الثلاثاء، 24 يونيو 2025

الهوية وإشكالاتها4\4

 

  إن مجتمعاتنا من فرضية ثبات الهوية ورسوخها وتكورها بشكل يجعلها تخترق الزمن دون الإحساس بدورها في التجدد والتطور .

هناك عدد من الملاحظات من بينها: إن الخوف على الهوية ينطلق أساساً من عجز الثقافة من تحويل النص إلى معنى، فاحتفظنا بالهوية كنص ثابت وليس إلى معنى شعوري يتحرك مع الزمن .

  لا يتقدم المجتمع إطلاقا ما لم تكن هويته أمامه وليست خلفه. ليست هناك هوية خلف المجتمع، هناك تاريخ له سمات وتراث له مميزات يبنى عليها ويراكم حولها من خلال المرور خلال الزمن. الهوية الإسلامية هي اختراق للزمن وليس ثباتاً بحكم صلاحيته لكل زمان ومكان .

  هناك ارتباط بين ثروة المجتمع ونظرته للهوية، نظرة المجتمع للهوية بأنها ماضٍ مكتمل يجب الحفاظ عليه، يصرف الثروة باتجاه الماضي الموروث سواء كان تاريخا أو بشرا. المجتمعات المتقدمة ثروتها جزء من هويتها المستقبلية، فهل هي بانتظار المستقبل .

  الهوية التوافقية هوية سياسية، وليست دينية، هي هوية مستقبلية تستمع للآخر دون فزع، وتحاور المختلف دون خوف، فلذلك تتطور ويتطور معها المجتمع. والدين ليس مجالاً للهوية إلا ببعده الإنساني لأنه جاء ليكسر الهويات المنغلقة من طائفة وقبيلة وعائلة، نحن مجتمعات تعاني من عدم إدراك لحركة الوعي عبر التاريخ، فالدولة مرحلة من مراحل تبلور الوعي التي وصلت إليها تلك المجتمعات، بينما ظهورها لدينا سابقًا على الوعي بها، فأصبحت شكلاً من أشكال سيطرة الماضي على الحاضر لا أكثر .

مجتمعات الهوية الجاهزة

  مجتمعات الهوية الجاهزة بأنها لا تتطور ولا تتقدم لأنها ليست مجتمعات حرية حين يعتقد الناس أنهم يمارسون حريتهم، وهم لا يمارسون سوى حرية التصرف وليست حرية الإرادة، فرق كبير بين الاثنين؟.

  أن حرية التصرف ضمن ما يسمى بالهوية حرية ناقصة، لأنها محكومة أصلاً داخل إطار الهوية المعطاة، الحرية تتطلب انفتاح أفق الهوية نحو المستقبل، تعني أن تختار هويتك أو أن تصنعها أنت، لا أن يحددها المجتمع مسبقاً اعتماداً على تصور ماضوي يجري تحديثه بإعادته وتلقينه من جيل إلى آخر .

  ما أود الإشارة إليه هو ألا تبقى الهوية ربوة عالية تقف عليها وتنظر إلى العالم منها، أن يختار الإنسان من يكون، هي هويته، الدولة لا دخل لها بالهوية، كما يصرخ البعض بين حين وآخر على الدولة أن تحافظ على هويتنا، هذه دعوة للشمولية وللعبودية وليس للحرية، الدولة شكل للحكم وبينما الحرية شكل من أشكال الإنسانية، الإشكالية الأكبر حين تتدخل الدولة في فرض هوية وشكل محدد لها لتكتب تاريخاً أو تعيد هندسة المجتمع اجتماعياً، هذا كله من مثالب الخلط بين الدولة والهوية سواء .

  نحن مجتمعات امتداد وليست مجتمعات إنجاز وهنا يكمن الإشكال الكبير والصراع على التاريخ كما كان لا كما يجب أن يكون، كذلك الدين ليس مجالاً للهوية إلا ببعده الإنساني لأنه جاء ليكسر الهويات المنغلقة من طائفة وقبيلة وعائلة، نحن مجتمعات تعاني من عدم إدراك لحركة الوعي عبر التاريخ، فالدولة مرحلة من مراحل تبلور الوعي التي وصلت إليها تلك المجتمعات، بينما ظهورها لدينا سابقًا على الوعي بها، فأصبحت شكلاً من أشكال سيطرة الماضي على الحاضر لا أكثر .