من يلاحظ حمى الانتخابات الكويتيه هذه الايام يدرك حقيقه واضحه جدا لالبس فيها ولاغبار عليها, رغم ماقيل ومايقال عن اخفاقات التجربه الكويتيه وتعويقها لعملية التنميه فى البلاد . وهذه الحقيقه تتمثل فى قدرة المجتمع الكويتى على تحمل فى داخله من تناقضات وبروز القضاء كوسيله وحيده للفضل فى هذه التناقضات والاختلافات وهما ميزتان هامتان جدا فى ترسيخ جوهر ومعنى واساس العمليه الديمقراطيه, الجميع فى طريقه الى النيابه العامه ذهابا ورجوعا شيوخ ومسؤولين ووزراء وصحفيين ومواطنين. لكن لالجوء للعنف كسمه غالبه ورد فعل أولى على أى مسأله أو قضيه. هذا مارسخته التجربه الكويتيه بشكل واضح على مدى خمسين عاما. حفرت فى بنية المجتمع القبلى الصحراوى عميقا لتغير الى حد ما آلية الثأر والانتقام كونها تتجه الى البدن والجسم الى كونها مذكره مرفوعه الى طاولة القضاء , انتقل الانتقام من الجسم الى الفكر والتأديب المعنوى وربما الجسم الذى تمتلك حقه هنا الدوله فقط. هذا إنجاز بحد ذاته. ولك أن تقول بعد ذلك ماشئت فى ما يخص تقييم التجربه الكويتيه وتعديد مثالبها وإخفاقاتها. إن تفكيك آاية الانتقام أو الاستجابه الى النقد فى مجتمعات قبليه أو طائفيه ليست بالأمر السهل. إن قدرة المجتمع على تحمل ما فى داخله من تناقضات هى الطريقه الاولى لولوج باب الديمقراطيه والتحول نحوها.أن يعيش المجتمع بتناقضاته داخله دون حراك لايعنى أنه فى صحه جيده, مرحلة السكون هذه لايمكن لها أن تمتد كثيرا أو أن تستمر طويلا, الحركه أساسا تقوم على التناقض والتنقل بين المتناقضات. مجتمع المجامله على حساب الحقيقه مجتمع لايمكن للديمقراطيه أن تلجه حتى يلج الجمل من سم الخياط, مجتمع الخوف من النقد مجتمع غير بشرى يعيش فى يوتوبيا زائفه لاتلبث أن تنقشع, مجتمع يحل تناقضاته عن طريق إزاحتها من وعيه الى نطاق اللاوعى للخلاص من الذنب الذى يستشعره يعيش أحلاما مزعجه وكوابيس سوداء لأن اللاوعى لايختفى ولايزول حتى يخرج ويوضع على الطاوله لايجاد الحلول اللازمه له..
مهمة مجلسنا القادم أولا فى بث مكامن قدرة المجتمع على تحمل تناقضاته وإخراج ما فى جوفه من مشاكل وعُقد الى السطح لمواجهتها . علينا بالبحث إذن عن مرشحين سوبر لهم القدره على إحتمال ذواتهم ومتناقضاتهم والاعتراف بها حتى يمكن لهم أن يبثوا فى المجتمع دماء القدره على إحتمال ذاته ومتناقضاته.