الأحد، 3 سبتمبر 2017

الأزمة كإشكالية في نمط التدين




المراقب المتابع للأزمة الخليجية منذ بدء الحصار يرى   إنسدادا سياسيا يزداد كل يوم,  وتفككا إجتماعيا تزداد  ظواهره  ونتائجه مع مرور الوقت, فالاشكالية كما أعتقدا هي في أن الأزمة في طبيعتها  الحقيقية  إشكالية في التدين , حيث تحولت الانظمة الحاكمة  الى  شكل من أشكال العقيدة الدينية  التي  لاتقبل المناقشة  في صدور أصحابها ولامعتنقيها , من ينادي بالحل السياسي , لايرى أن مجتمعاتنا خلو من السياسية تماما ليس كإجراءات وإنما كعملية سياسية  بمكوناتها الاساسية سواء من دساتير وبرلمانات ومجتمع مدني  الى آخره , كذلك  تكشف وسائل الاتصال الاجتماعي  عن كنه هذة الازمة الديني أكثر من أي جانب آخر , وأصبحت الازمة مجالا للصراع بين العقائد  حيث حين تختفي السياسة يصبح الدفاع  عن التوجه وهو من المفترض أن يكون سياسي الطابع   الى دفاع عن العقيدة ويصبح الرمز السياسي رمزا دينيا, لذلك لانستغرب من  إنغماس شيوخ الدين فيها بشكل واضح وسافر  وكذلك إنغماس الشعراء بقوة في خضمها  بشكل كبير أيضا  دفاعا هنا وهجوما هناك , مع الدعاء طبعا بزوال من يعادي الاسلام وحماته والبيت وسدنته ,وشكلت قصيدة الحارثي  في مكة يوم العيد الكبير أمام ملك دليلا واضحا  على تحول الازمة الى مايشبه العقيدة الدينية  من حيث الزمان والمكان و فالاستبداد  المزمن  يؤدي الى نمطا من التدين السياسي والاسترزاق الاجتماعي , عندما تبنى الامبراطور قسطنطين المسيحية أصبحت ديانة الامبراطورية الرومانية, تماما كما  يحدث  عندنا هذا اليوم , عندما يتبنى  "أولي الأمر" نمطا من التدين يصبح الدفاع عنه عقيدة , وعندما  يحتاج الى تغييره  يصبح واقعا جديدا , أنظر مثلا الى تحول الوهابية من  مجد يجب المحافظة علية الى تهمة يجب التخلص منها بأسرع مايمكن , كذلك التصوف  من النقيض الى النقيض , أيضا الاخوان من من الدعوة الى الارهاب والعكس صحيح , فالازمة  هي إشكالية في نمط التدين , وعلاجها لايتم سياسيا إلا كمسكنات لاتلبث أن يزول مفعولها, هناك فجوة كبيرة بين الشعوب والقيادات  فالمجال العام فاض من السياسية ,  تتحول على أثرة القيادات الى شكل من أشكال العقيدة والشعوب الى شكل من أشكال  التابعين  والمريدين., نظرة خاطفة على وسائل الاتصال الاجتناعي  تعطيك انطباعا كافيا عن ذلك  فكمية التقديس للرموز  تبدو  كبيره ولم يسبق لها أن كانت بهذا الحجم , كذلك  كمية الاستهزاء الشديد بالرموز أيضا بلغت شأوا كبيرا  وهذه من طبيعة الايمان بالعقائد الدينية وليس بالمناهج السياسية,حيث المنهج  هو  الاهم  وليس الفرد. أعتقد أن الازمة قد أوصلتنا الى  أن نستهلك جميع إمكانيات ديننا حتى  الرمق الاخير بحيث أننا على أبواب مشاعية دينية وفوضى سياسية  لاأعرف كيف سنخرج منها , بسبب أننا أقمنا الدولة على الدين  والوطن على الفرد , فأصبح الدين هو الفرد والفرد هو الدين , حتى في عز الازمة  تنسى الشعوب وجودها تماما  وتختزل الوطن في الفرد  والدين في نمط التدين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق