الأربعاء، 3 سبتمبر 2014

ماتت "الطبقه الوسطى" عاشت "داعش"


منذ سنوات حذرت من زوال الطبقه الوسطى في مجتمعاتنا العربيه عامة والمجتمعات الخليجيه بالذات وإختفائها , وذكرت انها مخزن القيم والاخلاق والفضيلة الوسطى. خيرات هذا الوطن العربي الكبير وبالا عليه وعلى شعوبه,ودين عالمنا الاسلامي أصبح وبالا عليه ايضا, تم القضاء على الطبقه الوسطى الاقتصاديه بسرقة المال العام واحتكار التجاره والاعمال وضرب القوى العماليه في المجتمعات أو بالاستغناء عن اليد العامله الخليجيه بيد عامله اسيويه او غيرها وهندسة المجتمع لإخضاعه وتهميش العقل المجتمعي , كما تم إزالة أو التضييق على الطبقه الدينيه الوسطى التى ترى في الاسلام دين حياة وتعايش لحساب ثنائية الشيخ والمريد, والفقيه والمقلد, فأصبحنا بين طبقتين إقتصاديا بين طبقه عليا متخمه وسفلى متهالكه , ودينيا بين طبقة فقهاء الطوائف وجند الله بأحزمتهم الناسفه. ثم نتسائل من أين جاءت "داعش". من يستطيع أن يفسر أن معظم منتسبي داعش هم من أبناء الجزيره العربيه ومن السعوديه بالذات اغنى دول العالم قاطبة ثم تليها الكويت الغنيه اقتصاديا ؟ داعش هي الطبقه الوسطى المقتوله في مجتمعاتنا , داعش هي نظام التعليم العام الذي ضحينا به لحساب المدارس الخاصه بما فيها الدينيه , داعش هي الانقسام الذي أوجدناه لحماية عروشنا وكراسينا فإذا به يقترب من رقابنا, كيف يتحول طبيب الطبقه الوسطى الى مقاتل يبطش بالناس , كيف يتحول مهندس الطبقه الوسطى من البناء الى الهدم؟ هؤلاء يحملون قيم إنسانيه أين هي الآن؟ تم حصار الطبقات الوسطى في المجتمعات العربيه الكبيره وتهميشها بأنظمه عسكريه بوليسيه تريد الاستمرار الى مالا نهايه , كما تم تضخيم الطبقات العليا في المجتمعات الخليجيه وهي بالذات العوائل الحاكمه ومن دار في فلكها بشكل ملفت للنظر خلال العشرين سنه الماضيه, حتى انك تلاحظ غياب قيم واخلاقيات الطبقه الوسطى في خطاب ادارة الخلافات عبر وسائل الاتصال الاجتماعي , مقارنة بالسابق , إختفت الفنون لإختفاء الطبقه الوسطى وبقي التصفيق المجاني , إختفت ثقافة الابداع لإختفاء الطبقه الوسطى لحساب ثقافة الاتباع, إختفي الشعر كأغراض لاختفاء الطبقه الوسطى لحساب الشعر كإنتهاز, إختفى المثقف المتجرد حتى لايتجرد من ملابسه فقرا لحساب المثقف الصفقه المزدوجه.إختفى مسجد الاسلام العام لحساب مسجد الخطاب الديني الخاص.ونتسائل من اين جاءت داعش؟ إنها لعنة زوال الطبقه الوسطى بمفهوميها , الاقتصادي والديني , إنها ثمرة الاحتكار الاقتصادي والديني , إنها ثمرة الابتعاد عن الانسانيه,من يستطيع أن يجزم ثلاثا على انه من اهل الجنه وغيره في النار , من يستطيع أن يجزم أن إسلامه فقط هو الصحيح وغيره هالك؟ أي عقليه وسطيه تقول بذلك , لاتستطيع أن تنتج عقليه وسطيه دون طبقه وسطى حقيقيه, التخمه قد تنتج تطرفا كما أن الفقر ينتج تطرفا كذلك ,سياسة عزل الطبقه الوسطى في المجتمعات العربيه أو تقليصها والتضييق عليها أو إزالتها كما في مجتمعاتنا الخليجيه, أدى الى ظهور القاعده "المعتدله"نسبيا بالنسبة الى داعش المرعبه حاليا والاخطر قادم بلاشك , أطفال يحملون رؤوس مقطوعه إلى أى نظام تعليمى ينتسبون؟ أو إلى أي طبقه هم ينتمون؟ , إختزال للدنيا وللعمل وللحياه تماما , إننا نعيش الآخره و مشهد وقوفنا أمام الجنة والنارقبل أن ترفع الأقلام وتجف الصُحف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق