إسم قطر اليوم مرتبط بالثروه والغنى , أنت من قطر يعنى أنك ثرى . سُحب هذا الكلاشيه على المنطقه كلها وتجاوزها نحو العالم, ترمقك الأعين إذا ذكرت جنسيتك , ويتودد لك البعض علك تجد له فرصه للعمل فى قطر , والكتاب يكتبون بما يعرفون ومالا يعرفون غناء بقطر وشعبها المرفهه فالركاب على أشكالها تشد الرحال الى قطر . هذا يشعرنى ويشعر كل قطرى بالنشوه والاعتزاز ببلده وبقيادته بلا شك ولكنى أجد فى نفسى بعض الملاحظات لابد من أن أسجلها واشير إليها بأمانة الكاتب وبثقة المواطن الذى عرف بلده وتاريخه.
أولا:سمعة قطر الدوليه اليوم هى نتاج وثمره لجهد قيادته , تهمنى سمعته السياسيه كبلد محب وناشر للسلام وداعم للحركات السلميه الشعبيه المطالبه بالحقوق ورفع الظلم والمعاناه عنها, أكثر من سمعته كثروه ومستودع لاكبر مخزون غازى فى المنطقه وربما فى العالم وكبلد مصدر لسلعه استراتيجيه هامه هى النفط.
ثانيا: تحركات قطر التى تبهر العالم سياسيا وإقتصاديا فى الخارج, لاتقابلها حركه مماثله فى الداخل بنفس وكفاءة التخطيط , الاداره الحكوميه لاتزال تعانى وربما ساءت عن ذى قبل , ازدواجيه , تماثل فى التخصصات , بيروقراطيه واضحه , إنعزال عن الجمهور داخل اروقة المكاتب ووضع السكرتير تلو السكرتير أمام المراجع , التعليم يتخبط فى المناهج ويخرج لنا نشء ليس بقوة السابق لالغة ولا تاريخا. الصحه رحمها الله يوم كانت وزاره.
ثالثا: تزعزعت الطبقه الاجتماعيه فى قطر بشكل كبير نتيجه التطور السريع الذى إعتمد على ضخ أموال هائله فى مشاريع محدوده ولفئه محدوده , الأمر الذى أدى الى هبوط كبير لقطاع ضخم من المجتمع فى فجوة اللاطبقه فقد يجد ما يكفيه فى وقت منظور لكن لايستمتع ولايجد إطمئنانا لغد أو مستقبل.
رابعا: الضمان الاجتماعى هو مؤشر رخاء الدوله , وهو أولويه فى برامجها الاجتماعيه والاستراتيجيه, كثير هى العوائل القطريه المعتمده على نظام الضمان الاجتماعى وتترقب زيادة مخصصاته , هل يعقل أن تعيش عائله اليوم ب2500 ريال شهريا. الأمن الاجتماعى يؤتى ويضرب من خلال عجز الضمان الاجتماعى عن تحقيق حياه كريمه للاسره وللفرد.
خامسا: التركيبه السكانيه إذا لم توضع سياسيه واضحه ومدروسه لمعالجه نتائجها السلبيه لاحقا , فلا استبعد بروز تيار شوفينى يكره الغرباء وهو نفس ضد النفسيه القطريه عبر تاريخها التى كانت دائما ترحب بالغريب وتحتضن القادم وتكرم الجار مهما كانت ديانته او جنسيته أو أصله.
سادسا: مشاريع الدوله الكبرى من خلال شركاتها الكبيره التى أنشئتها واحتكرتها" راجع مقال احمد السليطى رئيس تحرير الوطن فى عدد سابق بعنوان "الشق أكبر من الرقعه يامجلس الوزراء" والتى افلس بعضها ويحتضر الآخر من يتحمل ذلك ؟ وهى رؤوس أموال قطريه واداراتها ومدرائها يأتون بالتعيين . الشفافيه هنا ليست فقط مطلب وانما أمر لايحتمل التأخير " مسئولية البعض لايجب أن يتحملها الكل.
سابعا: نحتاج فى قطر الى تعريف جديد لمعنى "الفقر" ومن هو الفقير غير ماكان عليه فى السابق. بعد هذه التغيرات البنيويه التى حصلت والتى جعلت من لايملك برجا أو عماره أو أرضا معتبره فى عداد الفقراء, هنا سنجد أنه أكثر من ثلثى السكان وربما يزيد فى عداد الفقراء. الدوله أساسا ليست فرصه وإنما تخطيط لمستقبل هو بالضروره لمجموع سكانها.
ثامنا: عقلية الشعب القطرى لاتزال تعانى إزدواجيه نفسيه تؤثر على اداءها وخطابها وبالتالى على تصرفاتها, ثمة فرق كبير بين مقام صاحب السمو الأمير وسمو ولى العهد وبين الجهاز الحكومى بسلطه تنفيذيه , المقام السامى لايمس , ولكن السلطه التنفيذيه مسائله ويوجه لها الانتقاد ومراقبه من السلطه التشريعيه حتى وان كانت معينه لابأس فى إبداء الرأى والدفاع عنه إذا كان الأمر يتعلق بالمصلحه العامه, هذه الازدواجيه ستظل حتى بعد المجلس المنتخب لكن لابد من الوعى بها لإزالتها.
تاسعا: الدوله الرأسماليه إنجاز طبقى وإجتماعى وإقتصادى , لكن رأسمالية الدوله خطر , ربما كان أحد اسباب الربيع العربى , كجمهورية مبارك وجمهورية بن على. الإحتكار الذى تكلم عنه أحمد السليطى هو بداية رأسمالية الدوله , لذلك لكى تبقى وفيه للداخل كما عهدناها دائما , ويصبح إنجازها الخارجى فى توافق مع إنجازاتها الداخليه علينا الاعتناء بالطبقه الوسطى الاجتماعيه التى لاتملك سبيلا سوى عدل الدوله ودستورها وقوانينها التى تحميها من تحولات الزمن وتشكلات الدوله .
عاشرا:أملنا كبير فى قيادتنا التى حققت السلم وتسعى لتحقيقه دائما للغير , أن تدعمه داخليا سلما إقتصاديا وإجتماعيا وهى ما تفعله أساسا ولكننى أقصد هنا المواكبه حيث التغيرات فى المجتمع تسير بسرعه فلكيه لذلك من الضرورى دائما مراقبة الجانب الاجتماعى وصيانته بإستمرار حتى لايحصل التصدع ولاننسى أن القطرى هو خلاصة لثلاث كلمات "كرم ومجلس ووفاء""
أخي و حبيبي و زميلي بو محمد: لم يتغير الشيء الكثير نوعاً على الأقل و إنْ كانت تغيرات كمية كثير منها غث سمين قد حدثت منذ التقينا قبل سنتين أو زهاءها. كالعادة تضع مشرطك الجراحي بخبرة و كفاءة الجراح الإجتماعي الجيو إستراتيجي بكل اقتدار. منذ زمنٍ لم أُشنف أذنيَّ بكذا إبداع في الطرح و وضوح في الرؤيةفلا غروَ و أنت الملتهم بتمعن كتب علم الإجتماع السياسي و ما يرتبط به. أستغرب أن (الوطن) و لا أدري هي وطن من؟ قد منعتك من نشر هذا المقال التحليلي العميق. ليكن في علم ما تُسمى أو لا تُسمى (الوطن)أن من مصلحة أي حكومة رشيدة أن يكون لديها مواطن واعٍ متنباٍ مستشرف لأن مثل هذا المواطن هو درؤها و درعها في مقابل ما يُحاكُ لها في السر و العلن، لا سيما أنك يا أيها الهُمام كتبتَ بموضوعية و أدب جم خاطبتَ به الأمير و وولي عهده و هما يستحقان كل ذلك الأدب الجم و أكثر فهما قلباهما على الوطن الذي للأسف هو الآن في مهب الريح أو يكاد و إن بدا غير ذلك أو عكسه للمغيَّبين و المغفلين و همُ كثرُ "و الغافل من ظن الأشياء هي الأشياء"، الذين يعتبرون أن امتلاك اللمبرجيني و البنتلي و الرولسرويس و المكلارين و الأبراج العالية هي قمة الحضارة و التقدم و الوعي الإقتصادي و السياسي و الإجتماعي و لا يدرون أنهم " لبسوا قشرة الحضارة و الروح جاهلية". أخي بو محمد: كراهية الغرباء لن توجدَ لأنها موجودة أصلاً ربما بقصد أو من غير قصد (إحساناًللنية) أوجدتها مؤسسات حكومية و قطاع خاص يشترك أساسا و بناء و متابعة مع أولئك الذين في الحكومة. و ستتحول قريبا إن لم تتغير حال القطريين الذين "مثل العومه ماكولة و مذمومة" من كراهية كامنة إلى كراهية واضحة لن تُحمدَ عقباها و أنا هنا أحذر لأنني أراها كفَلق الصبح. و هي طبيعة الإنسان عندما يُهاجَمُ في عقر داره بكل هذه الشراسة و القسوة المقصودتين تماماً و كليا في رزقه و رزق أولاده و هي أو هو إبن البلد مهمش و مقصىً و محارب في ترقياته لأن "البُغاثَ في أرضنا يستنسِرُ". إنه زمن البغاث يا أخي بو محمد. لقد أثرتَ الكثير من المواجع و أصبتَني أنا شخصيا في مقتلٍ و أدميتَ عقلي قبل قلبي و يا ليتني لم أقرا مقالك بَيْدَ أن "النهرَ لا يملكُ تغييراً لمجراهُ". ألم تنفق عليَّ حكومة سيدي سمو الأمير بسخاء كبير و عيشتني عيشة الأباطرة في أوروبا و أمريكا حتى وصلت إلى أستاذ دكتور و لكنْ بلا عمل، في حين أن "البُغاث" و هم أقل مني في كل شيء و لْتُعقدْ بيني و بينهم مناظرة ليكتشف من لا يعرف أنني إن لم أكن في مستواهم فأنا لست أقل منهم (أقول هذا في الحد الأدنى لكي لا أُتهم بضخامة الرأس )، و مع ذلك هم يرفلون في "الدِّمَقْسِ و في الحرير"، و رواتبهم بمئات الآلاف شهريا و أنا توصد في وجهي الأبواب كأنني طاعون أو مرض أو وباء معدٍ، و مثلي كثيرات و كثيرون. صحيح أن الأمير و ولي عهده لا يستطيعان أن يكونا على رأس كل مسؤول يهمش و يقصي و يظلم و يتعسف في حقوف المواطن بإيعاز من "الغرباء" لمآرب لم تعد خافية على أحد و الأجندات غدت مكشوفة على الملأ و القطريون كيِّسون فَطنون و أـذكى شعوب ألرض من حيثُ البداهة و الحس، غير أن ذلك لا يحلهما من مسؤولية مراقبة و مساءلة و محاسبة المفسدين الفاسدين الذين يريدون أن يستأثروا بكل شيء و ليذهب الوطن و المواطن إلى الجحيم.
ردحذفأخوك أستاذ دكتور علي الهيل
professoralialhail@gmail.com
twitter@professoralhail