تشارك الثقافه العربيه فى ماساة عالمها بإمتياز , فى حين تدَعى , أنها طريق إصلاحه وشفائه من ما علق به من أمراض وعلل. تمارس الثقافه العربيه بشكل دائم وربما يومى فى إزمان مرضها, المتمثل فى أولوية القول على العمل , فالفاعلون هم من يمتلك القول أو المتكلمون , فى حين أن قوة العمل الحقيقيه هى كتل المستمعين.. أُختزل العمل فى القول , وإختزلت قوة العمل الحقيقيه فى الاستماع ومن ثم التنفيذ أو اللامبالاه. لن تتقدم الأمه وثقافة الخطابه هى السائده, لن يتقدم المجتمع وهو بين متكلم ومستمع فقط. الثورات العربيه القائمه اليوم هى فى الاساس لكسر هذه الثنائيه ,محاوله إرجاع الفعل الى مكانه بعد أن كان مجرد إستماعا لوصايا رسوليه من القائد أو الزعيم أو الخطيب. الفعل التاريخى فى الأساس هو فعل الكتل الشعبيه وهى من يحرك التاريخ , بسذاجه وبإمتزاج ثقافى بين الدينى والمجتمعى جرى تحييد الفعل التاريخى وإستبداله بالفعل الفردى المدعوم برؤيه وبتأويل دينى وليس بالدين أساسا. فلذلك ساد الزعيم بخطبه وصفقت الجموع , وتكلم وأفتى الخطيب ولم يتسائل أحد , وأصدر الحاكم المراسيم التوريثيه للأرض ومن عليها لأبنائه ولم تنبس الجموع ببنت شفه. إنها فى الاساس إشكاليه بين القول والفعل, يستمد القول قوته من النص التاريخى والدينى ذو الصفه التأبيديه ولذلك يستقوى على الفعل التاريخى لفترات طويله حتى تَعى الشعوب خلاصها بفهم آخر , وهو ما جرى فى أوروبا وغيرها , وهو مايحرك الشعوب العربيه اليوم لالثقافة القول التأبيديه بل و ضرورة فك الارتباط بينها وبين النص التاريخى والدينى, حين تاتى على الحريه العامل الأسمى لوجود الإنسان لابد وان خللا طرأ على فهم التاريخ والدين لدى هذه الشعوب , فلذلك تحركت إرادة الفعل فيها, اليوم لايمكن التستر وراء التاريخ لسبب او للآخر بدعوى العرق أو الوطنيه أو نقاء الأصل ولايمكن كذلك التخفى برداء الدين وفقه الضرورات التى جرى سحبه على تاريخ الأمه بأكمله حتى أصبح تاريخها تاريخا للضرورات . ثمة فوضى قادمه لابأس ولكنها بدايه للحوار والتفاعل الهام الذى سيغير من المعادله بين خطيب رسولى أيا كان منصبه وبين مستمع عليه أن ينصت وينفذ, فلذلك عملية النهضه عمليه تفاعليه لايمكن أن تختصر فى برنامج يُدرس بين أستاذ وطالب , بمعنى أنها بين من يعرف الطريق وبين من لايعرف أو يجهله, هذه عود على بدء , فى حين ان التاريخ يخبرنا ان النهضه عملية اسنتكشاف دائمه وتفاعليه بين الذات وظروفها والآخر المحايث , بمعنى انها عمليه معايشه فهى الى حد كبير تستصعب على أن يتحملها قانون أو يسطرها كتاب كنموذج .
