بقدر ما تستولى على ماضيك تعيش حاضرك وتستشرف مستقبلك. فرق كبير بين العيش فى الماضى وبين إستيلائك عليه, لعلى هنا أوضح بعض الملاحظات
أولا: ا لمقصود من الاستيلاء على الماضى ,إستيعابه وتجاوزه وهو مالم تصل إليه الأمه بعد مع الأسف كل مانشهده معايشه للماضى بل العيش فيه والإنغماس فى تفاصيله بشكل يحجب إمكانية إستيعابه أو تجاوزه.
ثانيا: معايشتنا لشهر رمضان مثال على العيش فى الماضى بشكل صارخ, فيه يأتى إلينا الماضى بشخوصه وشخصياته لدرجة أن تعتقد بأنك ستقابل أحد الصحابه عند خروجك من المسجد لكثرة ماروى عنهم وما إستمعت إليه , ويتقاطر علينا المحدثون والدعاه وتمتلىء القنوات بالبرامج الدينيه والمسلسلات الاسلاميه كلها تحكى عن ماض عظيم وتاريخ مجيد لرساله خالده . هو ذاكره تتجدد كل عام, ولكن لايمتد الأثر ليتحول الى معاصره حقيقيه ,لذلك تجد هذا الشهر العظيم لايدخل فى الحساب الإنتاجى الدنيوى المعاصر لا للفرد ولا للمجتمع,فالكل فيه يعايش الماضى ويغلبه على الحاضر هذا مايعنى عدم المجاوزه أو الاستيعاب,بمعنى أننا نعيش رمضان لكن لانستوعبه ولا نستولى عليه ونحركه بطاقه جديده.
ثالثا: القصص الكثيره وبالتفصيل الدقيق عن شخوص الماضى وبعضهم يتكلم عن تفاصيل التفاصيل وكأنه عايشها عيانا, إنغماس فى الماضى بشكل لايمكن تصوره, حتى أن بعضهم يشرح كيف إبتسم هذا الصحابى وكيف كانت ردة فعل الآخر من خلال تضاريس وجهه. تنزع الفائده عن القصه والهدف منها وتحددها وتركزها فى الماضى أكثر بحيث يصعب بعد ذلك تجاوزها بأخذ العبره فقط منها مع عدم الاستغراق فى التفاصيل.
رابعا: تفاصيل الماضى تعوق معايشه الحاضر بصوره صحيه وتجعل من الحاضر صوره مشوه عن مثال سابق وهذا لايساعد على الخروج من الماضويه القاتله التى نعيشها فى كل شىء, نحن لانحتاج الى تفاصيل الماضى , فقط نحتاج إلى عبره وخلاصاته.
خامسا: لماذا لانستشهد ببعض صور الحاضر ونركز عليها بصوره أكبر وأشمل حتى فى شهر رمضان لكى نحوله إلى شهر معاصره وشهر مستقبل وأمل لماذا لانستشهد بالتجربه الاقتصاديه الماليزيه أو التجربه السياسيه التركيه فى رمضان وبمهاتير محمد وبأردوغان اللذان نعايشهما , وغيرهما من رجال الفكر الاسلامى المعاصر ذوى الرؤيه الشامله.
سادسا: الدعاه الماضويون يجب التقليل منهم الذين يحركون فقط العاطفه ويجيشونها فيبدو الماضى كله مثالا ويصبح الحاضر كله سوادا وإعتلالا لايمكن الخروج منهما.
سابعا: الاستيلاء على الماضى هو فى إخراجه من المثال إلى الواقع, الأمم المنجزه لاترى فى الماضى ولاشخوصه مثالا بقدر ماترى أفعالا وإنجازا وإخفاقا ,لقد كان الماضى حاضرا معاش به كل جوانب الحاضر اليوم من نقص وعدم إكتمال.
ثامنا: النبوه والانبياء جاؤوا برسالات بعضها مؤقت لشعب معين أو لأمه معينه والآخر للناس جميعا كرسالة الاسلام, فبالتالى المسلمون هم الأقرب للخروج من الماضويه التى يعيشونها بحكم رسالة دينهم التى تحتمل العصر بأكمله.
تاسعا: إدخال شهر رمضان فى العصر وليس إدخال العصر فى شهر رمضان هو المطلوب بالنسبة لجميع العبادات الاخرى كذلك, وبالتالى قراْة القران الكريم تصبح معاصره من خلال فهم مقاصدها وأهدافها وليس فقط من أجل أن حصتها من الحسنات أكبر فى رمضان من غيره من الشهور وكذلك بالنسبة لجميع العبادات الاخرى أيضا.
عاشرا:الاستيلاء على الماضى هو سبيل الأمه للنهوض , خروجه وإنفصاله من الزمن بالنسبة اليها يعيق الحاضر والمستقبل , وسبل ذلك متوفره وهناك بعض الامثله ذكرت بعضها فيما سبق. : ماتشهده الامه اليوم من تحرك للشعوب وثورات على الماضى السياسى المتعفن وأنظمته الفاسده مثالا على خيرية الحاضر وعلى إمكانية التخلص والانعتاق من الماضى وتجاوزه من خلال الاستيلاء عليه كتجربه يمكن فرزها لتبيان غثها من سمينها .
الحقيقة الواضحه هى أننا لانزال نعيش فى الماضى ولم نستولى عليه بعد لنتجاوزه الى حاضر أفضل ومستقبل مشرق.
الله عليك .. مقال رائع ومتميز .. كثيرا ما كان يلفت نظري الدعاة الموجودين بسذاجة خطبهم .. مع كل الاحترام والتقدير لهم الا ان خطابهم قديم وغير مقنع ابدا .. ولايوجد به تجديد .. وأحيانا احاول ان اقنع نفسي بأن هذا من باب الذكرى والتذكير ..
ردحذفولكن اين التجديد ؟ اين التميز ؟ الاتقان ؟ اين العيش في الحاضر والتحدث عنه ..
يعرفون كيف ابتسم الصحابي و تضاريس وجهه و طبقة صوته و كل طباعه...و في رأي الشخصي كله انتحال في انتحال.
ردحذف