هل سمعتم عن حاكم أورئيس يحكم جزأء من وطنه فقط. هل سمعتم عن حاكم أورئيس يشهر السلاح ويقتل العزل من أبناء وطنه, هل سمعتم عن حاكم أو رئيس يصف شعبه بالجرذان والفئران, هل سمعتم عن حاكم أورئيس يستدرج شعبه لإستخدام السلاح والدخول فى حرب أهليه. الخروج بكعكه من الحفل مغنم للحاكم العربى لأنه لم يُدعى إليه أصلا وإنما إختطفه , فلذلك يقبل بتجزئة السلطه إذا لزم الأمر مع الاخرين سواء من الوطن او من خارجه.
بل هل هناك شرعيه لأى سلطه بعد الممانعه الداخليه؟ هل هناك دستوريه شرعيه بعد ممانعة الشعب ورفضه لها؟ غريب أمر بعض الزعماء العرب . لايزالون يعتقدون بأن السلطه وحى سماوى وفرض دينى وإختيار ربانى لسبب لايعلمه الشعب ولا المجتمع , ولايدركون كنههُ. ما تجنيه شعوبنا اليوم من علقم السلطه أم من السلطه العلقم هو نتاج تاريخنا الذى ربط السلطه بالاختيار الربانى "ليس بقدرنا ولكنها إرادة الله" أن نحكمكم" فى اللاشعور يختبىء البعد العربى التاريخى للسلطه , فالصحيفه مكتوبه ولاتنتظر أن تُكتب بعد . المشروعيه قد تبدأ مشروعيه مؤقته كمشروعية الثوره ومشروعية القبيله والدور التاريخى ولكنها تنحول مع الوقت الى مشروع الهى مرورا بالمشروعيه الدينيه. محاولة إضفاء العنف على أى تغيير مرتقب هو بداية الدخول فى تصور جديد للسلطه بعيدا عن المشروعيه الدستوريه المستقاه من الشعب , ومحاوله إثبات أن هناك خروج على مشروعيه عليا من قبل فئه ضاله أو جرذان وغير ذلك من مسميات لاتستقيم والعقل السليم. لدينا مثالين واضحين حتى الآن على تصور الذهنيه العربيه للسلطه ليس بما يتفق مع العصر ولكن من خلال المنظور العربى التاريخى للسلطه كونها تبدأ إختيارا الهيا وإنتقاء سماويا بأدوات بشريه أى أن الشعب ليس سوى أداه لتحقق الإراده الإلهيه فى إختيار قادته. الرئيس على عبدالله صالح والعقيد القذافى مثالين واضحين علي ذلك ,إراده الهيه فوضت الشعب فى لحظه تاريخيه فى إختيارهما أو قبولهما جاءا كمنقذين فلذلك لايمكن الانقلاب عل هذا الإنتقاء والإصطفاء الإلهى. هذا هو المخزون الذهنى المسيطر عليهما بعد إزمان السلطه وتحولها إلى زمن وليس تاريخ محدد. فلما عادت الشعوب الى رشدها وعقلها وأرادت التحرر والتغيير إصطدمت بالعنف المقدس الذى أضفته السلطه على ذاتها فى مقابل مطالب الشارع والشعب اللامقدسه والجنونيه كونها تتدخل فى الاراده الربانيه, هذا هو منطق ذهنية النظامين جر المجتمع نحو الحرب الأهليه إيمانا بأن حاكم غشوم خير من فتنة تدوم. وهى فكرة تتبلور مع طول الأزمه فى الذهنيه العربيه وتردد بين حين وآخر وكأن الثورات لاتلد مخاضها العسير . الرئيس اليمنى والعقيد القذافى يريدون الخروج بكعكه أفضل من الخروج خاليى الوفاض كمبارك أوبن على.فوضى التاريخ العربى وغرابته لم تحسم الأمور وتؤسس لبداية تاريخ سياسى جديد للأمه فلذلك فإن أغرب النماذج السلطويه هى تلك التى أنتجها تاريخنا السياسى كونه هجين بين السياسه والدين والقبيله ومفاهيم الأبوه والعبوديه والنقاء العرقى والاصطفاء الربانى والأصل النبوى الشريف. لايتفوق علينا سوى بعض الدول الأفريقيه وزعماؤها كغباغبو مؤخرا. وزعيم افريقيا الوسطى سابقا بوكاسا. يذكر أحد الباحثين أن الديكتاتوريه كالكائن الحى يمر بمراحل , طفوله وشباب وكهوله وشيخوخه, التعامل معها فى شيخوختها أصعب المراحل كونها قد أنجبت وخلفت وجرت شرايينها ودمها فى كل مكان من جسم المجتمع, فالإستبداد هو الأصل فى تاريخنا فبالتالى فتحويله لإستثناء مكلف وباهظ هناك الكثير والعديد من الباكيين عليه بعد موته خاصة إذا كانت الثقافه السائده مهادنه ومبرره له تحت أى مسمى كان . الباكون اليوم أكثر من المتباكين على سقوط هذه الأنظمه وهذا أمر طبيعى لأنهم يبكون تاريخا لم نعرف غيره ولم نعايش سواه على أمل أن الاجيال القادمه تعيش الإستثناء وقد تحول الى قاعده.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق