الثلاثاء، 2 يناير 2018

رياض "قطر" ذاكرة المواطن ومتنفس المٌقيم


   أتابع الحملة الشعبية  في وسائل الاتصال الاجتماعي وخاصة "تويتر " تحت عدة هشتاقات مثل ,"  إنقذوا بر قطر" أو إنقذوا رياض قطر" إلى آخر ذلك من هشتاقات .  لغير المتابع أو للآخر الاجنبي  سيعتقد ان ضرراً بيئيا طبيعاً سيلحق بهذا البر وتلك الرياض, ومن عاش منا قبل عقود يذكر  حملة "إنقذوا معابد  أبوسنبل" في مصر التي أخذت بُعداً دوليا وتدخلاً من قبل المنظمات الدولية لإنقاذ هذة الآثار العظيمة من  فيضان نهر النيل , وأصدرت مصر طوابع بريدية  وحملات إعلامية  للعمل على حمايتها  وقد نجحت  كان ذلك في الستينيات  من القرن المنصرم , الوضع عندنا ألان في قطر والحملة الاعلامية في وسائل الاتصال الجماهيري  ليست لإنقاذ بر قطر ورياض قطر من السيول مثلاً أو من فيضان البحر  أو حتى من وسائل التعرية , الحملة  لانقاذ هذة الرياض وهذا البر وهذة البيئة المحدودة  من "مصنع للدجاج "  يهدد بإزاحتها  وطمسها عن الوجود , وهو مشروع حيوي وهام  واكد الحصار اهميته  وهناك مشروع لطرح الشركة  الخاصة به للإكتتاب العام للجمهور , لكن  من المفترض ان لاتكون تكلفته  على حساب الانسان والبيئة  والارض التي تشكل رئة ومتنفساً لاهل قطر , شاهدت صوراً لعدد من الرياض المهددة , الحقيقة  أنه   مؤثرة جداً مجرد التفكير في إزالتها أو تحويطها أو حتى استملاكها , عانت بلادنا خلال العقود الماضية  من عشوائية  في استتخدام البر  أما لإقامة كسارات  أو أن تكون مُكباً  لمياه المجاري  خسرنا جنوب الكرعانة  من اجل الصرف الصحي  والنخش  كمصنع للاسمنت  والبرثة  وغير ذلك  من أراض خصبة  وبيئة طبيعية  تسكنها الطيور والارانب , كنا نقنصها ونحن صغاراً  ونستمتع بجمال قطر  نعم قطر "جميلة " بل جميلة جداً لو وازينا بين التنمية  والطبيعة ,قطر جميلة  لو أدركنا ان التنمية تخدم الانسان  فبالتالي لايجب أن تكون على حساب نفسيته  وبيئته , قطر جميلة  لو أدركنا أنه لم يتبقى للقطري مايستشعر به ذاته وقطريته سوى هذه الأماكن وتلك الرياض , قطر جميلة لو إستشعرنا ألم غياب  الذاكرة  المتبقيه للقطري المتمثله في ماتبقى من  بر ومن  رياض ومن "مساطيح"   عاش ونزلها الاباء والاجداد, إذا كان هناك من يستشعر خطأ إزالة الفرجان التاريخية  في الدوحة  وإزالة جزء من ذاكرة المواطن  , فإن عليه أن يتذكر أن إزالة  هذة الرياض وهذه "القيعان" تعني إزالة  ومحو ذاكرة القطري تماما  , فهل تبحثون عن مواطن بلا ذاكرة أيها السادة . نقدر دور الدولة العظيم  في مواجهة الحصار ونقدر دور الحكومة الكبير في إيجاد البدائل بسرعة أذهلت العالم  ونقدر الاستعداد  لمواجهة المستقبل بكافة المشاريع  لكن علينا أن نتذكر  اننا نعمل كل هذا لمن ؟ اليس للإنسان  وصحته واستمرار عطائة  ووقوفه مع حكومته وقيادتة , إتركوا ماتبقى له من ذاكرة لايسرقها الدجاج ولاغيره من مشاريع  غذائية على أهميتها وضرورتها  اتركوا له  مساحة كان يصطاد طيرها  ويأكل أرنبها  واليوم فقط يهفو اليها كلما لمع بارقُ أو  سمع رعُدٌ أو وابلٌ من مطر يحي الأرض ,  وأفسحوا المجال  للمشاريع في أماكن أخرى  وتحت دراسات واقعية  ونفسيه واجتماعية  بإشراف  خبراء  من أهل قطر ومن غيرهم ,   دعوة هذه المرة لإنقاذ الانسان وليس البنيان , لقد إنتصرت قطر على الحصار بفضل الله ثم بفضل قيادتها وتلاحم شعبها , فلا أقل من أن ينتصر الانسان   "كطبيعة" على "الدجاج" كمشروع , فلايتصادم المشروع مع الطبيعة ولا تُطرح مقارنة بين الانسان الذي هو الهدف والدجاج الذي موضوعاً له كغذاء. بيئة قطر أمانة  لاتقتلوها بعد  أدميتم أطرافها , بيئة قطر تحتاج الى تضميد جراحها من عقود سابقة , بيئة تحتاج العلاج لامزيد من الاسفاف , بيئة قطر  يجب أن ينظر إليها من داخل نفسية "القطري" لامن خلال "قوقل"  وإحداثيات الخرائط.البيئة مشروع إلهي  لايجب أن يستبدل بمشروع صناعي إلا في حالات  ضرورة قصوى جداً  ولست أرى في المشروع الصناعي  المراد قيامة أية ضرورة قصوى في هذا المكان  التي تتجلى فيه طبيعة قطر في أحلى صورها. على كل حال , كلنا أمل في سمو الامير الشاب  رمز قطر تميم المجد وحكومته الرشيدة  أن يوقف النزيف  وأن يحافظ على  ما تبقى من ذاكرة  لقطر الرجال الأولين.

الاثنين، 1 يناير 2018

درس الحصار


 

 

أعتقد ان الحصار الجائر على قطر لابدأن يُدرس بشكل اعمق من كل الاطراف  سواء المباشرة , دول الحصار "المُحاصرة  أو دولة قطر "المُحاصَره".  لأن الحصار في حد ذاته ليس قضية , وإنما القضية الفعلية هي "الدولة" من حيث هي  دولة عالقه  , من هنا تبدو الاجراءات التي تتخذها الدول من حيث  هي دول عالقة  لاتستجيب  لفعل التطور التاريخي بل حالة من حالات  الوصول لمازق  وجودي يجب على الدولة أن تتجاوزه  أصلا , ولي هنا عدة ملاحظات:

أولا:بكل وضوح يظهر أن داخل الدولة  هناك  مراكز  وقوى   وتحالفات أقوى من الدولة ذاتها ,  ومن هنا تبدو ايضا وبوضوح كذلك  إشكالية الدولة العالقة  بين  قوى ما قبل الدولة من جهة  والدولة الوطنية من جهة أخرى,  فالحصار لم يكن قرار دولة وطنية  وإنما قرار دولة عالقة , لذلك راينا تكلفة عالية جداً على المحاصرين أكثر ربما  المُحاصر دولة "قطر".

ثانياً الدولة العالقة دائماً لكي تستمر لابد لها  من  افتعال المآزق   لوجودها الهش , لذلك يبدو العناد واضحا بشكل يمثل إجماعاً لدى الرأي العام الدولي أن دول الحصار لاتريد حلا قريباً على الاقل وصرح بذلك وزير الخارجية الامريكي والبريطاني وغيرهما من زعماءالعالم.

