فكرة نقاء العرق الاجتماعيه هى جزء لايتجزأ من فكره الفرقه الناجيه الدينيه, والفكرتان فى تضاد حاد مع فكرة قيام الدوله الديمقراطيه لان الدوله اساسا قامت على انقاضهما تاريخيا, اضمحلت الفكره الاولى " النقاء العرقى" فى مفهوم المواطنه بينما انزاحت الاخرى امام حيادية الدوله امام الاديان هذا هناك بعيدا عن عالمنا. لدينا تتعايش الاضداد ليستمر الوضع كما هو لا ان ينتج عنه افراز جديد يمثل خروجا من الوضع القائم كما يشير المذهب الجدلى الذى هو احد تفسيرات عملية التطور اى انه جدل سالب كما يشير "ادرنو" احد فلاسفه مدرسة فرانكفورت الاجتماعيه وهذا النوع من الجدل لايمثل تطورا بقدر ما يمثل عائقا نفسه لعملية التطور . فشكل الدوله العربيه اليوم يبدو وكأنها تعيش جدلا سالبا باحتفاضها بمكوناتها الاجتماعيه والدينيه فى حالة استعاده دائريه دائما. والحقيقه ان الدوله العربيه لم تبنى على انقاض مكوناتها الاجتماعيه والدينيه التى اشرت اليهم بفكرتى النقاء العرقى والفرقه الناجيه, ولكن قامت الى جنبهما وارتبطت معهما بحبل سرى يغذى وجودهما ووجودها فى نفس الوقت. ما معنى ان تنتشر القبليه وتزداد فى عصر الاتصالات والعلم , ما معنى ان تجد منتديات للقبائل وفروعها وفيه من التاريخ الشفاهى بالذات ما يفوق تاريخ الدول ذاتها فى عصر المواطنه . ما معنى ان ان يبحث الجميع عن سند واسم تاريخى يستند اليه , ما معنى ان يزور التاريخ والاسماء ارضاءلشهيه المجتمع وقبوله, مامعنى ان تشيع فكره النقاء والتصفيه حتى بين افراد القبيله ذاتها بعد ان وحدهم التاريخ الصعب , ارضاء ورغبه فى الوصول والتقرب للدوله. ما معنى ان يصبح الدين الواحد اديانا وفرقا , ما معنى ان تنحاز الدوله لدين او لفكر دينى دون غيره وهى كيان معنوى . كل هذه المحتويات وغيرها الكثير هى من يولد الطاقه لبقاء الدوله العربيه فى حين ان اقتصادها وطريقه توزيعه هو الجزره والحلقه دائريه تغذى بعضها بعضا. من يقرأ فى ادبيات الثقافه العربيه ومنتدياتها فى هذه الايام يجد تراجعا وردَه كبيره نحو فكرتى الاصاله بما هى نقاء عرقى والدين بمعناه الضيق او كما يفهمه البعض دون البعض الاخر . لذلك ارى ان المشكله تاريخيه يخفيها العصر باكسسوراته ولكنها هى من يحرك الوعى دائما وابدا فهل من سبيل الى اعادة بناء الدوله العربيه؟ هل من سبيل من تفريغها من محتوياتها الداخليه التى تتغذى عليها لتبقى؟ فى دولنا الخليجيه للقبيله جزره وفى دول الطائفه للطائفه جزره وفى بلدان الاحزاب على شكليتها للحزب جزره وهكذا تستمر الدوله. اعتقد اولا ان طريق الخلاص يبدأ من الحفاظ على قدسية الاديان بعيدا عن استعمال الدوله السياسى لها , فحين تستقل الدوله عن الدين بمعنى ان تديره بحياديه يسهل بالتالى التعامل مع مكوناته الاجتماعيه الاخرى كالقبيله او الطائفه , ولكن حينما ندرك ان مثل هذا الاستقلال كلف الاخرين عقودا من الصراع واعدادا كبيره من الضحايا نصاب بالاحباط ونتسائل هل يبقى الاستبطان الداخلى للدين كعلاقه تبنى ولا تهدم تٌحيى ولا تُميت كما ينادى البعض ويشخص الاخرين هو ماقد يخرجنا من هذه الدائره؟ هل المنقذ هو نوع من الصوفيه تخرجنا من صرامة الفهم الاحادى وحدته وفكر الفرقه الناجيه ونقاء القبيله والتصاق شرفها بالسماء تميزا ومرجعا. هل الفهم الصحيح للاسلام هو الحل ؟ نعم كررنا هذا ونكرره دائما ولكن كيف ذلك ومن يقرر الفهم الصحيح دون غيره والكل قد يختلف على حرف من الكتاب دون السنه؟ اسئلة كثيره نطرحها فى غير زمنها فمن المسؤول عن ذلك نحن كأمه ام الزمن الذى قد حث المسير قدما دون ان يخبرنا او يدرك اننا امة تعانى من صمم تاريخى , عدم ادخال الزمن كبعد هام جدا فى فهم النصوص جعل من الامه خارج اطار الزمن ذاته وتحتفى بالاموات اكثر من الاحياء وتقضل الماضى على الحاضر فتاريخ الامه تاريخ الافراد فليس هناك صيروره تجعل من الدوله موضوعا لها فالافراد طالما كانوا احياء فهم ضمن صيرورة الزمن اما الدوله فهى فى خارجه منذ البدء. مرض القاده وجنازاتهم والفراغ الذى يتركونه والشقاق الذى يليهم كلها شواهد على صيروره الفرد واضمحلال الدوله وبقاءها كأسم فقط داخل الزمان العربى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق