جاءت أزمة الحصار لتؤكد أهمية طبقة هامة جداً وضرورية لتقدم المجتمع
وإتزانه والحفاظ على إنسانيته أمام زحف المادة
الذي بدأ يغزو المجتمع بشكل ملحوظ وحاد خلال العقد السابق حتى بداية الحصار منذ عام مضى تقريبا.جاء إجتماع
الاسرة القطرية حول مقاطع أو يوتيوبات
قصيره عن الحصار , ذهبت أيضاً الأُسر
القطرية جميعاً لمشاهدة مسرحيات تتحدث عن المواجهة مع الذات والوعي الذي كان
غائباً أو زائفاً عن سرديات عايشناها كمسلمات
لايمكن اسقاطها . أصبح المجال العام ممتلأً و بأفراد وشخصيات غير تلك الرسمية التي تعودنا ان نراها ونسمع عنها وتمتلىء شاشات التلفاز بصورها , هؤلاء الافراد هم ابناء الطبقة الوسطى
التي كادت أن تختفي وتذوب مع تنامى وتضارب المصالح الرأسمالية, نعم إن أفراد
الطبقة الوسطى من فنانين واساتذة جامعيين
واعلاميين هم الذين كانوا الحامل الثقافي لمواجهة الحصار,سمعت حديث عائلة
قطرية يقول أحد أفرادها لقد عدنا اكثر ثقة
من ذي قبل بعد مشاهدة مسرحية "ديرة العز" , وسمعت
من آخر يتحدث أن مسلسل "شللي
يصير" اشعره بأنه يتابع وإن هناك من يتحدث إليه كمواطن , رغم أنه لايدرك
"شللي يصير". مسرحية حصار أيضاً
دفعت بشباب واعد لم يسبق أحد أن سمع بهم الى دراما الوطن وسردية حبه والدفاع عنه ,الفجوة بين الطبقتين جراء
اختفاء الطبقة الوسطى , الأمر الذي حذرت منه تكراراً في عدد من المقالات منذ أكثر من عقد , هذه الفجوة ,
عملت دراما الحصار على ردمها الى حد ما , مواجهة الحصار إحتاجت الى جهود جميع ابناء الوطن والمقيمين
على أرضه كذلك , سينتهي الحصار يوما ما , لكن ما آمل الا ينتهي هو الوعي بأهمية
الطبقة الوسطى المنتجه للثقافة وللقيم
الوسطى في المجتمع , كل ما قل تدخل الدولة
في الثقافة من خلال امتلاكها لايديوجيا التطبيق كلما أمكن للطبقة الوسطى وثقافتها أن تنتشر , بشرط أن
لاندعها تصارع اشكالية وجودها الاقتصادي أما بالالتحاق بالطبقة العليا أو بالسقوط
الى الطبقة الدنيا.أعتقد أن من أهم دروس
الحصار التي يجب أن نستخلصها هي الوعي واعادة الاعتبار للطبقة الوسطى بل وضرورة إتساعها , لم نلحظ أي تسرب من جانب أحد ابناء هذه الطبقة الحقيقين اثناء
الحصار , بينما كان ذلك واضحاً لدى الطبقة التي
أنشأتها الطفرة المادية التي
اجتاحت البلاد خلال العقديين الماضيين.هل يصبح الحصار كدراما واقعية بداية للوعي
بأهمية الطبقة الوسطى ودورها الاخلاقي في بناء الوطن ؟ أرجو وأتمنى ذلك.
الخميس، 5 أبريل 2018
الثلاثاء، 3 أبريل 2018
الحصار وبروز مثقف "الغل"
يتعرض المجتمع الخليجي ككل لنزعة نفسية سلبية
أبرزت مايمكن تسمية ب "إنسان الغل" وهو مسخ مابين السادية والمازوشية, منذ بداية الحصار على قطر قبل أحد عشر شهراً تقريباً ولي هنا بعض
الملاحظات أود أن ألخصها في التالي:
أولاً: السادية هي التلذذ بإيقاع الالم على
الغير وهو شعور متطرف يصاب به الانسان برغبة في تعذيب الاخرين , بينما المازوشية
هي إنعكاس للسادية بمعنى أنها رغبة بإيقاع
الالم على النفس إن لم يجد من يقوم بذلك من الطرف الآخر.
ثانياً :للشعوب نفسيات عامة بعضها مغمور
وبعضها ظاهر, وحيث أن الدولة في منطقتنا العربية بشكل عام وفي الخليج بشكل
خاص جسم متعال على المجتمع ويمتلك سلطة
القمع بيد وسلطة الايديولوجيا باليد الاخرى فإنها تستطيع قمع هذة النفسيات حين تشاء وتفريغها حيث
يشاء وفي الوقت الذي تشاء.
ثالثا:
الحصار على الرغم من أنه يبدو
موجهاً لدولة قطر إلا أنه أيضاً كان مناسبة مؤاتية لدول الحصار للتفريغ
النفسي عن شعوبها بشكل مبتذل وللممارسة
السادية بكل اشكالها الفجة اللفظية والمادية التي لو أستمرت قد تنفجر داخلياً بشكل
مدمر.
رابعاً:بروز المثقف السادي أو مثقف
"الغل" الذي كل ماكان اكثر
سادية صار اكثر حضوراً هو شكل من
أشكال عدم الانسجام مع وظيفة الثقافة أو بالاحرى غياب الثقافة بشكل عام, مانشاهدة ليس
ثقافة وانما ممارسة للسادية , عندما يصبح
شعباً كاملاً موضوعاً للكراهية من قبل
انظمة ايديولوجية تعتمد السادية وتفرض على شعوبها إعتمادها بالقوة, فنحن امام ما أسماه الفيلسوف الالماني مايكل
شيلر "إنسان الغل" الذي إذا ما أخفق الى تحقيق مراده تصبح لديه من العقد النفسية الكثير منها شعوره
بالنقص والحقد والحسد تجاه الآخر.
خامساً:من يتابع يرى ان
المنزلة الاعلى جراء ذلك وربما الحظوة
المادية والمعنوية هي للاسوأ شعراً ونثراً والذي به أكبر قدر من الممارسة
للسادية اللفظية الماجنة تجاه الآخر.
سادساً:مع الاسف لم تفلح انظمة التعليم عبر
العقود السابقة من ايجاد مثقف متمتع بصحة نفسية حقيقية نظراً لأنها
تضمن اجهزة الدولة الايديولوجية في
كل دول المنطقة فلايزال مثقف "الغل" متوفراً ورهن اشارة الدولة.
سابعاً سقوط اللفظ يدل على سقوط المعنى, وبالتالي سقوط التاريخ الذي يحمله هذا المعنى , عندما تمارس أبشع الالفاظ والمسميات بحق من
كانوا يسمون "رموزاً" مهما كان مقدار التحفظ على هذا القول , ألا أنهم يمثلون معنى ربما لم نصنعه ولكن وجدناه , فبدون أن نتمكن من
صناعة المعنى يصبح المعنى الموجود فاعلاً لأن سقوطه دون وجود البديل يعني سقوط التاريخ أو الفوضى.
ثامناً: المفارقة أن دول الحصار بعد أن مارست سياسية سادية ضد قطر
دافعة شعوبها الى ذلك دفعاً , عادت ومارست
أشد أنواع "المازوشية" تجاه
ذاتها وأصبحت تتلذذ بايقاع الالم على
نفسها ودعوة الغرب أيضاً أن يقوم بذلك حتى
تشعر باللذه , انكرت السعودية تاريخ الفكر والمنهج الوهابي الذي إعتمدته
مرجعية اسلامية لها منذ عقود طويلة,
ومارسة من خلاله جميع انواع البطش
والارهاب بإعتراف ولي العهد نفسه
استجابة لرغبة الغرب , ويبدو هذا الامر نصرأً "ظبياناً" ., هذه "المازوشية" إذا أصابت
مجتمع فلايمكن ان يتخلص من تانيب
الضمير من كل ماضية إلا ان يتجدد كوطن لكل أفرادة ومواطنية.
تاسعاً:يقال "إذا مات الشاعر مات المعنى
معه" كيف يمكن أن يموت "إنسان
الغل" حتى يموت معنى الغل معه الذي أتى على خليجنا المتآلف المتحاب. هنا تبدو
مسؤولية الشعوب بأخذها مسافة بينها وبين الانظمة
وطرد من يحاول أن يصطاد في الماء العكر وفي الخلافات بينها لكي
يعيش ويستمر على انقاضها.
عاشراً: إنسان الغل ايديولوجي يُلقن وليس معرفي يبحث عن
الحقيقة أن لم يقلها صمت أو نطق بالحسنى, ينبغي من رئيس القوم أن لايحمل
الحقدا كما قال شاعر العرب, كيف يمكن
تبرير حصار "شعب" قطر دونما أن يكون"الغل" قد بلغ بحكام دول
الحصار مبلغه, اللهم ردنا وقادتنا اليك
رداً جميلا.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)