تواجه المجتمعات الخليجية بالذات أزمة هوية بإستمرار , حيث أن شعوب هذه الدول أقلية وفي طريقها الى التنمية تحتاج الى قوى عاملة لاتتوفر محلياً خاصة بعد إكتشاف النفط والغاز فيها وهما عنصري طاقة يحتاجه العالم بإسرها ومصدراً للثراء الاقتصادي والرخاء الاجتماعي فبالتالي أصبحت هذة الدول قبلة للباحثين عن فرص للعمل والاستيطان من الدول المجاورة وحتى غير المجاورة, واصبح من ضروريات التنمية في هذة الدول السعي لجلب الخبرات والايدي العامله المدربة في جميع المجالات من الدول العربية الشقيقة وغيرها من البلدان, ومع مرور الوقت حصل هؤلاء المقيمين على جنسية هذة الدول وسعى الباقي كذلك للحصول عليها وتم تجنيس الكثير منهم وقد احتاج الامر الى تقنين لعملية التجنيس بما يحفظ الأمن والاستقرار , لاأريد الاسترسال هنا لأنه ليس موضوع هذة المقالة , ما أود التركيز عليه هنا قضية الهوية, التي طالما شغلت بال المواطن في هذة المنطقة من العالم , ودائماً مايطرح سؤال كيف يمكن أن نحافظ على هويتنا ؟خاصة أن التوجه العام لاستيعاب الجميع تحت مظلة واحدة أساسها في دولتنا "كلنا في قطرأهل" كما أشار سمو الأمير خاصة بعد الاستفتاء الاخير على التعديلات الدستورية التي تفضل بها سمو الامير وصوت عليها الشعب بنسبة تزيد على 90%. واصبح كل من يحمل الجنسية القطرية هو قطري , فبالتالي تصبح الهوية القطرية الجديدة تحمل في طياتها ,صور التجدد الذي حصل بعد الاستفتاء الذي وقع عليه سمو الامير, وهنا أريد أن أقارب هذه القضية بالقول أن الأصل تستنسخ منه صور وليس هناك صورة بلا أصل ومع تراكم الصور تصبح هذه الصور بمرور الزمن هي الاصل كذلك , فبالتالي كل قطريُ هو بالضرورة قطري بالاصل لأن الاصل ليس سوى موضوعاً للزمن وحيث ان الزمن غير ثابت ومتحرك باستمرار فالأصالة كذلك تصبح أمراً متحركاً معه بمرور الوقت وتراكم السنين , مع الاحتفاظ بما يشعر به المجتمع أنه حقاً معنويا في حدوده الدنيا دون المساس بمفهوم العدالة والمساواة . إن هذا التراكم لكي يكتمل في تجسده في الواقع يحتاج الى هوية جامعة مفهوم الاصالة فيها أكثر شمولاً ليحتوي قطر اليوم بعد التعديلات الدستورية آنفة الذكر , فلايصلح هنا مفهوم الهوية الثابت والمتجمد زمنياً حتى يشمل هذا التحول الاجتماعي والديمغرافي والزمني فلابد إذن من هوية جامعة تلتقي على مصلحة أكبر من مصلحة الفرد أو الجماعة أو الاقلية انها مصلحة الوطن والوطن هو السطح الذي يعيش على أرضه الجميع فنحن بحاجة الى هوية " السطح " أو هوية "الآن" التي تشمل الجميع ككيان داخل الوطن بعيداً عن الفروق الصغيرة والتواريخ الصغيرة أمام تاريخ الوطن ومستقبله , هوية ترتكز على المصلحة العامة والمصير المشترك ومحبة النظام والولاء لسمو الامير القائد
الجمعة، 22 نوفمبر 2024
الأربعاء، 20 نوفمبر 2024
جائزة سمو الأمير ومغزى "التميز"
جذبت إنتباهي كلمة" تميز" في مسمى جائزة سمو الأمير لمكافحة الفساد لذلك سأحاول أن اقاربها فلسفياً لأنها تعطي معنىً قد لاينتبه له الكثيرون في القصد والهدف من جائزة سمو الأمير المفدى.
أولاً ليست هناك دولة في العالم أجمع تخلو من الفساد, لن أدخل في تعريفاته ولكن سأقفز الى نقيضه ومترادفات هذا النقيض وهي كثيرة منها على سبيل المثال , نزاهة, نقاء, طهارة.... وكلها لو لاحظنا سنجد انها تأتي من ملكوت أعلى من عالم البشر, الذي نعيشه بكل نقائصه, من هنا يصبح وجوده لازماً وضرورياَ لاستمرار جدلية الحياة وصراع الخير والشر فيها , لامعنى لطهارة دون وجود نجاسه, ولامعنى لنزاهة دون وجود دناءة وهلم جرى فبنقيضها تعرف الأشياء.
من هنا أستطيع أن ألمس مدى ملائمة كلمة " التميز" لجائزة سمو الامير المفدى لمكافحة الفساد, فالموضوع ليس فقط مكافحة الفساد وانما التميز في هذة المكافحة , على إعتبار الفساد هو القضية واللافساد هو نقيض هذه القضية والمركب الثالث الذي ينتج من القضية ونقيضها هو التميز أي خلاصة الجهد البشري المبذول إنسانياً في مواجهة الفساد وليس القضاء عليه , مع انه هدف اسمى تسعى البشرية كلها لتحقيقه . رداً على البعض الذي يحتج حين يقول كيف نكافح الفساد ويوجد عندنا فساد بل أنه موجود في كل مجتمع بشري ؟ وجود الفساد لايمنع من مكافحته ليس فقط مادياً وإنما إنسانياً بل الهدف هو الارتقاء بالانسانية الى مستوى ذلك فالتميز صفة إنسانية فيما يتعلق بإعلاء القيم السامية في المجتمع, التميز يعني أن ترتقي بإنسانيتك الى مستوى الطهارة في البدن والجيب وفي السلوك, التميز يعني أن تحارب هوى النفس وغرور الوظيفة وكبرياء المنصب , التميز أن ترتقي إلى مستوى الوقوف أمام عتبة الله غداً وصفحتك بيضاء,جائزة سمو الامير في التميز في مكافحة الفساد , جائزة أخلاقية إنسانية , تدل على هدف عظيم يسعى سموه لتحقيقه ما أمكن الى ذلك سبيلاً, جائزة سمو الأميرمن أهم صادرات دولة قطر إلى العالم , نحو عالم يخلو من نوايا الفساد , الفساد قد يحدث عارضاً وهو يحدث بلاشك , لكن التميز إن لايحدث إنطلاقاً من نوايا سابقة وإصرار قد بُيت, مفردة" تميز" لها دلالة كبيرة وعظيمة في موضوع يبدو أنه قدر العالم أن يعيشه ولكن بالضرورة ليس قدر العالم أن يستنقع فيه بل أن يتميز إنسانياً في مكافحته وتفكيك ما أمكن من استقراره في النفوس وكسر حلقة تبرير حتميته بإرتقاء وإعلاء حقيقة الانسان على مادونه من نوازع الشيطان.
شكراً سمو الامير المفدى على تصدير هذة القوة الناعمة للعالم من خلال جائزة ليس فقط لمكافحة الفساد وإنما للمتميزين في ذلك إعلاءً لقيمة الانسان على ما سواها من القيم الاخرى, شكراً لكل من عمل وساهم في إيجاد هذه الجائزة