سبق أن كتبت ان حل الأزمة الخليجية الراهنة لايمكن ان ينطلق من الماضي نظرا لأنها تختلف عن المشاكل السابقة التي كانت تأخذ شكلا أو مظهرا أفقيا , في حين أن هذة الازمة هي أزمة تمثل قطعا طوليا في بنيان المجتمع الخليجي يجعل من الصعب حلها بالرجوع الى التاريخ المشترك الذي هو بقدر ماكان متماثلا كان أيضا تمثيليا , وقلت أن الحل يأتي من المستقبل وليس من الماض , أي من فكرة التجاوز أو القطيعة السياسية وليس الاجتماعية مع الماضي , أي مع الاحداث السياسية التي عصفت بالعلاقات بين هذه الدول , واليوم اضيف بعدا آخر يمكن أن يساعد على الحل وهو الاعتراف بأن الحقيقة "إشكالية"وليست بديهية ولا مطلقة وخارج كل نقاش أي أنها موضوع بحث مستمر , التعامل يتم اليوم على نحو آخر كل دولة تتهم الاخرى بمساندة بالارهاب من منظور الحقيقة الخاص بها , بينما الحقيقية خارج كل نطاق أصولي , الطريق الى المستقبل هو الطريق نحو "أشكلة" الحقيقة حيث تبدو هي مجموع الانفتاح واحترام الرأي الاخر والتسامح والتجاوز هي الطريق الى المستقبل وليست مشروعا للنظر الى الماضي, لو نظرنا الى قائمة المتطلبات التي ارسلتها الدول المحاصرة لدولة قطر للاستجابة عليها لأمكننا ببساطة التيقن من أنهم يعيشون عصر الحقيقة "الاصولية" التي تفضل البقاء في الماضي على التجاوز نحو المستقبل , ليس من بين هذه المطالب مايفتح طريقا الى المستقبل , إغلاق الجزيرة , دفع تعويضات , طرد , مهلة.... الخ كل هذه حقائق أصولية مستقرة في أذهانهم لأن العقلية الاصولية تنتج ذاتها مع الآخر أو تخلع بأوصافها عليه,.المجتمعات المتقدمة اليوم هي المجتمعات التي تعتقد أن الحقيقة أزمة مع ذاتها كما يقول الفيلسوف "بول ريكور" لذلك هي دائمة البحث في المستقبل وعن المستقبل , لايمكن تجاوز أزمتنا هذه وغيرها من الأزمات مستقبلا مالم نصل الى فكرة التجاوز التي تضع المستقبل ميزانا للحكم على الحاضر ومالم نعترف بأن الحقيقة "إشكالية" وإن السياسة ليست مجموعة حقائق بقدر ماهي مجموعة وسائل, فلنتعامل مع الخلاف على أنه مجموعة وسائل مغلوطة أو صلتنا الى ما نحن عليه حتى نستطيع تجاوز ذلك , اما إذا أنظرنا الى الخلاف على انه مجموعة حقائق نملكها لنقدمها الى الطرف الاخر كقائمة المتطلبات التي قدمتها السعودية والامارات والبحرين ومصر الى قطر لتنفيذها كشرط للحل, فإننا بحاجة فعلية لقطيعة مع هذة الثقافة ومع من يمثلها لأنها تمثل حقدا وكراهية وتقذف من أحشائها ضغائن مكبوتة, الفرق كبير بين الحقية كإشكالية يجب مقاربتها وبين الحقيقة كبديهية يمكن الامساك بها , قطر تمثل الحقيقة كإشكالية يجري البحث عنها دائمل لذلك هي مستعدة للحوار للنقاش للمفاوضات, بينما الطرف الآخر يعيش الحقيقة كإمساك وإمتلاك ..... شتان بين الثقافتين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق