السبت، 8 مارس 2025

دعوة لتجاوز ندم "التقصير"

  في رمضان بالذات عليك أن تتجاوز ندم " التقصير" كلنا كبشر مقصرون  ولكن عندما تشعر بأنك لست مسلما بالقدر الكافي، عندما تشعر دائما بذنب التقصير، عندما يحتويك الندم المستمر بأنك لا يمكن أن تكون مثل أولئك الأوائل في الإسلام، وإن عليك دائما أن تكون أكثر إسلاما صورة المسلم الأعلى من جانب العبادات فقط وليس من جانب المعاملات الدنيوية، أو من منطلق البعد الإنساني الذي يأخذ بظروف الوقت ومتغيراته هي حالة من الحزن الدائم الذي يرتبط لدى البعض ذهنيا بفكرة المسلم الأعلى، وهي ليست صورة صحية لا للإسلام ولا للمسلمين، الإنسان كائن مادي، توحشك على ماديتك باستمرار لا يحولك إلى كائن نوراني، يعيش المسلم اليوم ضمن نطاق دولة وسط إقليم عالمي، ما لم ينتمِ إليه إنسانيا خاصة وأن الإسلام دين إنساني، لكن التركيز على فكرة المسلم الأعلى تضع النشء في حيرة من أمره ومن مستقبله، شهد التاريخ إمبراطوريات عظيمة قامت على فكرة الإنسان الأعلى ولكنها انتهت، لكن الأديان استمرت، المهم أن لا تنتج وحوشا جرياً وراء فكرة الإنسان الأعلى هذه، المسلم المتواضع الذي يهدي البشرية إلى خير السبيل، الذي أوصل الإسلام إلى أرخبيل الفلبين وجزر إندونيسيا، هذا المسلم المتعامل مع ظروفه وبيئته بشيء من تواضع الإنسان وعظمة الإسلام، هو من أنتج اليوم توافقا بين الإسلام والعصر في تلك الدول كماليزيا وإندونيسيا وغيرهما، المسلم ليس كائنا خارقا، حتى يعيش تبدل العصر دون أن يندمج فيه اندماجا إيجابيا، يجعل منه في حالة طلب مستمر لبناء ذات إسلامية «إنسانية»، تعلو بحقيقة الإسلام السرمدية وفي نفس الوقت تؤكد حقيقة الإنسان المرحلية ووظيفة المسلم في السعي وراء الكمال انطلاقا من ثنائية الذنب والاستغفار البشرية.

الأحد، 2 مارس 2025

رمضان أيام "الفرجان"

لازلت أذكر كيف يعج الفريج قبيل الفطور بحالة من الشعور الجمعي والمشاركة الوجدانية  هناك  فطرة للتواصل  تستبعد الدنيا ومصالحها   تلوح في أفق ذاكرتي لذلك الجو الانساني الغامر  كلما عاد بي رمضان  , أطباق من  الهريس والثريد  والساقو وغير ذلك  من وجبات رمضانية  تفننت إمهاتنا  في إعدادها,  في عملية تبادل وعطاء  جميلة  بين أبناء الفريج الواحد , وفي  أحياناً كثيرة كنا نحن الصغار في حينه من يقوم  بتوزيعها  أو جسامها "بكسر الجيم" قبل   شروع المجتمع بإستقدام  عمالة خدمية, الجميع  يأكل من خير الجميع , الجميع يتذوق  ويشترك مع جيرانه لقمة رمضان, الجميع يعطي  مهما كانت ظروفه المادية, حينما تتبادل المحبة تزداد غنى كلما أنفقت , عندما نتشارك  اللحظة تصبح أغنى لجظة , قبيل الفطور في الفرجان حالة من النشاط  لازلت أعيشها كل ما خطرت ببالي , المسافات متقاربة , القلوب أكثر قرباً , رمضان  أكثر حضوراً, الفريج يحكي قصة واحدة من العطاء والمشاركة,  مائدة واحدة  وان تعددت البيوت , مسجداً واحداً وان تباعدت المسافة, هناك من يستقبل ضيوفه في مجلسه  للفطور , وبعد العشاء  وهناك من يشوي اللحم بعد التراويح  في ركن قريب  فيجتمع حوله الشباب ,رمضان أيام الفرجان سردية يعيشها الجميع  وينتظرها الجميع بفارغ الصبر , شفافية في القول والعمل , بساطة في التعامل , التقاء مستمر,الاطفال يشعرون به مثلما الكبار وهم لم يبلغ الصوم بعد, شهر تخرج فيه النفس من إطارها نحو الآخر , تغير الحال وتبدل الزمن سنة الحياة , واختفت الفرجان بشكلها السابق , لكن رمضان لم يتغير وربما تعاملنا معه قد تغير قليلاً لتغير الجغرافيا , ولكن تبقى فكرة العطاء  مركزية في فرضيته, حيث أنه أفضل الشهور عند الله, نظراً لإتساقه  مع طبيعة الوجود الانساني 

 فأنت  عندما تُعطي   تشترك مع الكون في احتفاله، حيث إن الكون كله. مُعطى، فكيف يمكن ان تشعر بالفقر وأنت تشارك الكون كله عطاءه، الشمس تعطي أشعتها، القمر يعطي نوره، البحر خيراته، السماء ماءها ونظرها، الكون كله عطاء لا يبخل، العطاء من صميم الأشياء، العطاء هو ايقاظ أقصى امكانية مدفونة في داخلك، فتبدأ في التدفق والجريان، فتشعر أنك ممتلئ إلى درجة انك تجد نفسك تقول كيف هذا، كلما أعطيت ازددت غنى، رمضان أغنى الشهور ,رمضان يحررنا من الخوف من الفقر, رمضان درس في المشاركة , إختلاف الجغرافيا  واضمحلال الفرجان لا يغير من  طبيعة الخير في الانسان ولا من طبيعة رمضان شعر الرحمة والغفران