أعتقد أننا في حاجة ماسة الى تحرير المفاهيم التي نستخدمها بكثرة ونعقد عليها الامال كرافعة حقيقية في نهوض
الامة ورفعتها , مفاهيم كالصحوة أو اليقظة أو النهضة تحتاج الى
أن تتحرر من أسر الايديوجيا أو الفهم الثيولوجي
"الديني" الضيق الى الفضاء الفلسفي الانساني الواسع , إعتبرنا أن هناك
صحوة اسلامية منذ سبعينيات القرن المنصرم جاءت بعد سبات ايديولوجي قومي ماركسي شيوعي...الخ , فإذا بالصحوة ليست
سوى عودة الى ماض متخيل في الذاكرة
وليس في الواقع سكبنا عليه من مخيلتنا الكثير من العصمة والنقاء وإذا بمجتمعاتنا
تعود القهقرى الى الاستعادة لا الى التقدم , تكلمنا عن اليقظة والنهضة فإذا
بنا نسرد الامكان التاريخي الذي لم يتحقق مع أنه موجود ضمن ادبيات الامة
من نص الهي أو سيرة نبويه, فأين الخلل إذن؟ في إعتقادي أن تحرير هذة المفاهيم من
البعد الديني "الثيولوجي" الذي هو الاسلامي في حضارتنا هو بداية
لتنشيطها كرافعة مستقبليه لا كإستعادة
ماضوية متخيله. نحن نصحو لنتذكر , نحن
نستيقظ لنعيد, نحن ننهض لنستعيد ذاكرة
متخيله , فكر إفلاطوني خالص , كل مايعمله الانسان في هذة الحياة ليس الا تذكر
لعالم "المُثل" الاعلى. في
إعتقادي أننا بحاجة الى "تنموية وضعية" , تطلق هذة المفاهيم من أسر الفهم
الايديولوجي والديني وتربطهم بالفهم الفلسفي والانساني الاعم ,فتصبح هذة
المفاهيم خروجاً للإنسان من قصوره الدوغمائي الماضوي وإيماناً بإنسانيته ومركزيته في الكون بعيداً عن عرقه ودينه ولونه
وخروجاً عن تصوره لبؤرة محرقيه ماضوية في
مخيلته يعود اليها كما هي الحال عندنا اليوم حينما نطرح هذة المفاهيم على النشء
الجديد فنزيدهم حملاً ثقيلاً عجزنا نحن
والاجيال السابقة من تفكيكه والوعي به كمستقبل فأصبحنا نحملة كماض ثقيل أرهق ظهر
الامة وأعاق تقدمها., الماضي ليس مشروعاً لصحوة ولا لنهضة ولا ليقظة , كل
المجتمعات والاديان السماوية والوضعية إمتلكت امكانيات للنهوض ونهضت ثم تراجعت
, قيم الاسلام هي القيم الانسانية
الموجودة في كل الحضارات الاخرى
,من الاجحاف التصور بأن المشروع الاسلامي يجب ان يسود حتى يرث الله الارض ومن
عليها , طالما هو مشروع فهو عرضة للتراجع , مع بقاء الاسلام وقيم الاسلام كإمكانية
إنسانية وليس كمشروع اسلامي ضيق متخيل من ماض , الفكرة الدينية كما قال "بن
نبي" فكرة تنهض بالامة ورأينا ذلك في
اليابان ودول شرق اسيا"بن نبي"
وهذا دليل على أن الفكرة الدينية هي فكرة انسانية خاصة بالانسان عموماً , فالثقافة
الاسلامية هي ثقافة انسانية او المفترض ان تكون كذلك , أرجو ان نحرر هذه المفاهيم
من أسر الفهم الديني الضيق للتجربة الاسلامية
حتى تصبح امكانية مستقبلية , فلا جدال بأن الاسلام امكانية نهوض , لكن الفهم الانساني للإسلام هو من يحقق ذلك ,
فالمشروع أذن أمامنا وليس خلفنا, واليقظة
لاتكون من حلم الماضي بقدر ماتكون تصوراً للمستقبل. مضى أكثر من قرن ونحن نكرر هذه المفاهيم ونعيد إنتاجها فلا نشعر بالصحوة الا مع تكرارها ولا اليقظة الا مع كل شيخ جديد ينادى بها ولانهضة الا مع كل مستبد عادل يخرج من حطام الماضي ليشعرنا أننا فقط أمةٌ تتذكر.