في عالمنا العربي كل شىء حاضر
لاشىء غائب , العدالة حاضرة , الحرية حاضرة , المَكرُمة حاضرة , طالما
القائد الملهم حاضراً لايغيب , طالما أن الحضور يلد الحضور والالهام يرث الالهام ,
لايشكل الغياب في مجتمعاتنا أي سؤال ,هذا
الحضور الابدي هو لب المشكلة في عالمنا
العربي الزمان والمكان ممتلئان في عالمنا
العربي , في إعتقادي أن غياب خاشقجي مطلوب
وراهنيته قد حان وقتها, نحتاج أن يغيب أو أن يُغيب خاشقجي لكل
تحضر قضيته وهي قضية الحرية والرأي الحر , نحن اليوم نحتاج الى الغياب مجرد الغياب
في حد ذاته , الغياب يطرح أسئلة
مفتوحة , الآن في عقل كل عربي حضور
للغياب وغياب للحضور , حضور لموسى الصدر الغائب , للمناضل المغربي المهدي بن بركة
وحاليا للصحفي السعودي الغائب جمال خاشقجي
, بينما غاب القذافي ونظامه, والحسن الثاني وسنوات حكمة , وحالياً النظام
السعودي يرتج لغياب خاشقجي لأن كما
أشرت في غيابة تبدو قضيته حاضرة
وفي وجدان كل إنسان حر في أي بقعة
من العالم , , للغياب ثلاثة أبعاد ,البعد الوجودي وهو الشخص , والبعد المعرفي وهوإمكانياته
ودوره , والبعد الانساني وهو قضيته , إذا بإمكان السلطات السياسية وأنظمة
الاستبداد التخلص من بعده الوجودي
والمعرفي فإنها لاتستطيع أن تتخلص من بعده الانساني وتأثيره وقوة إنتشاره ,يختلف خاشقجي عن غيره من معارضي
النظام السعودي أولاً لأنه يطرح مشكلته إنسانياً بعيداً عن أي أدلجة , ثانياً لأنه
إختفى والاختفاء بمثل هذة الصورة يطرح
قضيته بشكل أكثر أهمية ويجعل منها قضية كل فرد وكل نظام ديمقراطي في العالم ,
فغياب خاشقجي هو حضور لقضية الانسان العربي , غياب خاشقجي هو حضور للهدر الذي
يتعرض له الانسان في هذه البقعة من العالم
, غياب خاشقجي هو حضور وتسليط الضوء على الممارسات
الصبيانية لهذه الانظمة , الحضور تجريد
بينما الغياب رمزية , عندما يكون المعارض مجرداً فقضيته مجردة معه
وسياقها مرتبط بأداءه وتحولاته
ولاتصل الى غيره الا بمقدار ما يتجه من التجريد الى الرمزية ولا يصبح رمزاً إلا إذا ذهب ضحية لتمسكه بقضيته أو دخل في سرداب الغياب تأبيداً لها. حضور جمال
خاشقجي اليوم أشد سطوعاً من أي وقت مضى كان فيه ضيفاً على قناة عالمية أو كاتباً في
جريدة عالمية , أنه يحضر اليوم كقضية إنسانية بعد أن كان حضورة كمواطن سعودي
وشخصية صحفية.