الاثنين، 2 فبراير 2015
"العرب" و"العربي" وعي جديد أم كراهيه مستجده؟
خلال أقل من شهر إنطلقت قناتان عربيتان تحملان إسم العرب , إحداهما بإسم تلفزيون "العرب" من البحرين كإحدى فروع امبراطورية الامير الوليد بن طلال الاعلاميه , والثانيه بإسم "العربي" من لندن تحت اشراف شركه اعلاميه يرأس مجلس ادارتها المفكر العربي العروبي عزمي بشاره.
يعول العرب كثيرا على الاعلام لاخراجهم مما هم فيه من تخلف الى درجة انهم اصبحوا يعيشون في العالم الافتراضي ويتمسكون به هروبا من العالم الواقعي المأساوي, فكل قناة فضائيه جديده هي بمثابة يوتوبيا جيده تحمل معها أملا لم يستطيع الواقع ان يحمله او ان يحققه ولى هنا بعض الملاحظات:
أولا: تكاثر القنوات الفضائيه هوس استهلاكي لسد حاجات نفسيه للمواطن ووظيفتها في عالمنا العربي تختلف تماما عن وظيفتها في الغرب حيث تمثل افراز طبيعي لمجتمع التعدديه , بينما في مجتمعاتنا تلعب دور الفرق الدينيه والفقهيه عبر تاريخنا والتي تدعى كل منها احتكار الحقيقه.وارتباطا بمصدر السلطه والمال ورؤيتهما لتلك الحقيقه,والخطوره في عالمنا العربي أن السلطه والمال مرتبطان بالدين اوبالتبرير الديني لذلك يبدو نتاجهما الفئوي اشبه بالحقيقه الدينيه العصيه على الاصلاح او التغيير.
ثانيا: هي عالم مصطنع لجذر فكري واحد , وكل ماتقدمه مجرد رموز او قيم رمزيه كإلاختلاف قي سعر السلعه حسب مصدر انتاجها , فبينما نجد الجزيره مثلا تسوق مقولة الرأي والراي الاخر في عالمنا العربي وهي سلعة مطلوبه ورائجه, اشتكى ويشتكي القطريون خلال فترة بثها الى اليوم من تجاهلها لرايهم ومشاكلهم وما يحدث عندهم.
ثالثا: التمويل المستخدم في اطلاق هذه القنوات ليس نتيجة لمجتمع رأسمالي حقيقي وانما نتيجة لراسمالية الدوله , المجتمع الراسمالي يتطلب بنيه ديمقراطيه وطبقه برجوازيه وسطى واليات رقابه , بحيث تصبح مثل هذه القنوات وسط مجتمع غير مستلب ولا يخضع لسحر الايديولوجيا او الميتافيزيقيا.
رابعا: بعد الجزيره اصبحت القنوات المتتاليه ردود افعال , للسنه قناه وللشيعه قناه , وللسعوديه قناه وللسيسي قناه وللاخوان قناه , بمعنى ان الامر انعكاس للواقع , بينما على الاقل ان يكون الواقع انعكاسا او اقترابا من عالم المُثل. في المجتمعات الدينيه التي نعيشها.
خامسا: يبدو مظهر الشباب العربي وهو يكسر الصخره في قناة "العربي" بجميع اطيافه معبرا , و ليست المشكله في تكسير الصخره , ولكن اي صخرة؟ هناك دولنا العربيه جميعها قائمه على مفهوم"الصخره" سواء كان ديني او اجتماعي.
سادسا:بعد احداث الربيع العربي وانعكاساتها أصبح المجتمع العربي أكثر حساسية من مفهوم التغيير ذاته وبذلك اختفى من الوعي كعملية تهدف الى الاصلاح ليظهر كأداة للتخويف وسلاح لإرهاب الآخر, بناء على الخصائص البنيويه لكل دوله وهشاشة هذه الخصائص.
سابعا:القنوات الفضائيه تقول اكثر مما يقوله الواقع, لصعوبة تفاعل العربي مع واقعه فيلجأ الى الخيال , بمعنى انها طريق مفروش بالورود للطوبائيه وللخلاص من الواقع وإستبطان العقل المطلق الأُحادي.
ثامنا: استمعت الى لقاء مع الاستاذ جمال خاشقجي مدير قناة "العرب" التي بثت ارسالها بالامس من البحرين, يتعهد بالموضوعيه بعيدا عن اتخاذ اتجاه ايديولوجي ضد آخرو وفي نفس الوقت ذكر ان سبب اقالة طارق سويدان من قناة الرساله التابعه للوليد بن طلال كذلك أنه ذكر للوليد انه ليس بإخواني عند استلامه العمل كمدير وبعد فتره غرد في التويتر بتغريده تذكر أنه من "الاخوان". من هنا يكمن الاحساس بأن قنواتنا الفضائيه ليست طريقا للمستقبل سوى من جانبها المادي فقط أما جانبها المعنوي في تركيز للواقع وانقساماته.والاخطر احتمال أن القائمون عليها أن يقولون ما لا يؤمنون به , طمعا بالمال والمنصب.
تاسعا:لم تكسر قنواتنا الفضائيه الحاجز المعنوي بين الشعوب والسلطه , فلا يزال خلف هذه القنوات "تابو" السلطه قائما , بمعنى انه لايوجد دوله من هذه الدول التي تملك القنوات الفضائيه الجباره أقدمت مثلا على إقامة انتخابات تشريعيه لمجالس تشريعيه حتى في حدودها الضيقه, حتى يمكن المقاربه بين وجود قناة بمثل هذه الحريه في المجتمع , في نفس الوقت كسرت حاجز ديننا الاسلامي الانساني بنقلها او بتغطيتها للعالم للمجازر وولائم النحر اليومي .
عاشرا: أنا أعتقد ان كثيرا مما تنقله لنا قنواتنا الفضائيه المتكاثره باشكالها المتنوعه لم يحدث قط , وانما تعتمد على العلاقه بين المشاهد العربي والشاشه التي اصبحت تمثل له كل شىء في حياته ويستمد منها وعيه بالكامل فلم تعد علاقه تفاعليه كما هي في الغرب, وانما علاقة من طرف واحد , فلذلك هي تنشىء وتولد ثقافة كراهيه, اكثر مما تخلق من رأي آخر .
الحادي عشر: الاشكاليه في الجذر الفكري الذي قامت عليه دولنا جميعا , فبدلا من اقامة الدوله التي تتبعها القناه , أقمنا القناه التى تتبعها الدوله , والدولة هنا بالضروره دولة التوافق , والقناة هنا بالضرورة, إفراز وشكل من اشكال التوافق لاترتد لتصبح قنبله أو حزاما ناسفا.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)