السبت، 14 نوفمبر 2015
ماذا خسرنا بإزالة الفرجان والاحياء التاريخيه؟
تحديث الانسان أم تحديث المكان؟ الانسان الحديث في المكان القديم هو سر تناغم وإتزان الحضارة , الشعوب الحديثه التي استوطنت بقاع الأرض , أبدعت حضاريا لأنها مرتبطة اساسا بحضارة قديمة حدثت الانسان وأبقت على المكان , في استراليا وكندا وغيرهما, تجد إنسانا حضاريا رغم حداثة البلد النسبيه لكنه يستمد حضارتة وثقافته من حضارتة القديمة , الابداع حضارة لكن الاجتثاث إجهاض.
فرجان الدوحة القديمة وضواحيها الجميلة هي كل مانملك من تاريخ يُبنى عليه, البدع , الرميلة , الجسره , فريج شرق , الخليفات , السلطة القديمه , وادي السيل , الريان القديم , كل هذه المناطق أزيلت , بينما المفروض ان تبقى ويجرى تحديث الانسان عوضا وليس بنقله وازاحته الى مناطق جديده وحشره كما يُحشر السردين في علبته., الشخصية القطريه أجزم أنها تعاني من الانفضام اليوم , لم تعد تشعر بجذورها وإنما تلهث وراء مشروع اسكاني تماما كاللاجيئين الجدد في مجتمع لايعرفونه , هي الآن في موقع ضعف لعدم وجود دلائل على وجودها , أوجدنا شخصية مجهضه , ترتاب في الآخر القادم وتتمثله سارق قادم ليسرق مكتسباتها وحقوقها التاريخيه عبر تاريخها الذي كتبته قبل النفط حيث شظف العيش ومعاناة الحياه , لأنها لم تعد شخصية متجذره يشهد عليها المكان ويحدد شروطها من خلال الزمان. عصفت بالتنميه في مجتمعنا رياح كثيرة واستسلمت للاهواء والرغبات على حساب الصدق مع النفس والتاريخ , لقد خسر الانسان القطري كثيرا بإزالة وجوده الزماني والمكاني , لأن ذلك فتح صفحات التاريخ للتعديل وللتزوير طالما لعاب الريع لايزال يسيل ويجتذب من اطراف الدنيا وأصقاعها من يحلم بثراء سريع في أرض لايسكنها التاريخ وليس من اهتمامها المحافظة علىه كمكان ولازمان ولاحتى اسم , ولاأسهل لديها من إزالة المكان إلا تعريب الاسم والعنوان حتى يصبح الاعجمي الجديد من أبناء الضاد إسما ومن أصحاب الحق التاريخي سكنا وشرفا.
الاثنين، 9 نوفمبر 2015
وزير آيل للسقوط
أكثر الوزراء عرضه للمسائله في الحكومات الديمقراطيه هو وزير المالية , ومنظر وزير المالية الانكليزي بعد كل اجتماع لاعتماد الموازنة السنويه بحقيبة السوداء منظر تاريخي مألوف لدى الشعب الانكليزي بل هو أكثر المناظر عرضا على وسائل الاعلام في المجتمع الانكليزي لما للموازنة من أهمية كبرى على نشاط المجتمع الاقتصادي والاجتماعي , وهو لايجب حين يسأل سوى بالاشارة الى الحقيبة السوداء وكأنه يقول للشعب الاجوبة على أسألتكم هنا في الحقيبة,ومن ثم هو عرضة دائما لوسائل الاعلام وللحزب المعارض في الظل , هو مؤشر حقيقي لاداء الوزارة ولإستمرارها , سقوطه يعني فشل الخطة الماليه للحكومة وانكشاف الحزب أمام سهام المعارضة , حلوة هي الديمقراطيه , الحقيبة السوداء الذي يحملها وزير المالية الانكليزي خارجا من 10 داوننغ ستريت هي مايجذب انظار المجتمع الذي يدفع الضرائب ليحصل الخدمات التي تقدمها الحكومة, "لاضرائب دون تمثيل" شعار يحمي الطرفين الحكومة والشعب , حيث يحمل الطرفين ورقة ضغط لتوازن الامور , الخطة الماليه والاقتصاديه للوزارة هي مخاض بين دفع الضريبة ومناقشتها من طرف ممثلي الشعب, فإذا أخفقت الخطه من تحقيق أكبر قدر من الرفاهية للمجتمع , آل الوزير للسقوط, في مجتمعاتنا الريعية العكس تماما , وزير المالية هو فرعون الوزارات , يتوسله جميع الوزراء , ويطلبون ودَه, وهو أكثر الوزراء مقاومة للسقوط لذلك تجد بعض الوزراء تعدى الربع قرن وزيرا شامخا بدون حقيبة سوداء تتضمن خطة مالية واضحة وقابلة للنقاش, ولاصحافة لديها القدرة على المكاشفة ولاممثلين للمجتمع يمتلكون الارادة, وهو لايمتلك حقيبة سوداء يشير إليها حين سؤاله عن الوضع المالي والاقتصادي ولا يملك سوى عبارة "شدوا الاحزمة" التي إرتبطت في الذهن به , كما إرتبطت الحقيبة السوداء التي تحمل الخطة المالية في ذهنية الشعب الانكليزي. لكن مرحلة المجتمع الضرائبي مختلفة تماما, مجتمع الضرائب مجتمع شفاف, مجتمع خطة واضحه ومعلنه, تنفيذها يجري في العلن وإلا عُدت الضريبه سرقة وإنتهاك . المواطن المنهك الذي يعيش على راتبه والمتقاعد الذي لم يحصل على التقدير الكافي لما قدمه أيام عمله , كيف يدفع ضريبة وهو لم يحصل على خدمة بعد ؟سوى مجرد البقاء على قيد الحياة, يشعر بالمرارة حين الحديث عن مزيد من المعاناة سوف يتحملها وهو المغيب عن الرأي , حكوماتنا مشكورة لما قدمته لنا من دعم مستمرعبر الحقب السابقة إلا أن تقلب النشاط الاقتصادي وتأثيرات الوضع العالمي لايمكن الفرار منها إلا بتقوية الداخل "الحكومة" بحيث تصبح اكثر تمثيلا للمجتمع لا إملاءَ عليه. المفارقة أنه في المجتمعات الديمقراطية الوزير آيل للسقوط أمام مجتمع ثابت , بينما في منطقتنا الخليجيه ماعدا الكويت , الوزير هو الثابت , بينما المجتمع بالتالي هو الآيل للسقوط
الأحد، 8 نوفمبر 2015
برنامج"فصاحه" بين الواقع والمأمول
أعلنت القطرية للإعلام عن إنتاج برنامج ضخم يُعنى باللغة العربيه ويحث على التمسك بها كهوية جامعة لاغني عنها لشعوب الضاد العربية, وادراك تمام الادراك إهتمام الشيخ عبدالرحمن بن حمد الرئيس التنفيذي للمؤسسة باللغة العربيه وحرصه عليها وتطلعه المستمر لإنتشارها , ولي هنا بعض الملاحظات أود لو أوجزها في التالي:
أولا: يأتي البرنامج كما أذيع لرد الاعتبار للغة الفصحى , وهذا يعني أننا فرطنا أو قللنا في الماضي من أهمية أهم مكوَن لهويتنا العربية والاسلاميه. وذلك يتضمن الاعتراف ضمنيا اننا إختلقنا وخضنا المعركة الخطأ في المكان الخطأ في التوقيت الخطأ كذلك.
ثانيا: فرطنا في السابق وأخشى التفريط في القادم, ارجو ان لايكون قطار "فصاحة" هذا من السرعة بحيث يبدو متعارضا أو بديلا عن العامية التي هي أيضا لغة عربية, أو يخلق تصورا في ذهن الشباب أن هناك تصادما وتعارضا بين اللغة الفصحى والعامية المحلية الدارجة.
ثالثا: نحن لانتكلم اللغة , اللغة تتكلم من خلالنا, الانسان كائن متكلم , الانسان وعاء للغة ليس إلا, فاللغة هويتة التي ينكشف بها على العالم, إحتفاؤنا باللغة الاجنية طوال سنواتنا القليلة الماضيه على حساب لغتنا العربية كان خطيئة في حق الارض والهوية, لذلك مصطلح رد الاعتبار أو الاعتراف يجب أن يأخذ حيزا كبيرا جدا وبصوت عال حتى تغفر لنا هذه الاجيال التي فرطنا في حقها وشككناها في هويتها .
رابعا: تمكين اللغة العربية يحتاج الى قرار سياسي على اعلى مستوى , بحيث تصبح لغة التعامل في جميع الاوساط الرسميه الحكومية منها أو الخاصة. الدراسة في الجامعة ايضا لابد وأن تكون باللغة العربية وأعتقد أن هذا القرار أتخذ مؤخرا , ولكن أيضا جاء متأخرا بعد سنوات من التقليد ومحاولة التطور على حساب الهوية .
خامسا: هل اللغة هدف ذاتها أم هي وسيلة إتصال وتواصل ؟ هذا سؤال يمكن الاجابة عليه لتوضيح عدم تعارض اللغة الفصحى مع اللهجة الدارجة , الفصحى هي غاية في حد ذاتها ووسيلة , بينما الدارجة هي وسيلة بالدرجة الاولى, من الاهمية أن يدرك الشباب ذلك .
سادسا: نحن أمة بيان ونص"القران" كانت المعلقات قبل الاسلام هدف لغويا في ذاته يمثل عظمة البيان , وبعد القرآن اصبحت اللغة سرا من أسرار العلاقة مع الله يكشف غموضها الاكثر فصاحة ولسانا.
سابعا: أتوقع البساطة في الطرح لتحبيب النشء في الفصحى قدر الامكان , اتمنى ان يكون البرنامج له من القدرة على اجتذاب أكبر عدد من المشاهدين كما شهدنا في برنامج شاعر المليون في حلقاته الاولى.
ثامنا: لايمكن ان يتابع المشاهدين " برنامج فصاحة" والرموز اللغوية التي تقع عليها أعينهم تهدم أبسط قواعد اللغة العربية بداهةَ, لوحات الفرجان والاحياء والمناطق والشوارع في قطر وقد أشرت الى ذلك في مقال سابق "لبديع- لدحيل- لوسيل-لأبرقه-لوَل ....الخ", هذا التناقض بين المسموع والمرئي لايوجد ذهنية ايجابية لديها صفاء الاستيعاب, أرجو تزامنا مع هذا البرنامج مراجعة هذه الرموز واللوحات الارشاديه الهزيلة لغويا.
تاسعا: بودي لو أضيف الدكتور علي بن أحمد الكبيسي أستاذ اللغة العربية كمحكم في البرنامج وهو الاكاديمي , الاخوة المحكمين جميعهم كفاءات إلا أنهم ليسوا أكاديميين , وبرنامج مثل هذا لابد أن يكون أحد الاكاديميين في اللجنة ليبدو أكثر مصداقية.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)