أنقل اليكم تجربة طبيب عربي اكدتها المشاهدة جاء للعمل
بكل جد وتفان ثم إكتشف بعد الفترة ومن
خلال أقرانه الذين سبقوه أن هناك فجوة بين المواطن وبين تأثيره كوجود متحقق يدخل من خلالها الشر الاخلاقي. لاأُعمم هنا بقدر ما أحاول
رصد ظاهرة ينبغي تلافيها لضررها على الحيز العام كمجال للتعايش في مجتمع يمر بمرحلة انتقالية سريعة الخطى
طموحة الابعاد.
"أعترف
أنني أضعت كثيرا من سنواتي في هذا البلد، لم أتقدم فيه علميا، ولم أستفد من خيراته
اجتماعيا، كنت أزاول عملي الروتيني اليومي، أعالج المرضى واصرف لهم الدواء، وفي
إجازاتي آخذ مستحقاتي في إجازة سنوية أعود بعدها لمزاولة عملي الروتيني كطبيب، كنت
مرتاح البال، مستريح الضمير، حتى لفت نظري بعض اقراني إلى ملاحظة هامة شغلتني
كثيرا وهي كما أشاروا «بدك تعرف الناس في هالبلد وتقدم خدماتك طبقا لمعرفتك
لمكانتهم، إذا بدك تتطور»، لم ادرك المقصد من هذا، ظهرت على اقراني مظاهر السمنة،
ولم يعودوا يهتمون بتطوير أنفسهم طبيا، بقدر ما كانوا يمارسون حياتهم اجتماعيا،
ومع ذلك تقدموا وظيفيا، واصبحوا استشاريين وأنا لا أزال «ممارس عام»، حاولت أستفسر
اكثر، فهمت أنه لا بد لي من تقديم الجانب الاجتماعي على الجانب المهني في ممارستي
من خلال إدراكي للتراتيبية الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع، وإعطائها الأولوية ليس
بين مواطن وغير مواطن وإنما بين فئة المواطنين انفسهم، وذكروا لي أمثلة سابقة
لنجاح هذا التوجه الاجتماعي الذي قالوا ان المجتمع يفرضه عليهم، فهناك من اصبح
طبيبا خاصا لفئة دون غيرها في المستشفى الحكومي العام ومواعيده فقط لعدد خاص جدا
من المرضى، وآخر يطلب اسم المريض أولا لكي يسمح له بمقابلته، أو يحوله إلى طبيب
آخر، وثالث حصل على الجنسية وافتتح عياداته الخاصة بعد هذا الاختراق الاجتماعي،
على حساب التفريط العلمي" إنتهى كلام الطبيب هنا ، بالنسبة لي أنا هناك العديد من المرضى حدثوني، عن نماذج طبيه رائعة،
اخلصوا لمهنتهم، الإنسانية بعيدا عن أي مطمع اجتماعي آخر، ومع ذلك تبقى الفرصة
متاحة للقادم الجديد من المهنيين أو الاطباء أو غيرهم، في القدوم إلى هذا البلد
بعقلية الفرصة الاجتماعية طالما ظلت هذة الفجوة بين المواطن كوجود وتأثير موجودة ويكتشفها المقيم بعد فترة من استقراره وملاحظتة لحركة الوسط الاجتماعي.إن
فكرة التمييز بين المواطنين انفسهم التي استولت على ذهنية كثير من الاطباء،
وهم رسل الرحمة تدل بوضوح على بشاعة الواقع المادي الذي تكرسه الفرصة بعيدا عن الاخلاق كإتيقيا وأساس ,ومجالاً خصباً للشر الاخلاقي الذي لاينتج عن طبيعة الانسان بقدر ما يكون نتيجة لظروفه وضعف وازع الضمير لديه , خطيئة كبرى أن يُكرس مثل هذا التوجه لما فيه من سوء ليس فقط بحق المواطن الضعيف ولكن بحق الوافد أيضاً عندما يجد نفسه في مجتمع يدفعه الى الصراع بين ضميره وفرصته.