تشكل الوعي المجتمعي بعيدا المصلحة العامة يدخله فى اطار مجتمع المناسبة بامتياز, بمعنى انه يخفي مايمليه عليه وعيه فى عقله الباطن أو فى اللاوعي بقدر ما ينساق الى شكلانية ما يفرضه عليه واقعه من مسايرة . تشكل المناسبة الاجتماعية مظهراً اجتماعياً كبيراً فى مجتمعاتنا لأهميتها بل انها تعتبر معلماً تنفرد به هذه المجتمعات دون غيرها فهى رمز للتآلف والتآخي والترابط بين أفراد المجتمع , وهى من لبنات المصلحة العامة بلا شك ولكن عليها ألا تكون هى كل ما يمثل المصلحة العامة. لأن مفهوم المصلحة العامة أكثر شمولية من مظاهر المناسبات أيا كان نوعها , فى المناسبة تشيع ثقافة غير ناقدة" النقد هنا بمعنى "الفهم" أن يفهم المجتمع مايجري" بحكم طبيعةالمناسبة التي تحتمل التماثل والمجاملة والتسامح الى حد الانصهار أو الانسحاب , فى حين أن المصلحة العامة قد تقتضي المصارحة والنقد والاختلاف والفهم فلذلك من الضروري تواجد مجتمع المصلحة العامة ومناسباته الى جانب مجتمع المناسبة الاجتماعية وثقافته . انفراد ثقافة المناسبة يحوّله الى قشور غير معبرة عن واقعه الحقيقي وبالتالي يفتقد المجتمع نقد الذات والتطور , فتشيع بالتالي ثقافة الصورة الجامدة لشخوصه كالتي نشاهدها فى الأعراس وتتشابك الأيدى وكأنها فى الصلاة دلالة على الالتزام بالمناسبة وعدم الخروج عن المألوف بعيدا عن ثقافة الرأي والحركة.
حتى المنهج القرآني لا يعول على الثبات الذى يقوم ويرتكز عليه مثل هذا المجتمع . هذا المجتمع سيظل معلقاً ما لم تتزواج المناسبة الاجتماعية وثقافتها بثقافة المصلحة العليا الناقدة التي تتجاوز الأفراد الى مصلحة المجتمع ككل وتتحول بالتالي هذه الثقافة الى مناسبة اجتماعية وتبدو صورها مختلفة تظهر فيها الحركة والمناظرة والحوار. تشيع اليوم فى جرائدنا نقلاً للمناسبات الاجتماعية وبالأخص مناسبة الزواج والصورة وحدها قد تحكي ثقافة المجتمع وتحكي حراكه وحيويته.الدوحةاليوم عاصمة ثقافية بإمتياز ولا تزال المناسبة الاجتماعية وثقافتها التشابهية هى المسيطرة وهي الريتم الذي يحاكيه المجتمع بشكل وجودي واضح كما لو يبدو وكأنه إمكانية المجتمع القصوى التي يستطيع تحقيقها ,أي انتصار لثقافة الجمود أكبر من ذلك.
مفهوم المصلحة العامة مفهوم جلل بل هو ثقافة بحد ذاته وهو فسيفساء لا يعرف الاحتكار لفئة دون غيرها ولا يعرف الثبات بحكم تغير الظروف والأحوال ولا يغني عنه ولايمثله شكلاً أو مظهرا ًواحداً تحتدم فيه الآراء والتوجهات لتنصهر أخيرا فى هدف أسمى هو مصلحة الوطن أي أنه مفهوم ديناميكي صورته متحركة غير ثابتة تقبل الرأي والرأي الآخر. والى أن يشيع مثل هذا المفهوم ويصبح ثقافة معاشة لا مستهلكاً اعلامياً سنبقى مع مجتمع المناسبة الاجتماعية وقدسية الصوره الجامدة, لدرجة أنك تعتقد أن الجميع في صلاة من شدة الانضباط ونمطية الحركةالواحدة وليس الأمر سوى صورة تذكارية في مناسبة إجتماعية, لكنهاداخل عقل المجتمع الباطن تحكي قصة إثبات وجود حتى وإن كان معلقاً أو على الهامش.