عندما تسيطر ممارسة السلطه بوصفها قوه على جوانب الاداره الاخرى التنظيميه والقانونيه لايعود هناك اداره بالمفهوم العلمى. السلطه احدى فعاليات الموقع الادارى الى جوانب فعاليات اخرى كالتنظيم وخطوط الاتصال المنظمه للامر الادارى والتراتيبيه , فالسلطه الاداريه اذا غير مستقله ولا تستخدم بمعزل عن الاطار الادارى الحاكم لها. استخدامها السياسى فى الاداره يفسد الاداره بل ينفيها. فى مجتمعات السلطه الابويه ابتداء من قمة الهرم الى قاعدته , لايمكن للإداره أن تتأصل بشكل فاعل لسيطره مفهوم السلطه سياسيا على الوضع, فترى المنصب الادارى عباره عن سلطه آمره أعلى الى أسفل من دون تغذيه اداريه راجعه ولاتنظيم ادارى فاعل. يأتى المدير أو المسؤول وفى ذهنه ممارسة السلطه وليس ممارسة الاداره, تتكون بالتالى ووفقا لذلك هوامش السلطه من المنتفعين والمصفقين , وتصبح الاداره أو الوزاره مسرحا لتجليات المسؤول وسلطته , يفرق هنا مستوى وعى المسؤول ودرجة ثقافته وهما محددان ذاتيات لايمكن الركون اليهما دائما, أما النظام الادارى فهو منتهك وحبرا على ورق, نتساءل لماذا لاتتطور الاداره لدينا , لسبب بسيط لانها تمارس كسلطه مغتنمه أو كغنيمه, لذلك لانعجب بأن نرى افواج المهنئين لدى سماع اى تغيير كبير او تشكيل وزارى جديد, حتى قبل ان يصل الوزير الى مكتبه, يعتبره المجتمع غانما وفائزا ومرضيا عنه. لايهم كيف تكون ادارته او فلديه السلطه التى هى فى عقل المجتمع الباطن تعنى الاداره بإمتياز. فك الارتباط ممارسة السلطه سياسيا وبين ممارستها اداريا هو بيت القصيد ويشترك المجتمع بثقافته فى تحديد ذلك من خلال سن القوانين والتشريعات اللازمه فى هذا الحقل. السلطه السياسه تحولت الى إداره اليوم , الادارات هى من يقود العالم وليس الكاريزما الشخصيه أو السلطه المفروضه, السياسه تحولت الى اداره وتنظيمات إداريه كما فى العديد من الدول المجزأه عرقيا وثقافيا وهى انجح الانظمه كالنظامالسويسرى مثلا وغيره . طريقنا للتقدم هو فى تحويل السياسه الى إداره ونزع طابع القوه الزائد والاجتماعى المصدر المختزن فى جوانبها الذاتيه. فى عالمنا نسمع عن نظام سياسى ولانسمع عن إداره سياسيه وهنا مكمن الفرق, النظام يعنى القوه , فعندما يوصف اى حكم بأنه نظام فلك أن تستدعى القوه الى الذهن, ولكن هناك الاداره الأمريكيه ولاتستطيع أن تسمى الحكم فى بريطانيا بالنظام البريطانى مثلا فهى مملكه دستوريه فالدستور هو التنظيم الادارى الاشمل, فى حين لك ان تعدد انظمتنا بلا حرج ولاتستطيع أن تطلق على أى منها صفة الاداره بتاتا, هل النظام السورى او المصرى او حتى الخليجى إدارات سياسيه. فلذلك يحمَل مثل هذا النظام تبعاته للمستوى الادارى الرئيسى والمنظم للحياه ابتداء من الوزراء حتى اصغر الادارات , فتنشأ إداره سلطويه وليست تنظيميه , فكل تغيير يأتى بعد ذلك هو تغيير فى الاداره لطابعها السلطوى المفروض عليها من أعلى , فلا يحدث التراكم الادارى المرجو و المطلوب لعمليه التنميه, وهو مايشاهد اليوم , تعجب عندما تزور أحد المسؤولين الاجانب لترى صور سابقيه فى مكتبه , تاريخ طويا ,يفتخر به, فى حين أن المسؤول لدينا أول عمل وربما الاخير له هو إزالة كل ما يتعلق بسابقه على الكرسى من جماد وإنسان, ومع ذلك هو لايتحرك بعيدا عن ثقافته التى جعلت من الكرسى سلطه فقط ومن المنصب غنيمه فنل حظك منه قبل فوت الأوان.