الجمعة، 6 يونيو 2025

دع الخلق للخالق

 تتردد هذة الجملة كثيراً  ونسمعها دائماً  في مواقف كثيرة, هل هي  مقولة سلبية  تنم  عن انانية    الأمر الذي يجعل  من نارها تحرق قدميك مستقبلاً  إذا وقفت منها موقفاً سلبياً أم  هي إيجابية  كما يقال لاتتدخل فيما لايعنيك, أو من تدخل فيما لا يعنيه لقي مالا يرضيه. هناك من يرى انها مقولة دينية مسيحية.لعل هذه العبارة تعبر عن نزعة صوفية  زهدية  اي ترك الانشغال بأحوال الناس  والاهتمام بأصلاح نفسك  ولقد وردت معان مشابهة لها  مثل  رحم الله 

 إمرأً  شغلته عيوبه عن عيوب الناس .  "ومن حسن اسلام المرء تركه مالايعنيه"  حديث  نبوي صحيح وقد شاعت هذه الجملة في الادب الشعبي والوعظي  هناك من ينظر أنها مقولة سلبية ضارة بالمجتمع المسلم  الذي فيه  تغيير المنكر واجب الجميع كل حسب إستطاعته ولايجب  ترك الامور   والانزواء بعيداً عن الشأن العام , لايصح ذلك لمسلم يدرك معنى الاسلام في حماية المجتمع المسلم,   الخطورة في "تثوير"  هذه الفكرة التي هدف الدين من خلالها التدرج في إزالة المنكر إن وجد , الى الدرجة التي تجعل من المقولة أو العبارة  إستفزازاً  للمسلم  وبالتالي يكون رد فعله مبالغ فيه, فهي  قد لاتعني بالضرورة شأن المجتمع وانما شأن الافراد  أو فرد, في تدبيره أو رؤيته للحياة  وللوجود عامة  دون المساس  بالآخرين أو  بحقوق المجتمع والافراد فيه , علينا ان لاننطلق من  ضيق المعنى بل من سعة العبارة , من سعة الامكان لا من حيز الضرورة الضيق ,   وفي تراثنا هناك الكثير من الكتب  تدعو الى ترك الناس وعدم الانشغال بأحوالهم  منها كتاب إحياء علوم الدين للغزالي, فمثل هذه الاقوال  لاتستجلب الوصاية  على الناس او المجتمع  أو هكذا يفترض  فالادب الشعبي عموماً مجال خصب لاقاويل الناس وخبراتهم في الحياة  ومجموع افكارهم واعتقاداتهم التي  هي  في المجموع إفرازاً لتجربة حياتيه معاشة 

المسافة الاجتماعية

 مجتمعنا يحتاج إلى إعادة الاعتبار لما يسمى بالمسافة الاجتماعية، وهي في أبسط تعريفاتها الحيز الخاص للإنسان الذي يتحرك فيه بما يحفظ له قيمته وكرامته ووضعه الاجتماعي، ما ألاحظه أن هناك التباسا كبيرا في فهم العلاقات وخلطا كبيرا بين مستوياتها نتيجة لعدم اعتبار هذه المسافة الاجتماعية وتقدير أهميتها، وهناك أسباب راجعة في ذلك للفرد وأسباب أخرى ترجع إلى المجتمع في ذلك. نوازع النفس البشرية تجعل منها أحيانا تلغي المسافات وتبرر الغايات، لكن المهم أن ينتبه المجتمع والسلطة إلى خطورة ذلك على الطمأنينة الاجتماعية التي تفترض وجودها مؤسسات المجتمع ومؤسسات الدولة بحيث تكون هناك منطقة وسطى من شبكة الخدمات التي تحافظ قدر الامكان على بقاء العلاقات أفقية بين أفراد المجتمع ولا تتحول إلى سباق إلى نسج العلاقة العمودية دائما وباستمرار مع السلطة على حساب المسافة المجتمع، وعلى السلطة كذلك أن لا تستغرق في الدخول في المجتمع بشكل يلغي العلاقة الافقية أو يجعلها غير ذات نفع بين أفراد المجتمع، لابد من إيجاد منطقة وسطى من شبكة الخدمات ذات الكفاءة مجتمعيا وحكوميا، بحيث يحافظ الفرد على مسافته الاجتماعية بشكل يحفظ كرامته وحقوقه. أرى أن مجتمعنا ينساق سريعا إلى عدم اعتبار المسافة الاجتماعية بهذا المفهوم والتي كانت واضحة ورصينة فيما مضى، أرى اليوم غيابا واضحا لها يؤثر على نمط العلاقات الصحية بين أفراد المجتمع، تدخل الدولة للحفاظ على هذه المسافة مهم جدا باعتماد المؤسسة لا الأفراد بحيث تكون المسافة الاجتماعية ترتبط بالمؤسسة دون الافراد وبالتالي بالثبات وليس التغير وبالطمأنينة ليس بالتهور، المجتمع بحاجة إلى من يطمئنه نتيجة التغيرات السريعة التي يمر بها وتأثير الريع الذي يحيل المعدم ثريا في يوم وليلة، أعيدوا الاعتبار للمسافة الاجتماعية والمجال الحيوي للأفراد الذي يحفظ قيمتهم ومكانتهم ويهدئ من روعهم لكي يطمئن المجتمع ولا يدخل في سباق مستمر مع ذاته دون منافس فيصبح الفوز فيه والهزيمة سيان.

الثلاثاء، 3 يونيو 2025

الى عرفات الله

 · حينما يقف  ضيوف الرحمن في عرفات يكونون قد اطمأنوا على أن حجهم قد وصل إلى مراحله الأخيرة، والاطمئنان هنا اطمئنان في الروح واطمئنان في النفس واطمئنان في الأبدان، وتلكم رغبات قلَّ أن تتوفر عند كثير من الأمم التي لاتدرك معنى التوحيد , أيام مباركة نعيشها اليوم , أحبة لنا  في اغلى بقاع الارض يلبون دعوة الله الى نبيه ابراهيم أن أذن في الناس للحج الى بيت الله في ارض  هي من اصعب بقاع الارض جغرافياً , لقد شرفني الله بأن قمت بهذه الفريضة العظيمة منذ خمسة عشر عاماً مضت إلا أنها لاتزال في سمعي تترد لحظاتها كل عام في مثل هذة الايام العظيمة, شعور روحاني لم أختبره من قبل ونحن نتجه  صباحاً الى عرفات في يوم الوقوف الاكبر , الناس من حولنا كأنهم جراد منتشر , تركوا الدنيا وراء ظهورهم , متجردين منها ألا من مخيط أبيض , حتى المغيب  , لايعود المسلم من الحج  كما كان قبله , كل من لايتغير لم يحج أو لم يتفاعل مع الحج كحركة تجدد الحياة   وتبدأ معها مشوراً جديداً , في هذة الرحلة الدينية يقترب الانسان من الله  لأنه يرى نموذجاً مصغراً ليوم الحشر الاكبر يوم يقوم الناس لرب العالمين  وأستجابة   لنداء عظيم  خرج الناس   لتلبيته من كل فج عميق , الوان من البشر , وجوه  يعلوها الامل , بكاء رجاءً للمغفرة والتوبة, دعوات تصعد الى عنان السماء  تهنز من هديرها الجبال , يوم عظيم , تتكلم الطبيعة فيه قبل الانسان شمسه مختلفة حين تشرق وحين تغرب  وكأنه اليوم الاول والاخير   في هذه الدنيا الفانية,  اللهم  بلغنا عرفة مرة أخرى, اللهم انصر أخواننا في غزةالباسلة, اللهم  آمنا في أوطاننا , اللهم أرحم تقصيرنا في حقك وفي حق أخوة لنا  يبادون ونحن  عاجزين كأفراد وشعوب عن نصرتهم.  اللهم ارحم ضعفنا وقلة حيلتنا, اللهم  عوداً أحمداً لكل حاج هذا العام وكل الاعوام اللاحقة ,  اللهم بلغنا عرفة والعيد ونحن بخير وعلى أمل بتلبية ندائك الخالد طالما كانت هناك انفاسُ تترد في اصدورنا

الى عرفات الله ياخير زائر

عليك سلام الله في عرفات

على كل افق بالحجاز ملائك 

تزف تحايا  الله والبركات  

 

 

ارى الناس اشتاتاً  ومن كل بقعة

اليك  انتهوا من غربة وشتات

تساوؤا فلا الانساب فيها تفاوت

لديك ولا الاقدار مختلفات