ثالثاً:التعاطف الكبير الذي  تَحصل لقطر وقضيتها  كدولة مُحاصرة  بغباء شديد وبإتهامات  لايمكن التثبت منها , لابد من الاستفادة من درس الحصار بشكل  أكبر من الافراد ومن القبيلة ومن الشعار , نستفيد منه على مستوى الدولة, والخروج بها من مرحلة  التعلق الى مرحلة التجسد  كدولة وطنية.

رابعاً: الدولة الوطنية التي أعنيها  ليست هي الدولة الوطنية في وعينا أيام الاستعمار, الدولة الوطنية التي أعني  هي الدولة الوطنية  أمام الخارج  ونحو الداخل أيضاً, من خلال مبدأ المواطنة والمجتمع المدني.

خامساً:الاحظ تراجعا ً واضحا في الوعي بين بداية الحصار  واللحظة الحالية فيما يتعلق  بمفهوم الدولة  بدأ قوياً    ثم بدأ وكأنه يتراجع أمام قوى ماقبل الدولة  سواء من أفراد أو من قبيلة, وهذه من طبيعة الدولة العالقة  وهنا أتكلم بصفة عامة عن الدولة العربية  سواء من دول الحصار أو من غيرها ,  وظهر بوضوح في المملكة حينما أستدعت الدولة القبيلة بشكل لم يسبق له مثيل من قبل  في ورقة الحصار , وهي الدولة  الاكثر تهديدا  من قبَل القبيلة لكون تاريخها تاريخ الصراع بين القبائل  حتى قرر الانكليز الوقوف مع إبن سعود. وهناك بعض الصور المحدودة  عندنا لتجيير  دور الشعب القطري التاريخي أو جزء منه في الوقوف في وجه الحصار بشكل يكرس وضعية ماقبل الدولة.
 
سادساً:في المقابل ألغت قطر هذا العام إحتفالات القبائل  وهو مؤشر جيد على الاستفادة من التلاحم الذي افرزه الحصار على الدولة , يبقى أن يُكرس وعياً مجتمعياً  وليس مرحلياً

سابعاً: إمتصاص الصدمات  يمكن أن يتحقق للدولة , ولكن لكي  تستفيد من هذا الانجاز لابد لها من البناء عليه وربما تونس تعطي مثالا جيدا لذلك بعد أحداث الربيع العربي , بينما الدول الاخرى   لم تحقق إنجازا  فسقطت في مأزق الدولة العالقة التي نراها اليوم في مصر  بوضوح وبصورة أسوأ وربما الى مرحلة ماقبل الدولة في ليبيا واليمن وسوريا الى حد ما.

ثامناً: كثير من المجتمعات العربية ضد الدولة  ولكنها ليست مجتمعات بلادولة, الاشكالية  كيف يمكن أن يسبق وعي الدولة وجودها في ذهنية المواطن؟ من هنا تبدو الدولة كمشروع "مواطنة" لم يتحقق حتى مع وجودها الفعلي , ومن هنا أيضاً تبدو الدولة العالقة  شكلاً لم يعد يلائم العصر , وأزمة الحصار هذة وحرب اليمن وإعتقال الحريري , تبدو إرهاصات  لمراحل متأخرة من حياة الدولة العالقة ,وتبدو السعودية كأكبر بلد عربي  الاكثر ترشيحاً لسقوط  نموذج الدولة العالقة  التي تمسك بالخارج بيد, بينما اليد الاخرى تُمسك بالداخل فكلما ضعفت يد الداخل عملت على  اطلاق يد الخارج في أي جهة كانت , المهم أن تمسك بقشة  أو بصخرة  لسرقة الوعي وتوجيهه نحو الخارج  .

تاسعاً الحصار فرصة للدول المُحاصرة أكثر من كونه فرصة لدولة قطر المُحاصرة, قطر ليس لديها  سجناء رأي ولديها إعلام حر, وقناة أصبحت  ملك للتراث الاعلامي العالمي اختلفنا أم إتفقنا, ولا يعني ذلك أن لانعيد النظر في أشياء كثيرة كما أشرت  سابقاَ في هذا المقال ,