الجمعة، 22 يوليو 2011
الأحد، 17 يوليو 2011
الوسط المعرفى... الشهاده ومن يحملها
كثيرا ما تستعمل الشهاده العلميه فى مجتمعاتنا كتعويض لحالة الثبات المجتمعى التى جُبل عليها المجتمع , فليس ثمة تغيير لها على طول المدى. ومثل هذا التكتيك مُضر للعلم وللمعرفه فى آن واحد. لأنه يدفع الشخص أساسا لإمتلاك الشهاده ليس ربما حبا فى العلم وأنما لتحسين وضعه الاجتماعى وإنتشاله من حال ثابت قد أقره عليه المجتمع بشكل نهائى إلى حال أفضل إجتماعيا بإضافه صفة الشهاده العلميه إلى جانب إسمه بمناسبه وبغير مناسبه. كنت أعجب فى زيارتى لمصر فى مطلع شبابى وأنا أرى لوحات الشهادات للأطباء والمهندسين وغيرهم تسُد البالكونات والنوافذ وهى تحمل أدق التفاصيل عن هذه الشهادات والمميزات التابعه لها سابقا ولاحقا وهل تطل على الشارع , وأتسآءل ماذنب المواطن وما يخص الفرد فى الشارع أن يعرف أن صاحب هذا البيت أو الشقه يملك شهاده بمثل هذا الحجم وقد شوهت منظر السكن ناهيك عن الشارع. وأزدت عجبا فى زياراتى لأوروبا بعد ذلك لما وجدت أن اعظم المؤسسات وأكبر الاطباء يكتفون بمجرد علامه صغيره على مكاتبهم تشير إلى مهنهم وشهاداتهم عباره عن مختصرات لاتتعدى الاحرف الثلاثه. فأدركت بعد ذلك ان للمسأله بُعد إجتماعى يتعلق بوضع الفرد فى المجتمع وبحراكه الإجتماعى من عدمه. إختفاء التمايزات الطبقيه بأشكالها تجعل من الوسط المعرفى وسطا صحيا ويقلل من حدة إختلاطه وتشوه أهدافه وتفرز إلى حد ما طبيعة المنتسبين إليه. فالبروفيسور يتصرف بطريقه لاتميزه عن الفرد العادى فى حين أن أستاذ الجامعه لدينا يريد أن يعرف العالم بأكمله أنه دكتور يمتلك الشهاده, حتى وأن كان الوضع لايحتمل ذلك وليس فى مكانه. لذلك ترى فوضى معرفيه ,عندما يضطر الفرد لإستعمال شهادته فى كل حين و فى غير محلها ومكانها أثباتا لذاته فعليك أن تدرك أنك تعيش فى مجتمع طبقى من الدرجه الاولى , نقرأ مقالات عاديه غير متخصصه يذيل اصحابها اسماؤهم بلقب دكتور أو إستاذ دكتور ما مناسبة الشهاده هنا, ما أهميه أن يدرك المشاهد مثلا أن من يقرأ نشرة الاخبار حاصل على الدكتوراه وهل يستلزم الأمر ذلك, ليس القصد هنا الاشاره لأحد بذاته لا والله ,ولكن الأمر كونه ملاحظه لمشكله أعمق واشد وهى ثبات المجتمع وإقصائه وتأثير ذلك على الوسط المعرفى حيث يتجه لمواجهة هذا الوضع وليس لهدف أسمى هو المعرفه فى حد ذاتها, خسر العلم يوم اصبحت الشهادات العلميه وسيله لتحسين الوضع الاجتماعى أكثر منها مطلبا ذاتيا, خسر المجتمع عندما جعل من اللقب هدفا فى حد ذاته فمن لم يتاح له اللقب فطريا فليبحث عنه أين وجد, خسر المواطن عندما أدرك أن وجود اللقب العلمى أهم من ذاته فأختبى ذاتيا وراءه وأستعمله حتى عند دخوله المطعم ليأكل. البعد التاريخى لهذا الاشكال موجود فى الطائفه الاجتماعيه والدينيه حيث الجهال والمطلعين والشيوخ , لاتجوز الترتيبيه الجامده الا فى الجيوش لترتيب الأوامر فقط والالتزامات, المؤسسه فقط تلتزم بالهيراركيه " الترتيب التنازلى للأ وامر" أما فى المجتمع فهى مفسده وتفسد الاخلاق والمعرفه معا. عجبت لشهاده يأخذها المرء فى سنوات عده , يستمر مفعولها الى آخر العمر وربما بعده لتصبح هى الأصل وصاحبها هو ظلالها المنعكس, إحفروا داخل العقليه المجتمعيه ولاتكتفوا بالنظم والمناهج لإصلاح الوضع لأن الشهادات ستؤخذ , ولكن بأية نيه ومن أجل ماذا هذا هو السؤال؟ولاأعنى هنا شموليه ولكن الجانب السلبى فى الموضوع قد أصبح ظاهره يمكن ملاحظتها.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)