الجمعة، 22 نوفمبر 2024

هوية السطح أو "الآن "2"

 تواجه المجتمعات  الخليجية بالذات  أزمة هوية بإستمرار , حيث أن شعوب هذه الدول أقلية  وفي طريقها الى التنمية تحتاج الى قوى عاملة لاتتوفر محلياً  خاصة  بعد إكتشاف النفط والغاز فيها وهما عنصري طاقة  يحتاجه العالم بإسرها ومصدراً للثراء الاقتصادي والرخاء الاجتماعي فبالتالي أصبحت هذة الدول قبلة  للباحثين عن فرص للعمل والاستيطان من الدول المجاورة وحتى غير المجاورة, واصبح من ضروريات التنمية في هذة الدول السعي لجلب الخبرات والايدي العامله المدربة  في جميع المجالات من الدول العربية الشقيقة وغيرها من البلدان, ومع مرور الوقت  حصل هؤلاء المقيمين على جنسية هذة الدول وسعى الباقي كذلك للحصول عليها  وتم تجنيس الكثير منهم  وقد  احتاج الامر الى تقنين لعملية التجنيس  بما يحفظ الأمن والاستقرار , لاأريد الاسترسال هنا لأنه ليس موضوع هذة المقالة , ما أود التركيز عليه هنا قضية الهوية, التي طالما شغلت بال  المواطن في هذة المنطقة من العالم  , ودائماً مايطرح سؤال كيف يمكن أن نحافظ على هويتنا ؟خاصة  أن التوجه العام لاستيعاب الجميع تحت مظلة واحدة أساسها في دولتنا "كلنا في قطرأهل" كما أشار سمو الأمير   خاصة بعد الاستفتاء الاخير على التعديلات الدستورية التي تفضل بها سمو الامير وصوت عليها الشعب بنسبة تزيد على 90%. واصبح كل من يحمل الجنسية القطرية هو قطري , فبالتالي تصبح الهوية القطرية الجديدة تحمل في طياتها ,صور التجدد الذي حصل بعد الاستفتاء الذي وقع عليه  سمو الامير, وهنا أريد  أن أقارب هذه القضية بالقول أن  الأصل   تستنسخ منه صور  وليس هناك   صورة بلا أصل  ومع تراكم الصور تصبح هذه الصور بمرور الزمن   هي الاصل  كذلك , فبالتالي كل  قطريُ  هو بالضرورة قطري بالاصل  لأن الاصل ليس سوى موضوعاً للزمن وحيث ان الزمن غير ثابت ومتحرك باستمرار فالأصالة كذلك تصبح أمراً متحركاً معه بمرور الوقت وتراكم السنين , مع الاحتفاظ  بما يشعر  به المجتمع أنه حقاً معنويا في حدوده الدنيا  دون المساس بمفهوم العدالة والمساواة . إن هذا التراكم  لكي يكتمل  في تجسده في الواقع يحتاج الى هوية  جامعة مفهوم الاصالة فيها أكثر شمولاً ليحتوي قطر اليوم  بعد التعديلات الدستورية آنفة الذكر , فلايصلح هنا مفهوم الهوية الثابت  والمتجمد زمنياً حتى يشمل هذا التحول الاجتماعي والديمغرافي  والزمني فلابد  إذن من هوية جامعة تلتقي على مصلحة أكبر من مصلحة الفرد أو الجماعة أو الاقلية انها مصلحة الوطن والوطن هو السطح الذي يعيش على أرضه الجميع  فنحن بحاجة الى هوية " السطح "  أو هوية "الآن" التي تشمل الجميع  ككيان داخل الوطن  بعيداً عن الفروق الصغيرة والتواريخ الصغيرة أمام تاريخ الوطن ومستقبله , هوية ترتكز على  المصلحة العامة والمصير المشترك  ومحبة النظام والولاء لسمو الامير  القائد  

الأربعاء، 20 نوفمبر 2024

جائزة سمو الأمير ومغزى "التميز"

جذبت إنتباهي  كلمة" تميز" في مسمى  جائزة سمو الأمير لمكافحة الفساد لذلك سأحاول أن اقاربها فلسفياً لأنها تعطي معنىً  قد لاينتبه له الكثيرون  في القصد والهدف من جائزة سمو الأمير المفدى.

أولاً ليست هناك دولة في العالم أجمع تخلو من الفساد, لن أدخل في تعريفاته ولكن سأقفز الى  نقيضه  ومترادفات هذا النقيض وهي كثيرة منها على سبيل المثال , نزاهة, نقاء, طهارة....  وكلها لو لاحظنا  سنجد انها  تأتي من ملكوت  أعلى من عالم البشر,  الذي نعيشه بكل نقائصه, من هنا يصبح وجوده لازماً وضرورياَ لاستمرار جدلية الحياة وصراع الخير والشر فيها , لامعنى لطهارة دون وجود نجاسه, ولامعنى لنزاهة دون وجود  دناءة  وهلم جرى  فبنقيضها تعرف الأشياء.

من هنا أستطيع أن ألمس مدى ملائمة    كلمة " التميز"  لجائزة سمو الامير المفدى لمكافحة الفساد, فالموضوع ليس فقط مكافحة الفساد وانما التميز في هذة المكافحة , على إعتبار  الفساد  هو القضية  واللافساد هو نقيض هذه القضية والمركب الثالث الذي ينتج من القضية ونقيضها هو التميز أي خلاصة  الجهد  البشري   المبذول  إنسانياً  في مواجهة الفساد وليس القضاء عليه , مع انه هدف اسمى تسعى البشرية كلها لتحقيقه  . رداً على البعض الذي يحتج  حين يقول  كيف نكافح الفساد  ويوجد عندنا فساد  بل أنه  موجود في  كل مجتمع بشري ؟ وجود الفساد لايمنع من  مكافحته  ليس فقط مادياً وإنما إنسانياً  بل الهدف هو الارتقاء بالانسانية الى مستوى ذلك فالتميز صفة إنسانية  فيما يتعلق بإعلاء القيم السامية في المجتمع, التميز يعني أن ترتقي بإنسانيتك الى مستوى  الطهارة في البدن والجيب  وفي السلوك, التميز يعني أن تحارب  هوى النفس  وغرور الوظيفة وكبرياء المنصب , التميز أن ترتقي إلى مستوى الوقوف أمام عتبة الله غداً وصفحتك بيضاء,جائزة سمو الامير في التميز في مكافحة الفساد , جائزة أخلاقية إنسانية , تدل على هدف عظيم  يسعى سموه لتحقيقه ما أمكن الى ذلك سبيلاً, جائزة سمو الأميرمن أهم صادرات دولة قطر إلى العالم , نحو عالم يخلو من  نوايا الفساد , الفساد قد يحدث عارضاً وهو يحدث بلاشك ,  لكن التميز إن لايحدث إنطلاقاً من نوايا سابقة وإصرار قد بُيت, مفردة" تميز" لها دلالة كبيرة وعظيمة  في موضوع يبدو أنه قدر العالم أن يعيشه  ولكن بالضرورة ليس قدر العالم أن يستنقع فيه بل أن يتميز إنسانياً في مكافحته  وتفكيك ما أمكن من  استقراره في النفوس  وكسر حلقة تبرير حتميته بإرتقاء وإعلاء حقيقة الانسان على مادونه من نوازع الشيطان.

 شكراً سمو الامير المفدى على تصدير هذة القوة الناعمة للعالم  من خلال  جائزة ليس فقط لمكافحة الفساد وإنما  للمتميزين في ذلك إعلاءً لقيمة الانسان على ما سواها من القيم الاخرى, شكراً لكل من عمل وساهم في إيجاد هذه الجائزة

الثلاثاء، 12 نوفمبر 2024

التعديل الوزاري .. المفهوم والغاية

 شاء لي الحظ أن أواكب إنشاء أول وزارة في قطر مطلع السبعينيات الماضية وجميع التغييرات اوالتعديلات  على جميع الوزارات منذ ذلك التاريخ حتى الآن وأحمد الله على ذلك حمداً كثيراً.

مفهوم التغيير مفهوم إرادي  بمعنى أنه في يد  من يملك السلطة في حين أن مفهوم التغير غير إرادي  وإنما تفرضه الظروف  وهو مفهوم أعم من مفهوم التغيير, الوزارة أو مجلس الوزراء هو السلطة التنفيذية في كل بلد , فبالتالي  من الضروري جداً أن تكون ذا صفة ديناميكية , كما أن أي تغيير أو تعديل فيها  له من الاسباب الكثير ليست بالضرورة  تنطبق عليها ثنائية  النجاح والفشل وإنما قد يكون الانسب في مرحلة ليس هو الانسب في مرحلة أخرى , ثمة صورة ذهنية في  عقلية المجتمع ترسخت دونما وعي يربط  كل تغيير على هذا المستوى  بنتائج المراحل المدرسية ناجح وراسب , وفي هذا ظلم عظيم لهذا المستوى  من الوظائف والمسوؤليات , كثير من انجح الوزراء تم تغييره  لتغير ظروف المرحلة , وكثير جيء بهم  لأن المرحلة تتطلبهم ككوادر  فنية أو إدارية, علينا أن ندرك أن الهدف من كل تغيير أو تعديل  هو مواكبة الظروف الداخلية والخارجية وبما انها متغيرة ومختلفة فبالتالي  تتغير الشخوص  بما يناسب هذا التغير المحيط. مر على قطر منذ  إنشاء أول وزارة عقود عديدة  , كمراقب أرى أن كل تغيير أو تعديل تم منذ ذلك التاريخ إرتبط  بالتغيرات على االواقع  وعلى مستوى المحيط الاقليمي والعالمي, أول وزارة استمرت ما يقارب العقدين لأن التغير كان بطيئاً  بين إنتقال الدولة من الاستقلال  حتى بناء المؤسسات وما تلى ذلك من تغييرات كان سريعاً أو أكثر سرعة مع إمتلاك الامير الوالد زمام الحكم  ودخول قطر مرحلة بناء وتحديث جديدة وسريعة  , بعد ذلك استلم الشباب زمام الامور بتولي سمو الشيخ تميم زمام الامور أميراً للدولة, فأصبح للتغير الحكومي أو الوزاري معنىً آخر  مقياسه الابتكار والقدرة على الابداع , وهاتين الركيزتين الابتكار والابداع يمتلكها الكثير إلا أن مدة  الانجاز فيها قصيرة لاتزيد على عدد من السنين التي قد لاتتجاوز اصابع اليد الواحدة وهو مانراه في جميع الدول المتقدمة اربع او خمس سنوات ثم يحدث التغيير  في معظم  الاصعدة والمستويات  اوالابدال والاستبدال لماذا؟ لأن قدرة الشخص على الابداع والابتكار هي في سنواته الاولى من المنصب  بعدها يكون قد أعطي كل ماعنده, رؤية متقدمة تتبناها القيادة الشابة, أتذكرها ألآن مع صدور الأمر الأميري السامي رقم 2 لسنة 2024  بتعديل تشكيل  مجلس الوزراء , ومن خلاله يبدو الهدف واضحاً وهو التجديد لمزيد من العطاء والابداع  فشكراً لكل من ترك  بصمة  إنجاز في صفحة الوطن  من أولئك الذين تركوا مناصبهم  بعد التعديل الوزاري الجديد , وأمنية من القلب لهم بمزيد من النجاح  في حياتهم الشخصية والعملية , وكل الدعاء والتوفيق لجميع من تبوأ مسؤولية أو منصباً جديداً أثر هذا الأمر السامي وإلى مزيد من العمل والابداع 

فسمعاً  وطاعةً

 طالما  الهدف مصلحة قطر ...فالجميع  لقطر  وقطر للجميع

الخميس، 7 نوفمبر 2024

الطلاق..مشكلة أم حل؟

 كيف يمكن لنا مقاربة قضية الطلاق ؟  هل من كونه مشكلة أم من كونه حلاً لمشكلة؟

في إعتقادي أن الطلاق ليس مشكلة في حد ذاته,بل المشكلة  ظاهرياً في أرتفاع نسبة معدلاته في المجتمع.

وهل إرتفاع نسبة معدلاته في المجتمع  ذاتية   إيضاً أم هي إنعكاس  موضوعي لتغيرات يمر بها المجتمع ؟

ما نسبة ما يشكله الزواج  من  أولوية في  ذهنية  وتفكير شباب اليوم مقارنة بذهنية الاجيال السابقة؟ 

ما علاقة نسبة الزواج بنسبة الطلاق؟  

اسئلة كثيرة تخطر على بال المهتم بهذة القضية لكي ندرك من أن يمكن مقاربتها

 أعتقد شخصياً أن التغيرات الاجتماعية المصاحبة بالتغير السريع الذي يمر به المجتمع لها دور كبير فيما نشكو منه من ارتفاع نسبة معدلات الطلاق في المجتمع. ,إن إتجاه الطرفين الشاب والشابة لتحقيق الذات أصبح ذو أولوية على التفكير في الزواج , خاصة الفتاة التي فتح لها المجتمع مجالات كثيرة  في قضية الحراك الاجتماعي , وأكتساب الادوار  الى مستويات ومناصب حكومية عليا  مقارنة بدورها الصغير والمحدود سابقاً.

أيضاً الشاب اليوم  تأخرت أولوية الزواج لديه عما سبق  لاسباب كثيرة ومتنوعه . كل هذا لابد من ربطة  بما يمر به المجتمع من قفزات  ومن بينها ارتفاع  مستوى الدخل لأفراد المجتمع. كيف يمكن لنا أن نقنع الشاب والشابة بأنهما يمكنهما تحقيق ذاتهما من خلال الزواج والارتباط  دون اختلال للمعادلة بين تحقيق الذات واستمرار الزواج؟

قضية كبيرة تحتاج  إلى جهود فردية ومجتمعية.

أين دور القدوة في المجتمع؟ لكسر حلقة التقليد الاعمى الذي نراه في تكلفة حفلات الزواج والمزايدة في ذلك, مما يعطي الأولوية في الارتباط للجانب المادي على الجانب الروحي أين المفهوم  القراني " لتسكنوا إليها" هنا. الجميع يشتكي من تكاليف الزواج المرتفعه ومع ذلك الجميع يستمر في المزايدة فيها  . حتى بعد أقامت الدولة مشكوره قاعات ضخمه باسعار رمزية لتقليل تكاليف الزواج استمر الكل في المزايدة في ذلك والتقليد الاعمى دون نظر للقدرة المالية والفروق الفردية بين الناس. المجتمع يحتاج الى دور القدوة في المجتمع  لكسر حلقة هذا التقليد الاعمي   والمقزز احياناً.  هل ثمة إرتباط بين ارتفاع تكلفة الزواج وارتفاع معدلات الطلاق في المجتمع؟

أنا إعتقد أن ثمة علاقة بينهما  وهي انتقال الذهن من الحالة الروحية الى الحالة" السلعية" خاصة أن الزواج  أصبح لدى الكثير  ليس مطلباً  إلآ للإنجاب , فالعلاقة مع الدنيا اليوم بالنسبة للشاب والشابة  لها الأولوية  بينما كان في السابق يمثل لهما الدنيا خروجاً  من حالة الانعزال التي يعيشها المجتمع كمجتمع ذكوري فقط يعيش على مفهوم الملكية بما في ذلك  الزوجة.

هل السن له دور في كثرة معدلات الطلاق في المجتمع؟ استمرار تزويج الفتى أو الفتاه في سن صغيرة  ففي السابق كان أمراً مفهوماً أما اليوم  فأعتقد أنه مسؤؤل عن كثير من حلات الطلاق المبكر, فقد فتح التقدم المادي ابعاداً جديدة واسعة لتحقيق الذات  والشعور  بالوجود.

كلما كان المجتمع اكثر تقدماً سواء في الانتاج ما في الدول الصناعية أم مستهلكاً بشراهة كما في مجتمعاتنا كلما ازداد  معدل التفكك الاجتماعي ومشاكله, الاستهلاك ظاهرة خطيرة ليست فقط على المستوى المادي وانما على المستوى النفسي والمعنوي , تتحول معها العلاقات  الاجتماعية الى علاقات استهلاكية .

 التحرر من الخوف من المستقبل ضرورة لمواجهة مشكلة ارتفاع نسب ومعدلات الطلاق  فلإسراع في تزويج الشابات  بالذات خوفاً عليهن من المستقبل دون زواج  أمر يجب اعادة النظر فيه ,, فالزواج المبكر في سن صغيرة  اليوم قد يصبح سجناً  وسط عالم ملييء بالمغريات , بينما في السابق كان يعتبر خروجاً من سجن البيت الضيق إلى دنيا الرجُل الواسعة.

 كيف يمكن الخروج بالزواج  اليوم من مفهوم الملكية  أو التملك الى مفهوم المشاركة وتحقيق الذات بالنسبة للطرفين؟

الطلاق كأي ظاهرة إجتماعية أخرى  لايمكن دراستها  دون فهم السياق الاجتماعي والزمني   والتغير الذي يمر به كمجتمع إنساني  ,  ارتفاع معدلات الطلاق في مجتمعنا تحتاج الى دراسة لفهمها , قبل وصفها كمشكلة تستحق العلاج  في حين  أن السياق المجتمعي الذي افرزها هو ما يستحق العلاج.

السبت، 2 نوفمبر 2024

الإستفتاء .... وخصوصية اللحظة القطرية

 الاستفتاء هو آلية قانونية ديمقراطية تتيح للمواطنين المشاركة المباشرة في إتخاذ القرار, فهو بالتالي إجراء يتم من خلاله طرح سؤال أو أكثر  على الناخبين في قضية  لمعرفة آراءهم , أو موافقتهم من عدمها بشأن تعديل بعض مواد الدستور  أو حتى إعتماد دستور جديد, من أهم أنواع الاستفتاءات هو الاستفتاء الدستوري الذي ذكرت مايستدعيه آنفاً, كما ان هناك الاستفتاء التشريعي والاستفتاء السياسي وغير ذلك ما نحن بصدده    والذي نعيشه اليوم هو الاستفتاء على تعديل بعض بنود الدستور  واضافة بنود اخرى استجدت الحاجة الى اضافتها.

قد يبدو هذا الاستفتاء جديداً لدى البعض في شكله القانوني إلا أنه في الحقيقة ليس بجديد على تاريخ الشعب القطري  سياسياً وإجتماعياً بحكم طبيعة المجتمع القطري وعلاقته بحكامه عبر العصور, فنحن نذهب اليه ليس كاجراء قانوني  فقط بقدر مانذهب اليه كعادة درجنا عليها في علاقتنا مع حكامنا حين مايتطلب الوضع ان يضعوا الحقيقة بين ايدينا  كشعب مشاركة منهم  في اتخاذ ما يحقق المصير المشترك بين افراد الشعب وقيادته,فهو ليس بالجديد على أهل قطر وليس بالأول في تاريخ بناء الدولة, فقد عايش القطريون الاستفتاءسياسياً واجتماعياً عبر تاريخهم  في مواقع كثيرة واحداث عديدة , مرت بها قطر استدعى الامر فيها الاجتماع بالعائلة الحاكمة مرات ومرات عديدة بأصحاب الحل والعقد وتطور الوضع بإنشاء مجلس الشورى وفي  أحداث جسام استشف الامير  أراء أعضاءه  واخبرهم بما يستجد من أمور وأخذ بالشورى معهم مسبقاً وهم من كان يمثل الشعب كأصحاب خبرة وجاه ومكانة في المجتمع, فبإستمرار كان هناك امتزاج للرأي بين الحاكم والمحكوم عبر تاريخ قطر ولله الحمد منذ أيام المؤسس طيب الله ثراه مروراً بحكام قطر الأجلاء حتى عهد سمو اميرنا الشيخ تميم حفظه الله, فنحن نذهب اليوم للإستفتاء على تعديل بعض مواد الدستور  أو إضافة أخرى  صحيح انها المرة الاولى  دستورياً ولكنها ليست المرة الاولى سياسياً وإجتماعياً,

نذهب للإستفتاء اليوم ليس كصفحة بيضاء لم يسبق لنا أن سطرنا فيها تلاحمنا مع القيادة, نذهب الى الاستفتاء اليوم وفي اذهاننا ثقة الأمير   بنا وثقتنا فيه  كقائد لمسيرتنا, نذهب للإستفتاء اليوم  كشعب فوق حدود التفرقة والانشطار, نذهب الى الاستفتاء اليوم وقد تجاوزنا الأنا الفردية , نحو أنا الشعب الواحد المتماسك,نذهب الى الاستفتاء اليوم وفي أذهاننا عرق الآباء  وجهد الابناء ووحدة المصير مع الاشقاء, نذهب الى الاستفتاء اليوم كتلة واحدة من رجال الأولين واللاحقين والقادمين مستقبلاً طالما أرتضينا العيش المشترك الكريم للجميع في ظل قطر وتحت قيادة سمو أميرها  وقائد مسيرتها

حفظ الله قطر وحفظ سمو أميرها  وسمو الأمير الوالد الذي فاء عليها بكثير من الانجازات جعل من غير القطري  يتمنى  كما لو كان قطرياً

الاثنين، 28 أكتوبر 2024

الفرق في مفهوم التعيين سابقاً ولاحقاً

 صادق مجلس الشورى بالإجماع على مشروع التعديلات الدستورية التي أحالها إليه صاحب السمو الأمير المفدى لدراستها  وابداء الرأي بعد أن أوضح سموه الاسباب  التي أوجبت ذلك صيانة لمصلحة الوطن وأمنه واستقراره وحفاظاً على وحدته وتماسكه والعودة بالتالي الى نظام التعيين  الذي كان معتمداً في السابق قبل الإنتخابات  الاخيرة التي تمت منذ 3 سنوات خلت وهذه سنتها الرابعة والاخيرة

  سأجد هناك من يتساءل قائلاَ :مالفرق إذن بين نظام التعيين في السابق ونظام التعيين المرتقب في المجلس القادم؟

لعلي هنا أضع بعض نقاط الاختلاف التي أرى أنها ستجعل من العضو المعين  الجديد يختلف عن  العضو المعين السابق  أوجزها في الآتي:

أولاً: أن العودة لنظام التعيين الجديد تأتي بعد تجربة واقعية عاشها الوطن وعايش ظروفها  والاجواء التي أحاطت بها  بشكل ملموس , بينما في السابق كان التعيين فكرة فوقيه مثالية 

ثانياً :أن فكرة التعيين في ذهنية القائد  وفي ذهنية المجتمع كذلك قد تبلورت بشكل  أكثر تحديداً عما سبق وبلا شك والدليل في تعديل المادة رقم 80 من الدستور التي حددت شروط العضوية في لمجلس بشكل يجعل منه  مجلساً واقعياً يمثل التغيرات التي تمر بها الدولة ويعيشها المجتمع في عصر مختلف تماماً عن ظروف المجالس السابقة.

ثالثاً: العضو المعين الجديد  نوعياً هو شخصاً مختلفً عن العضو المعين سابقاً أو هكذا يُفترض, لأنه عايش  فترتي التعيين والانتخاب كمشارك أو كمراقب , فبالتالي هو أكثر نضجاً بل وبالضرورة  اوجدت التجربتين السابقتين  لديه" رأياً" فنحن إذاً أمام عضواً يمتلك رأياً ليس لأن من سبقه  لايمتلك ذلك  ولكن لأن التعديلات الجديدة  فتحت له المجال  ليكون  عضواً" منتخباً" من قبل سمو الأمير بالتعيين.

رابعاً:إن شروط العضو المعين القادم فيها من التحديد ما تجعل منه  إنتقاءً رشيداً قائماً على العلم وامتلاك الرأي والكفاءة والخبرة, بمعنى أننا أمام  خلاصة المجتمع  وليس أمام أي إعتبارات أخرى وهذه الشروط لاتأتي بها أي إنتخابات  في  أي مجلس ربما مهما كان تقدم المجتمع.

خامساً:أكاد أجزم أن عقلية المجتمع قد تغيرت كثيراً بعد تجربة الانتخابات بل أن من محاسنها أن أفرزت عقلية أقل تعصباً لأي مرجعية من المرجعيات الاولى  على أمل أن يتطور المجتمع الى ايجاد مرجعيات وسطى ومجتمع مدني  صلب يساعد الدولة وسمو الامير في ادارة  شئون البلاد كل في تخصصه.

سادساً:فتح المجال لزيادة عدد اعضاء المجلس فكرة  جيدة  تدعم التوجه نحو ايجاد تنوع يدعم دور المجلس بكل اطياف الخبرة والكفاءة.

سابعاً: ماذا يعني شرط العلم في المنتخب؟ يعني في إعتقادي ليس فقط العلم المادي الذي يُدرس وانما القدرة ايضاً على الاستبصار بما يتجاوز محيطه الضيق من عائلة او قبيلة أو طائفة. ماذا يعني أن يكون  ذا رأياً؟ في إعتقادي أن ذلك يعني أن يمتلك الثقة في نفسة  وكذلك القدرة على الاحتفاظ  بثقة سموه الامير فيه  وهذا حمل كبير وثقيل. ماذا يعني أن يكون ذو كفاءة؟ هذا يعني أنه يمتلك القدرة على الحوار وسعة الافق  في التعامل مع الاختلاف . ماذا تعني ان يكون ذو خبرة؟ تعني أنه  نتاج تجربة  تجعل من صاحبها كما يقال " مخضرماً" أي عايش الماقبل والمابعد,

ثامناً: نحن أمام   مجلساً جديداً  إختزل الانتخابات ليبعث مفهوماً جديداً للتعيين, قد يصبح منارة للغير, نحن أمام عضواً جديداً  منتخباً  بالتعيين  وليس معيناً   بلا تجربة أو على أرضية لم تحرث بعد, 

تاسعاً: نحن أمام أعضاء مجلس  لهم صفة العموم , كل عضو منهم يمثل قطر من اقصاها الى اقصاها,  فخلاصة تجربتنا الشورية  هي في  الانتقال من مجتمع الروح التقليدية الى مجتمع الروح التنموية التي تتطلب جهد الجميع  بلا استثناء كل مادون هذه الروح الجماعية سيصبح من مخلفات مجتمع يتطلع الى المستقبل ببصر من حديد

عاشراً : أدخلنا من خلال هذة التجربة مفهوماً جديداً للانتخابات بإعتبارها  وسيلة قد تتغير في أي وقت وليست غايةً ثابته كما هو موجود في العقلية العربية بالذات , فهذه أسبقية  كما علمتنا قطر  دائماً  كأسبقية قناة الجزيرة في تاريخ الاعلام العربي أو اسبقية استضافة بطولة كاس العالم رياضياً

وفق الله الجميع

السبت، 19 أكتوبر 2024

من يزرع الجمال في وطننا الحبيب؟

 حينما زرت ميناء الدوحة القديم اثناء إقامة بطولة كأس العام في قطر منذ ما يقارب العامين, لم أتوقع  كل ماشهدت من جمال في التصميم  وروعة التناسق بين الالوان وزرقة البحر المحيطة , شعرت وكأنني  على شواطئ  أحدى  مدن البحر المتوسط ,  المشهورة ببناءها المتميز وبألوانها الممزوجة بزرقة البحر المحيط , الأمر الذي يجعلك  تشعر براحة نفسية  وهدوء وإقتراب من الطبيعة , لم أكن أتوقع   كل ما رأيت الحقيقة, ولم أكن اتوقع ان هناك من بين ظهرانينا  من  يمتلك هذا الحس الجمالي الفائق, فأزدت إيماناً بأن العلاقة بين الثقافة والبيئة بما فيها العمارة  علاقة  تبادل وإمتزاج, كان هناك من يقول أن دول الخليج   لاتمتلك سوى التطاول في البناء وناطحات السحاب التي لاتعكس شيئاً من طبيعتها ولا من طبيعة شعوبها, ما رايته في الميناء القديم وفي الحي الثقافي " كتارا" عجيباً , فن البناء وجمال التصميم ينثر ثقافته وروحه الجمالية في كل مكان , فالفن اصلاً وعدٌ بالجمال, والجمال في حد ذاته ثقافة  تنبع من داخل النفس , كنت أرى أفواج السياح ترتاد  الاماكن الاثرية ذات البناء  المعبر  والذي يكاد ينطق من جماليته وروعته صمته ,كنت موقناً أنهم على حق , وأزداد ايماني ويقيني بذلك بعد  أن زرت ميناء الدوحة القديم بعد تطويره وإعادته الى التاريخ , وفي هذة الايام بالذات  لجمال الطقس وإعتداله هو لوحة جماليه  لكل مكتئب أو متعكر المزاج أو ضائق صدر , وكذلك حي " كتارا" الثقافي  والله أجد في أزقته  روح التاريخ  ورائحة الفرجان وعلى شاطئه زرقة البحر وفي مقاهيه تنوع الذوق, كلما أزدادت مساحة الجمال في وطننا إزدادت  ثقافة المواطن  وأرتفع مستوى الذوق في المجتمع , فكرة لا يستحدثها إلا ذوق عظيم  واحساس مرهف , قد يهرب الطالب أو الانسان من الدرس التعليمي لكن كيف يهرب من  بيئته المحيطة  ؟ هذة اللمسة الجمالية لايأتي بها الا إنسان جميل, هذا الابداع  لايصنعه إلا من تشربت نفسه الابداع حتى الثماله ,  وقد سمعت للتوء كذلك عن مشروع  تراثي لكتارا يعيد بناء أحياء الدوحة القديمة على شكل مجسمات   على الواجهة البحرية لميناء الدوحة القديم حفظاً للذاكرة من اجل اجيال المستقبل , هناك من يشعر  بما يدور في أنفس أهل قطر من حنين وشوق للماضي وترقب وأمل  في المستقبل  إن الفن والعمل الفني بصورة عامة  يثري وجود الانسان , ويهذب نفسه ويُقلم من آثار المادية المتوحشة التي بدأت  تغزو مدن العالم , شكراً بملء الفم لمن يزرع الجمال  على شواطئنا وفي موانينا, شكراً بحجم السماء لمن أثرى وجودنا ثقافياً , شكراً لمن جعل من دوحتنا  متحفاً يحفظ الأمس وماضي الذكريات , شكراً لمن يزرع طريق الغد  بالبسمات

الثلاثاء، 15 أكتوبر 2024

نعم ... للتعديلات الدستورية, نعم .. لقطر المستقبل

في خطاب تاريخي ومفصلي في دور الانعقاد العادي الثالث والخمسين لمجلس الشورى, حدد سمو الأمير  ركائز السياسة القطرية داخلياً واقليمياً وخارجياً بشكل يجعل من قطر  رمزاً لتحقيق المساواة والسلم المجتمعي والواقعية السياسية وانتهاجاً لأسلوب الحوار لتسوية جميع النزاعات,إقتصادياً , حقق الاقتصاد نمواً رغم مشاريع كأس العالم الاخيرة وهو أمر فاق التوقع, كما انخفض معدل التضخم مقارنة بالاعوام السابقة, سياسياً العمل على تطوير وتقوية العلاقات  وترسيخها مع الاشقاء دول الجوار ,وخارجياً تقوم السياسة على قواعد ثابتة مع مراعاة مبادئنا وقيَمنا ومصالحنا, وكذلك إدانة اسرائيل وتحميلها ما يحدث للشعب العربي في غزة من حرب إبادة وضرورة رفع الحصار ,وكذلك إدانة  الغارات الهمجية على لبنان وقتل وتهجير شعبها , ودعا الى ان يتحمل العالم مسؤوليته تجاه هذة العربدة الاسرائيلية.

# الشأن الداخلي:أشار سموه إلا أن التغيير المدروس هو في استخلاص النتائج من التجارب التي يمر بها المجتمع, وأكد سموه على أن "الدستور هو السياج القانوني في تحقيق المواطنة المتساوية"أمام القانون. وأشارسموه  على إن تجربة الانتخابات  التي دعا اليها مسبقاً ووعد بمراجعتها واستخلاص النتائج منها,,قد فرضت أو أدت الى ضرورة  استحداث بعض التعديلات  الدستورية عليها,تحقيقاً  لزيادة التلاحم والانسجام والتعاون بين افراد الشعب لتحقيق مبدأ المساواة  في المواطنة أمام القانون وزيادة في التلاحم مع القيادة, وإيماناً من سموه بضرورة المشاركة في اتخاذ مثل هذة الخطوات الدستورية الهامة, أمر بأن  تطرح للاستفتاء الشعبي العام قريباً.

نحن معك ياسمو الأمير في تحقيق المواطنة المتساوية أمام القانون

نحن معك ياسمو الأمير  في الاستفتاء " بنعم" للتعديلات الدستورية التي تحقق ذلك

 نحن معك ياسمو الأمير في جميع الادوار  الانسانية والسياسية التي تقوم بها قطر من أجل تحقيق السلام في كل مكان

نحن معك ياسمو الأمير في إيمانك بالشورى  إيماناً مطلقاً

نحن معك ياسمو الأمبر,في أن دور مجلس الشورى سيظل حيوياً وهاماً ومحورياً سواء كان إنتخاباً أو تعييناً

نحن معك ياسمو الأمير في سعيك لتحقيق العدل والمساواة بما يحفظ لشعبنا التماسك في ظل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة

نسأل الله أن يحفظ سموك وسمو الأمير الوالد وشعب قطر من مواطنين ومقيمين.



 

الجمعة، 27 سبتمبر 2024

المُتهافت

 عيناه زائغتان ,ينظر في كل مكان, صوته متهجد  لاتعرف إن كان مسروراً أم حزيناً, يحاول أن يرضي الجميع , المستقبل لديه  يصنعه الآخرون , يشغل مكانة في المجتمع إلا أنه لايشعربها , غير متماسك الافكار, يتسول القرب ما استطاع الى ذلك سبيلا, ميسور الحال وقد يكون ثرياً إلا أن فقره ليس مادياً بل وجودياً,  قد ينثر ماء وجهه للحصول على ما لايستحق  أو مالا يضيف اليه شيئاً  , صوره كثيرة في المجتمع  وعلى جميع المستويات الرسمية والشعبية, يبحث عن الاخبار , يسرع في نشرها ,  الانا لديه هائمة , تبحث باستمرار عن من يطمئنه بوجودها أو أنه لايزال في الصورة, كما يقال, عينيه معلقة بما عند الغير  باستمرار, لايعيش يومه الابمقدار  ما يتواجد حول الاخرين , يخاف أن يعيش مع ذاته أو لايستطيع   لافتقاده  شروط ذلك, فالذات الانسانية ضخمة وثقيلة  ولها شروط وجودية  لايستطيع تحملها فيلجأ الى ذوات الاخرين  ليختبىء من  التزاماتها, إذا شغل وظيفة او منصباً  لحقه التردد  والتهرب  وانجذب الى ضوء   يحميه  أو ركن يستند إليه, كم  من الكوارث ارتكبها هؤلاء المتهافتون  بحق حقوق انفسهم وحقوق الاخرين عليهم حين تبؤوا المناصب, شهدت العديد منهم خلال حياتي الشخصية والعملية, التهافت إكتناز  ومحاولة امتلاك مستمرة ودائمة  من هنا يبدو المتهافت شخصية دائمة المسخ والتنكر, يريد رزق الغد قبل موعده , كذلك الأمس لديه  ليس مجالاً للعبرة والاتعاظ , ,اليوم فرصة , وغداً إنتهاز ورغبة في التملك,شاع مؤخراً إصطلاح " المرجف "أو المرجفون وهو في إعتقاد مرحلة متقدمة يصلها المتهافت  إذا لم يصحو من  إضطرابه النفسي ليعيش وجوده الحقيقي كإنسان  فمهما تهافت على الدنيا وزخرفها سيتركها وإن كان لن ينزع قميص التهافت  حيث أنه  لصيق بالنفس  وليس بالجسد الذي سيوارى في التراب.

الاثنين، 9 سبتمبر 2024

كل شيء الى زوال

 ماهية الإنسان هي المسؤولة عن سعادته أو شقاءه, مقارنةً بآراء الاخرين فيه, فبما يزخر به في داخله هو ما يصاحبه في حله وترحاله ويطبع أحداث حياته  وأسلوب معيشته , هو ما يبقى بعد أن يزيل الدهر كل أشكال المكياج والآلوان الذي تزخرف بها هنا وهناك من اجل هدف دنيوي أو حاجة ملحة, فإن كان طبع الشخص رديئاً فلن تنفع معه كل متع الدنيا , ا لاشكالية حين نستبدل  حقيقة ماهيتنا بصورتنا عند الآخرين التي في أذهانهم عنا   هنا بيدأ الخلل , من يراك شريراً أو خيَراً  قد لايرى حقيقتك وانما مجرد انطباع استله في لحظة قوة أو ضعف شاهدك فيها, فالعامل الوحيد في سعادتنا هو ماتزخر به دواخلنا من ممكنات وما نحن إياه بالفعل  أي طبعنا الشخصي الذي   يلازمنا  كالظل وليس  الطبع الذي نتبناه حسب الظروف  فهو زائل ولايبعث على الطمأنينة, طبعك الحقيقي هو الذي يأوي معك في الفراش  وانت خلياً من الدنيا , فالطبع يؤثر على الانسان وبشكل منتظم أما غيره من العوامل فتأثيرها بسيط ولايدوم , الطبيعة سرمدية  والاشياء عارضة, إن النعم الذاتية مثل العقل الراجح والطبع النبيل  والمزاج المعتدل  والنفس المرحة هي من أوجب الواجبات التي يجب أن نصونها وننميها بدل الركض وراء  النعم الخارجية ومظاهر البذخ والاسراف, عموماً لاينسجم الانسان الراقي  انسجاماً  تاما ً الا مع ذاته, لذلك تجد الانسان مع تقدم العمر يميل الى البقاء مع ذاته  اكثر, في حين  أنه قد يكون في شبابه كانت تسكنه ذوات الآخرين وتستولي على ذاته  وتحرك مشاعره, هذه شذرات رائعة لشاعر فارسي يصور الحياة وما يعتريها أبلغ تصوير

هل فقدت العالم كله ؟ 

لاتحزن فالأمر هين

هل صار كله  طوع بنانك ؟ لاتفرح فالأمر هين

افراح ..أتراح ...الآم ... آمال

كلها الى زوال  مُرَ منها 

مرور الكرام ولا تبالي

كلها إلى زوال


الأحد، 8 سبتمبر 2024

سؤال الروح

 الاشكالية التي نعاني منها   هي اعطاء ظاهر الحياة كل اهتمامنا  وننسى او نتناسى  أ ن الشرط اللازم لتوازننا  وسعادتنا  هو في اعطاء الحياة الداخلية  الاولوية  على كل ممتلكات الحياة المادية الظاهرة للناس, النجاح المادي  يثير الضجة تتفاخر به وسائل الاعلام  يومياً عارضة اسماء اولئك الذين استطاعوا ان يحققوا غنىً فاحش وثروات طائلة, لكن الحقيقة ان كل هذا الغنى وهذه الثروات تحت رحمة الاحداث  ومؤامرات الغير من أعداء أو وحساد  , لذلك هناك دائماً  شعور مزدوج بين  الامتلاك وعدم الامتلاك في الوقت نفسه , وتعجب حتى تدرك ان الكثير منهم لايشعرون بالسعادة  بل   ويشعرون بأن شيئاً  ما داخلياً ينقصهم, فقد اغفلوا حياتهم الداخلية تحت  اجتياح الرغبة في الحصول على المادة والسعي المستمر وراء بريقها الآخاذ, ولو ادرك الانسان ان مايمتلكه حقيقةً هو حياته الداخلية وثروته الروحية فسيشعر بالتوازن الحقيقي في هذة الحياة بعيداً  عن تأثير الآخرين  وسيكون في وضع دائم ومستمر لإفادة الاخرين  لانه سيدرك انه لايخسر شيئا بقدر ما  يضيف الى رصيده الداخلي وحياته الروحية الكثير, ينسى الانسان الغنى الروحي الذي وهبه الله له , ويتغلب جانبه المادي على جانبه الروحي الشفاف , فيصبح اتصاله أرضياً فقط  لايعتلى الى مراتب اعلى في الوجود , وينقضي به العمر وهو لم يعش سوى فترة حياة جسده  ومكانتها بين الاجساد  في حين  لم تغتنى روحه التي تحمل سر وجوده  وشفرة اتصاله بخالقه من رحيق   الحقيقة التي تجعل من حياته وجوداً أزلياً الانتقال من براثن الجسد الى سرمدية الروح التي ينتهي بها الأمر عائدة من حيث أتت   ولولا الإرادة الآلهية لتمنعت من السكنى في الجسد   المادي الزائل , فأجعل من حياتك روحاً  تسمو بالجسد وليس جسداً يطمر روحاً

أنظر كيف يصفها إبن سينا :

هبطت  إليك من المكان الأرفع"ي" 

ورقاء ذات تعزز"ن"  وتًمنُع 

 محجوبة عن كلَ مقلة عارف

وهي التي سَفرت ولم تتبرقع 

وهم الهروب من العدالة

 

كثيرة هي التساؤلات  عن  المجرمين الذين  استطاعوا الهروب من العدالة البشرية , يرونهم  في الاسواق  وفي التلفاز  وفي كل مكان , يُحتفى بهم  ويتصدرون المآدب والاحتفالات, يعرفونهم بأعمالهم, الشريرة, لكنهم في حصن حصين من العدالة البشرية لسبب أو لاخر, نفوذهم كبير اكبر من العدالة البشرية, لكن إيمان الناس بالعدالةالآلهية حتمي  ولا لبس فيه, لكن الناس تغفل عن شيء هام , وهو أن هناك ثمة شيء بين عدالة الارض اليوم  وعدالة السماء غداً, وهي العدالة الفورية التي تأخذ مكانها بمجرد أن يرتكب الانسان جريمة, وهي عدالة تبدأ من الداخل من داخل المجرم  أياً كانت جريمتة, قتل, سرقة, استحواذ غير مشروع ....الخ, يبدأ الانهيار الداخلي مع مرور الوقت , فالزمن يتفاعل سلبياً مع الجريمة داخل نفس مرتكبها, ويبدأ بالتالي التدهور النفسي والصحي له والتفكك الخارجي يتبعه مع مرور الوقت , الجرم والعياذ بالله  ينهش في جسد مرتكبه , هذه العقوبة الآلهية الفورية , الناس لاتراها  وتعتقد أن العدالة الآلهية مؤجلة , الا أنها فورية  ولكنها  تستعين بالزمن الذي هو أشد على المجرم من الاعدام الفوري ,يبدأ التفتت من الداخل  وقد يتطلب فترة طويله من الزمن حتى يتداعى ظاهرياً ولكن  داخلياً هناك شيئاً ينهار,  ,كم هي الاعترافات التي تم تدوينها لمجرمين حين وصلوا الى ارذل العمر وعلى وشك الموت وقد افلتوا من عقاب الدنيا لكنهم لم يفلتوا من عقاب الضمير الذي تراكم ككرة الثلج مع مرور الايام في داخلهم , الانسان كائن متحسر على ذهاب الدنيا مهما كان نزيهاً فيها فكيف به وقد أرتكب إثماً يخفى عن أعين البشر  ولكن داخله  يتألم من كتمانه, أن كنت قد شعرت  عزيزي القاريء يوماً ما بأنه قد مر من جنبك  مجرماً  وتراه مبتسماً ضاحكاً فثق تمام الثقة  بأن هناك شيء ما  بجانبك قد بدأ بالتداعي والتآكل.

السبت، 20 يوليو 2024

عمار تقي وأزمة نصف الثقافة

البرنامج الحواري الصندوق الاسود الذي يقدمه الاعلامي الكويتي عمار تقي منذ عدة مواسم اكتسب شهرة واسعة ولي عدة ملاحظات حوله أود لو أشير إليها أولاً:إتهام السيد تقي بإنه عميل لحزب الله يبدو أنه متهافت ومحاولة لتشويه سمعة البرنامج وسمعة مقدمه للحد من شعبيته المتنامية, حيث لادائل يمكن الركون اليها في هذا الاتهام وقد أشار السيد تقي مراراً أنه لاينتمي سوى لبلده الكويت. ثانياً:يمثل برنامجه في نظري أزمة منتصف الثقافة الشائعة في مجتمعاتنا العربية حيث الرسمي او الايديولجي يطغى على ماهو رأي ينطلق من ذات تتمتع بمساحة كبيرة من الحرية, حيث معظم الشخصيات التي استضافها من الايديولوجين الرسميين أو الحزبيين أو اشباه الحزبيين أو منفذي سياسات وليسوا صناع سياسة وهؤلاء جميعاً " انصاف مثقفين" فلايديولجي اياً كان صنفه نصف مثقف لأنه يمثل أو ينفذ سياسة أو منهج وليس إنطلاقاً من الذات الحرة بينما المثقف الحقيقي خارج أسوار أية ايديولوجيا ممكنه. ثالثاً:إتسمت حلقات البرنامج بالتطويل الممل من 30 الى 60 حلقة للضيف الواحد في المتوسط او ربما أقل قليلاً بحيث جعلت من الضيف ليس مصدراً للمعلومات والاسرار فقط بل وصندوقاً لبث بواعث نفسه واكراهاتها وعقدها الأمر الذي لايعني المشاهدين ولايضيف الى المستمع ولا الى المجتمع شيئاً يذكر , كرأي الدكتور النفيسي في السيدة أم كلثوم أو الدكتور الفقي وكلامه عن عبدالناصر الذي حاول أن يتنصل منه وكأن القضية أختزلت في كأس ويسكي يرى الفقي أن عبد الناصر قد شربه في بيت السادات . رابعاً:إذا كان البرنامج يبادر في إختيار ضيفه وقد فعل في اعتقادي ضمن معايير مدروسة فهو عمل إحترافي أما إذا كان يستجيب لطلب من يدفع ليقول شيئاً فهنا إشكال . ثم أن هناك ملاحظة أخرى وهي أن المقدم ليس له الالمام الدقيق فيمايتعلق باحوال الدول الاخرى بما فيها دول الخليج ولم يظهر أنه جاء لنقاش نقط محددة واضحة بما يكفي اليه وكان واضحاً ذلك مع عدة شخصيات خليجية فليست لديه المعلومات الكافية للمداخلة والغوص عميقاً حتى لاتتسرب الاجابة بعيداً عن الهدف من السؤال حينما يسترسل الضيف بحرية تامه خارج الموضوعية لتتحول الاجابة الى قصة أو مشهد بطولي. لذلك لم تجد مثل هذه الحوارات صدىً داخلياً حسب علمي في هذه الدول بل ان حتى بعضها كان الصدى سلبياً خامساً: لاشك أن البرنامج قد حظي بمشاهدات مليونيه وحظي مقدمه بشهرة واسعة لا لأنه صندوق أسود بالمفهوم الدقيق للكلمة لأن الصندوق الاسود دائماً عند الصانع أو المصنع حيث صُنع القرار وليس عند المستهلك أو منفذ السياسات لذلك معظم مايتم كشفه من اسرار ليست سوى نشر غسيل داخل نطاق البيت الواحد او المنطقة الواحدة لاننا لانزال موضوعاً ولسنا ذوات تمتلك القرار. سادساً: في المجتمعات الديمقراطية هناك عمر افتراضي للأسرار والمعلومات بعدها لابد ان يسمح للشعوب ان تقرأها وتتطلع عليها ومن ثم يجرى اعادة تقييمها واصدار الاحكام عليها والاستفادة منها مستقبلااً فالصندوق الاسود يتحول الى صندوق ابيض بعد غسيله ونشر أسراره, بالطبع هذا غير متوافر في وضعنا العربي الحالي وذلك لديمومة الانظمة والماضي الذي لايزال حاضراً وربما مستقبلاً كذلك وكل ما يمكن كشفه قد لايتعدى كونه مساساً بمن سبق وليس بحثاً عن الحقيقة في حد ذاتها.

الأربعاء، 10 يوليو 2024

عرفته في الهزيع الأخير

حينما أتصل بي الأخ الدكتور أحمد عبد الملك يخبرني أنه قد كُلف بإعداد كتاب عن الراحل العزيز جاسم صفر, طالباَ مني إمكانية المساهمة فيه بما تجود ذاكرتي به من مواقف وذكريات لي مع الراحل العزيز الاخ جاسم صفر, قفز الى ذهني ذلك الانقسام بين مرحلة ماقبل وما بعد فيما يتعلق بالعلاقة الانسانية بين البشر, إنطباع ماقبل المعرفة ومرحلة مابعد المعرفة, المرحلة المتخيله التي تحمل فيها تصوراً عن الشخص والمرحلة الواقعية بعد أن عرفته وجالسته وتمكنت منه عن قرب.كان الاستاذ جاسم صفر من أوائل من قرأت لهم في الصحافة القطرية باكراً مع بداية صدور جرائدها ومجلاتها بالإضافة الى الدكتور أحمد عبد الملك وشخص آخر يدعى أحمد العيلان في منتصف السبعينيات من القرن الماضي, تلك المرحلة كان الكاتب فيها يمثل قيمة أكبر مما هو عليه الآن, كان كاتباً رمزيا الى حد الكبير ولم يكن قد أوغل فيها كماحصل في آخر عهده بالكتابة, فأوجس في نفسي إنطباعاً عنه بأنه متكبر أو يطل على المجتمع من نافذة صغيرة تفتح هناك بعيداً ,وفي أحد الايام إستدعاني مدير تحرير الشرق وهو أخ سوداني الجنسية لم أعد أذكر أسمه رحمه الله أيام كان رئيس التحرير الاستاذ عبد العزير المحمود, ليقول لي عليك أن تختار بين الشرق أو الوطن حيث أنني كنت انشر في كلا الجريدتين , وأذكر أنه قال لي " دولا ضراير" عليك أن تختار ونحن أولى بك , في تلك الاثناء كان الاخ جاسم صفر جالساً يتحدث الى شخص آخر عن مقالاته وتأثيرها وفجأة التفت الى البواب او الشخص الواقف عند مكتب رئيس التحرير قائلاً لايدخل أحد قبلي الى رئيس التحرير, هنا قلت صدق حدسي فهو فعلاً متعال. وذهب كل منا الى طريقه وتشاء الظروف وبعد سنين طويلة منذ ذلك التاريخ أن نلتقي بعد أصبحنا في عداد المتقاعدين, عن قرب لأكتشف الانسان في داخل الاخ جاسم وقدكان قد انضم الى مجموعتنا في مقهى في اللاندمارك يومياً عدا يوم الجمعة ولم يزل يحمل ذلك الكبرياء ,في البداية كان يسأل عن الاخ محمد الفضالة المخرج التلفزيوني الذي زامله العمل في التلفزيون فإن كان متواجداً طاب له البقاء وإلا استعجل في الذهاب والعودة من حيث اتى, فبدأت علاقتي معه وتبادلنا الاحاديث واهداني كتاباً جمعه عن الفنان الراحل فرج عبد الكريم الذي كان يعتبره نصفه الآخر فنياً, الاخ جاسم كان متعدد المواهب بالاضافة الى الكتابة, كان ينظم الشعر ويؤلف المسلسلات وله عدة مسلسلات من تأليفه في تلفزيون قطر أذكر منها مسلسل "تناتيف"وهو أشهر من كتب الاغنية الرياضية في قطر"حيوا فريقي" وغيرها وهو من كتب الاغنية الخالدة في وجدان كل قطري " يافر ياحب في عيون البشر أفديك بماي عيني ياقطر"بعد اللقاء الاول معه بدأت مرحلة من العلاقة مرحة بيننا حيث يصر رحمة الله انه من جيل آخر لايمكن لكتاب اليوم ان يصل الى مستواه كان شديد الاعتزاز بما انجزه شديد الحساسية أمام من لايعرفه ويؤكد دائماً على ضرورة الانتقاء حتى مع من هم في المقهى العام , يتساءل عن كل جالس جديد الى درجة التوجس , تأثر كثيراً بعد ايقاف الجريدة له ككاتب يومي وهو كان الكاتب القطري الوحيد الذي يكتب يومياً, لقد عرفته في الهزيع الاخير من حياته رحمه الله فكنا ثنائي على نقيض ليس عناداً وانما اسلوباً محببا لديه ان يقول أنا هنا دائماً عند احتدام الحوار داخل المجموعة حتى اصبح غيابي يشغله وغيابه يشغلني , كان يأتينا متحاملاً على مرضه رحمه الله , وقد أشرت عليه أن يأتي على كرسي متحرك فرفض بشده, كان عزيز النفس يأنف من المتكبر الذي لايرد التحية كما يجب ان يكون الرد " فتبخر اعتقادي السابق فيه, في صيف عام 2022 سافرت الى بريطانيا وقد ودعته على أمل أن القاه ثانية وكنت اسمع عند الاصدقاء انه سيذهب للعلاج في تايلند وبلغني فيما بعد انه غادر الى تايلند وحين رجعت كنت كثير السؤال عنه وكانت الاخبار مطمئنه ان حالته تتحسن وان عودته قريبه حتى انتكست حالته بعد اصابته في الحوض وتعطل الكلية عن العمل وحين رجع الى قطر كنت انتظر الاذن لنا بالسماح بزيارته في المستشفى الاأن قدر قد سبق وانتقلت روحه الى بارئها, عندما استعرض كتاباته أدرك من خلالها شخصيته , بما فيها من تحدي واصرار, وبأحكامه بما فيها من مطلقات, يعتب على الزمن بما فيه من متغيرات لايستجدي أحداَ ولاينافق مسؤولاً , ينكشف على الاخرين من خلال ذاته , فيعتقد البعض أنه يكتب لنفسه ولو ان هناك نوع من التمعن لادركوا ان اسقاطاته على الواقع كانت واضحة لكل ذي بصيرة , رحم الله الأخ جاسم بقدر ما قدم لقطر , وبقدر رسوخ كلماته في حبها في وجدان كل الاجيال , سنذهب جميعاَ وستبقى"يافرح ياحب في العيون البشر" في قلب كل قطري يولد ليستكمل المسيرة ويسلم هذا الحب الذي اضاء شعلته جاسم الى من هو بعده

الاثنين، 1 يوليو 2024

المثقف بين التوهج والذبول 4/2

نأتي الى المرحلة الثانية الممتدة من أواثل السبعينيات الى قبل منتصف التسعينيات والتي كان سمتها التعلم كشرط معرفي أو "ميتافيزيقا" التعليم وذللك للتدليل على انها كانت مرحلة" قيامية" حملت كل أماني المجتمع والدولة حيث شهدت نهضة تعليمية كبرى وبوادر عودة الخريجين من جامعات العالم التي تم ابتعاثهم اليها لاكمال دراساتهم من أجل النهوض بالمجتمع في جميع النواحي حيث أصبح التعليم في نظر المجتمع المثقف المتعلم هو المنقذ وحبل النجاة للفرد لكشف قدراته وللمجتمع لكي يتقدم وينهض على الرغم من القاع الاجتماعي الذي لم يحرث جيداً بعد حيث لم تزل المرجعيات الاولى قوية ولم تتبلور مرجعيات وسطى ثقافية بديلاً عنها لعدم وجود مجتمع مدني حقيقي بعد مثل معظم دول الخليج من أجل إستثمار أفضل للتعليم , الامر الذي أوجد مثقفاً متعلماً في حدود الوظيفة في الاغلب , فغاب الموقف الثقافي لأن بقاؤه يتطلب بُعداً إنطولوجياً "وجودياً" مستمداً من مرجعيات ثقافية وليس مرجعيات أوليه ومع ذلك انتعش المجال العام وشهدت تلك الحقبة نشاطاً ثقافياً واضحاً سواء في مجال الصحافة أوالتلفزيون والاذاعة أو الاندية الثقافية كذلك, المرحلة الثالثة والمستمرة منذ منتصف التسعينيات حتى يومنا هذا فالشرط المعرفي لهذة الحقبة كان الريع ونشاطاته , تبؤأت فيها التقنية صورة الاله الذي جاء لينقذ البشرية على مستوى العالم فظهر نمط المثقف الاداتي في مقابل النقدي وفي مجتمعنا أخذ المثفف شكلاً ريعياً زئبقياً       حيث أننا مجتمعات استهلاكية بالدرجة الاولى, ويظهر ذلك واضحاً مع شيوع وسائل الاتصال الاجتماعي بجميع أنواعها واضمحلال دور الوسائل التقليدية من صحف ومجلات التي كانت تتطلب مثقفاً قارئاً على الاقل وسيطرت الصورة على الثقافة واختزل العقل في مجرد لحظات ولقطات وغابت سمة التمييز بين الغث والسمين وجعلت التقنية من الجميع صفاً واحداً أمام تجلياتها واشكالها وقد اشار الكاتب الكندي" الان دونو" الى ذلك في كتابة " نظام التفاهة الى ذلك بكثير من التفصيل والشرح, واصبحت التقنية هي التي تحكم اليوم وترسم طريق الخلاص الى المستقبل, والذي يبدو كئيباً لمن يستهلك هذه التقنيات ولا ينتجها , وهذه المرة نحن في حاجة ملحة الى عناية إلهية ربانية لننجو بأنفسنا وبمجتمعاتنا, من تغول التكنولوجيا واللافت للنظر أن المثقف في مجتمعنا بدأ عضوياً وانتهى ريعياًعلى عكس ماكان متوقعاً لمجتمع لديه طموح لتنمية مستدامة وفيما يلي سأعرض لصور لتمظهرات المثقف عبر  صيرورة التغير التي يمر بها المجتمع
يتبع 

المثقف من التوهج إلى الأفول 4/1

هل المثقف حالة من الثبات أم حالة من السيولة, يُطرح المبدأ كصفة للمثقف, ويوصم أحياناً بالزئبقية,   ينفي البعض  صفة الثقافة عن مايسمى بالمثقف الزئبقي , فمن هو المثقف في مجتمعنا  وما أنماط وجوده؟  التغير والثبات ثنائية قديمة قال بها فلاسفة ماقبل سقراط وعلى وجه الخصوص بارمنيدس الذي قال بالثبات في  حين قال هيراقليطس بالتغير المستمر وأنك لاتنزل النهر الواحد مرتين وسواءً كان العالم بين ثبات يتضمن في داخله تغيراً لايزيد عليه أم بين صيرورة تغير لاتنتهي حتى تبدأ, فأن جميع المجتمعات عبر التاريخ عرضة لهذا التغير المستمر والتحول الدائم , بودي هنا أن أشير إلى ملامح التغير الثقافي الذي شهده مجتمعنا القطري خلال العقود الماضية من خلال  أنماط المثقف في كل مرحلة لذلك سأقوم بتقسيم التاريخ الحديث الى ثلاثة مراحل حتى يَسهل علينا الاختصار والتكثيف كذلك , فالمرحلة الاولى في إعتقادي مرحلة المجتمع التقليدي وتبدأ ربما من منتصف الثلاثينات من القرن المنصرم حتى مرحلةنهاية الستينيات , والمرحلة الثانية وهي من بداية السبعينيات حتى منتصف التسعينيات وهي مرحلة شرطها المعرفي كان العلم أو العلم كمشروع انقاذ وانتشال لمجتمع لديه طموح . أما المرحلة الثالثة التي بدأت من منتصف التسعينيات حتى الآن فهي مرحلةدخول عصر التقنية والريع وكل مرحلة من هذة المراحل انتجت نمطاً من المثقف يتلائم وطبيعتها وثقافتها, وربما المرحلة الاخيرة التي هي مرحلة التقنية او التكنولوجيا يشترك فيها معظم المجتمعات خاصة النامية منها. نأتي أولاً لمرحلة المجتمع التقليدي الذي كان سائداً قبل إستقلال الدولة في بداية السبعينيات من القرن المنصرم, كان طبيعة العلاقات في تلك الفترة تقوم التضامن الآلي حيث التشابة كان سمة الشرط المعرفي لتلك الفترة وكان مستوى تلك العلاقات افقياً الى حد كبير نتيجة لهذا التضامن الذي يجعل الجميع في حاجة الجميع, وكانت الفرجان ممتدة كذلك أفقيأً والفريج بأكمله يحكي سردية واحدة للجميع , وبرز في الفترة نمط المثقف العضوي بالمفهوم الاجتماعي بالذات , حيث كان في كل منطقة من مناطق الدولة شخص أو أكثرينتمي اليها وتجده أو تجدهما يطالبان عن البقية بحقوق هذة المنطقة الاجتماعية من مواصلاات وهاتف وخدمات بريدية وكهرباء إتصالاً بالدولة ومكاتبها الموجودة أساساً في الدوحة العاصمة, وقد شهدت شخصياً العديد من هذه الشخصيات في تلك الفترة وهي تمارس دور المثقف العضوي المنتمي  لطبقته أو قريته حاملاً هموم أبناءها ناشراً وعياً  متبادلاً بين حقوقهم وواجباتهم.
يتبع

الأحد، 23 يونيو 2024

الهُوية الوطنية القطرية"ثانياً"

علينا أولاً حينما نتناول موضوع الهُوية , الاجابة على هذا السؤال هل الهوية جواب لسِؤال ما؟ أم جواب لسؤال من؟إذا كانت جواباً لسؤال ما فهي بالتالي شيئاً ثابتاً لايتغير , كهذا الكرسي أو تلك الطاولة سيظل طول عمره كرسياً وتظل طاولة. هل الذات الانسانية تحتمل ذلك ام انها شيئاً متغيراَ باستمرار بل انه اصبحت لديهم قدرة في تغيير حتى الهوية الجينية للأفراد مع زيوغ العلم وسقوط الاخلاق. إذن الهوية جواب لسؤال من؟ فسؤال الهوية الوطنية القطرية جوابه من هو القطري؟ واذا استخدمنا سؤال من فأننا نفتح مجال السرد والذات المستمرة في التغيير وتراكم الخبرات حتى يومنا هذا , فالقطري هو ذاك التراكم الذي احتوى تاريخ بناء المجتمع والدولة فيما بعد بداية من مرحلة الشيخ المؤسس ومن تلاه من حكام الكرام هذةه الدولة الفتية حتى يومنا هذا , بالاضافةالى كل انجاز مادي ومعنوي تحقق في عصرنا الحديث بجهود الجميع بمن فيهم الذين التحقوا او لحقوا بركب هذا الوطن واصبحوا من ابناءه فالهوية الوطنية القطرية هي تاريخ الكرم والشجاعة والايثار ومساعدة الجار هي تاريخ تحدي الصعاب واقامة مشاريع المستحيل هي تاريخ ملحمة كأس العالم الاول الذي كسر احتكار القلة , هي تاريخ أفضل من ينظم مؤتمرات ويعقد اتفافيات صلح وهدنة ووساطة في عصرنا الحديث , كل هذا تحتويه الهوية الوطنية القطريه حين تكون جواباً لسؤال من؟ ولذلك كله أدعوا باستمرار للخروج من مجال الهوية الضيقة التي توضع في مقابل الحقيقة , فالهوية معركة يعيشها الانسان للبحث والتنقيب والابداع لا لجعلها موضوعاً لصراع الذات مع ذاتها او مع الآخر فتقع في مستنقع الهيمنة للغير دون أن تشعر

"الهوية" أم الهيمنة المفروضة |أولاً"

في إعتقادي أننا كأمة وكأفراد تعرضنا بعد خروج الاستعمار الغربي الى وعي زائف ولَد لدينا أولويات زائفة ووجه الجهد الكلي للأمة نحو اتجاهات مفروضة عليه والى أولويات مغلوطة تدور جميعها حول " قضية" الهوية" وأصبحت جميع معاركنا ردود افعال واثبات وجود لاأكثر واودع الاستعمار الطويل لاراضينا هيمنة روحية غربية من نوع اخر قلبت سلم الاوليات لامة قد تحررت للتوء من الالتحاق بركب الابداع الى النبش في التراث لاثبات هويتها المتسربة ومضى قطار العمر بها في معارك وهمية بين ذاتها وذواتها واصبحنا أمة بلا إبداع وبلا انتاج يشير الدكتور فتحي المسكيني حول هذا الموضوع قائلاً "جعلتنا هذه الهيمنة الغربية نحبس عقولنا ونصوصنا في دور الآخر المجروح وليس في دور الذات المبدعة لمشروعها الخاص فتحول الفلاسفة والمفكرين الى شراح للتراث ومؤولين له. في تقديري إستأنفت الدولة العربية الحديثة هذا الدور او هذه الهيمنة الغربية التي ولدها الاستعمار وهذة الأولوية المغلوطة في مجتمعاتها فأصبح الفرد فيها بالتالي يبحث عن هويته باستمرار ووقع تحت معاناة فرضت عليه فرضاً فماتت روح الابداع والتميز لديه طالما أن التوجه باستمرار عمودي وليس أفقي بإتجاه المجتمع ورقيَه, وأصبح البحث باستمرار عن وصفة دائمة ومستمرة ونهائية لماهية متغيره ومتحولة وهي الذات الانسانية, وضعنا الاستعمار بعد خروجه أمام أزمة اختلقها هو وغرسها في أذهاننا وهي قضية " الهوية وأوهمنا أو توهمنا أن شرط الدولة إقامة الهوية وحراستها والانكفاء عليها واصبحت ديدن ثقافتنا ولؤلؤة تراثنا دون ابداع أو رؤية للمستقبل الآتي بإستمرار

الأربعاء، 8 مايو 2024

المجالس التشريعية و الهوية الخليجية

جميل أن تبادر المجالس التشريعية في دولنا الخليجية في تناول قضاياهامة ولها أبعاد نفسية واجتماعية وفكرية داخل هذةهالمجتمعات ومحاولة تلمس كيفية مقاربتها لنتمكن من فهمها وبالتالي البناء عليها ,عُقدت بالامس ندوة بعنوان يتضمن دور المجالس التشريعية في الحفاظ على الهوية الخليجية وكان من نتائجها , الدعوة الى دور أكبر لهذة المجالس في الحفاظ على الهوية الخليجية. وفات على القائمين على هذة الندوة طبيعة هذة المجتمعات التكوينية ومن له الاصالة في هذة الطبيعة التكوينية ومن له الاعتبار أو الأثر, , إذا أخذنا بعنوان الندوة وهو دور المجالس التشريعية في الحفاظ على الهوية, , فإن الاصالة تصبح لوجود هذة المجالس والاعتبارية أو الاثر للثقافة" الحفاظ على الهوية, وهذا غير صحيح البته , لأن هذه المجالس إفراز لثقافة أي نتيجة وليست سبب, كان من الممكن ان يكون العنوان دقيقاً لو أننا في مجتمعات البنية التحتية هي من يفرز البنية الفوقيه" الثقافة" المفهوم الماركسي المشهور, فكيف إذاً لهذه المجالس ان تحافظ على من هي اساساً افرازاً له والدليل تعدد اشكال هذة المجالس طبقاً لاختلاف المجتمعات فيمابينها, هنا مجلس شوري وهناك مجلس وطني وايضاً هناك مجلس أمة , هنا انتخاب وهناك تعيين وهناك ايضاً تعيين وانتخاب طبقاً لاختلاف الثقافة في كل مجتمع مهما كان هذا الاختلاف صغيراً, لذلك اعتقد انه كان من الاصح والاقرب للواقع كيف يمكن للثقافة" المحافظة على المجالس التشريعية وتطويرها وليس العكس, الهوية الخليجية هي من افرزت هذه المجالس فلايمكن لهذه المجالس المحافظة على الهوية الخليجية وتطويرها بمايتناسب ومتطلبات العصر في نفس الوقت لانها أساسأ نتيجة لسبب له الاصالة في الوجود وهي الثقافة في مجتمعات تستمد قيمها من معان عليا كالدين والتقاليد والاعراف وليس من واقع معاش يتحكم في افراز قيمه وتقاليده واعرافه المادية النفعية.

الجمعة، 1 مارس 2024

أدوار المثقف كفي المجتمع القطري

ثنائية التغير والثبات ثنائية قديمة قال بها فلاسفة ماقبل سقراط وعلى وجه الخصوص بارمنيدس الذي قال بالثبات وأن الكون كله مكتمل وليس مانراه من تغير سوى غبار كوني داخل نسق الثبات , في حين قال هيراقليطس بالتغير المستمر وأنك لاتنزل النهر الواحد مرتين وسواءً كان العالم بين ثبات يتضمن في داخله تغيراً لايزيد عليه أم بين صيرورة تغير لاتنتهي حتى تبدأ, فأن جميع المجتمعات عبر التاريخ عرضة لهذا التغير المستمر والتحول الدائم , بودي هنا للإجابة على سؤال ملامح التغير الثقافي الذي شهده مجتمعنا القطري خلال العقود الماضية أن أقسم التاريخ الى ثلاثة مراحل حتى يَسهل علينا الاختصار والتكثيف كذلك , فالمرحلة الاولى في إعتقادي مرحلة المجتمع التقليدي وتبدأ ربما من منتصف الثلاثينات من القرن المنصرم حتى مرحلةنهاية الستينيات , والمرحلة الثانية وهي من بداية السبعينيات حتى منتصف التسعينيات وهي مرحلة اسميتها ميتافيزيقا العلم أو العلم كإلهه منقذ واقصد بالاله هنا مايعول عليه . أما المرحلة الثالثة التي بدأت من منتصف التسعينيات حتى الآن فهي مرحلةميتافيزيقا التقنية والريع وكل مرحلة من هذة المراحل انتجت نمطاً من المثقف يتلائم وطبيعتها وثقافتها, وربما المرحلة الاخيرة التي هي مرحلة التقنية او التكنولوجيا يشترك فيها معظم المجتمعات خاصة النامية منها. نأتي أولاً لمرحلة المجتمع التقليدي الذي كان سائداً قبل إستقلال الدولة في بداية السبعينيات من القرن المنصرم, كان طبيعة العلاقات في تلك الفترة تقوم التضامن الآلي حيث التشابة كان سمة الشرط المعرفي لتلك الفترة وكان مستوى تلك العلاقات افقياً الى حد كبير نتيجة لهذا التضامن الذي يجعل الجميع في حاجة الجميع, وكانت الفرجان ممتدة كذلك أفقيأً والفريج بأكمله يحكي سردية واحدة للجميع , وبرز في الفترة نمط المثقف العضوي بالمفهوم الاجتماعي بالذات , حيث كان في كل منطقة من مناطق الدولة شخص أو أكثرينتمي اليها وتجده أو تجدهما يطالبان عن البقية بحقوق هذة المنطقة الاجتماعية من مواصلاات وهاتف وخدمات بريدية وكهرباء إتصالاً بالدولة ومكاتبها الموجودة أساساً في الدوحة العاصمة, وقد شهدت شخصياً العديد من هذه الشخصيات في تلك الفترة وهم يقومون بدور المثقف العضوي المنتمي لطبقته أو قريته أو فريجه ومنطقته.نأتي الى المرحلة الثانية الممتدة من أواثل السبعينيات الى قبل منتصف التسعينيات والتي كان سمتها التعلم كشرط معرفي أو ميتافيزيقا التعليم وذللك للتدليل على انها كانت مرحلة" قيامية" حملت كل أماني المجتمع والدولة حيث شهدت نهضة تعليمية كبرى وبوادر عودة الخريجين من جامعات العالم التي تم ابتعاثهم اليها لاكمال دراساتهم من أجل النهوض بالمجتمع في جميع النواحي حيث أصبح التعليم في نظر المجتمع المثقف المتعلم هو المنقذ وحبل النجاة للفرد لكشف قدراته وللمجتمع لكي يتقدم وينهض على الرغم من القاع الاجتماعي الذي لم يحرث جيداً بعد حيث لم تزل المرجعيات الاولى قوية ولم تتبلور مرجعيات وسطى ثقافية بديلاً عنها لعدم وجود مجتمع مدني حقيقي بعد مثل معظم دول الخليج من أجل إستثمار أفضل للتعليم , الامر الذي أوجد مثقفاً متعلماً في حدود الوظيفة في الاغلب , فغاب الموقف الثقافي لأن وجوده يتطلب بُعداً إنطولوجياً "وجودياً" مستمداً من مرجعيات ثقافية وليس مرجعيات أوليه ومع ذلك انتعش المجال العام وشهدت تلك الحقبة نشاطاً ثقافياً واضحاً سواء في مجال الصحافة أوالتلفزيون والاذاعة أو الاندية الثقافية كذلك, المرحلة الثالثة والمستمرة منذ منتصف التسعينيات حتى يومنا هذا فالشرط المعرفي لهذة الحقبة كان الريع ونشاطاته , تبؤأت فيها التقنية صورة الاله الذي جاء لينقذ البشرية على مستوى العالم فظهر نمط المثقف الاداتي في مقابل النقدي وفي مجتمعنا أخذ المثف شكلاً ريعياً زئبيقياً حيث أننا مجتمعات استهلاكية بالدرجة الاولى, ويظهر ذلك واضحاً مع شيوع وسائل الاتصال الاجتماعي بجميع أنواعها واضمحلال دور الوسائل التقليدية من صحف ومجلات التي كانت تتطلب مثقفاً قارئاً على الاقل وسيطرت الصورة على الثقافة واختزل العقل في مجرد لحظات ولقطات وغابت سمة التمييز بين الغث والسمين وجعلت التقنية من الجميع صفاً واحداً أمام تجلياتها واشكالها وقد اشار الكاتب الكندي" الان دونو" الى ذلك في كتابة " نظام التفاهة الى ذلك بكثير من التفصيل والشرح, واصبحت ميتافيزيقا التقنية هي التي تحكم اليوم وترسم طريق الخلاص الى المستقبل, والذي يبدو كئيباً لمن يستهلك هذه التقنيات ولا ينتجها , وهذه المرة نحن في حاجة ملحة الى إله حقيقي لينقذنا وعناية إلهية ربانية لننجو بأنفسنا وبمجتمعاتنا,واللافت للنظر أن المثقف في مجتمعنا بدأ عضوياً وانتهى ريعياً وهو أمر يحتاج الى دراسة ونقاش مستفيض ربما في وقت آخر,,

السبت، 3 فبراير 2024

المجتمع بين الثقافة والموقف الثقافي

تعريفات الثقافة كثيرة ومتعدده منها انها مجموعة المعارف المكتسبة بمرور الوقت وثقافة المجتمع هي مجموع معارفه وانماط السلوك االسائدة فيه في فترة ما من تاريخه .لكن ماهو الموقف الثقافي وبالاحرى "الثقافوي" الذي يعطي مؤشراً على حيوية الثقافة فيه؟ المواقف الثقافية يتخذها افراد المجتمع بناء على الثقافة السائدة في المجتمع فإذا وجدت مجتمعاً لايمكن تلمس الموقف الثقافي فيه فأعلم بأن ثقافته على درجة كبيرة من التسطيح وبعيداً جداً عن المدنية او المجتمع المدني , الموقف الثقافي " الثقافوي يتطلب قدرة لاشارة الى مواطن الخلل في المجتمع كما يتطلب كذلك تحديدالفساد والقدرة كذلك على الاشارة اليه مباشرةً وتحديد عناصره , بمعنى اخر هو مجتمع مكاشفة ووضوح وبحثاً عن الحقيقة فإذا كانت الحقيقة ذاتها" تكشف" او انكشاف فإن مجتمع الموقف الثقافي هو مجتمع الحقيقة بإمتياز , بينما الثقافة بلا موقف ثقافي مجتمع في فمه ماءيعيش ملتحفاً رداء الخوف معرضاً حاضره ومستقبله للإستلاب