الاثنين، 10 نوفمبر 2025

في الفريج كانت الذات أولاً

 في ستينيات القرن الماضي وحتى أوائل الثمانينيات منه, كانت الفرجان في قطر مكاناً رائعاً لممارسة الهوية كسرد,أو رواية, في الريان حيث كنت اعيش  كانت جميع عوائل قطر وقبائلها تقريباً اجزاء منها تقطن هذه المنطقة التاريخية  من قطر , بمجرد أن تخرج من بيتك  أنت في علاقة أفقية مع الآخر المختلف عائلياً وقبلياً في جوف الفريج ننشىء علاقة مع الاخر الاجنبي , صاحب الدكان الايراني , وراعي القهوة الهندي  وصاحب الكراج الباكستاني ناهيك عن كثير من الاخوة العرب من مدرسين واطباء ومهندسين , اصغر أبناء الفريج يحكي قصة الفريج تماماً كما يحكيها الكبار , اتصال أفقي جميل ومريح ,كنا نتقهوى في مجلس أحد الشيبان ونتعشى على "دجة" آخر من عائلة أخرى هكذا بكل تلقائية وفي المجلس  المجتمع كله يلتقي  نظراً لهذا التنوع الموجود في الفريج, لانعرف القبلية , ناهيك عن الطائفية, العلاقة قائمة على الالتقاء  لاتكاد تحس بالعمق بقدر ما تستطيع أن تلمس وتحس باللقاء وحرارته, الذي جعل الفريج خالياً من الغموض الذي يُربي الخوف وينشأ الستار بين الافراد , هذا الاختلاف الجميل جعل من الحياة هوية  لم نكن في تشابه من حيث  الانتساب لقبيلة واحدة او لعائلة واحدة , لم نكن ننتسب الا الى قطر من حيث تاريخ التواجد فيها أولاً كان ذلك أو لاحقاً, لم نكن جميعاً على مستوى  واحد من حيث مستوى المعيشة أو ومسافة واحدة من السلطة , إلا اننا جميعاً لانحس بالفروقات  الدولة وحب الوطن والقيام بالواجب كان  مبثوثاً في كل مكان نلتقي بالمسؤولين  واعضاء العائلة الحاكمة الكريمة أو الوجهاء من أهل قطر ,الالتقاء شبه اليومي   والتشاور والتناصح  والتدوال المستمر لمشاكل الفريج  بين مكونات الفريج كان  ملموساً في جميع فرجان وأحياء قطر,هذا التمازج اوجد هوية سردية تعيش وجودها بقدر تواجد الاخر , هذا الاغتناء أوجد قطرياً يعي ذاته  بقدرالوعي  بوجود الاخر الغير قطري ,كنا  ذواتاً قبل أن نكون هوية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق