تهدف قناة الريان من خلال شعارها وبرامجها على المحافظه على التراث والهويه و وهى تستقطب ثلة من الشباب القطرى الواعد فى مجال التقديم والاخراج , و تحظى بدعم كبير كذلك , من خلال الاعلانات عن برامجها المنوعه فى فترة بثها خلال اسبوع افتتاحها, حيث لم أتابع سوى برنامج "تراحيب" حتى الآن إلا أننى استطيع أن اقدم بعض الملاحظات ربما تكون مفيده للقائمين على القناه أو على الاقل تقيم رباطا بين مفهومى الهويه والتراث بحيث لايستقران فى الذهن فقط كماض وكهويه ثابته.
أولا: الشكل الذى تُقدم فيه برنامج القناه يشىء إلى أنها قناة مناسبات وليست قناه مستمره"علوم الحيا" الحيا فتره محدوده وقصيره من السنه."هل القنص" ايضا القنص فتره محدوده من السنه وكذلك "هل الخيل" وهل البحر.
ثانيا: علينا التفريق بين مادية التراث وقيم التراث وجانبه المعنوى. كثير من التراث المادى لايمكن إعادته ولكن يمكن التركيز على قيمه وأخلاقياته وبثها فى الجيل الجديد. لن تعود أيام القنص السابقه ولاأيام الطيور والصقاقير كما كانت فى السابق ولا أيام الغوص, لن تعود ماديا , محاوله اعادتها ماديا حتى مع التشجيع المادى والمعنوى لذلك ورصد الجوائز , قد يعيق التطلع الى مجالات العصر لدى النش بينما هى إعاده زائفه وليست مرتبطه بواقع الطلب الحياتى اليوم.
ثالثا: كثير من التراث ونشاطاته فى السابق كان مرتبطا بالحاجه الاقتصاديه فى حينه فالغوص مثلا كان للقمة العيش والقنص كذلك والطير كان يمثل مصدرا لاطعام العائله وحتى الفريج. فمادية التراث فى معظمها كانت تقوم على الحاجه لاستمرار الحياه فلذلك كانت تواجدا وحضورا لصاحبها ومركزا اجتماعيا واقتصاديا له. فإعادته من قبيل "الواقع الفائق" كصورة القمر الصناعى لمنطقه على الارض بمعنى تعطى التواجد ولاتعطى الترابط المعاش حقيقة
رابعا: أتمنى التركيز على قيم التراث اكثر من محاولة إعادته , قيم القنص والغوص والفروسيه كالتكافل والايثار والمشاركه والشجاعه والاقدام والاحساس بالمصير المشترك.
خامسا: التيقن بأن الهويه متكونه أو فى حالة تكون مستمره وليست ثابته, على القائمين على القناه الاهتمام بذلك لكى يتسنى ربط الماض بالحاضر فى ذهنية النش , بمعنى أن تنغمس فى ممارسة نشاطات التراث ولكن بهوية العصر ومؤهلاته فهوية العصر اليوم المتكونه هى "العلم" بينما هوية القناص أو مضمر الابل هويه من مرحله سابقه أو جزء من هويه قائمه اليوم. ولكن ليست الهويه الغالبه والمستقره اليوم.
سادسا: عملية الربط المستمربين ما يقدم بأنه تراث مع مستجدات الدوله ودورها اليوم يبدو أمرا ضروريا وملحا لكى لاتظهر القناه وكأنها جزيره معزوله بمجتمعها القطرى الصغير وسط الحيز الاعلامى العام سواء فى الدوله حيث الجزيره المتمدة الاطراف أو النطاق الاقليمى المزدحم بقنوات الرأى.
سابعا: التراث ليس هو الماضى فقط, الحاضر ايضا تراث يتكون والمستقبل كذلك تراث قادم, تقديم ما يخص الحاضر ليؤسس ما نريده تراثا لاجيالنا القادم, كفضيلة الحوار والنقاش وتكوين الهويات المشتركه , قصر مفهوم التراث على الماض فقط فيه قصور ينبغى التنبه له.
ثامناا: الجانب المادى من التراث يستقر عادة فى المتاحف ليراه النشء والزائر بينما الجانب المعنوى مجاله الاعلام بشتى تخصصاته, هنا يكمن أهميه ووسيلة تركيز التراث كقيم ومعان وثبيتها مع العصر المتحرك بسرعه, بينما يثبت المتحف الماده والصوره والأثر.
تاسعا: الفكره جيده والقائمين عليها لهم التهنئه والشكر وكل ما أردت التأكيد هنا هو مفهومى "التراث والهويه" لأن فهمها بصوره شموليه وديناميكيه يجعل من التاريخ واحدا وليس مقسما وانما فى حالة تطور, التراث ليس فقط ماده أو نشاط مادى وانما هو روح المجتمع المستقره فى ذاكرة النشء جيلا بعد آخر . أما الهويه فهى حركة المجتمع نحو أهدافه العليا وغاياته الساميه مع مايستوجبه العصر من سمات.