تتوقف عند اشارة المرور تلتفت يمنة تقرأ عبارة"غض بصرك" واذا ادرت بنظرك للناحية الاخرى تصادف عبارة"صل قبل أن يُصلى عليك". وفي موقف للسيارات يتطاير نظرك حول عبارات مكتوبه على زجاج العديد من السيارات تتراوح بين النصح مثل "لاتنسى ذكر الله" والتوجيه مثل"أنصر رسولك" والوعيد مثل"الويل لأعداء الاسلام". السياره تقع ضمن مايسمى بالمجال الخاص للفردو يستخدمها ويؤثثها كما يشاء, لم تكن السيارات في منطقتنا تحمل أي نوع من العبارات , ولم يكن يكتب عليها اي شىء بتاتا,مع تازم الدوله في المنطقه ,ظهرت السيارات التي تحمل صور رموز الدول , ومع تازم الثقافه وتمزق النسيج الاجتماعي ظهرت سيارة"المحتسب" الوصي على المجتمع الذي يراقب أفراده وسلوكياتهم والذي سيقوم لاحقا بتنفيذ الجزاء على المخالف نيابة عن الدوله وعن المجتمع , إذا مااستمر هذه الظاهره في التنامي والكبر.
كنت أقرا على الشاحنات في مصر المحروسه عبارات مثل"الصبرجميل" وعبارات عن الخوف من الحسد مثل"ياناس ياشر كفايه قر" في مجتمع يعاني من صعوبة الحياه, ويعيش على المجال المعنوي ويحتمي به لكي يستسيغ الحياه.
أما في المجتمع المدني, فتحمل السيارات لوحات ودعايات للشركات والمؤسسات ووكلات الطيران وغيرها , لاتحما إطلاقا عبارات تمس البناء الاجتماعي أو الطبقي أو الانساق الدينيه القائمه في المجتمع بشكل أو بآخر.
سيارة "الحسبه" هذه و قد لايكون صاحبها أبدا يمثل ما يكتبه عليها أو يقتدي بما يوصي الناس به, سيارة"المحتسب" هذه تختزل ألف محاضره أو مئات الخطب , كلنا شهدنا سيارة الدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم"أنصر نبيك" بعد الرسوم الكاريكاتوريه الدنماركيه, كلنا شهدنا بعضها وهي تتخطى القوانين المروريه وتجتاز الاشارات , كيف لها ان تنصر الرسول وهي لاتتقيد بوصاياه الكريمه مجتمعيا .اخشى من التوظيف الايديولوجي للسياره في ظل ماتشهده المنطقه من خلافات اسلاميه-اسلاميه, فنكون بصدد سياره شيعيه في مقابل سياره سنيه , وسيارة وهابيه تطارد سيارة ليبراليه ,وتنتقل المعركه الى اشارات المرور وشوارع المدن. كنا سابقا نطالب بقنبله"نوويه" اسلاميه, نصل اليوم الى اختراع هوية ايديولوجيه للسياره , تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر, ويتحول الفضاء العام الذي أراده الخالق لحرية الانسان وخياراته, الى مجالات خاصه تتقاتل مع بعضها على أحقية كل طرف في إمتلاكه , "اللهم إجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه"