نتمنى ان تُعقد القمة الخليجية هذا الأسبوع ونجد مخرجا لهذة الأزمة الطاحنة التي تهدد
وجودنا كدول , وسط هذا الحزام الملتهب من العالم ,لست في موضع لإعادة أسباب هذة الازمة وما قيل عنها وماتكشف
من أسرارها حتى الآن , فأنا اعتقد
أن ما قيل وكُتب ومانشر في وسائل الاعلام والاتصال الاجتماعي شكل حالة من الغثيان والكآبة للمواطن الخليجي والعربي لم
يشعر بها ونحن في أوجع الهزيمة والانكسار أمام الصهاينة وإغتصاب المقدسات وإنتهاك
الحرمات ,ولاأحتاج ان اشير الى ماحدث للعراق من غزو ولا في التفريط في البُعد
العربي , ولا في أحداث الربيع العربي وما
لحق ذلك من تطورات, أريد فقط أن أوضح
بعض النقاط الخاصة جدا بهذة الازمة الخليجية التي لم يسبق وقد شهد خليجنا سابقة لها ليس على المستوى
السياسي وإنما على المستوى الاخلاقي والاجتماعي كذلك , أريد أن اضع حقائق
أمام قادة المجلس لم تكن في السابق تلوح في \هنية المواطن الخليجي
بشكل مُلح كما هو الحال الآن:
أولا:أسقطت هذة الازمة ستار
الخوف بين المواطن والحاكم وأصبح الحااكم أكثر حاجة الى المواطن من ذي قبل
, فأصبحنا نسمع لغة جديدة فيها طلب
فعال مدعوم بوسائل الاعلام الخارجية ووسائل
الاتصال الجماهيري , وبالتالي أصبحت
ممارسة العنف من قبل السلطة تحت أنظار وأسماع ضمير العالم أجمع , مما قد يصل الأمر حتى الى التدخل الخارجي في شئون هذة
الدول .
ثانيا: أنبهر المواطن الخليجي أمام
ماكان معلنا وماكان خافيا طيلة نصف قرن تقريبا منذ إنشاء المجلس , كنا نسمع
تنمية وخطط تنموية وأنكشف الأمر عن حرامية مال"عام" لم يشهد لها التاريخ
مثيلا , إلى درجة أنه يُخير الواحد منهم بين حريتة أو إعادة ما سرقة من أموال الشعب.
أنا على يقين ان مثل هذا الأمر سيزيد من إصرار المواطن على كسر أي صورة سابقة ذهنية عن قداسة إجتماعية لأي أسرة
حكم وبذلك قد ستنشأ موجة من الراديكالية في
المستقبل القريب تتعدى العلاقة بين المواطن السابق وحكامهُ من الاجيال التي سبقت.
ثالثا: بدا واضحا تآكل بنية
الاسر الحاكمة من داخلها نظرا لاختفاء التهديد الخارجي لها من جانب المجتمع, وهذا
أمر طبيعي يشهد به تاريخ الممالك والدول
الوراثية حيث من الصعوبة الابقاء
على السلطة منتشرة ومتفق عليها بين
أفرادها طالما ليس هناك مايهدد وجودها من
الخارج و دونما نظام دستوري وقانوني يحفظ
لها الاستمرارية والبقاء,والصراع الواضح
في الاسرة السعودية يبدو فاقعا بينما النظام في ابوظبي يخفي صراعا
داخليا يمكن تلمس آثارة , أحدهم سيسأل
وماذا عن قطر , أجزم أنه ليس هناك صراعا على السلطة في قطر وأثبت الحصار الجائر
والثقيل ذلك بحيث يستطيع الشيخ تميم أن
ينزل الشارع دونما حراسة وسط جميع افراد
الشعب والمقيمين كذلك دون اي تقرب أو وجل
أو خوف عليه وقد حدث ذلك مرارا., ذكرت هذة الجزئية حتى أكون منصفا قدر الامكان لاأكثر. أما الرقابة على المال العام فجميع دول الخليج لابد لها من آليات فاعلية ورقابة شعبية عليه دون إستثناء.
رابعا: في حالة عدم حل هذة الازمة
أو إستمرارها أو تحولاتها
بشكل سلبي , سيصبح أمام
قادة الخليج طريقين أثنين , ولن
ألجأ لضرب الامثال من الدول
المتقدمة والمتطورة في أوروبا أو أمريكا
أو بعض دول آسيا ولكنني سألجأ الى أفريقيا , القارة الفقيرة سياسيا والاكثر سكانا ولنرى كيف كان دور القيادة الناضجة والقيادة المتهورة
سببا في شقاء شعب أو إسعاد شعب آخر من دول هذة القارة التي نضرب بها المثل في
التخلف جهلا خاصة في الجانب السياسي.
خامسا:أمامنا الآن مباشرة نموذج روبرت موغابي في زيمبابوي وكيف كان بطلا قوميا لشعبة أيام النضال مع
المستعمر البريطاني, وكيف أصبح الآن بعد 37 سنة من الحكم الديكتاتوري الذي أدى الى
الثورة عليه وإرغامة على التنازل
والمحاكمة رغم بلوغة مابعد التسعين عاما من العمر, وهناك ايضا نموذج عيدي
أمين في أوغندا , وبوكاسا في أفريقيا
الوسطى الذين نهبوا ثروات بلادهم وتركوا
شعوبهم صرعى للجهل والمرض وفي المقابل هناك نموذج مشرف لقادة مثل نيلسون مانديلا
في جنوب أفريقيا , أيقونة الكفاح والنضال والتسامح والديمقراطية , هناك أيضا جوليوس نيريري في
تنزانيا وليوبولد سنغور في السنغال هؤلاء وعوَا دروس التاريخ وقرؤا
مسار الشعوب وتحولات الوعي لديها فأقاموا ثقافة تعددية
في مجتمعاتهم فخلدهم التاريخ
وأصبحوا في وعي شعوبهم رموزا لاتغيب.
سادسا: قادة الخليج اليوم أمام هذين الخيارين قبل فوات الآوان أما خيار موغابي ومن معه أو خيار مانديلا ومن تبعه ,
الشعوب لم تعد قادرة على التحمل أكثر , الارض تميد من تحت الارجل والمنطقة على شفا حفرة من نار, نسأل الله أن
يجنبنا وقادتنا السقوط فيها , خيار التعددية والمشاركة لم يعد وعدا كمواعيد "عرقوب" , علينا العمل بجد ,
وهذة القمة فرصة لو وضعنا الاحقاد جانبا وتركنا
الماضي خلفنا وأن لانطلق أحكاما على التاريخ بدلا من أن نتعلم منه.
سابعا: من حسن الطالع أن يكون رئيس القمة رجلا من نوع قادة أفريقيا
المميزين الذين ذكرتهم مانديلا وليوبولد
سنغور ونيريري , قائد يمتلك خبرة سياسية
كبيرة وبلده يمتلك دستورا وسلفة الاول أنشأ مجلسا منتخبا للمشاركة السياسية , كل
هذة عوامل مشجعة لأن تحتذى , علينا أن
نستخلص العبر من التاريخ والتجربة من الكبار
وأن نستمع لصوت العقل لا الى تغريدات الجهل , من المؤسف ان نعود بالقبيلة
الى أسوا مافيها من عصبية, وهي تمتلك
مجالا خصبا من المميزات الايجابية , أن هؤلاء القادة التي ذكرت ينتمون الى
قبائل لوإجتمعت لغطت أرض الجزيرة العربية من حضروت حتى وسط الشام , لكنهم إستخدموا
قيم القبيلة الايجابية ونحن هرعنا الى استخدام قيمها السلبية الت سبقت كل دين وكل
دستور.
ثامنا: أدعو الله أن يجمع شملنا وأن يجعل من لقاء الكويت المرتقب
بداية لعقلانية جديدة ولقادة جدد في النظر الى الامور من منطلق المصير المشترك وأن
يضعوا نصب أعينهم يقظة شعوبهم وإمكانية أن
تتحول هذة الشعوب الى بركانا مفاجئا كما كان الانزلاق الى أدنى مستوى اخلاقي وصلت
العلاقات البينية بين شعوبنا في الخليج أمرا لم يخطر على بال بشر ولم يتوقعه حتى
إبليس نفسه
اللهم أجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه" "