساني ليس موضوعاً للحقيقة، هو مو ضوع للتداول،الحقيقة مجالها الطبيعة والعلم الطبيعي وهي تخرج من المختبر ، في الحياة الانسانية الحقائق نسبية، ومتغيرة وغير ثابته ماعدا الموت الذي ينتهي اليه كل استقراء لا محالة، الصراع حول الحقيقة هو من سمات المجتمعات المتخلفة، بينما الاتفاق على الحقيقة مظهر من مظاهر المجتمعات المتحضرة، دعنا نجلس على طاولة مقهى صغير ونتفق على ما يجعل من وجودنا وجوداً فعال ومنتج هنا نحن نصنع حقيقة، دعنا نجتمع على ان الاختلاف مظهر اجتماعي ايجابي. ويزيد من ثراء المجتمع هنا نحن نصنع حقيقة، دعونا نتفق على ان الاديان ارسلها الله رحمة للعالمين، هنا نحن نحقق السلم الاجتماعي وهو حقيقة الحقائق الكبرى، يشير عالم الاجتماع الايطالي جياني فاتيمو، الى ان الحقيقة لا تتنزل كاملة وانما تتطور بتطور المجتمع ونضوج افراده بمعنى انها تاويل افراد المجتمع لوجودهم الاجتماعي ، ما احوجنا ان نجتمع ونلتقي لنصنع حقائق وجودنا الانساني ، كل منا يحمل جزءاً من الحقيقة، لكن لا احد منا يمتلك الحقيقة ، حتى الحقيقة السماوية تتعدد بعدد فهومات كل من تنزلت عليهم، لا تبحث عنها في الخارج هي في داخلك ، ابحث فقط عن شروط تحققها في الخارج ومع الاخرين ولا يتم ذلك الا عن طريق الجلوس والاتفاق حولها ، فمجتمع التواصل هو المجتمع الذي تسكنه الحقيقة والقادر على تصريف طاقتها نحو البناء لا الهدم والتدمير
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)