الجمعة، 9 سبتمبر 2016

عن جيلنا الذي لم يعرف الكراهيه






جيلنا لم يعرف الكراهية , لم يعرف الفرز , نتعامل بالأسماء , نتفاهم  بالمشاعر العربية الواحده بعيدا عن أي هوية ضيقة أخرى أذكر أنه في الفصل الدراسي  لشهادة الثانويه لعام73-74  م في مدرسة  الاستقلال الثانوية  في فصلنا  عدد من الاخوة الافاضل  من اصحاب الديانة المسيحيه أذكر منهم , الاخ بيتر أميل حنا والاخ مانويل بشارة وأخيه سليم بشارة وهناك أيضا   الاخ نائل فؤاد حماده,وأعتقد أنه مسيحي الديانه  كذلك,على كل حال, هؤلاء كانوا من أعز أصدقائي  وأكثر الطلبة مرحا وسرورا وابتهاجا داخل الفصل وخارجه , لاأذكر أن أحدنا قط قد خاطبهم  ولوجا من ديانتهم , لم أستشعر ديانتهم  كمحدد للعلاقة معهم  اطلاقا  بالاضافة كان هناك إخوة لنا من الطائفة الشيعيه  لم يكن ذلك  أمرا ننتبه إليه , ولم نكن نعلم ولانبحث  عن ذلك قبل سريان حمى الكراهية التي إجتاحت المنطقة بلا هوادة, أذكر ان الاخوة المسيحيين كانوا معفيين من حضورة حصة الدين  , وكان ذلك أمرا عاديا  لم ينتبه اليه حد  بحكم  الشعور الانساني السائد والشعور القومي العربي الذي كان  محددا أكثر ثبوتا من غير من اشكال المرجعيات الصغرى الآخرى.لم يعرف جيلنا الكراهية كما  يستهلكها يوميا جيل اليوم بكل يدعدوا الى التقزز والنفور, في تلك الاثناء  كانت حرب إكتوبر 73  حيث كنا نلتئم   حول المذياع نتناقل أخبار الحرب على الجبهتين  السورية والمصريه ونردد الله أكبر بما في ذلك الاخوة العرب أصحاب الديانة المسيحيه   الاديان لاتعرف الكراهية إلا حين يجهل طبيعتها أبناءها  كان نظامنا التعليمي   إنعكاسا  لتطلعات الأمة  وأمالها وتطلعاتها, لاأعرف أين ذهب هؤلاء الزملاء بعد ذلك , لكنني على يقين أنهم  عاشوا معنا عصرا جميلا من التآخي يصعب اليوم إعادته .فاللاخوة المسيحين العرب عبر التاريخ   دور مجيد في تاريخ العرب والاسلام بل أن الكثير منهم قد آمن بالإسلام كهوية  جامعة لعروبته ومسيحيته فهاهو الاديب السوري ميشيل المغربي المتوفي في عام 77م ينشد قائلا

لاعيد للعُرب إلا وهوسيده                               عيد الرسول الذي فخرا نُعيده

هي العروبة لاينهد حائطها                               مادام دين رسول الله يسنده

وكذلك الشاعر اللبناني بشارة الخوري المعروف بالشاعر "القروي  " يقول مادحا الرسول  صلى الله عليه وسلم

   فإن ذكرتم رسول الله تكرمةً                                فبلغوه سلام الشاعر القروي

 كذلك ميشيل عفلق مؤسس حزب البعث العربي في مقال له بعنوان "في ذكرى الرسول العربي" يقول

إن حركة الاسلام المتمثله في حياة الرسول الكريم  هي الهزة الحيويه التي تحرك كامن القوى في الأمة فتفيض على الامم الاخرى فكرا وعملا"

نحن اليوم  مع الاسف نعيش بين كراهيتين , كراهية  داخل الدين الواحد وكراهية مع الآخر المختلف دينيا, وبدأت أجيال الكراهية تتناسل حاملة داءها في ردائها أرجو أن نتبه لذلك قبل فوات الأوان .

الثلاثاء، 6 سبتمبر 2016

إعلامنا والبوصلة الضائعه




الاشكالية في إعلامنا أنه يخلط  بين الذات والموضوع, بين المجتمع والحكومة , فهو ينطلق من رؤية الحكومة ك" ذات" ليفترض في الموضوع "المجتمع"أن يكون إنعكاسا لها   أو ضرورة العمل بشكل يجعله في توافق معها , فالموضوع " المجتمع"ليس مدركا مستقلا  أو أن له وجود خارجي مستقل    ولهذه الرؤية تبعات بودي لو أتناولها:

أولا :  يصبح الاعلام تبعا لهذه الرؤية الى مجرد أداة تنفيس لاأكثر  عن كل إحتقان يعاني منه المجتمع وليس بحثا عن حلول  عن مشاكله ومما يعانيه.

ثانيا: يشيع نمط من البرامج الحواريه المبستره  , كما شهدنا في برنامج سابق  "لكم القرار" أو البرنامج الأخير "بصراحة" مع تقديري لكفاءة  المقدمان الشابان,

ثالثا: كل تحديث ثقافي هو بالضرورة تحديث إعلامي وليس كل تحديث إعلامي يمكن أن يكون تحديثا ثقافيا, فالإطار موضوع الفعل هو الثقافة, فنحن كمن يصنع الصنم ثم يبحث عن عُباده.

رابعا:هذا التوجه يخلق نفاقا إجتماعيا ملحوظا , كمن ينتقد الوزارة  ويمدح الوزير في آن واحد,  أو كمن يحمل وزارة معينة تبعات الفشل وينسى أن مسؤولية مجلس الوزراء مسؤولية تضامنيه .

رابعا: هناك لبس بين مفهوم الحكومة ومفهوم الحكم , يرسخ إعلامنا هذا اللبس يوميا , الحكم هناك إتفاق مكتمل عليه و لكن الحكومه موضوعا للإنتقاد لأنها مجال التنفيذ .

خامسا:يفتقد إعلامنا  لفكرة الاعلامي المستقل أو الصحفي المستقل فالبالتالي لايبدو إعلاما للراي بقدر ماهو إعلاما  لردود الافعال وكذلك الصحافة كتاب الرأي لايتعدون اصابع اليد الواحدة.

سادسا: لايمكن الإيمان بمصداقية البرامج التراثيه والشواهد  المادية تزال بتواتر مستمر من هنا تصبح الانتقائية واردة ومحتمه.

سابعا:إستسهال مجال الاعلام  وعدم إدراك خطورته,  الاعلام أيها الاخوة فكر , والاعلامي بالضرورة مفكر , عندما إنتقل الشعر من دائرة الفكر الى دائرة اللفظ  جر ذلك الى تخلف الأمة, وهذا ما يقوم به الاعلام اليوم واعلامنا في المقدمة في تحويله من فكر إلى لفظ ويمكن ايضا ملاحظة أن أكثر الاعلاميين"  هم من الشعراء.

أنا على يقين بأن مجتمعنا القطري يملك الكثير من المواهب والقدرات  بشرط أن يترك ليعبر عن ذاته  فهو أكثر إيمانا بقيادته   وأكثر إيمانا بعروبته وإسلامه , فالحل في ترك بذور المجتمع المدني تنمو  أو استزراع مايمكن إستزراعه منها.