الخميس، 30 أبريل 2020

رجل الدولة وإنسان الخير



رجل دولة من الطراز الاول , قَدَره التربية والتعليم , إحتوى جميع المناصب ولم تحتويه, لايهرول خلف الاضواء ولايبحث عن الاعلام كما يفعل غيره , لأنه رجل برنامج ورؤية , تقلب في جميع المناصب الرسمية بلا إستثناء, أستاذ في اللغة العربية ورأس مجلس أمناء المنظمة العالمية للنهوض بها, له يد طولى في العمل الخيري حيث كان عضواً مؤسساً في الهيئة الخيرية الاسلامية العالمية في دولة الكويت, عضو مجلس الشوري الاول ,يحمل دكتوراة فخرية في الانسانيات  لجهودة العظيمة في مجال التربية والثقافة والعلوم  له العديد من الدراسات والبحوث في مجال اللغة العربية والتربية والثقافة, قال لي أحد التربويين الذين إشتغلوا معه ردحاً من الزمن لعله أفضل وزير تربية على مستوى العالم العربي على الرغم من بيروقراطية العمل الرسمي العربي بشكل عام , أنه الاخ الكريم عبد العزيز بن عبدالله بن تركي السبيعي أطال الله في عمره, لاأستطيع أن أعدد مناصبه التي تقلب فيها  داخل الدولة وخارجها , لكنني أستطيع أن أوكد شيئاً واحداً أنه إنسان "ممتلىء" لايبحث بقدر ما يُبحث عنه, لايعرض نفسه بقدر ما يُطلب منه, أنه كما ذكرت  رجل دولة يحمل "برنامج" لايفرط فيه حتى وان حالت الظروف على تحقيقه او استكماله , هذا هو الفرق بين رجل الدولة وغيره من المسؤولين , أحسن من يستطيع تشخيص العملية التعليمية في الدولة لأنها إبن هذه المؤسسة وتدرج  فيها حتى أصبح على  قمتها وعاصر الشيخ جاسم بن حمد ال ثاني  أول وزير للمعارف في قطر والدافع  الحقيقي وراء مسيرة التعليم في قطر ومن بعده الشيخ محمد بن حمد, متحدث في مجاله بقدر كبير من التمكن والدراية والعمق , لاتزال الدولة تحتاج اليه بعد تقاعده أطال الله في عمره وتحتاج الى استشارته وخبرته  وكذلك الاجيال الحالية بحاجة  فعليه لدراسة تجربتة التي اتمنى أن  يكتبها  ويؤصلها للتاريخ  وما التاريخ إلا مجموعة خبرات وتجارب, تجربة كبيرة وعريضة لابد أن تؤرخ  من أجل قطر وتاريخ التربية والتعليم , خاصة  أن إيمان الاخ عبدالعزيز بعملية التأريخ وأهميتها  واضح  بعد أن أصدر كتابه الرائع عن والده الشيخ الجليل عبدالله بن تركي السبيعي  "حياة عالم من قطر" والذي حظي بتقدير كبير من الجميع نظراً لمكانة الشيخ عبدالله واسهاماته الكبيرة الشرعية والتربوية والاجتماعية.

انعكاس التجربة  المتعددة الابعاد واضحاً على شخصية  الاخ عبدالعزيرفهو   لايتكلم دون ادراك ولايتجاوز دون حاجة, مثال للقطري المخلص الواثق من ربه ومن دينه ومن مكانته فوق ارضه وبين أبناء مجتمعه, لاأزكي أحداً على الله لكنها   شهادة أنا  على إيمان بأن وقت إستحقاقها قد حان بعد تلمس أطرافها عملياً واجتماعياً  ,أسأل الله الجليل أن يطيل في عمر الاخ الكريم عبدالعزيز وان يبارك له في ذريته وفي أهله  وأن يعينه دوماً على فعل الخير  وأن يلهمنا جميعاً محبة الناس والسعي في تحقيق اسمى معاني الانسانية أنه هو السميع المجيب

 

  

الأربعاء، 29 أبريل 2020

ثقافة "شيت أرناق"


 

أذكر ونحن صغار نلعب في الفريج يمربنا  رجل يحمل على ظهرة رداء كبيراً يضم في داخله  عدداً كبيراً من قطع الثياب وقطع قماش متعددة الالوان للنساء ويصيح شيت أرناق فينادى عليه  من بيت لآخر ويأتي عند الباب ويفرشه رداءه ويظهر قطع الثياب والملابس النسائية بألوانها المختلفة ويعرضها لنساء الفريج من بيت لآخر ويشترين منه  ما يردن ثم يطوي رداءه بما بقيَ ويذهب ليعود بعد كم يوم , هذا البائع "شيت أرناق" لاعنوان له  ولاأحد يهتم بمعرفة أسمه  أو من أين يأتي أو الى أين يذهب؟ وكلمة "شيت" أعتقد أنها تعني  قطعة لباس أو كما كنا نسميه"خَلق" وأرناق تعني أنواع فيما أعتقد . هذا التنوع يشبع طلبات كل نساء الفريج من من الملابس النسائية,  تذكرت هذا الرجل  وتذكرت ال"شيت أرناق" الذي يحمله وأنا اتتبع إعلامنا  الخليجي بشكل عام ومايبثه من برامج ومسلسلات خاصة في شهر رمضان , خاصة بعد تلاشي الطابع الترويحي الفكاهي  وزيادة جرعة الدراما الثقيلة ناهيك عن بعض البرامج التي تستجلب العنف والازدراء كوسيلة للتندر والضحك هذا التنوع في الشكل  الغير مدروس أو المؤدلج أحياناً ناهيك عن بعض البرامج المباشرة المكررة لقاء مع فنان أو مسؤول , يشعرك أننا نعيش ثقافة شيت أرناق مع جائحة الكورونا تبدو "الارناق" أكثر تعدداً وأكثر عدداً  النصائح تصلك حتى وانت نائم  والكل أصبح اختصاص فيروسات  والجميع يعيطك تعليمات بكل شكل ولون, شيت أرناق كان رجلاً بسيطاً  تبدو على ملامحة الطيبة وتعب السعي , بينما "شيتات أرناق" اليوم يملؤون الفضاء وهم على ارائكم جالسون  ويقدمون تنوعاً تلفيقياً هشاً حيث أن الامور تدار بعيداً عن تأثيراتهم  فإذا كان شيت أرناق" السابق لايهم أن يملك عنواناً واضحاً  فلأنه يبيع بضاعة كمالية , أم شيتات أرناق الثقافة اليوم  فهم  أما بين توظيف سياسي أو غباء إجتماعي, "شيت أرناق الماضي كان أعظم نفعاً رغم بساطة ما يبيع ووعورة طريقة يسلكه لكن الابواب تُفتح له ببراءة الزمن وحسن نوايا أهله. بينما شيت أرناق اليوم يتسلل الى البيوت ليس ليبيع وانما في الاغلب ليهدم  ولا أعمم , حتى يبقى الامل في الإصلاح طريقاً مفتوحاً.