وقعت عيناي ذات يوم على إعلان منشور في إحدى جرائدنا القطريه عن
فتح باب القبول في عدة تخصصات في جامعة الخليج العربي بالبحرين , وهي مشروع رائد
لو لم تصبه لعنة السياسه العربيه وتقلباتها, بين تمويل وتأجيل ومناشده لإستمرارها
من جانب بعض مثقفي الخليج وأذكر منهم الدكتور أحمد الربعي رحمه الله الذي ناشد
الدول الخليجيه المحافظة عليها وعلى شركة طيران الخليج بوصفها مشاريع وحدويه
مشتركه ,وهي لاتزال قائمة كمشروع في حين إختفت شركة طيران الخليج إلا أنني اعتقد
انها لاتحظى بنفس الزخم من الاهتمام كما بدأت , على كل حال ,كانت التخصصات
المطروحه محدوده ومختاره لكي تسد النقص الذي تعاني منه الجامعات الحكوميه في كل
دوله على حده, مثل تخصص التصحر وادارة التقنيه والكيمياء الحيويه بالاضافه الى
كلية الطب,فوجدت اقربها الى تخصصى هو تخصص إدارة التقنيه , وهي إداره صناعيه
بالاضافه الى بعض التطبيقات لمفهوم الاستراتيجيه , البعثات
انهيت جميع إجراءت الإلتحاق, ولم يتبق سوى المقابله الشخصيه التي تمت مع الدكتور
حافظ المطوع شقيق وزير الدوله البحريني السابق محمد المطوع وبرفقة عدد من
الاساتذه, حيث وضعوا شروطا علي أن أجتازها للالتحاق بالبرنامج في مقدمتها اجتياز
امتحان الاحصاء, وبالفعل تم ذلك فالتحقت في خريف 1994 بالجامعه بوصفي طالب دراسات
عليا , ومن اصعب المقررات التي واجهتني كان مقرر بحوث العمليات" الذي كان
يدرسه الدكتور عبد اللطيف الزياني الامين الحالي لمجلس التعاون , حيث كان جديدا علىً
واجتزته بصعوبه, أما أمتع المحاضرات فكانت مع الدكتور محمد جابر الانصاري استاذ
الحضاره الاسلاميه في الجامعه ومستشار جلالة ملك البحرين حاليا, والذي كان متطلبا
أساسيا لكل طلبة الجامعه, وفي أول محاضرة له طلب مني تلخيص كتابا مختارا وعرضه على
الطلبه وهو كتاب "الاسلام وأصول الحكم " لعلي عبدالرازق, وفعلا قمت بذلك
وأبديت رأيي حول تصورات الكتاب وتم نقاش مطول حوله من جانب الطلبه , وبالمثل كان
على كل طالب أن يقوم بعرض كتاب مختار كما يبدي رأيه فيه , وكلها كانت من الكتب
التي أثارت ردود فعل كبيره عند نشرها لجدة محتواها ولصدمتها للعقليه التراتيبيه
التي لاتقبل التجديد أو المس بالتقليد,, مثل كتاب "خرافة الميتافيزيقا "
لزكي نجيب محمود والاسلام واصول الحكم لعلى عبد الرازق , وكتاب دارون والتطور .
وغيرهم كتب كثيره تداولناها بحثا ونقاشا , أثرت لدي ذائقة نقديه التي كانت موجوده
لكنها في حالة عطاله وكسل, فنشرت في ذلك الوقت أول مقالة لي بعنوان على ما
أذكر" إشكاليات تنمويه " في جريدة الخليج التي تصدر في الشارقه, في
غام1993 ومقالا آخر بعنوان "التنميه والبعد المنسي" ونُشرا في مكان لائق
, تجربة جامعة الخليج العربي , تجربة أغنتني كثيرا, هناك تنوع في المجتمع البحريني
, والتنوع ثراء, إزداد إيماني بأننا شعب
واحد, الطلبة البحرينيين حريصون على الوقت
وعلى الجهد وعلى المال تقريبا أكثر من
غيرهم من شباب الخليج , البحرين كينونة لايكتمل الخليج الا بها , عجبت لمن يسوق
للتفريط بها أو إنتزاعها من لحمتها العربية الخالصة
الأربعاء، 4 مايو 2016
الثلاثاء، 3 مايو 2016
المجتمع بين فلسفة الاخلاق ومكافحة الفساد
منذ فترة قرأت خطوات اعلنت
عنها هيئة الرقابة والشفافيه في قطر لمكافحة الفساد , وقبل ذلك أعلنت النيابة
العامة في العام المنصرم عن استراتيجة
ووضعت لها بوسترات "استمع
وأنظر وبلغ" .وكان الضحية فراش في إحدى الوزارات قبض عليه متلبسا بأخذ رشوة قدرها عشرة ريالات نظير تخليص معاملة
لزبون. هذه الجهات الرسمية تدعو المجتمع ان يبلغ عن الفساد , في حين أن
المجتمع يشعر بأنه ضحية للفساد ,
الاشكالية هنا كما أراها تتعلق بتعريف الفساد ذاته, ومدى سماح ثقافة المجتمع لجزء
منه في ممارسته تراتيبيا دون حرج الى الوصول
الى من
يقدمون ضحايا أو قرابين لتستمر ثنائية الالهة والقرابين, هذا من جانب , من
جانب آخر,شعار ليس هناك مجتمع خال من الفساد شعار جميل وصحيح , لكن على أي وجه يُحمل , على وجه التبرير, أم على
وجة الاصرار والتغيير؟هل مكافحة الفساد
عمل ديني واخلاقي , أم يمكن الفصل بينهما
فيما يتعلق بالاخلاق , عبر تاريخ الدولة السلطانية في عالمنا العربي رأينا
تحالفنا بين السلطة والفقهاء ممايبرر لها كثير من الممارسات التي فيها بين
قوسين"شبهة" ولاتزال دولنا تستعين بالفقهاء لتبرير وجوده وبعض ممارساتها له ففي ثقافتنا
ضعف فيما يتعلق بمبحث الاخلاق حيث
يجوز للقوي ما لايجوز للضعيف اخلاقيا وللغني مالا يجوز للفقير ماليا ....الخ,وفي
دراسات أجرتها الدكتور أسيل العوضي من
الكويت وجدت كثير من الطلبة يشيرون إلا أنهم
سيغشون في الامتحان إذا أمكنهم ذلك مع أنهم
يدعون التدين ووصفوا هذا التصرف بأنه"عادي". هنا الاشكال الذي
نعاني منه.
فالموظف متى ما أتيحت له الفرصة للسرقه سيسرق, والمدير متى ما أتيحت
له الفرصة لأخذ العمولات سيأخذها , مع قيامهم بجميع متطلبات الدين التعبديه. الفساد
ليس مجرد السرقة المادية هذا شكل مبسط جدا منه مهما كان المبلغ ضخما , الفساد هو
أن تُجير الدين لكسر قاعدة أخلاقية ,
فالسرقة عمل لاأخلاقي , قبل أن تكون محرمة دينيا, تستطيع أن تفك حرمتها الدينية
لكن لايمكنك أن تبررها أخلاقيا حتى في زمن
الجوع , عندما يبرر شيخ الدين للسلطة ممارسة ما
تحقيقا لرغبتها فقط بالرغم من ادراكه لعدم جوازها او بإضرارها فقد كسر قاعدة أخلاقية لذلك كان سقراط واعيا لهذه القاعدة الاخلاقية حينما وفر له طلبته
فرصة للنجاة والهرب من الاعدام بشرب السم
الذي ينتظرة في الصباح, وقد أتهم بتخريب عقول الشباب وإفسادهم, قائلا إذا هربت فهذا إعتراف بالتهمة وبأنني فعلا مفسدا لعقولكم,
وتجرع السم راضيا. هذا هو الموقف الاخلاقي
.لاوجود له اليوم في مجتمعاتنا العربية والاسلامية الا فيما ندر أو فيما يتعلق
بالحروب الطائفية وهي حروب لاأخلاقيه من
الاساس.
أنا أعتقد أن علاقتنامع الفساد في مجتمعنا هي في إعتباره محرم دينيا , جائز أخلاقيا,فأوجدنا سبلا للتبرير
دينيا واغفلنا الجانب الاخلاقي الانساني
في ظل غياب الطلب المجتمعي الفعال , ولا
أعني هنا فقط بالدين "النص" لكن شكل الدولة عبر التاريخ الذي أضفى عليها طابعا من القداسة .
ندرس اجيالنا الدين ونعظهم بأن لايسرقوا
ولايختلسوا , ولكن لانضرب لهم أمثلة ولا
نعطيهم قدوة سوى بإجترار الماضي الاسطوري, بينما في حاضرنا اليوم أمثلة راقيه لشخصيات
عالميه غير مسلمة في المحاسبة
والشفافية والتضحية, تنبه ديدرو فيلسوف
الثورة الفرنسية لثنائية استغلال السلطة
للدين والدين للسلطة حين رفع شعار "شنق آخر ملك بمصران آخر قسيس"خروجا عن استغلال االسياسة للدين وعودة للأخلاق
الانسانية كمبحث خاص
إذا أردنا محاربة الفساد
فعلينا بتدريس فلسفة الاخلاق كمادة
منفصلة تماما عن الدين, لأننا لانستطيع أن نضمن التدين ولكن يمكن أن نضمن الاخلاق مع الاختلاف ,سواء
إختلاف المذاهب الدينية داخل الدين الواحد
أو مع الاخر المختلف دينيا أو حتى مع من
لادين له لأن الانسان في الاخير هو الانسان . مكافحة الفساد مسؤولية وزارة التربية
بالدرجة الاولى لايكفي إقامة أجهزة
فوقية بيروقراطية لاتملك سوى البوسترات,
ولايمكن لوزارة الاوقاف عن طريق المنابر أن تُحدث أثرا وحدها التربية التي ستنشء عقولا تفصل بين الاخلاق وبين من يبرر لتجاوزها دينيا أو إجتماعيا
الأحد، 1 مايو 2016
معرفة الله ليست علم,ومرضاته من خلال الانسان
لن تُحل إشكاليتنا المستمره بين الدين والدنيا ,طالما نتحرك فقط ضمن دائرة الايمان لدينا خلط خطير جدا بين الايمان والعلم , نتكلم كثيرا عن العلم ونقصد به الدين, وعلماؤنا هم رجال الدين, وأعلامنا هم شيوخ الدين , لذلك نحن نتحرك ضمن دائرة الايمان ونعتقد أنها دائرة العلم. لو كان هذا صحيحا لحلت جميع مشاكلنا الاجتماعيه والسياسيه والاقتصاديه وغيرها, كما فعل غيرنا من الأقوام. الدنيا ومشاكلها وتغير ظروفها تقع ضمن دائرة "العلم" العلم هو اكتشاف القوانين والنظريات والسنن الموجوده في الكون ليتمكن الانسان من السيطرة عليه وإخضاعها لسيطرته وفهم معادلاته وزواياه كما يفعل الغرب والشرق اللذان نعيش بفضلهما في كل هذا التقدم,,علم الكلام ليس علما , صفات الله واسمائه ليست علما ,الفرق الاسلاميه كلها ليست علما و الفتوى ليست علما , بل هي رأي هذه تقع ضمن دائرة الدين الذي يقتضى الإيمان أو عدمه. نحن نراوح في مكاننا , وننشىء الجامعات والمدارس والكليات التي تخرج طلبه لايدركون الفرق بين الايمان والعلم فتجذبهم العاطفه الى دائرة الدين على انها دائرة العلم فأفضلهم يصبح باحثا في الاعجاز العلمي في القران , وهوكتاب هدايه ورشد وليس مجالا لذلك أصلا,في حين ان الاعجاز الالهي في الكون وهو كتاب الله الآخر حقل العلم الحقيقي وهنا يظهر بوضوح إنسيابنا كأمه من دائرة العلم الحقيقي التي هي الطبيعه وقوانينها الى دائرة القران كتاب الايمان والتصديق وأعتقدنا أن هذا هو العلم وأن مشايخ الدين والفضائيات هم العلماء الذين ساقوا الأمة الى حتفها ومقتلها ولايزالون. نحن كامه نعيش ضمن دائرة الدين منذ العصر الأول ولم نصل بعد الى دائرة العلم و لذلك تشخيصنا للأمور والخلافات تشخيص ديني بحت, الفتنه, كربلاء جديده, رافضه, ناصبه , خوارج, خلافه ....الخ ,ثم نبحث عن حلول من ضمن هذه الدائره في التعامل مع رؤوس ومشايخ هذه الفرق والتكتلات الدينيه التي تقاتل بعضها بعضا بع ان عجزت من ان تقاتل من هم في دائرة العلم . لذلك اصبحنا صيدا سهلا لعالم العلم والعلماء , يصادوننا "بالدرون" الطائره بدون طيار , وبصواريخ كروز وستنغر وغيرها , وسياسيا يضعون لنا الخطط والحدود والاتفاقيات ,لان هذا مجال العلم الجديد علينا والذي لم ندخله بعد , والذي كذلك لانحفظ منه سوى إسمه ولانعرف منه حسب فهمنا لمفهوم العلم,,سوى نواقض الوضوء وسياقة المرأه وإرضاع الكبير والتبرك ببول الرسول صلى الله عليه وسلم. تنميتنا التي قامت بإسم العلم أدخلت العلم ضمن دائرة الدين لمصالح سياسيه فأصبح اكبر عالم في البلاد مفتيها وأفضل شخصيه تكرم سنويا من يحفظ القران حفظا من الاولاد الصغار الذين لايدركون حتى معنى ما يحفظون. وبدلا من تنمية الانسان , جرت تنمية عقليه مطلقه ترى ان مرضاة الله لاتمر من خلال الإنسان ذاته , وإنما من خلال ما يعتقده المسلم أنه حقيقه لاجدال فيها ولاتقبل الاقتسام , لذلك سارت الأمه فوق جثث بعضها البعض , لأن "العلم" الذي قامت عليه يرى أن المسلم هو الإنسان الوحيد وأن باقي الخلق زائدين عن الحاجه , وهكذا تضيق الدائره حتى يصبح المسلم يقتل وينحر المسلم الآخر ليس فقط بإسم الدين ولكن كذلك بإسم "العلم" الذي قدمنا له كفتوى تبيح له ذلك
"حيادية إسلاميه-إسلاميه" أو الطوفان
محاولات استيراد الديمقراطية كلها باءت بالفشل الذريع , لان الثابت الوحيد في التاريخ الإسلامي هو الطائفيه, لذلك لايمكن للمستورد ان يحل محل الثابت مالم يحدث تغير في الثابت يجعلة متحولا أوقابلا للتحول. الحروب الاسلاميه مستمره منذ مئات السنين منذ مقتل الحسين وحرب الجمل وصفين حتى تاريخنا المعاش حاليا, لم يورث سوى البغض والحقد والشحناء يخفت حينا ويشتعل أحيانا. في حين الحروب الدينيه في أوروبا استمرت لعشرات من السنين وأمكن تجاوزها بتكريس الديمقراطية والعلمانية التي تعني حيادية الدولة أمام الأديان. كيف يمكن لنا أن نفكر في الخروج من الصراع الإسلامي- الإسلامي,؟ كما خرجت أوروبا من الصراع المسيحي- المسيحي؟إستدعاء الديمقراطية كآليات وحده لايكفي , فقد أنشأنا مجالس صورية ومنتخبه , وأقمنا انتخابات نزيهه ومغشوشة , ففاز الأغلبية , ودخلنا في عراك وصراع أشد مماكنا علية سابقا, لأن الطائفية والقبلية لايزالان هما الثابتان في الحياة السياسيه الإسلامية والعربيه, الحل في إعتقادي في "علمانية إسلاميه" أعرف اشمئزاز الكثير من هذا المصطلح وربما سأتعرض للنقد وأكثر جراء استخدامة , لكنني أعتقد أننا فعلا في حاجة ماسة لوجود حال من الحياد بين معتنقي الدين الواحد حول الاعتقاد التي تنطلق منه كل طائفة من طوائفه, بدلا من حالة التكفير , لأن الأحقاد في المجتمعات ذات البناء الاجتماعي القبلي والطائفي تصبح قوانين مع الزمن وتتصلب مع مروره حتى تصبح عقائد ويصبح الأمر قتالا لاينتهي وهو مانشهده اليوم, كسر حالة الحقد المتوارث بين السنة والشيعة تتطلب حيادية إسلامية بين جميع الطوائف تجاه الطوائف الأخرى , عندما نتحدث عن الدولة الوطنية لاسبيل الى إقامتها في مجتمعاتنا الإسلامية إلا بحالة من الحياد المذكور داخل أفراد الدين الواحد قبل الوصول الى حالة حياد الدولة تجاه مكوناتها وأديانها, لكن كيف يمكن إقامة حياديه إسلامية"علمانية إسلامية" والجميع يعلن أنه على حق والآخر على باطل ولابد من إجتثاثه؟ هذه مسؤولية كبرى تتطلب أولا التخلص من الهيراركيه الدينيه التي تأمر والعوام ينفذون , أوروبا أولا إنتزعت من الكنيسة صلاحيات كثيره وأعطتها للدوله , الدولة عندنا تعتمد على الهيراركيه الاسلاميه في وجودها , حتى وإن جرى الكلام عن عدم وجود اكليروس في الإسلام ولكنه حقيقة موجود في الجزء الشيعي بشكل بارز وفي الجزء السني بشكل أقل بروزا لكن تأثيرهما قوي جدا على مجتمعاتهما,مالم تتأصل حالة الحياد داخل التيارات والطوائف الاسلاميه-الاسلاميه , لايمكن بناء دولة وطنيه , وبدون بناء دولة وطنية لايمكن الخروج من حزام الاقتتال الناري الذي نشهده منذ موقعة"الجمل و"صفين" المصحف واحد لكن التفسيرات والنصوص ثابته , وكأن الزمن لايتحرك بها مرورا وإن تحرك بأصحابها المؤمنون بها وبأرضها التي نزلت على أسلافهم بها, لاينفع الكلام عن انتخابات ولاعن ديمقراطية والمجال العام لايسمح بحيادية تمكن الاخر من نفس الدين من البقاء دونما تكفيره وإخراجه من المله , ناهيك عن الآخر المختلف دينيا والأقلية المختلفه عرقيا ودينيا. اللهم ألطف بأمة محمد علىه الصلاة والتسليم , وردهم الى دينيك وأخرجهم من ضيق التكفير الى فضاء الإسلام الواسع الذي نزل على جميع الرسل حتى ختم بنبينا الكريم.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)