في اعتقادي أن الفنان أهم من السياسي وأن المثقف أهم من اي منصب رفيع في الأزمات، لأن الفن والثقافة عموما حالة صدق أو من المفترض أن تكون كذلك، في حين أن السياسة حالة ظَرف. الفن والثقافة هما الوسط الإنساني الضروري الذي يجب أن يُترك دونما تدخل من الجانب السياسي ليبقى الباب مفتوحا للعودة إلى الحالة الطبيعية بعد اختفاء الظَرف. كم من الشعوب خرجت من أزماتها عن طريق وجود الثقافة كحالة مستقلة داخل المجتمع مع أنها انعكاس لواقعه الاجتماعي، كم من الشعوب وجدت حلولا لأزماتها مع الآخر عن طريق الواقع الثقافي والفني الحر والمستقل الذي كانت تعيشه تلك الشعوب.
عندما يجد السياسي مأزقا يلجأ إلى المثقف ليأخذ منه وليستمع إلى رأيه، لذلك بقاء الثقافة والفن بمعزل عن الأزمات السياسية ضمانٌ للمجتمع،، كنت دائما على إيمان بأن الفن هو ما يجمع شعوبنا من المحيط إلى الخليج وليس السياسة،
وقف سارتر ضد استعمار فرنسا للجزائر، ووقفت جين فوندا ضد حرب فيتنام،
الفن مؤثر جدا عندما يكون مستقلا وحرا، إذا قبضت الدولة على الفن فاعلم بأن المصير أسود لأنك اقفلت الطريق أمام الخيال وعايشت الواقع الضيق بكل تفاصيله، لذلك نرى الانظمة التي صادرت حق الفنان وعملت على تجييره زالت، أو في طريقها إلى الزوال.
التحق الفيلسوف هايدغر بالنظام النازي أيام هتلر مسايرة لوضعه كأستاذ ومدير للجامعة فخسر سمعته على الرغم من تفرده المذهل بخطه الوجودي والذي نهل منه الكثير بعده.. ووقف دريد لحام في صف طاغية دمشق الأمر الذي أفقده مكانته لدى الشعب العربي،
لماذا الفن ودور الفنان مهمان جدا في الأزمات لأنه يقول ما كان يُخفية المجتمع في الايام الرتيبة. اليوم أ
لم يعد بامكان هذه الشعوب أن ترى الفرق بين القبح والجمال فلقد جرت عملية مصادرة واضحة للذوق العام لديها عن طريق تسليع الفن والفنانين.
حينما يتحول الفن الى سلعة وبضاعة رخيصة يخسر المجتمع ضميره ,لايتقدم مجتمع الا إذا تقدم دور الفن فيه واصبح يعكس أمال أفراده وطموحهم وتعدد اراءهم واتجاهاتهم , فتصبح الحقيقة فيه مجالاً للتداول لا الاحتكار ,إن أسوأ مايمكن أن تصاب به الامم هو تدهور أخلاققها, والفن الراقي جزء لايتجزأ من الاخلاق بل هو مرآة صادقة لمستوى الذوق في المجتمع
إن الفن يا سادة يعكس ذات الإنسان وتاريخه بشكل أصدق من جميع الروايات والقصص والوثائق لأنه تاريخ حي, يعيشه الانسان ويسطر صفحاته وينشر من خلاله آماله وتطلعاته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق