أتقدم للأخوة المسيحين العرب في الداخل
والخارج بالتهنئة بمناسبة عيد الميلاد والسنة الميلادية الجديدة. كنا نمارس
التهنئة بهذه المناسبة مع أخواننا العرب المسيحيين ونحن طلبة بكل تلقائية , كنا ننطلق
من موقف إنساني بحت ومن منطق تعايش تفرضه الحياة والظروف ومن ايمان بحرية العقيدة
,لاأجد مبرراً مقنعاً اليوم لدعاوي التحريم والتكفير لمثل هذا الأمر , التهنئة تأتي كأعتراف بوجود الآخر وليس بما يعتقد, التهنئة تأتي كأعتراف بحقه على
المجتمع الذي يعيش فيه, مثلما حقنا عليه أن يشاركنا أعيادنا بالتهنئه ويحترم
عقيدتنا,الفتاوي الكثيرة في تحريم ذلك أرى
أنها تخلط خلطاً عظيماً بين العقيدة والثقافة,التهنئه هنا تنطلق من البعد الثقافي للمجتمع وليس من بُعد
العقيدة للشخص , والثقافة اوسع مجالاً من
العقيدة , العقيدة قد تطبق الحدود الضيقة على المخطىء, ومع ذلك لاتخرجه الثقافة من
المله, رغم ارتكابه للأثم ,أعتقد أننا في العقود الاخيرة من تاريخنا أنفقنا كثيراً من الوقت في استهلاك الدين من
خلال استنطاق مالا ينطق فيه ,وجعله هدفاً في حد ذاته والدليل على ذلك كثرة الفتاوي
والمفتين وجر المسكوت عنه الى دائرة التحريم على الاغلب, لاأدعوك الى التهنئة ولكن
لاتحرمها على غيرك أن هو فعل , هذاالتكتل
الذي اراه في وسائل التواصل الاجتماعي مفنداً كل من هنأ الاخوة المسيحين بعيدالميلاد , يكشف عن سراب
عملية التنمية التي نفتخر بإنجازها في
مجتمعاتنا الخليجية, فشلت في أن تنشىء إنساناً قابلاً للتعايش مع الآخر وستنتج حتماً إنساناً
غير قادر على التعايش مع بني عقيدة مستقبلاً, وهذا ملاحظ والدائرة تصغر
يوماً بعد آخر حتى نصل الى الدائرة
الضيفة"الفرقة الناجية" إن الحكم في التعامل مع المختلف هو الاحسان والاحسان هو العدل,والعدل هو التعايش الانساني
المطلوب , ناهيك عما يفرزه الواقع المعاش من ظواهر لايمكن التعامل معها الا عن طريق مشاركة الآخر
والقبول به , من قال أنني إذا هنئته
شاركته اعتقاده في أن الميلاد يعني مولد إبن الله.هذه نوع من البارانويا والحفر الايكولوجي في العقيدة على حساب الشريعة
وفقه مقاصدها الكبرى, أدعوا الى ثقافة اسلاميه انسانية ,ترى في الاخر انساناً
مكتمل الانسانية, مهما كانت عقيدته وديانته , فمجتمعنا اليوم يحتوى مجمعاً للأديان
, هناك المسيحي والبوذي والهندوسي وغيرهم في
بيوتنا وفي اسواقنا وفي كل مكان , كيف نستطيع التعايش معهم كمسلمين لاأقول بمشاركتهم الطقوس ولكن من خلال استخدام
لغة التعايش اللفظية , اللغة هي بيت الكينونة
التي تكشف عن وجودها, فالانسان بلا لغة كينونة ناقصة ,كم دعى الاسلام الى
اشاعة السلام والتبسم في وجه الآخر
ايماناً منه بدور اللغة المشتركة
الانسانية في اقامة السلام والتعايش فإذا كنا سنحرم مجرد التهنئة اللفظية فماذا
سنبقى من انسانية المجتمع سوى زيادة
قابليته للإنفجار والتشظي