عبدالناصر فى أنقرة
عبد العزيز الخاطر
2010 / 6 / 1
سفينة الكرامة تغادر المياه العربية
بقاء الارادة هو النصر هكذا علمنا التاريخ, وانكسار الارادة هو الهزيمة. أمة بلا ارادة أمة مهزومة بلا معارك وبلا شهداء , منذ أن غادرتنا الكرامة أو بالأحرى بعنا الكرامة بدراهم قليلة مهما بلغت حساباتنا البنكية فى ازدياد واسهمنا فى معيار الكرامة يتناقص كأمة نمتلك من التاريخ نصفه أو يزيد ومن الثروة كلها الا قليلا , ما فائدة جسد مهان وذل ثروة وبنوك لا تحمي الأهل والجار بل والدين والوطن من غدر الزمن والطامعين. هزمنا عسكرياً فى زمن ولكن كانت كرامتنا فوق الهزيمة كانت قياداتنا فوق الذل والهوان , شربنا الانكسار ولكنه كان انكسار العزيز الذى كان يدرك أن الايام دول ولكن ليس على حساب عزته وكرامته . جاء الذل عندما بدل الكبار جلدتهم من أجل حفنة من الدولارات ومن أجل شهوة الأولاد فى السلطة , بعد أن ذاقوا حلاوة استعباد الغير حتى وان كان على حساب الأمة وثروتها وكرامتها , لايمكن لشيء أن يعوض الكرامة لا الديمقراطية المستهلكة ولا التنمية الزائفة ولا الانتخابات المزورة ولا الكرامات المنزلة أو المكرمات الأرضية كلها لاتساوى شيئا بدون الكرامة. والكرامة موقف بعيدا عن كل الرتوش الدنيوية . " ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم فى البر والبحر" الكرامة أساس كل شى لا ديمقراطية ولا تنمية بدون كرامة. ما نشهده اليوم فى عالمنا العربى قمة الذل باسم الكرامة, ما نشهده قمه الانكسار والضياع باسم التنمية , ما نشهده قمة الاحتقار لنا كأمة باسم التمدن والتقارب والحوار. لقد شتمنا قياداتنا باسم الهزيمه ونسينا أنهم كانوا يحملون الكرامة , لقد أسأنا لتاريخنا الذى رأى فى الارادة انتصاراً برغم الهزيمة العسكرية لأن الكرامة كقيمة هى الوحيدة القادرة على أن تحول الهزيمة الى انتصار ولقد تم ذلك بالفعل .
أن تفرط أمة فى ارادتها فهذا المقتل الذى ما بعده مقتل أما أن تنهزم فهذه من سنن ونواميس الكون , رحم الله قادتنا الذين أدركوا بأن الارادة هى الأمة وأن الأمة بلا اراده قطيع يساق الى حتفه أو غثاء كغثاء السيل يعجبك كثرته ولكن لايلبث أن يزول. خلطنا بين السياسة والدين واختلفنا حول الاسلام واتهمنا بعضنا البعض بكل أشكال المروق ولكن أن نفرط فى الكرامة فالثمن غال وها نحن اليوم ندفع ثمن ذلك نغتال فى وسط البحر ننحر كمدنيين تحت عيون العالم. أردنا السلامة ولم ننج بها أردنا السلام مع قوم لا يعرفون اليه سبيلا كما يحثنا التاريخ فأودى بنا الى مصارعنا عزلاً لا نملك ماء ولا سلاحاً. انه التاريخ وعبرة لمن يريد أن يعتبر. من باع كرامته لن يغنيه ذلك شيئا مهما أوتى من زخرف الدنيا لأن الهوان هو الموت وان بقيت الروح فخروجها قبله أسهل مرات من تذوقها لطعمه البائس المر.
رحم الله عبد الناصر ورحم الله الملك فيصل ورحم الله بومدين وكل القادة وقادة الجيوش العربية الذين ضحوا بأنفسهم من أجل الكرامة وبقائها كدرع للأمة برغم حصيلتهم من الأسلحة المتواضعة مقارنة بما تملكه قوى الهوان والضعف ولكنه يفتقد روح الكرامة واصرارها فتبدو له الهزيمة وكأنها قدر لامحالة منه لأنه تجرعها قبل أن تحل به. أكاد اشك أن روح عبد الناصر اليوم ترفرف فوق أنقره متمثلة فى روح أردوغان البطل الذى يدافع عن الأمة. أكاد استشعر روح الشعب التركى وكأنها روح شعب مصر العظيم أيام الكرامة ومن وسط الهزيمة العسكرية التى أحالتها تلك الروح الى حرب استنزاف بطولية والى نصر اكتوبر العظيم! شويه كرامة يامحسنين لانطلب شيئا آخر من أجل سفينة الكرامة وأرواح شهدائها الأبطال. الذين جعلوا من وجودنا رهناً للاختبار. لم يعرف التاريخ ولم يسجل لأمة أيا كانت بقاء يذكر وهى تفرط فى كرامتها . جميع الشواهد تدل على قرب سنة الاستبدال الكونية لأن هذه السنن مرهونة ببقاء القيم وليس "القيمة " فالقيمة مآلها الاستبدال حين يحال الأمر الى كونه قيمة "مادة" يمكن مقايضتها فى حين أن قيم الحياه تتميز بالثبات فلا تفرحوا ببيعكم فإنه الى زوال مالم يرتكز على الكرامة الانسانية التى لا يمكن أن تقايض أو أن تقبل بالهوان مهما كان ثمنه وإن كان ثمنه كرسي السلطة وارثاً عن وارث لانه بدون الكرامة لا يبقى من الانسان ذاته سوى صورة اللحم والدم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق