الأربعاء، 24 يونيو 2015

إستقبال أحمد منصور كيف قرأه قطاع كبير من القطريين؟


لاحظت وانا أتابع استقبال أحمد منصور الذي دعت إليه الجزيره وقامت بتغطيته على أوسع نطاق , أن قطاعا كبيرا من المجتمع القطري ليس مقتنعا بذلك , ويعتقد أن ذلك تضخيما غير مبررا لمذيع عادي جرى توقيفه بناء على طلب من الانتربول في إحدى المطارات بناء على مذكرة صدرت في حقه من وطنه , وأنه جرى الافراج عنه في خلال يومين, فلم كل هذا الضجيج الذي حوله الى بطل وبدا وهو يخاطب الاعلام كأنه يذكرنا بأمجادنا السابقه "لقد نزعت الخوف من قلبي منذ أن التحقت بهذه المهنه" ونرجوا من المانيا أن لاتنجر الى الديكتاتوريه " قمت بتغطية جميع الحروب في افغانستان والبوسنه وغيرها " وهي عباره ممكن أن تحل محل عبارة"قمت بخوض جميع الحروب دفاعا عن الاوطان وعن مكتسباتها" التي كانت سائدة في عصر سابق , " أنا الصحفي الوحيد ربما في التاريخ أو في تاريخ المانيا أو كما قال الذي يتعرض لما تعرضت له" وهي عباره ايضا تقابل , أنا الزعيم الأوحد " التي كانت سائدة كذلك .خطاب كبير وعظيم كعظمة قادتنا الذين رحلوا.
الآن للجزيره الحق كاحد العاملين فيها أن تحتفل به بدعوى أنه إنتصار للصحافه ولحرية الكلمه فيها كقناه رائده. ولكن ما سبب حنق هذا القطاع من قطر على ذلك التصرف , الذي ظهر بعضه على شكل تغريدات والكثير منه كان يتداول في المجالس وخلال الاحاديث وقد استمعت الى فيض منه , حتى انني لم أسمع ما يناقضه من أحد من القطريين . ولي هنا بعض الملاحظات :
أولا:أوجدت الجزيره منذ إنشائها شرخا كبيرا بين "من قطر" "وفي قطر" فحددت "من" لأهل قطر و"في" لها ولموظفيها والعاملين فيها. فهي من قطر ماليا وفي قطر إعلاميا .
ثانيا" طبعا هناك مبررات كثيره استمعنا اليها عبر اكثر من عقد منذ انشاء القناه , ان قطر دوله صغيره ومشاكلها على قدها والجزيره جاءت لأهداف أوسع وأشمل وما إلا ذلك, هذا الوضع أفرز ميكانيزم دفاعي لدى الجمهور القطري وحساسيه لكل ما تأتي به الجزيره وحتى من يعمل فيها .
ثالثا: هذا الوضع أفرز شعورا لدى المجتمع القطري أن كل ماتفرزه الجزيره موجه للخارج ولايعكس مافي الداخل , فلم إذن يبتهج الداخل القطري ؟ ويصفق لبطولاتها منذ سامي الحاج حتى أحمد منصور.
رابعا: الشخصيه القطريه شخصية بسيطه وليست مركبه وتتعامل مباشره وبعفويه , هذا التركيب الذي أحدثته الجزيره منذ إنشاءها , جعلها تلتبس بمفهوم الوطن , فهي بسياجها وطن داخل الوطن والتبست استقبالاتها بإستقبالات الوطن. هذا الضمور من جهة وهذا التضخيم من جهة أخرى , اثر سلبا على المواطن وايجابا لدى الطرف الآخر.
خامسا: هناك عامل آخر شخصي التمسته من ردود الفعل لدى القطريين على استقبال أحمد منصور وهي أنه لايتمتع بشعبية لديهم , نظرا لأسلوبه وطريقة إدارته للحوار وقيل وكتب في ذلك الكثير , ربما كان هذا ايضا عاملا في عدم الاقتناع بكل هذا الاستقبال والاحتفال حتى ولو أتخذ كمجامله.
سادسا: أحمد منصور نفسه تكلم عن نفسه كبطل والعبارات السابقه التي ذكرتها في المقدمه , مع أنه لم يعاني بعد من الاعتقال سوى التوقيف لساعات , فذكر عدد الكتب التي ألفها بالاضافة الى ذلك ونسي أنه استخدم نفس منطق الديكتاتور وهو يهاجم الديكتاتوريه " كثرة" الأنا التي استخدمها للتدليل على بطولاته تبرز حقيقة أن الديكتاتوريه المزمنه تنتج معارضه على شاكلتها , وهذا هو داء الأمة القاتل, وربما نسى أن حالة الحنق على النظام المصري القائم هي السبب الأصلي في إظهاره بهذه الصوره البطوليه, التي أشعرته بالذات المتضخمه.
سابعا: هناك شعور عام لدى القطريين بأن الجزيره مرت بفترتين , الفترة الأولى منذ انشاءها حتى احداث الربيع العربي , والفترة الثانيه منذ أحداث الربيع العربي حتى اليوم , في الفترة الأولى كانت أقرب الى نبض المواطن العربي لأنها كانت تُعلى أو تحاول أن تُعلى من واقعه البائس , بينما في الفترة الثانيه , إنغمست في هذا الواقع البائس وبدلا من إعلائه أخذت تديره.
ثامنا: الحريه التي تمارسها الجزيره بإتجاه العالم , تبدو شمولية تمارس على الداخل وهذا واضح , وتناقض كبير فكلمة "في قطر" كما يبدو تعني التضمين عند من وضعها أو عدم الاهتمام وكلاهما نظرة شموليه و"ستريوتايب" نمطي يدل على الحكم المسبق.
تاسعا: لانستطيع ان نفصل رأي هذا القطاع الكبير من القطريين حول إستقبال أحمد منصور عن رأيه عن الجزيره ككل , مع بعض النظرة الشخصيه للرجل كما ذكرت , لاتستطيع أن تعطي هذا القطاع اجابة شافية مثلا عن دعوته للمشاركه في برنامج " تراحيب" ليتحدث عن هوايته , ولا تدعوه للمشاركه في برنامج "الاتجاه المعاكس" مثلا لعرض قضيته . التعويض حالة نفسيه مؤقته لايمكن أن تكون حالة مستمره .
عاشرا: أنا اعتقد أن علينا أن نتعايش مع فكرة الوطن بشكل أكثر ثقة في ابنائه ومثقفيه ودعاته وأئمته , نستطيع أن نكسب الثناء اللفظي , نستطيع أن نكسب التعبير الخطابي , نستطيع أن نحصل على التبجيل المدفوع الأجل , لكن العقل الباطن يحكي قصة أخرى , وما الابتزاز الذي نعايشه حول أحقيتنا في استضافة مونديال 2022 الا دليلا بسيطا على الاختلاف بين ما يقوله اللسان وما يخفيه العقل الباطن

هناك 6 تعليقات: