مع قدوم "رمضان"، كانت تجتاح الناس حالة من البحث و"التّحرّي"، رؤية هلال الشهر كانت قضية تشغل بال المجتمع وتصبح السماء مجالاً للنظروعادة "ليلية" دائمة؛ الجميع الشيوخ والرجال والنساء والأطفال، حالة بحث و"تحرّي" الهلال الضيف،
.. أذكر أحد الاخوة الذي كان يختار الحزم" المُرتفع" القريب للنظر الى السماء بحثاً عن هلال رمضان وسمعت عن أحدهم يحمل بطانيته وينام تحرياً له فوق المرتفع القريب , السماء كانت صافية , التلوث لم يوجد بعد ,الريان قريةٌ هادئة ليس فيها ضجيج أو, إزدحام , إبتسامة الإباء بود في وجوهنا مع دخول الشهر كانت عنواناً لنا للإجتهاد والمثابرة في هذا الشهر الفضيل وكأنهم يشيرون الى أننا أمام تجربة جديدة وهي الصوم طول نهار رمضان , وكان بعضهم يشير للصغار منا الذين لم يكلفوا بعد أن تصوموا نصف النهار أولاً ورويداً تصوم اليوم كله,, كم مرة صاح أحدنا رأيت الهلال فإذا به طيف خيال أو نجم آخر أو شعرة في عينه ,نفرح بثبوت رؤيتة ولكن لاأذكر مرة أننا كنا من فعل ذلك, ومع ذلك كنا شغوفين ومصرين كل عام على المحاولة ,بعد صلاة مغرب اليوم الأخير في رمضان من كل عام .
كان الراديو ملك الخبر المتوج , نلتصق اليه حتى نسمع الخبر ثم تبدأ التهاني والتبريكات وأحياناً "الجراخيات" ,التلفون أيضا كان له دور في توصيل الخبر لكل ذي رحم من الاهل والأصدقاء وأحياناً نخرج الى سكيك الفريج وكأننا نعيس عصراً جديداً يبدأ مع شهر الصوم , أفسدت كل هذا التكنلوجيا واختزلت فرحتنا بالبحث عن الهلال لتقدمها الينا كسلعة من خلال المناظير الفلكية التي تحدد ولادة الهلال مقدماً بفترة طويلة ,وأفسد العمران سكينتنا ورؤيتنا الى السماء الصافية , وأفسد الازدحام خلوتنا بحثاً عن الهلال في أطراف القرى والفرجان .
كما كان تدشين المساجد بالمايكروفونات ومكبرات الصوت إيذاناً بدخول المسجد العصر الإذاعي حتى أن بعض أئمة المساجد ينسى مهمته ليتحول الى مذيع من كثرة استخدامه لمكبر الصوت دون مبرر. تذكرت رمضان الأول حينما كنا نبحث عنه بحثاً, كما تذكرت هلال رمضان الأول الذي كنا نقصده تحرياً وأنا أشاهد شباب اليوم وهم يبعثون بالتهاني الى بعضهم البعض عبر الواتساب وهم على الارائك متكئون , أدركت كم تبدل الزمان وتغير الانسان , فرمضان هو رمضان , لكن إنسان رمضان تغير ولله الحمد من قبل ومن بعد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق