في السابق كانت الرياضه مجتمع بحد ذاته, وكان المجتمع أمة عربيه بشعاراته وأنديته ومشجعيه .في كل فريج من فرجان الدوحه رياضة تُمارس , وشعار عروبي يُرفع , لايحتاج الناس الى حملة اعلاميه تدفعهم للظهور لممارسة الرياضه كما نرى اليوم. هذا الربط المتكامل بين رؤية المجتمع الشامله لوضعه المحلي ضمن الدائرة العربيه , جعل من الرياضه سبيل لنشر المحبه والتآخي فأصبحت ليست مجرد ممارسه بدنيه بقدر ماكانت علاقه انسانيه أخويه مع العربي الآخر بعيدا عن جميع التقسيمات الاثنيه والدينيه والعرقيه والايديولوجيه القائمه اليوم, مفهوم الرياضه مفهوم انساني لذلك لايمارسها بحق الا الانسان المتجرد , حولها الوضع العربي المتردي اليوم الا مجرد صور تلتقط للمسؤولين لتنشر ثم بعد ذلك تتقطع بها السبل ضمن دوائر التقسيمات الضيقه التي تعيشها مجتمعاتنا الى أن تحين المناسبة القادمه , لم يعش عالمنا العربي عصرا رياضيا كما عاشه في زمن التلاحم العربي , وقفت الرياضه العربيه وقفة عز بعد هزيمة حزيران في دفاع مستميت لمحو وازالة آثار العدوان وتلاحم شبابنا مع شباب مصر في دعم المجهود الحربي, وذهبنا ونحن الطلبه نتسلق سور ستاد الدوحه لنحضر المباريات وشجعنا الاسماعيلي والاهلى والترسانه حتى على حساب منتخبنا الوطني الذي كان مشرفا الى درجة الامتياز في حينه دعما لصمود الأمة وتغليب الهدف القومى الأسمى على الهدف الوطني الأضيق. الرياضه لاتعمل بمعزل عن حالة المجتمع , لذلك لابد من الدوله ان تقدم نموذجا رياضيا اخلاقيا بالمفهوم العام للرياضه لكي تدفع المجتمع لممارسة الرياضه اقتناعا منه , لا مشهدا للتصوير وطمعا في ارضاء المسؤولين , الرياضه مفهوم اجتماعي وحالة نفسية أولا تعكس ارادة المجتمع وصلابتها , لذلك رأينا الرياضه العربيه لم تتأثر بالهزيمه بتاتا, لان المجتمعات لم تهزم من الداخل , حتى اسماء انديتنا في السابق ربطت برؤية المجتمع وانتمائه القومي , لذلك كانت اقرب الى الروح المعنويه التي لاتهزم فهي روح ساريه بالرغم من النتائج لانها تمثل طموح الشباب العربي ككل وليس القطري فقط, تاخرت الرياضه اليوم واصبحت مجرد يوما تدفع به الدولة دفعا بقيادة اميرها الشاب حفظه الله , أصبحت الرياضه العربية كلها في مأتم عندما هُزم الاحرار من ابناء الأمة , وطمس شعار التحرير, وتفتت أحلام الوحده, ونكست رايات العروبه.
كانت الرياضه نتاج جهد شبابي من ابناء المجتمع تحملوا اتعابه ومصاريفه حبا في وطنهم بدون مقابل يذكر وعانوا الأمرين لكي يمارسوا الرياضة شوقا وحبا , فقامت نهضة رياضيه حقيقيه في المجتمع وشهد ستاد الدوحه جولات شبه يوميه من المباريات والمهرجانات وبرزت قيادات شبابيه في مقدمتها سمو الامير الوالد والشيخ جاسم بن حمد والوالد على بحمد العطيه وعالشيخ ثامر بن محمد وعبدالعزيز بوزير وغيرهم كثيرون , وانتجت الملاعب نجوما لايسع المجال لذكرهم في غير كرة القدم كذلك , مقتل الرياضه في تسيسها , العقليات الرياضه في قطر لم نحافظ عليها كما يجب فتسربت هنا وهناك لأن الرياضه عزلت عن المجتمع ولم تظل مرتبطة بتنمية المجتمع وحفاظ حقوق القائمين عليها من مسؤولين وممارسيين فترسملت قبل المجتمع استجابة الى امتدادات الاسواق ليتحول ملعب الفريج الى سوبر ماركت تعرض كل شى حسب قدرتك الشرائيه ونجم الفريج الذي كنا نصفق له الى متفرج أو شيال فيه , بعد أن انطلقت من فرجان المجتمع ومواهب ابناءها إمتدادا بالدولة نهاية بالأمة العربيه واهدافها القوميه .التراجع العربي –العربي أثر بالضروره على الرياضه وأصابها كما اصاب الفن في مقتل , لذلك لكي نبحث عن رياضي حقيقي قلما تجده من ابناء هذه الأمة الا بمقدار ما يحقق له ذلك وسيلة للعيش لأن الانتماء بشكله السابق لم يعد موجودا أمام زحف التفتيت والنهب المتسارع . افرح لإنتصارات بلادي في الميادين الرياضيه , لكنني احزن عندما لاأجد ملاعبا تنتج كما كان في السابق , أتصفح الأسماء بدقه فلا أجد الا فردا او, أثنان , بينما كان في الريان القديم وحده خمسة ملاعب على الأقل , وفي الريان الجديد مثلها , ناهيك عما في الدوحة من عشرات الملاعب التي تمارس فيها الرياضه بشكل يومي , ألم نكن شعبا رياضيا يوما ما؟ ما بالنا اليوم عندما نستدعى بكل هذا الوهج الاعلامي نستنكف؟
قديما قالوا العقل السليم في الجسم السليم , فأي عقل تبقى للأمة لكي يحمله جسدها المتهالك من شدة الحروق والطعنات .
الرياضه برزخ نفسي بين العقل وبين الجسم تتجلى في أسمى صوره عندما ترتبط بالمثُل والقيم الذي يجب أن نقدمها أولا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق