قمة الدوحه التي تعقد اليوم ليست مجرد تجاوزا لخلافات بينيه عصفت بأعضاءها, ليست مجرد إتفاق يأتي بعد إختلاف أجندات تحملها كل دولة على حده, قمة الدوحه اليوم إنتصار لإرادة الدوله , الدوله كما أسماها "هيغل" الخير الأسمى, عالمنا العربي يعود اليوم الى عصر ما قبل الدوله, لذلك لاتستطيع جامعة الدول العربيه أن تنادي بقمة للدول العربيه , حيث لانصاب يكتمل ولاعلم يرفع الا لبقايا دول هنا وهناك. لذلك تبقى القمه الخليجيه اليوم هي قمة العرب , قمة "الدوله". تتعرض مجتمعات الخليج لتحديات وجود وبقاء داخليا وخارجيا , تعاني داخليا من تململ الشعوب لعدم تحقق التنميه المرجوه ومن غياب دور المواطن وعن تهميش الكفاءات , كما تعاني خارجيا من حالة وجود غير مستقر في منطقة يعيش التاريخ والجغرافيا فيها في مأزق حيث الثروه الهائله ومصادر الطاقه واطماع الدول التاريخيه المحيطه مع قلة السكان وندرتهم , أيضا هي منطقه مشتعله دينيا حول الشق الطولي الذي قسم الاسلامي منذ خمسة عشر قرنا بين سنة وشيعه, لذلك أرى ان بقاء الدوله في حد ذاته مكسب رغم علاتها الكثيره , قوافل الطوائف والتشكيلات الدينيه تحيط بالمنطقه وتوشك ان تنقض عليها , فهي كما كانت دائما مطمعا للامبراطوريات , هي كذلك اليوم مطمعا للطائفيه الجديده التي تستقوي بالمال تماما كما تستقوي بالنص المطلق الذي يكفر الآخر. قمة الدوحه اليوم هي امل في بقاء الدوله , ولكن مرحلة استمرارها يتطلب تفكيرا جديدا , قمة الدوحه اليوم هي حاجز صدض لااكثر , يجب العمل على إطلاق الدوله الحقيقيه بعدها بشكل أو بآخر , لم يعد العدو خارجيا فنقيم الساتر الحديدي للإتقاء منه , انه في الداخل الذي لم يعد يحتمل اكثر , خمسة وثلاثون عاما من القمم الخليجيه , لم يتحقق سوى النزر القليل , جيل الشباب اليوم غيره في الثمانينيات , , التركيبه السكانيه وحدها تحتاج الى قمم وليست قمه , التعليم الذي افرز القاعده وداعش , يحتاج الى خطى حثيثه مخلصه , الهويه الخليجيه التي سطحتها المجمعات السكنيه بأعداد الجاليات من كل ثقافه , ليست القضيه قضيه أمن بالمفهوم العام , القضيه قضية أمن إجتماعي يفرز هوية تعكس تاريخ المنطقه والمجتمعات. نحن مستبشرون ببقاء الدوله وتغلُب الحكمه على الانفعال مع قمة الدوحه هذه , ولكن الوجود يتطلب إيمانا أكبر بالانسان وبالتاريخ ويغلب المصلحه العامه على المصالح الضيقه , الوجود يتطلب دساتير تحمي المجتمع من نفسه أولا وتنظم علاقاته مع الغير , الوجود لايتطلب فقط أذان يرفع وصلاة تقام, الوجود يتطلب كذلك إيمان بحق الشعوب في المشاركه في تقرير مصيرها وبالاستمتاع بثروات أوطانها , الايمان لايعني الالتفات للبعيد ونسيان القريب صاحب الحق الأول, قمة الدوحه , قمة تاسيس لوجود جديد , أرجو ان يكون بدايه لدوله جديده في المنطقه , دولة لاترجع بتاتا للطائفه ولاللقبيله الا من خلال قراءة التاريخ للإعتبار والتذكر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق