السبت، 13 سبتمبر 2014
نماذج إنسانيه: علي بن ناصر النعيمي
سألته مستغربا بعد تقديمه لاستقالته من منصبه كوكيل لوزارة العدل في اوائل التسعينيات على ما أظن, عن سبب الإستقاله فأجابني:لاأريد ان اكون مثل راعي الغنم الذي يسرح يوميا بغنمه ويضوي"يعود" تالي النهار" كان يعني رحمه الله أن عمله أصبح روتينيا مملا لايشعر أنه يقدم فيه شيئا. هذا الصدق مع النفس جعل من إغراء المنصب شيئا لايذكر في مجتمع يسعى فيه الجميع للمنصب مهما كانت التضحيات غاليه أو على حساب القناعه أو المبدأ. كانت استقالته خروج على السائد, خاصة أنه في تلك الاثناء وقبل تعيينه وكيلا لوزارة العدل كان رحمه الله قد كُلف بصفته قانونيا من الديوان الاميري بإستقصاء حالة الوزارات واساليب العمل فيها أملا في تطويرها والارتفاع بمستوى الخدمات, وقبل ذلك كله كان قد عُين مديرا لإدارة الأراضي وكان يشتكي رحمه الله من عدم قدرته على إرضاء الجميع , وأهل قطر كلهم يستاهلون كما أشار مرة. على بن ناصر النعيمي رحمه الله يمثل فطرة الإنسان القطري الأصيل قبل أن يسرقه بريق الماده وإغراء المنصب , قليلون أولئك الذين يتخلون عن المسؤوليه عند شعورهم بالعجز عن تأديتها كما يجب لسبب أو لآخر, قليلون الذين يقبلون بالمنصب اذا يتوافق وقناعاتهم ومبادئهم فقط, علي بن ناصر النعيمي ظاهره إنسانيه إداريه, لاأذكر ان احدا من الوزراء أو الوكلاءالقطريين قدم استقالته من منصبه طالما كان المنصب تكليفا غير تشريف, وكثيرا منهم ما أن تجلس معه الا وبدا بالشكوى من عدم قدرته على اداء مهمته كما يجب بسبب البيروقراطيه والتداخل في التخصصات وغير ذلك , ومع ذلك يتحمل المسؤوليه وهو عاجز عن أداء متطلباتها ,من هنا يبدو موقف علي بن ناصر النعيمي رحمه الله مختلفا , وفريدا ومتسقا مع انسانيته الشفافه الذي إنتصر لها و لذلك بقي حتى آخر حياته مكرما لدى الجميع محبوبا من الكل , كسب منصب الانسان المتسق مع ذاته , الصادق مع نفسه, وهو اشرف المناصب , كان رحمه الله بليغا في وصفه لروتينية المنصب بأنها كالراعي والغنم, قال لي مره: بودي لو أخدم اهل قطر كلهم و غايتي أن أسعد الناس , لكنني لااستطيع أن اكذب أو أُماطل أو أن أتهرب , المسؤوليه ثقيلة , لكن يدي قصيره, استشعار عظيم بالمسؤوليه وإحساس عال بالانسانيه المشتركه , وتمر الايام وأقابله رحمه الله في عزاء أحد الاخوه ليهمس لي قائلا: عبدالعزيز لم أقرأ وصفا معبرا عن الواقع مثل مقالة"الفداوي المعاصر" رحمه الله , كنت اتمنى أن اراه وقد إشتد به المرض وكان يجلس في بيته يستقبل أحبابه الكثر, لكنني لم ادرك أن رحمة الله أقرب من تخطيط الانسان وآماله وتطلعاته. رحم الله علي بن ناصر النعيمي الذي عاش ومات إنسانا لم يدخل المنصب في قلبه الا بقدر ما يستطيع أن يقدمه للناس من خلاله.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق