ظهور الدولة المدنية في أوروبا كان تعالياً على التمذهب الديني وليس على الدين نفسه . أي أنه خروج الى دائرة اوسع من الفهم الديني ، فالصراعات التاريخية الدينية بين البروتستانت والكاثوليك كانت تمثل صراعاً بين التمذهب داخل الدين الواحد والانتصار الحقيقي الذي حققته أوروبا كان في الخروج من هذا النطاق الضيق ذو الحدود الدموية الى نطاق واسع واشمل يتمثل في أبعاد الثقافة الدينية الشاملة مهما كان مسماها. خروج المواطنة كأساس للدولة الحديثة في أوروبا بُعد ديني ، وبروز دولة الحقوق والمساواة بُعد ديني كذلك ، وظهور دولة العدل والقانون بُعد ديني أيضاً .
لا أعتقد أن أوروبا تركت الدين خلفها ببروز دولة المواطنة ولكنها انتشلت الدين من حدوده الضيقة الى أبعاده الإنسانية . نحن في عالمنا الإسلامي بحاجه فعلية الى الوصول الى نفس النتائج ولكن ليس بالضرورة نفس الأساليب أو الطريقة الموصلة لذلك التي اتبعتها أوروبا ومع ذلك يصعب القول بأنه لا يبدو أن هناك خطر واضح من الانجراف نحو الاقتتال المذهبي داخل الإسلام نفسـه . لابد من التأكد بأن تخفيف حدة التمذهب نحو تعميق فهم الثقافة الشمولية للدين هو الأساس وهو المطلوب وليس العكس ، لابد من الإصرار والاعتراف بأن الدين جاء أصلاً لخدمة الإنسان ومصلحته وليس العكس .
الخوف من انجرار عالمنا الإسلامي نحو آتون الحرب المذهبية الطائفية لم يعد خوفاً مرضياً بعد ما نشهده من أحداث في غير موقع من مواقعه . أن الثقافة الدينية الحقيقية لا يخرج منها إنسان طالما أصر واعترف بإنسانيته وهو إن أذنب عاد وإن ارتكب معصية أستغفر ولا يقتل آخر لشعوره بإنسانيته قبل كل شى ولكن التمذهب ضيق الأفق والخروج منه أذا ما أعتمد كمنهج ق للحياة قادم لا محالة والتصادم مع الغير قائم كذلك لأنه يلغي الفروق الفردية والخصائص الشخصية والاختلاف المشروع .
عندما كان الإسلام قوياً كثقافة استوعب داخلة التمذهب بأنواعه المختلفة فالبعد الإنساني مهم هنا أيه أهمية بمعنى أن هناك ارتباط خطي لشعور الإنسان بمكانته وقيمته وبين نظرته لمذهبه ودينه وكلما قل الشعور بذلك ضاقت نظرته وتشرنقت داخل هذا المذهب أو ذلك .ان انسانية الدين الاسلامى هى العامل الاهم فى انتشاره فى اصقاع هذا العالم المترامى . ثمة ربط ذاتى بين الجانبين لايستشعره الا من ارتفع اسلامه الى درجة التحضر التى حث عليها القران الكريم. ا ماينتشر اليوم ويسود فهو اسلام الاعراب الضيق الافق والبصيره.
فإذا كانت أوروبا استطاعت أن تبني دولة مدنية بتجاوز التمذهب نحو الثقافة الدينية الأوسع ولو بثمن غال ، فأن أمتنا العربية والإسلامية كذلك في حاجة الى مثل هذا التجاوز ولكن العصر لم يعٌد يستوعب أو يتحمل الثمن الذى دفعته أوروبا مقابل ذلك حيث كانت في ذلك الحين هي العالم . أما نحن فأننا اليوم جزء من العالم فقط ولسنا الجزء الاثمن الذى يصعب على العالم أن يعيش بدونه كبشر على الأقل لا كجغرافيا وهنا تكمن المفارقة .
السبت، 25 يونيو 2016
الدولة المدنية ليست تجاوزاً على الدين
الخميس، 23 يونيو 2016
الماضي "المقدس" والحاضر "المدنس"
"إليس بيني وبين الجنة سوى هذه التميرات" فقذف بها وذهب
ليقاتل وقتل شهيدا"عُمير بن الحمام "ابا حنيفة كان يصلي الصبح بوضوء العشاء اربعون
عاما". "كانت الملائكة تسلم على عمران بن
حصين" "سُفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر الاسد بأنه رسول
رسول الله فمشى معه الاسد حتى أوصله"
هذا السقف المرتفع جدا من النظر الى الماضي الذي يردده كثير من الأئمة والوعاظ وغير ذلك كثير جدا من القصص
والامثلة ذات السقف المرتفع التي تجعل من الحاضر
لايرتقى ولا يستحق أن يعاش , له دور سلبي كبير على عقول النشء الحاضر بحيث
يصبح طوبائيا فوق جميع الظروف وإمكانيات العيش, التجربة الانسانية تقول
لايوجد مجتمع إنساني مثالي . مفهوم الرشد المستمد من فترة الاسلام الأولى أصبح
مرادفا لمفهوم المثالية القصوى وأصبح
بالتالي ملاصقا لكل من عاش في الاربعين
سنة الأولى من الدعوه, مع أنه كان هناك كثير من السلبيات حتى أن الخليفة
الثاني عمر بن الخطاب استصدر عقوبات جديده
لمواجهة مشاكل مجتمع البشر كإستحداث السجون. مقاربة النشء بهذا السقف العالي
جدا , يضعهم في حيرة مع حاضرهم بل مع
حياتهم ويسهل استجذابهم لاجندات طوبائيه
توافقا مع مايسمعونه ويتكرر على آذانهم ومسامعهم, التطرف هو الفجوه بين سقف
من التوقعات بين مايُسمع وما يُعاش
واقعيا. أتمنى على وعاظنا وأئمة مساجدنا الكرام أن لايرفعوا سقف التوقعات من
الماضي بقدر ما يلامسوا مصاعب الحاضر ,
أتمنى منهم أن لايلقوا بالأمثلة على عواهنها
حتى اصبح النشء يحفظ من االصور المتخيله أكثر مما يحفظه من كتاب الله , أتمنى منهم
أن يراعوا الحاضر , ويجعلوا فهم الماضي إنطلاقا من هذا الحاضر وليس العكس , هذا
النزف الشبابي الذي نلاحظه سببه سقف الماضي المرتفع أمام حاضر بائس , هذا النزف الذي نعاني
منه سببه تجريد الحاضر من القيمة والحياة
من الاستحقاق , هذا النزف الذي نعاني منه سببه
صور ذهنية أكثر منها واقع متحقق في
الزمان . لايمكن أن نعيش حاضرنا قياسا على
ماضينا لايمكن لأمة ـأن تستمر بمثل هذه
العقلية ستفنى في ماضيها وهي على قيد الحاضر وهذا مانفعله بأنفسنا ,
إبتعدوا عن شيوخ الاستغراق في الماضي وعيشوا
الحاضر بإرادته وفي سياقه وما تمليه شروطه كمسلمين أبناء لهذا الحاضر
المتطور , ولاتخافوا فالنص الالهى موردا
لاينضب وإن قل الوراد ومن يستسقي فالزمن يحمل في طياته سرمدية الإله وسرمدية دينه.
الثلاثاء، 21 يونيو 2016
يوميات حفار"قبور"
أوقظوني اليوم باكرا, علىَ ان أحفر قبرا لشخصية
قالوا عنها أنها مهمة, لاقيمة للأهمية عندي فوظيفتي تتسم بالعدالة مع جميع الزبائن
, جميع الزبائن عندي على قدم واحد من المساواة, الفرق فقط في الأسم.لكن اجراءاتي
واحده تبدا بالحفر وتنتهي بإهالة
التراب على الميت في الحفرة التي حفرتها .,أذكر
قبرا حفرته لأحد المتوفين لم يصاحبه من
المشيعين سوى ثلاثة أشخاص أو أربعة, لكنه كان من أسهل القبور حفرا وكأن الارض
تحتفي بمقدمه , ياتي لزيارته بين حين وآخر شخص واحد يقف طويلا أمامه ثم يذهب,بعد
أن يسلم علىَ ويمد يده لي ببعض الدراهم, في إحدى المرات سألته عن المتوفي قال :هو
والدي ,أنا إبنه الوحيد, سألته هل كان معدما قال لا,لقد كان صاحب منصب كبير وكان
حوله رجال كثير ,لكن ضميره إصطدم مع كثير من متطلبات منصبه , حيث كان على ثغر من
ثغور المال العام , فترك المنصب إنتصارا لضميره وآثر الابتعاد حتى نسيه المجتمع
السريع الخطى , وتوفى فجأة قبل أن يسعفني الوقت
لتنشيط ذاكرة الناس حتى يستعيدون ذكراه.
نظرا لطول فترة عملي كحفار للقبور , اصبح لدىَ
معيارا خاصا بي كمعايير البشر في الحكم على الاشياء انطلاقا من مايظهر لهم ويبين أمام أعينهم,
فهناك من اشعر بسهولة كبيرة في حفر قبره , وآخر
يستغرقني كثير من الوقت والارهاق حتى أكتمل عملية الحفر , يقفز الى ذاكرتي
, ثقافة مجتمعي التي ذكرت , فينساب صوت في داخلي
قائلا : هذا حسابه سهل , وآخر حسابه أصعب.
ذهبت الى المقبره وبدات في حفر القبر للشخصية
المهمة , بعد ان جاء من يحدد لي مكان القبر بالذات, مجموعات كثيرة من الناس بدأت
تصل الى المقبره قبل وصول جثمان
الميت ظلت خارج المقبره تنتظر وصوله ,
جاءت به سيارة إسعاف , تسابق الجميع على حمله, بعدإكتمال الحفر بدانا في الدفن ,
ومن ثم الدعاء له كالعاده , ثم بدأ الجمع في تقديم العزاء لذويه بشكل عشوائي داسوا
على القبور وتزاحموا على أحد أبناءه الذي
كان احدهم وزير والآخر رجل أعمال بارز, بشكل أساء لحرمة الاموات, لمحت مجموعه تقف
بعيدا في المقبرة ذاتها وتفترش حول شىُ ما , ذهبت لاستطلع الأمر وجدتهم يفترشون رسما مساحيا كبيرا لمجموعة
كبيرة من الاراضي المقسمه للبيع , ويتداولون
الاسعار فيما بينهم ,عرفت
"الدلال" السمسار الذي كنت دائما أجده حاضرا عند وفاة بعض الشخصيات التي يطلقون عليها صفة
"الأهميه". جميع المشيعين اما
ذهبوا حالا مع ابناء الميت أو إنضموا الى حلقة الدلال التي تأخرت بعد ذلك وقتا ليس
باليسيرإلا أنهم إنقلبوا الى أهليهم فكهين بعد ذلك
من يتعامل مع الموت دائما ومباشرة , يقيم مسافةَ بينه وبين الدنيا بحيث لاتفترسه , رغم صعوبة المهنه وعدم تقبلها
إجتماعيا والنفور منها عندما ادخل المجالس
لايُرحب بي , بل ربما يتشائم البعض من رؤيتي,أعلم أن مهنتي في طريقها الى الزوال
والانتهاء اليوم بعد اعتماد الحفر والدفن
آليا"بالشيول المتحرك" , لكن ما يشغلني هو تاريخ مهنتي هل سيشفع لي وأجد من يشيعني ويضعني في قبر
الى جانب مئات القبور التي حفرتها وهل سيكون هناك من يشيعني وقد كانت حياتي أصلا بين الاموات
, حيث لادنيا ورائي تركتها ,ولا حتى تركت الناس في غفلة من تذكر مصيرهم المحتوم
الاثنين، 20 يونيو 2016
حدوتة "التخابر مع "قطر"
لايعي النظام المصري ان الانسان العربي قبل الربيع العربي كان شيئا,
وبعده أصبح شيئا آخر, لايعي النظام المصري أن أحداث الربيع العربي أسقطت الاستبداد كفكرة من ذهنية الانسان العربي , لايعي
النظام المصري أن أحداث الربيع
العربي جاءت لتفرغ المجال العام من حكم
المطلق سواء كان دينيا أم عسكريا وملئه بالتعدديه , لايدرك النظام المصري أن أحداث الربيع العربي
جاءت لتحيي بذور المجتمع المدني , لايدرك النظام المصري أن يعيد نفس التهمه التي أتهم حكم الاخوان بها وهي محاولة السيطرة على القضاء وتسييسه, لايدرك
النظام المصري ان الزج بإسم دولة عربيه
وهي قطر في التخابر على أمن مصر القومي
خطيئة في تاريخ العلاقات العربيه العربيه لاتتجاوزها سوى خطيئة صدام في غزو
الكويت , لايدرك النظام المصري أن العلاقات بين الشعبين القطري والمصري تمر ألان
في أزهى أيامها , لايدرك أن الاخوة المصريين في قطر يتمتعون بكامل الحرية والامان
والاستقرار ولم تسجل حادثة واحدة ضد أي مصري يعيش في قطر رغم الحملات
الاعلاميه ضد قطر., لايدرك النظام المصري
أن احداث الربيع العربي أفرزت تسابقا بين الديني والعسكري لإحتلال المجال العام
نظر لغياب النقابات العماليه والاجتماعيه وقوى المجتمع المدني, الأمر الذي
جعل العالم العربي بل العالم بأجمعه يتصرف على نحو خاص إنطلاقا من
مصالحه ,ألايعلم النظام المصري أنه الوجه الآخر لحكم الاخوان, لايعي النظام المصري ان قطر, تعاملت
مع ما افرزه صندوق الانتخابات في مصر. ألايدرك النظام خطورة
إتهام قطر بالتخابر على أمن مصر القومي ,
ألا يعلم أن مثل هذا القراربحكم" التأبيد",وسابقة تاريخيه في تاريخ الشعوب العربيه, قطر
ومصر كشعبين فوق كل هذا الحكم الجائر,أنا لست مع حكم الاخوان , كما أنني لست مع
حكم العسكر مالم يتحول الى حكم مدني أو يضع استراتيجه واضحه لتحقيق ذلك, لايعلم
النظام المصري أن يحدث نفس الانقسام الذي
أحدثه نظام الاخوان في مصر إبان سنته اليتيمه؟ لايمكن أن يكون السيسي عبدالناصر
ولا السادات ولاحتى حسني مبارك, لأن أولئك كانوا قبل أحداث الربيع العربي. لم يعد
الشعب العربي شغوفا بحكم العسكر ولا بحكم الجماعات الاسلاميه بعد كل ماعاناه وما
يعانيه , الزج بإسم قطر يطرح مأزقا تاريخيا, وثقافيا غير مسبوق فقطر دولة
ومصر دولة , يأتي نظام السيسي وهو نشاز تماما كحكم الاخوان ليتهم تاريخا مشرفا . إن أمن مصر القومي
تاريخيا كان قضية عربية خلال حروبها وخلال سلامها ,الزج بإسم قطر يطرح
فكرة مصلحة مصر للمساءله,هل هي أمر خاص أم قضية عربية يشهد بها التاريخ ,ألم تكن
مصلحة مصر جزءا لايتجزء من مصلحة الأمة العربيه ؟؟ألم تكن سياسات قطرعبر تاريخها جزءا من
المصلحة القوميه المصريه , ألم تكن جزءا
لايتجزأ منها وهي واقعا ماثلا أمام التحديات؟ نظفوا إعلامكم وأرشيفكم وقضاؤكم
, من أعقاب السجائر التي تحرق
أصابع من يتمسك بها الى الآخر ولتعد
مصر الى حسابات الربح والخساره من منظور أشمل وأكبر من حساب البقالات الصغيره وتجار العملة.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)