الجمعة، 27 نوفمبر 2015
الفساد في المجتمع الأبوي
مجتمعات دول الخليج العربيه قاطبة مجتمعات أبويه , لذلك فإن مواجهة ظواهرها السلبيه مثل الفساد والارهاب والفقر وغير ذلك لاتواجه فقط بالإجراءا ت بعد حدوثها , ولكن بتنشيط النموذج وإعطاء المثال أو ضرب المثال لأن طبيعتها الابويه تختلف تماما عن طبيعة المجتمعات الديمقراطيه التي تمتلك الاليات المناسبه لمواجهة مثل هذه الظواهر السلبيه. في المجتمع الأبوي تنشط المماثله وتسود ولايشعر المجتمع بخطر الظاهره الاجتماعيه السيئه طالما أن التماثل قائم , بل يحاول كل فرد فيه أن ينخرط وينضوى داخل دائرة التماثل بأي شكل من الاشكال , وهو ما استطيع تسمية إجتماعيا بعدوى الأب.في ظل غياب آليات ديمقراطيه لمواجهة هذه الظواهر الاجتماعيه الخطيره يقف المجتمع أمام خيارين إما الانضمام و تقبل ذلك وإما مقاومتها بأي شكل متاح , كما نرى اليوم بعد الاستخدام الكثيف لوسائل الاتصال الاجتماعي التي أتاحت فرصة تاريخيه لزعزعه وتحريك هذا النمط الابوي من السلطه في دول الخليج العربيه,أما في الكويت فإن هناك صدام واضح بين إجراءات الديمقراطيه الموجوده ونمط المجتمع الأبوي المسيطر والذي هو خارج منظومة إحتواءوإكتمال النموذج الديمقراطي .
الآن, تاريخيا رأينا بل أن كل تاريخنا العربي والاسلامي ومانفخر به ونردده دائما نابعا من النموذج الابوي المستنير , عمر بن الخطاب , عمر بن عبدالعزيز , عبدالله السالم حديثا , لم ننتقل الى النموذج المؤسسي كما في الغرب الذي لايعتمد على الفرد وصلاحه ولكن على إجراءات مكافحة الفساد وكشفه والتمثيل به , حتى بنغلاديش الفقيره تعاقب الفاسدين وتعدمهم بما فيهم الرؤساء لانها نموذج نظام وليست نموذج فرد أو أب, الاشكاليه في نموذج الابوي انك لاتستطيع أن تعاقب بشكل يعرض النموذج كله للخطر , فتكتفي بالتلميح أو بكبش فداء هنا أو هناك.ولكن هل ينتمي الفاسد الى الفساد بالوراثه ؟ الجواب لا ,لكنه يحتمل هشاشة قبوله كإنسان , تتضخم وتقوى هذه الهشاشه أو تضعف طبقا لثقافة المجتمع. هل الفساد له اخلاقيات تبرره , أو تجعل منه مقبولا هنا ومرفوضا هناك ؟ هنا يفرض النموذج الابوي ذاته حيث يستقطب دوائر المجتمع الاخرى بما فيها التي تمثل الدين إذا أراد أن يمرر نموذجا بعيدا عن حالاته القيميه والاخلاقيه المعياريه. إذن نحن في دول الخليج لكي نكافح الفساد إذا كانت هناك نوايا جاده فعلينا الانتقال من النموذج الابوي الفردي الى النموذج المؤسسي الذي يعتمد على تشريع واجراءات قانونيه واضحه وليست شكليه لمكافحته, وعدم تعيين الفاسد الذي يُعلم فساده فالمجتمع لديه قرون استشعار يجب عدم إغفالها هنا فالسمعة الطيبه دالة المؤمن ومقياس الشرط الاجتماعي في المجتمعات التقليديه والذي يقابله الشرط الاستجوابي في المجتمعات الديمقراطيه للمرشح قبل تسلمه الوظيفه. أما إذا فضلنا النموذج الابوي أو المثالي العابر للزمن , فلننتظر عمربن خطاب آخر أو حفيده الأموي عمر بن عبدالعزيز ولتذهب اجيال الانتظار الذي قد لايأتي ولن يأتي إلى الجحيم.
الأربعاء، 25 نوفمبر 2015
"الشين " اللي فينا
نبحث عن الزين والشين في حياتنا ونتوقف عند ملاحظة بسيطه وهي أن الزين والشين ظاهرتان موجودتان, لايخلو منهما مجتمع انساني ولكن الفرق ادراكنا لهما ليس كوجود وإنما كإنعكاس لما في داخلنا من رغبة في تحويل الزين الى شين إذا لم يحقق لنا مصلحة شخصيه , وتحويل الشين والسكوت عليه الى زين إذا كانت لنا مكاسب شخصية من وجوده.
أين يقف الدين من ظاهرة الزين والشين أو القبح والجمال هل هما نابعين من الدين أم من ضمير الانسان ؟إذا اختل توازن الاستنتاج الديني أو وظف سياسيا يستطيع أن يجعل من الشين زين بفتوى صغيره , وإذا اختفى ضمير المجتمع أو نام من الممكن أن يصبح الشين زين حتى يستيقظ هذا الضمير ويدفع ثمن هذا الاستيقاظ. لااتكلم عن الزين اللي فينا فهو فطره الهيه ,لكن اتكلم عن الشين اللي فينا , لأنه نيه بشريه وشكل من اشكال الضمير النائم.
"الشين" اللي فينا أننا نفكر بعقليه فرديه و طالما أنا وعيالي سالمين مايهمني الاخرين
"الشين" اللي فينا أننا نصفق للقائم وإذا سقط دسنا بأرجلنا ومزقناه بألسنتنا
"الشين" اللي فينا أن كل فرد أو عائلة أو قبيله تعتبر نفسها افضل من غيرها ولها الاولويه وأنها هي التي تكتب التاريخ.
"الشين" اللي فينا أن خطابنا في العلن ليس هو خطابنا في السر واننا أصحاب شخصية مزدوجه.
"الشين" اللي فينا إيماننا بالمظهر على حساب الجوهر, والافتنان بالشحم على حساب اللحم.
"الشين" اللي فينا أننا لانعي دلالة الوضوء للصلاه فنؤديها كعاده ولانعي أن الوضوء يعني استعداد مسبق للابتعاد والانتهاء عن المنكر , غلبة العاده على العباده , فأستوت صلاة المتوضي مع صلاة الغير متوضي.
"الشين" اللي فينا اننا لاننصح مسؤولينا وقادتنا ولكن نجاملهم وننافقهم, على حساب ضمائرنا وحبنا لهم , من أحب نصح , ومن كرَه جامل ونافق.
"الشين" اللي فينا أننا نعرف الحق بالرجال ولانعرف الرجال بالحق , فكل معمم شيخ وكل ملتحي إمام , وكل ملتحف بالدين شيخ وعالم , وكأننا مجتمع جديد يدخله الاسلام.
"الشين" اللي فينا أننا نتكلم عن الفساد ولانشير إليه فلذلك نشترك في وصفه مع الفاسدين فوصف الشىء جزء منه.
"الشين" اللي فينا أن لانستغل أية مساحة من الحريه متوفره لنا مهما كانت محدوده لاعلاء الحقيقه وكشفها , فالحرية ليست معطى وانما حركة ضمن ماتسمح به الظروف.
"الشين" اللي فينا أننا نتكلم عن التغيير وننسى أننا جزء منه , نحن أول من يجب أن يتغير .
"الشين" اللي فينا أننا نركض وراء الاستهلاك ولانقاوم برامجه ولاخططه حتى ولو اتت من الحكومه , فالترشيد سمة فرديه ووعي خاص .
"الشين" اللي فينا أننا موجودون فقط ككينونه, لكننا مغيبون كإرادة و هي حالة تفسد كل زين محتمل لأن الانسان إرادة قبل أي شىء آخر.
الأحد، 22 نوفمبر 2015
خطاب "المواطن" وضرورة التأصيل
أين يقف المواطن من كل مايدورحوله؟ إشاعات تنطلق من هنا وهناك, تغريدات تنسب لمسؤولين تتعرض لأساسيات حياته , تخفيض الرواتب؟ ضرائب جديده؟ غرامات مرورية قادمة؟ الخطوط القطرية تصادر حقه في الرأي ؟ لايعرف مع من يتكلم أو كيف يوصل صوته كهوية تنضوي تحتها جميع الشركات والهيئات والمؤسسات ....الخ . ميكانزمات الدفاع التي يملكها بدائيه غير منظمة , تغريدة هناك , مقال هنا , الاعلام يتعامل معه بإنتقائيه , يؤتي به كشاهد على التنميه ولايحاور كمشارك فيها . عليه تحمل النتيجه وليس عليه الاخذ او المشاركه في الاسباب. يتعامل معه كموضوع , قرض وأرض , وليس كذات فكر ورأي ,هذا عن خطاب المواطن"القطري" وكأن عليه أن يتحمل خطيئة وجوده الأول قبل أن تصل الدولة الى مرحلة الفردوس . في المقابل هناك خطاب قطري أيضا يتحمل هو أيضا تبعاته, فإذا كان خطابه هو خطاب"قطري" الأول الحريص على اللحمه الاجتماعيه داخل الوطن وخارجه مع المحيط الخليجي والعربي فإن الخطاب القطري الآخر هو خطاب"قطري" أيضا لكنه مؤدلج , فإذا كان خطابه موضوعي فأن الخطاب الاخر خطاب أيديولوجي بإمتياز. خطورة هذاالخطاب"القطري" المؤدلج الطارىء على المجتمع القطري أنه لايميز بين تشابة المجتمعات الخليجية سواء في مرحلة ما قبل الدولة ومرحلة مابعد الدولة,فإذا إنتقد إحدى الدول ووصفها بأنها نتوء , فأن الدول الخليجية الاخرى ماعدا السعوديه وعمان نتوءات أيضا, وإذا ما وصف شعبها بأنه مجرد أقليه أمام أكثريه من الجزيره أو من ساحل إيران فإن الدول الاخرى الخليجيه كذلك , وإذا وصف إحدى الدول بأنه لاتزيد أهميتها عن مجرد أهمية برميل نفط فالدول الاخرى الخليجيه المشابهه إيضا مجرد براميل نفط. لذلك لايمكن ان ينبع هذا الخطاب من قطري ماقبل الايديولوجيا,لأن فيه من السباب أكثر مما فيه من المعلومة ولايمكن أن يكون ردا على مجرد رأي كتبه أحدهم حول إنضمام دولة ما في منظومة دول الخليج العربيه مهما كانت الاسباب, هناك أيضا خطاب عربي مجاور موجه للخارج يمثله تلفزيون العربي وجريدة العربي الجديد وهناك أيضاالمركز العربي للإبحاث وبودي أن يكون أكثر إلتزاما بالجانب الأكاديمي البحت إذا كان يريد أن يخدم المجتمع القطري بعيدا عن الخطاب الايديولوجي المتدثر في داخله, أيضا هناك خطاب قناة الجزيره في قطر وقد بدا عليه الجانب الايديولوجي بوضوح بعد الثورات العربيه إلا أنه كما يردد لايمثل القطري لأنه ليس نابعا من قطر وإنما في قطر جغرافيا. ما يهمني بالدرجة الاولى هو خطاب "المواطن " القطري وضرورة التأصيل له وتجذيره وطرح آليات توصيله مجتمعيا لأن الاعلام سيظل قاصرا عن ذلك طالما لايوجد حلقة وسطى مدنية سواء جمعية كتاب أو قانونين أو صحفيين أو مجلس منتخب ....الخ. الاعلام اذا تواصل مباشرة مع الافراد فأنه يخلق تنفيس , ولاينتج فاعلية تغيير , لذلك كان برنامج وطني الحبيب أكبر متنفس للمواطن وفي نفس الوقت أكبر من سبب له عقدة إحباط يعاني منها حتى اليوم.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)