تواجه المجتمعات الخليجية بالذات أزمة هوية بإستمرار , حيث أن شعوب هذه الدول أقلية وفي طريقها الى التنمية تحتاج الى قوى عاملة لاتتوفر محلياً خاصة بعد إكتشاف النفط والغاز فيها وهما عنصري طاقة يحتاجه العالم بإسرها ومصدراً للثراء الاقتصادي والرخاء الاجتماعي فبالتالي أصبحت هذة الدول قبلة للباحثين عن فرص للعمل والاستيطان من الدول المجاورة وحتى غير المجاورة, واصبح من ضروريات التنمية في هذة الدول السعي لجلب الخبرات والايدي العامله المدربة في جميع المجالات من الدول العربية الشقيقة وغيرها من البلدان, ومع مرور الوقت حصل هؤلاء المقيمين على جنسية هذة الدول وسعى الباقي كذلك للحصول عليها وتم تجنيس الكثير منهم وقد احتاج الامر الى تقنين لعملية التجنيس بما يحفظ الأمن والاستقرار , لاأريد الاسترسال هنا لأنه ليس موضوع هذة المقالة , ما أود التركيز عليه هنا قضية الهوية, التي طالما شغلت بال المواطن في هذة المنطقة من العالم , ودائماً مايطرح سؤال كيف يمكن أن نحافظ على هويتنا ؟خاصة أن التوجه العام لاستيعاب الجميع تحت مظلة واحدة أساسها في دولتنا "كلنا في قطرأهل" كما أشار سمو الأمير خاصة بعد الاستفتاء الاخير على التعديلات الدستورية التي تفضل بها سمو الامير وصوت عليها الشعب بنسبة تزيد على 90%. واصبح كل من يحمل الجنسية القطرية هو قطري , فبالتالي تصبح الهوية القطرية الجديدة تحمل في طياتها ,صور التجدد الذي حصل بعد الاستفتاء الذي وقع عليه سمو الامير, وهنا أريد أن أقارب هذه القضية بالقول أن الأصل تستنسخ منه صور وليس هناك صورة بلا أصل ومع تراكم الصور تصبح هذه الصور بمرور الزمن هي الاصل كذلك , فبالتالي كل قطريُ هو بالضرورة قطري بالاصل لأن الاصل ليس سوى موضوعاً للزمن وحيث ان الزمن غير ثابت ومتحرك باستمرار فالأصالة كذلك تصبح أمراً متحركاً معه بمرور الوقت وتراكم السنين , مع الاحتفاظ بما يشعر به المجتمع أنه حقاً معنويا في حدوده الدنيا دون المساس بمفهوم العدالة والمساواة . إن هذا التراكم لكي يكتمل في تجسده في الواقع يحتاج الى هوية جامعة مفهوم الاصالة فيها أكثر شمولاً ليحتوي قطر اليوم بعد التعديلات الدستورية آنفة الذكر , فلايصلح هنا مفهوم الهوية الثابت والمتجمد زمنياً حتى يشمل هذا التحول الاجتماعي والديمغرافي والزمني فلابد إذن من هوية جامعة تلتقي على مصلحة أكبر من مصلحة الفرد أو الجماعة أو الاقلية انها مصلحة الوطن والوطن هو السطح الذي يعيش على أرضه الجميع فنحن بحاجة الى هوية " السطح " أو هوية "الآن" التي تشمل الجميع ككيان داخل الوطن بعيداً عن الفروق الصغيرة والتواريخ الصغيرة أمام تاريخ الوطن ومستقبله , هوية ترتكز على المصلحة العامة والمصير المشترك ومحبة النظام والولاء لسمو الامير القائد
الجمعة، 22 نوفمبر 2024
الأربعاء، 20 نوفمبر 2024
جائزة سمو الأمير ومغزى "التميز"
جذبت إنتباهي كلمة" تميز" في مسمى جائزة سمو الأمير لمكافحة الفساد لذلك سأحاول أن اقاربها فلسفياً لأنها تعطي معنىً قد لاينتبه له الكثيرون في القصد والهدف من جائزة سمو الأمير المفدى.
أولاً ليست هناك دولة في العالم أجمع تخلو من الفساد, لن أدخل في تعريفاته ولكن سأقفز الى نقيضه ومترادفات هذا النقيض وهي كثيرة منها على سبيل المثال , نزاهة, نقاء, طهارة.... وكلها لو لاحظنا سنجد انها تأتي من ملكوت أعلى من عالم البشر, الذي نعيشه بكل نقائصه, من هنا يصبح وجوده لازماً وضرورياَ لاستمرار جدلية الحياة وصراع الخير والشر فيها , لامعنى لطهارة دون وجود نجاسه, ولامعنى لنزاهة دون وجود دناءة وهلم جرى فبنقيضها تعرف الأشياء.
من هنا أستطيع أن ألمس مدى ملائمة كلمة " التميز" لجائزة سمو الامير المفدى لمكافحة الفساد, فالموضوع ليس فقط مكافحة الفساد وانما التميز في هذة المكافحة , على إعتبار الفساد هو القضية واللافساد هو نقيض هذه القضية والمركب الثالث الذي ينتج من القضية ونقيضها هو التميز أي خلاصة الجهد البشري المبذول إنسانياً في مواجهة الفساد وليس القضاء عليه , مع انه هدف اسمى تسعى البشرية كلها لتحقيقه . رداً على البعض الذي يحتج حين يقول كيف نكافح الفساد ويوجد عندنا فساد بل أنه موجود في كل مجتمع بشري ؟ وجود الفساد لايمنع من مكافحته ليس فقط مادياً وإنما إنسانياً بل الهدف هو الارتقاء بالانسانية الى مستوى ذلك فالتميز صفة إنسانية فيما يتعلق بإعلاء القيم السامية في المجتمع, التميز يعني أن ترتقي بإنسانيتك الى مستوى الطهارة في البدن والجيب وفي السلوك, التميز يعني أن تحارب هوى النفس وغرور الوظيفة وكبرياء المنصب , التميز أن ترتقي إلى مستوى الوقوف أمام عتبة الله غداً وصفحتك بيضاء,جائزة سمو الامير في التميز في مكافحة الفساد , جائزة أخلاقية إنسانية , تدل على هدف عظيم يسعى سموه لتحقيقه ما أمكن الى ذلك سبيلاً, جائزة سمو الأميرمن أهم صادرات دولة قطر إلى العالم , نحو عالم يخلو من نوايا الفساد , الفساد قد يحدث عارضاً وهو يحدث بلاشك , لكن التميز إن لايحدث إنطلاقاً من نوايا سابقة وإصرار قد بُيت, مفردة" تميز" لها دلالة كبيرة وعظيمة في موضوع يبدو أنه قدر العالم أن يعيشه ولكن بالضرورة ليس قدر العالم أن يستنقع فيه بل أن يتميز إنسانياً في مكافحته وتفكيك ما أمكن من استقراره في النفوس وكسر حلقة تبرير حتميته بإرتقاء وإعلاء حقيقة الانسان على مادونه من نوازع الشيطان.
شكراً سمو الامير المفدى على تصدير هذة القوة الناعمة للعالم من خلال جائزة ليس فقط لمكافحة الفساد وإنما للمتميزين في ذلك إعلاءً لقيمة الانسان على ما سواها من القيم الاخرى, شكراً لكل من عمل وساهم في إيجاد هذه الجائزة
الثلاثاء، 12 نوفمبر 2024
التعديل الوزاري .. المفهوم والغاية
شاء لي الحظ أن أواكب إنشاء أول وزارة في قطر مطلع السبعينيات الماضية وجميع التغييرات اوالتعديلات على جميع الوزارات منذ ذلك التاريخ حتى الآن وأحمد الله على ذلك حمداً كثيراً.
مفهوم التغيير مفهوم إرادي بمعنى أنه في يد من يملك السلطة في حين أن مفهوم التغير غير إرادي وإنما تفرضه الظروف وهو مفهوم أعم من مفهوم التغيير, الوزارة أو مجلس الوزراء هو السلطة التنفيذية في كل بلد , فبالتالي من الضروري جداً أن تكون ذا صفة ديناميكية , كما أن أي تغيير أو تعديل فيها له من الاسباب الكثير ليست بالضرورة تنطبق عليها ثنائية النجاح والفشل وإنما قد يكون الانسب في مرحلة ليس هو الانسب في مرحلة أخرى , ثمة صورة ذهنية في عقلية المجتمع ترسخت دونما وعي يربط كل تغيير على هذا المستوى بنتائج المراحل المدرسية ناجح وراسب , وفي هذا ظلم عظيم لهذا المستوى من الوظائف والمسوؤليات , كثير من انجح الوزراء تم تغييره لتغير ظروف المرحلة , وكثير جيء بهم لأن المرحلة تتطلبهم ككوادر فنية أو إدارية, علينا أن ندرك أن الهدف من كل تغيير أو تعديل هو مواكبة الظروف الداخلية والخارجية وبما انها متغيرة ومختلفة فبالتالي تتغير الشخوص بما يناسب هذا التغير المحيط. مر على قطر منذ إنشاء أول وزارة عقود عديدة , كمراقب أرى أن كل تغيير أو تعديل تم منذ ذلك التاريخ إرتبط بالتغيرات على االواقع وعلى مستوى المحيط الاقليمي والعالمي, أول وزارة استمرت ما يقارب العقدين لأن التغير كان بطيئاً بين إنتقال الدولة من الاستقلال حتى بناء المؤسسات وما تلى ذلك من تغييرات كان سريعاً أو أكثر سرعة مع إمتلاك الامير الوالد زمام الحكم ودخول قطر مرحلة بناء وتحديث جديدة وسريعة , بعد ذلك استلم الشباب زمام الامور بتولي سمو الشيخ تميم زمام الامور أميراً للدولة, فأصبح للتغير الحكومي أو الوزاري معنىً آخر مقياسه الابتكار والقدرة على الابداع , وهاتين الركيزتين الابتكار والابداع يمتلكها الكثير إلا أن مدة الانجاز فيها قصيرة لاتزيد على عدد من السنين التي قد لاتتجاوز اصابع اليد الواحدة وهو مانراه في جميع الدول المتقدمة اربع او خمس سنوات ثم يحدث التغيير في معظم الاصعدة والمستويات اوالابدال والاستبدال لماذا؟ لأن قدرة الشخص على الابداع والابتكار هي في سنواته الاولى من المنصب بعدها يكون قد أعطي كل ماعنده, رؤية متقدمة تتبناها القيادة الشابة, أتذكرها ألآن مع صدور الأمر الأميري السامي رقم 2 لسنة 2024 بتعديل تشكيل مجلس الوزراء , ومن خلاله يبدو الهدف واضحاً وهو التجديد لمزيد من العطاء والابداع فشكراً لكل من ترك بصمة إنجاز في صفحة الوطن من أولئك الذين تركوا مناصبهم بعد التعديل الوزاري الجديد , وأمنية من القلب لهم بمزيد من النجاح في حياتهم الشخصية والعملية , وكل الدعاء والتوفيق لجميع من تبوأ مسؤولية أو منصباً جديداً أثر هذا الأمر السامي وإلى مزيد من العمل والابداع
فسمعاً وطاعةً
طالما الهدف مصلحة قطر ...فالجميع لقطر وقطر للجميع
الخميس، 7 نوفمبر 2024
الطلاق..مشكلة أم حل؟
كيف يمكن لنا مقاربة قضية الطلاق ؟ هل من كونه مشكلة أم من كونه حلاً لمشكلة؟
في إعتقادي أن الطلاق ليس مشكلة في حد ذاته,بل المشكلة ظاهرياً في أرتفاع نسبة معدلاته في المجتمع.
وهل إرتفاع نسبة معدلاته في المجتمع ذاتية إيضاً أم هي إنعكاس موضوعي لتغيرات يمر بها المجتمع ؟
ما نسبة ما يشكله الزواج من أولوية في ذهنية وتفكير شباب اليوم مقارنة بذهنية الاجيال السابقة؟
ما علاقة نسبة الزواج بنسبة الطلاق؟
اسئلة كثيرة تخطر على بال المهتم بهذة القضية لكي ندرك من أن يمكن مقاربتها
أعتقد شخصياً أن التغيرات الاجتماعية المصاحبة بالتغير السريع الذي يمر به المجتمع لها دور كبير فيما نشكو منه من ارتفاع نسبة معدلات الطلاق في المجتمع. ,إن إتجاه الطرفين الشاب والشابة لتحقيق الذات أصبح ذو أولوية على التفكير في الزواج , خاصة الفتاة التي فتح لها المجتمع مجالات كثيرة في قضية الحراك الاجتماعي , وأكتساب الادوار الى مستويات ومناصب حكومية عليا مقارنة بدورها الصغير والمحدود سابقاً.
أيضاً الشاب اليوم تأخرت أولوية الزواج لديه عما سبق لاسباب كثيرة ومتنوعه . كل هذا لابد من ربطة بما يمر به المجتمع من قفزات ومن بينها ارتفاع مستوى الدخل لأفراد المجتمع. كيف يمكن لنا أن نقنع الشاب والشابة بأنهما يمكنهما تحقيق ذاتهما من خلال الزواج والارتباط دون اختلال للمعادلة بين تحقيق الذات واستمرار الزواج؟
قضية كبيرة تحتاج إلى جهود فردية ومجتمعية.
أين دور القدوة في المجتمع؟ لكسر حلقة التقليد الاعمى الذي نراه في تكلفة حفلات الزواج والمزايدة في ذلك, مما يعطي الأولوية في الارتباط للجانب المادي على الجانب الروحي أين المفهوم القراني " لتسكنوا إليها" هنا. الجميع يشتكي من تكاليف الزواج المرتفعه ومع ذلك الجميع يستمر في المزايدة فيها . حتى بعد أقامت الدولة مشكوره قاعات ضخمه باسعار رمزية لتقليل تكاليف الزواج استمر الكل في المزايدة في ذلك والتقليد الاعمى دون نظر للقدرة المالية والفروق الفردية بين الناس. المجتمع يحتاج الى دور القدوة في المجتمع لكسر حلقة هذا التقليد الاعمي والمقزز احياناً. هل ثمة إرتباط بين ارتفاع تكلفة الزواج وارتفاع معدلات الطلاق في المجتمع؟
أنا إعتقد أن ثمة علاقة بينهما وهي انتقال الذهن من الحالة الروحية الى الحالة" السلعية" خاصة أن الزواج أصبح لدى الكثير ليس مطلباً إلآ للإنجاب , فالعلاقة مع الدنيا اليوم بالنسبة للشاب والشابة لها الأولوية بينما كان في السابق يمثل لهما الدنيا خروجاً من حالة الانعزال التي يعيشها المجتمع كمجتمع ذكوري فقط يعيش على مفهوم الملكية بما في ذلك الزوجة.
هل السن له دور في كثرة معدلات الطلاق في المجتمع؟ استمرار تزويج الفتى أو الفتاه في سن صغيرة ففي السابق كان أمراً مفهوماً أما اليوم فأعتقد أنه مسؤؤل عن كثير من حلات الطلاق المبكر, فقد فتح التقدم المادي ابعاداً جديدة واسعة لتحقيق الذات والشعور بالوجود.
كلما كان المجتمع اكثر تقدماً سواء في الانتاج ما في الدول الصناعية أم مستهلكاً بشراهة كما في مجتمعاتنا كلما ازداد معدل التفكك الاجتماعي ومشاكله, الاستهلاك ظاهرة خطيرة ليست فقط على المستوى المادي وانما على المستوى النفسي والمعنوي , تتحول معها العلاقات الاجتماعية الى علاقات استهلاكية .
التحرر من الخوف من المستقبل ضرورة لمواجهة مشكلة ارتفاع نسب ومعدلات الطلاق فلإسراع في تزويج الشابات بالذات خوفاً عليهن من المستقبل دون زواج أمر يجب اعادة النظر فيه ,, فالزواج المبكر في سن صغيرة اليوم قد يصبح سجناً وسط عالم ملييء بالمغريات , بينما في السابق كان يعتبر خروجاً من سجن البيت الضيق إلى دنيا الرجُل الواسعة.
كيف يمكن الخروج بالزواج اليوم من مفهوم الملكية أو التملك الى مفهوم المشاركة وتحقيق الذات بالنسبة للطرفين؟
الطلاق كأي ظاهرة إجتماعية أخرى لايمكن دراستها دون فهم السياق الاجتماعي والزمني والتغير الذي يمر به كمجتمع إنساني , ارتفاع معدلات الطلاق في مجتمعنا تحتاج الى دراسة لفهمها , قبل وصفها كمشكلة تستحق العلاج في حين أن السياق المجتمعي الذي افرزها هو ما يستحق العلاج.
السبت، 2 نوفمبر 2024
الإستفتاء .... وخصوصية اللحظة القطرية
الاستفتاء هو آلية قانونية ديمقراطية تتيح للمواطنين المشاركة المباشرة في إتخاذ القرار, فهو بالتالي إجراء يتم من خلاله طرح سؤال أو أكثر على الناخبين في قضية لمعرفة آراءهم , أو موافقتهم من عدمها بشأن تعديل بعض مواد الدستور أو حتى إعتماد دستور جديد, من أهم أنواع الاستفتاءات هو الاستفتاء الدستوري الذي ذكرت مايستدعيه آنفاً, كما ان هناك الاستفتاء التشريعي والاستفتاء السياسي وغير ذلك ما نحن بصدده والذي نعيشه اليوم هو الاستفتاء على تعديل بعض بنود الدستور واضافة بنود اخرى استجدت الحاجة الى اضافتها.
قد يبدو هذا الاستفتاء جديداً لدى البعض في شكله القانوني إلا أنه في الحقيقة ليس بجديد على تاريخ الشعب القطري سياسياً وإجتماعياً بحكم طبيعة المجتمع القطري وعلاقته بحكامه عبر العصور, فنحن نذهب اليه ليس كاجراء قانوني فقط بقدر مانذهب اليه كعادة درجنا عليها في علاقتنا مع حكامنا حين مايتطلب الوضع ان يضعوا الحقيقة بين ايدينا كشعب مشاركة منهم في اتخاذ ما يحقق المصير المشترك بين افراد الشعب وقيادته,فهو ليس بالجديد على أهل قطر وليس بالأول في تاريخ بناء الدولة, فقد عايش القطريون الاستفتاءسياسياً واجتماعياً عبر تاريخهم في مواقع كثيرة واحداث عديدة , مرت بها قطر استدعى الامر فيها الاجتماع بالعائلة الحاكمة مرات ومرات عديدة بأصحاب الحل والعقد وتطور الوضع بإنشاء مجلس الشورى وفي أحداث جسام استشف الامير أراء أعضاءه واخبرهم بما يستجد من أمور وأخذ بالشورى معهم مسبقاً وهم من كان يمثل الشعب كأصحاب خبرة وجاه ومكانة في المجتمع, فبإستمرار كان هناك امتزاج للرأي بين الحاكم والمحكوم عبر تاريخ قطر ولله الحمد منذ أيام المؤسس طيب الله ثراه مروراً بحكام قطر الأجلاء حتى عهد سمو اميرنا الشيخ تميم حفظه الله, فنحن نذهب اليوم للإستفتاء على تعديل بعض مواد الدستور أو إضافة أخرى صحيح انها المرة الاولى دستورياً ولكنها ليست المرة الاولى سياسياً وإجتماعياً,
نذهب للإستفتاء اليوم ليس كصفحة بيضاء لم يسبق لنا أن سطرنا فيها تلاحمنا مع القيادة, نذهب الى الاستفتاء اليوم وفي اذهاننا ثقة الأمير بنا وثقتنا فيه كقائد لمسيرتنا, نذهب للإستفتاء اليوم كشعب فوق حدود التفرقة والانشطار, نذهب الى الاستفتاء اليوم وقد تجاوزنا الأنا الفردية , نحو أنا الشعب الواحد المتماسك,نذهب الى الاستفتاء اليوم وفي أذهاننا عرق الآباء وجهد الابناء ووحدة المصير مع الاشقاء, نذهب الى الاستفتاء اليوم كتلة واحدة من رجال الأولين واللاحقين والقادمين مستقبلاً طالما أرتضينا العيش المشترك الكريم للجميع في ظل قطر وتحت قيادة سمو أميرها وقائد مسيرتها
حفظ الله قطر وحفظ سمو أميرها وسمو الأمير الوالد الذي فاء عليها بكثير من الانجازات جعل من غير القطري يتمنى كما لو كان قطرياً
الاثنين، 28 أكتوبر 2024
الفرق في مفهوم التعيين سابقاً ولاحقاً
صادق مجلس الشورى بالإجماع على مشروع التعديلات الدستورية التي أحالها إليه صاحب السمو الأمير المفدى لدراستها وابداء الرأي بعد أن أوضح سموه الاسباب التي أوجبت ذلك صيانة لمصلحة الوطن وأمنه واستقراره وحفاظاً على وحدته وتماسكه والعودة بالتالي الى نظام التعيين الذي كان معتمداً في السابق قبل الإنتخابات الاخيرة التي تمت منذ 3 سنوات خلت وهذه سنتها الرابعة والاخيرة
سأجد هناك من يتساءل قائلاَ :مالفرق إذن بين نظام التعيين في السابق ونظام التعيين المرتقب في المجلس القادم؟
لعلي هنا أضع بعض نقاط الاختلاف التي أرى أنها ستجعل من العضو المعين الجديد يختلف عن العضو المعين السابق أوجزها في الآتي:
أولاً: أن العودة لنظام التعيين الجديد تأتي بعد تجربة واقعية عاشها الوطن وعايش ظروفها والاجواء التي أحاطت بها بشكل ملموس , بينما في السابق كان التعيين فكرة فوقيه مثالية
ثانياً :أن فكرة التعيين في ذهنية القائد وفي ذهنية المجتمع كذلك قد تبلورت بشكل أكثر تحديداً عما سبق وبلا شك والدليل في تعديل المادة رقم 80 من الدستور التي حددت شروط العضوية في لمجلس بشكل يجعل منه مجلساً واقعياً يمثل التغيرات التي تمر بها الدولة ويعيشها المجتمع في عصر مختلف تماماً عن ظروف المجالس السابقة.
ثالثاً: العضو المعين الجديد نوعياً هو شخصاً مختلفً عن العضو المعين سابقاً أو هكذا يُفترض, لأنه عايش فترتي التعيين والانتخاب كمشارك أو كمراقب , فبالتالي هو أكثر نضجاً بل وبالضرورة اوجدت التجربتين السابقتين لديه" رأياً" فنحن إذاً أمام عضواً يمتلك رأياً ليس لأن من سبقه لايمتلك ذلك ولكن لأن التعديلات الجديدة فتحت له المجال ليكون عضواً" منتخباً" من قبل سمو الأمير بالتعيين.
رابعاً:إن شروط العضو المعين القادم فيها من التحديد ما تجعل منه إنتقاءً رشيداً قائماً على العلم وامتلاك الرأي والكفاءة والخبرة, بمعنى أننا أمام خلاصة المجتمع وليس أمام أي إعتبارات أخرى وهذه الشروط لاتأتي بها أي إنتخابات في أي مجلس ربما مهما كان تقدم المجتمع.
خامساً:أكاد أجزم أن عقلية المجتمع قد تغيرت كثيراً بعد تجربة الانتخابات بل أن من محاسنها أن أفرزت عقلية أقل تعصباً لأي مرجعية من المرجعيات الاولى على أمل أن يتطور المجتمع الى ايجاد مرجعيات وسطى ومجتمع مدني صلب يساعد الدولة وسمو الامير في ادارة شئون البلاد كل في تخصصه.
سادساً:فتح المجال لزيادة عدد اعضاء المجلس فكرة جيدة تدعم التوجه نحو ايجاد تنوع يدعم دور المجلس بكل اطياف الخبرة والكفاءة.
سابعاً: ماذا يعني شرط العلم في المنتخب؟ يعني في إعتقادي ليس فقط العلم المادي الذي يُدرس وانما القدرة ايضاً على الاستبصار بما يتجاوز محيطه الضيق من عائلة او قبيلة أو طائفة. ماذا يعني أن يكون ذا رأياً؟ في إعتقادي أن ذلك يعني أن يمتلك الثقة في نفسة وكذلك القدرة على الاحتفاظ بثقة سموه الامير فيه وهذا حمل كبير وثقيل. ماذا يعني أن يكون ذو كفاءة؟ هذا يعني أنه يمتلك القدرة على الحوار وسعة الافق في التعامل مع الاختلاف . ماذا تعني ان يكون ذو خبرة؟ تعني أنه نتاج تجربة تجعل من صاحبها كما يقال " مخضرماً" أي عايش الماقبل والمابعد,
ثامناً: نحن أمام مجلساً جديداً إختزل الانتخابات ليبعث مفهوماً جديداً للتعيين, قد يصبح منارة للغير, نحن أمام عضواً جديداً منتخباً بالتعيين وليس معيناً بلا تجربة أو على أرضية لم تحرث بعد,
تاسعاً: نحن أمام أعضاء مجلس لهم صفة العموم , كل عضو منهم يمثل قطر من اقصاها الى اقصاها, فخلاصة تجربتنا الشورية هي في الانتقال من مجتمع الروح التقليدية الى مجتمع الروح التنموية التي تتطلب جهد الجميع بلا استثناء كل مادون هذه الروح الجماعية سيصبح من مخلفات مجتمع يتطلع الى المستقبل ببصر من حديد
عاشراً : أدخلنا من خلال هذة التجربة مفهوماً جديداً للانتخابات بإعتبارها وسيلة قد تتغير في أي وقت وليست غايةً ثابته كما هو موجود في العقلية العربية بالذات , فهذه أسبقية كما علمتنا قطر دائماً كأسبقية قناة الجزيرة في تاريخ الاعلام العربي أو اسبقية استضافة بطولة كاس العالم رياضياً
وفق الله الجميع
السبت، 19 أكتوبر 2024
من يزرع الجمال في وطننا الحبيب؟
حينما زرت ميناء الدوحة القديم اثناء إقامة بطولة كأس العام في قطر منذ ما يقارب العامين, لم أتوقع كل ماشهدت من جمال في التصميم وروعة التناسق بين الالوان وزرقة البحر المحيطة , شعرت وكأنني على شواطئ أحدى مدن البحر المتوسط , المشهورة ببناءها المتميز وبألوانها الممزوجة بزرقة البحر المحيط , الأمر الذي يجعلك تشعر براحة نفسية وهدوء وإقتراب من الطبيعة , لم أكن أتوقع كل ما رأيت الحقيقة, ولم أكن اتوقع ان هناك من بين ظهرانينا من يمتلك هذا الحس الجمالي الفائق, فأزدت إيماناً بأن العلاقة بين الثقافة والبيئة بما فيها العمارة علاقة تبادل وإمتزاج, كان هناك من يقول أن دول الخليج لاتمتلك سوى التطاول في البناء وناطحات السحاب التي لاتعكس شيئاً من طبيعتها ولا من طبيعة شعوبها, ما رايته في الميناء القديم وفي الحي الثقافي " كتارا" عجيباً , فن البناء وجمال التصميم ينثر ثقافته وروحه الجمالية في كل مكان , فالفن اصلاً وعدٌ بالجمال, والجمال في حد ذاته ثقافة تنبع من داخل النفس , كنت أرى أفواج السياح ترتاد الاماكن الاثرية ذات البناء المعبر والذي يكاد ينطق من جماليته وروعته صمته ,كنت موقناً أنهم على حق , وأزداد ايماني ويقيني بذلك بعد أن زرت ميناء الدوحة القديم بعد تطويره وإعادته الى التاريخ , وفي هذة الايام بالذات لجمال الطقس وإعتداله هو لوحة جماليه لكل مكتئب أو متعكر المزاج أو ضائق صدر , وكذلك حي " كتارا" الثقافي والله أجد في أزقته روح التاريخ ورائحة الفرجان وعلى شاطئه زرقة البحر وفي مقاهيه تنوع الذوق, كلما أزدادت مساحة الجمال في وطننا إزدادت ثقافة المواطن وأرتفع مستوى الذوق في المجتمع , فكرة لا يستحدثها إلا ذوق عظيم واحساس مرهف , قد يهرب الطالب أو الانسان من الدرس التعليمي لكن كيف يهرب من بيئته المحيطة ؟ هذة اللمسة الجمالية لايأتي بها الا إنسان جميل, هذا الابداع لايصنعه إلا من تشربت نفسه الابداع حتى الثماله , وقد سمعت للتوء كذلك عن مشروع تراثي لكتارا يعيد بناء أحياء الدوحة القديمة على شكل مجسمات على الواجهة البحرية لميناء الدوحة القديم حفظاً للذاكرة من اجل اجيال المستقبل , هناك من يشعر بما يدور في أنفس أهل قطر من حنين وشوق للماضي وترقب وأمل في المستقبل إن الفن والعمل الفني بصورة عامة يثري وجود الانسان , ويهذب نفسه ويُقلم من آثار المادية المتوحشة التي بدأت تغزو مدن العالم , شكراً بملء الفم لمن يزرع الجمال على شواطئنا وفي موانينا, شكراً بحجم السماء لمن أثرى وجودنا ثقافياً , شكراً لمن جعل من دوحتنا متحفاً يحفظ الأمس وماضي الذكريات , شكراً لمن يزرع طريق الغد بالبسمات
الثلاثاء، 15 أكتوبر 2024
نعم ... للتعديلات الدستورية, نعم .. لقطر المستقبل
في خطاب تاريخي ومفصلي في دور الانعقاد العادي الثالث والخمسين لمجلس الشورى, حدد سمو الأمير ركائز السياسة القطرية داخلياً واقليمياً وخارجياً بشكل يجعل من قطر رمزاً لتحقيق المساواة والسلم المجتمعي والواقعية السياسية وانتهاجاً لأسلوب الحوار لتسوية جميع النزاعات,إقتصادياً , حقق الاقتصاد نمواً رغم مشاريع كأس العالم الاخيرة وهو أمر فاق التوقع, كما انخفض معدل التضخم مقارنة بالاعوام السابقة, سياسياً العمل على تطوير وتقوية العلاقات وترسيخها مع الاشقاء دول الجوار ,وخارجياً تقوم السياسة على قواعد ثابتة مع مراعاة مبادئنا وقيَمنا ومصالحنا, وكذلك إدانة اسرائيل وتحميلها ما يحدث للشعب العربي في غزة من حرب إبادة وضرورة رفع الحصار ,وكذلك إدانة الغارات الهمجية على لبنان وقتل وتهجير شعبها , ودعا الى ان يتحمل العالم مسؤوليته تجاه هذة العربدة الاسرائيلية.
# الشأن الداخلي:أشار سموه إلا أن التغيير المدروس هو في استخلاص النتائج من التجارب التي يمر بها المجتمع, وأكد سموه على أن "الدستور هو السياج القانوني في تحقيق المواطنة المتساوية"أمام القانون. وأشارسموه على إن تجربة الانتخابات التي دعا اليها مسبقاً ووعد بمراجعتها واستخلاص النتائج منها,,قد فرضت أو أدت الى ضرورة استحداث بعض التعديلات الدستورية عليها,تحقيقاً لزيادة التلاحم والانسجام والتعاون بين افراد الشعب لتحقيق مبدأ المساواة في المواطنة أمام القانون وزيادة في التلاحم مع القيادة, وإيماناً من سموه بضرورة المشاركة في اتخاذ مثل هذة الخطوات الدستورية الهامة, أمر بأن تطرح للاستفتاء الشعبي العام قريباً.
نحن معك ياسمو الأمير في تحقيق المواطنة المتساوية أمام القانون
نحن معك ياسمو الأمير في الاستفتاء " بنعم" للتعديلات الدستورية التي تحقق ذلك
نحن معك ياسمو الأمير في جميع الادوار الانسانية والسياسية التي تقوم بها قطر من أجل تحقيق السلام في كل مكان
نحن معك ياسمو الأمير في إيمانك بالشورى إيماناً مطلقاً
نحن معك ياسمو الأمبر,في أن دور مجلس الشورى سيظل حيوياً وهاماً ومحورياً سواء كان إنتخاباً أو تعييناً
نحن معك ياسمو الأمير في سعيك لتحقيق العدل والمساواة بما يحفظ لشعبنا التماسك في ظل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة
نسأل الله أن يحفظ سموك وسمو الأمير الوالد وشعب قطر من مواطنين ومقيمين.
الجمعة، 27 سبتمبر 2024
المُتهافت
عيناه زائغتان ,ينظر في كل مكان, صوته متهجد لاتعرف إن كان مسروراً أم حزيناً, يحاول أن يرضي الجميع , المستقبل لديه يصنعه الآخرون , يشغل مكانة في المجتمع إلا أنه لايشعربها , غير متماسك الافكار, يتسول القرب ما استطاع الى ذلك سبيلا, ميسور الحال وقد يكون ثرياً إلا أن فقره ليس مادياً بل وجودياً, قد ينثر ماء وجهه للحصول على ما لايستحق أو مالا يضيف اليه شيئاً , صوره كثيرة في المجتمع وعلى جميع المستويات الرسمية والشعبية, يبحث عن الاخبار , يسرع في نشرها , الانا لديه هائمة , تبحث باستمرار عن من يطمئنه بوجودها أو أنه لايزال في الصورة, كما يقال, عينيه معلقة بما عند الغير باستمرار, لايعيش يومه الابمقدار ما يتواجد حول الاخرين , يخاف أن يعيش مع ذاته أو لايستطيع لافتقاده شروط ذلك, فالذات الانسانية ضخمة وثقيلة ولها شروط وجودية لايستطيع تحملها فيلجأ الى ذوات الاخرين ليختبىء من التزاماتها, إذا شغل وظيفة او منصباً لحقه التردد والتهرب وانجذب الى ضوء يحميه أو ركن يستند إليه, كم من الكوارث ارتكبها هؤلاء المتهافتون بحق حقوق انفسهم وحقوق الاخرين عليهم حين تبؤوا المناصب, شهدت العديد منهم خلال حياتي الشخصية والعملية, التهافت إكتناز ومحاولة امتلاك مستمرة ودائمة من هنا يبدو المتهافت شخصية دائمة المسخ والتنكر, يريد رزق الغد قبل موعده , كذلك الأمس لديه ليس مجالاً للعبرة والاتعاظ , ,اليوم فرصة , وغداً إنتهاز ورغبة في التملك,شاع مؤخراً إصطلاح " المرجف "أو المرجفون وهو في إعتقاد مرحلة متقدمة يصلها المتهافت إذا لم يصحو من إضطرابه النفسي ليعيش وجوده الحقيقي كإنسان فمهما تهافت على الدنيا وزخرفها سيتركها وإن كان لن ينزع قميص التهافت حيث أنه لصيق بالنفس وليس بالجسد الذي سيوارى في التراب.
الاثنين، 9 سبتمبر 2024
كل شيء الى زوال
ماهية الإنسان هي المسؤولة عن سعادته أو شقاءه, مقارنةً بآراء الاخرين فيه, فبما يزخر به في داخله هو ما يصاحبه في حله وترحاله ويطبع أحداث حياته وأسلوب معيشته , هو ما يبقى بعد أن يزيل الدهر كل أشكال المكياج والآلوان الذي تزخرف بها هنا وهناك من اجل هدف دنيوي أو حاجة ملحة, فإن كان طبع الشخص رديئاً فلن تنفع معه كل متع الدنيا , ا لاشكالية حين نستبدل حقيقة ماهيتنا بصورتنا عند الآخرين التي في أذهانهم عنا هنا بيدأ الخلل , من يراك شريراً أو خيَراً قد لايرى حقيقتك وانما مجرد انطباع استله في لحظة قوة أو ضعف شاهدك فيها, فالعامل الوحيد في سعادتنا هو ماتزخر به دواخلنا من ممكنات وما نحن إياه بالفعل أي طبعنا الشخصي الذي يلازمنا كالظل وليس الطبع الذي نتبناه حسب الظروف فهو زائل ولايبعث على الطمأنينة, طبعك الحقيقي هو الذي يأوي معك في الفراش وانت خلياً من الدنيا , فالطبع يؤثر على الانسان وبشكل منتظم أما غيره من العوامل فتأثيرها بسيط ولايدوم , الطبيعة سرمدية والاشياء عارضة, إن النعم الذاتية مثل العقل الراجح والطبع النبيل والمزاج المعتدل والنفس المرحة هي من أوجب الواجبات التي يجب أن نصونها وننميها بدل الركض وراء النعم الخارجية ومظاهر البذخ والاسراف, عموماً لاينسجم الانسان الراقي انسجاماً تاما ً الا مع ذاته, لذلك تجد الانسان مع تقدم العمر يميل الى البقاء مع ذاته اكثر, في حين أنه قد يكون في شبابه كانت تسكنه ذوات الآخرين وتستولي على ذاته وتحرك مشاعره, هذه شذرات رائعة لشاعر فارسي يصور الحياة وما يعتريها أبلغ تصوير
هل فقدت العالم كله ؟
لاتحزن فالأمر هين
هل صار كله طوع بنانك ؟ لاتفرح فالأمر هين
افراح ..أتراح ...الآم ... آمال
كلها الى زوال مُرَ منها
مرور الكرام ولا تبالي
كلها إلى زوال
الأحد، 8 سبتمبر 2024
سؤال الروح
الاشكالية التي نعاني منها هي اعطاء ظاهر الحياة كل اهتمامنا وننسى او نتناسى أ ن الشرط اللازم لتوازننا وسعادتنا هو في اعطاء الحياة الداخلية الاولوية على كل ممتلكات الحياة المادية الظاهرة للناس, النجاح المادي يثير الضجة تتفاخر به وسائل الاعلام يومياً عارضة اسماء اولئك الذين استطاعوا ان يحققوا غنىً فاحش وثروات طائلة, لكن الحقيقة ان كل هذا الغنى وهذه الثروات تحت رحمة الاحداث ومؤامرات الغير من أعداء أو وحساد , لذلك هناك دائماً شعور مزدوج بين الامتلاك وعدم الامتلاك في الوقت نفسه , وتعجب حتى تدرك ان الكثير منهم لايشعرون بالسعادة بل ويشعرون بأن شيئاً ما داخلياً ينقصهم, فقد اغفلوا حياتهم الداخلية تحت اجتياح الرغبة في الحصول على المادة والسعي المستمر وراء بريقها الآخاذ, ولو ادرك الانسان ان مايمتلكه حقيقةً هو حياته الداخلية وثروته الروحية فسيشعر بالتوازن الحقيقي في هذة الحياة بعيداً عن تأثير الآخرين وسيكون في وضع دائم ومستمر لإفادة الاخرين لانه سيدرك انه لايخسر شيئا بقدر ما يضيف الى رصيده الداخلي وحياته الروحية الكثير, ينسى الانسان الغنى الروحي الذي وهبه الله له , ويتغلب جانبه المادي على جانبه الروحي الشفاف , فيصبح اتصاله أرضياً فقط لايعتلى الى مراتب اعلى في الوجود , وينقضي به العمر وهو لم يعش سوى فترة حياة جسده ومكانتها بين الاجساد في حين لم تغتنى روحه التي تحمل سر وجوده وشفرة اتصاله بخالقه من رحيق الحقيقة التي تجعل من حياته وجوداً أزلياً الانتقال من براثن الجسد الى سرمدية الروح التي ينتهي بها الأمر عائدة من حيث أتت ولولا الإرادة الآلهية لتمنعت من السكنى في الجسد المادي الزائل , فأجعل من حياتك روحاً تسمو بالجسد وليس جسداً يطمر روحاً
أنظر كيف يصفها إبن سينا :
هبطت إليك من المكان الأرفع"ي"
ورقاء ذات تعزز"ن" وتًمنُع
محجوبة عن كلَ مقلة عارف
وهي التي سَفرت ولم تتبرقع
وهم الهروب من العدالة
كثيرة هي التساؤلات عن المجرمين الذين استطاعوا الهروب من العدالة البشرية , يرونهم في الاسواق وفي التلفاز وفي كل مكان , يُحتفى بهم ويتصدرون المآدب والاحتفالات, يعرفونهم بأعمالهم, الشريرة, لكنهم في حصن حصين من العدالة البشرية لسبب أو لاخر, نفوذهم كبير اكبر من العدالة البشرية, لكن إيمان الناس بالعدالةالآلهية حتمي ولا لبس فيه, لكن الناس تغفل عن شيء هام , وهو أن هناك ثمة شيء بين عدالة الارض اليوم وعدالة السماء غداً, وهي العدالة الفورية التي تأخذ مكانها بمجرد أن يرتكب الانسان جريمة, وهي عدالة تبدأ من الداخل من داخل المجرم أياً كانت جريمتة, قتل, سرقة, استحواذ غير مشروع ....الخ, يبدأ الانهيار الداخلي مع مرور الوقت , فالزمن يتفاعل سلبياً مع الجريمة داخل نفس مرتكبها, ويبدأ بالتالي التدهور النفسي والصحي له والتفكك الخارجي يتبعه مع مرور الوقت , الجرم والعياذ بالله ينهش في جسد مرتكبه , هذه العقوبة الآلهية الفورية , الناس لاتراها وتعتقد أن العدالة الآلهية مؤجلة , الا أنها فورية ولكنها تستعين بالزمن الذي هو أشد على المجرم من الاعدام الفوري ,يبدأ التفتت من الداخل وقد يتطلب فترة طويله من الزمن حتى يتداعى ظاهرياً ولكن داخلياً هناك شيئاً ينهار, ,كم هي الاعترافات التي تم تدوينها لمجرمين حين وصلوا الى ارذل العمر وعلى وشك الموت وقد افلتوا من عقاب الدنيا لكنهم لم يفلتوا من عقاب الضمير الذي تراكم ككرة الثلج مع مرور الايام في داخلهم , الانسان كائن متحسر على ذهاب الدنيا مهما كان نزيهاً فيها فكيف به وقد أرتكب إثماً يخفى عن أعين البشر ولكن داخله يتألم من كتمانه, أن كنت قد شعرت عزيزي القاريء يوماً ما بأنه قد مر من جنبك مجرماً وتراه مبتسماً ضاحكاً فثق تمام الثقة بأن هناك شيء ما بجانبك قد بدأ بالتداعي والتآكل.