هل نحن نعيش الواقع أم المحاكاة ؟ ثم ماهي المحاكاة؟
المحاكاة كما يعرفها عالم الاجتماع الفرنسي بودريار هي انتاج واقع زائف يحل محل الواقع الحقيقي بحيث يصبح من الصعب التمييز بين الاصل والصورة بل في النهاية تختفي فكرة الاصل تماماً. بمعنى آخر تصبح المحاكاة بديلاً عن الواقع
مراحل انتقال الواقع الفعل الى محاكاة او صورة زائفة عنه عديدة حين تتسلل المحاكاة رويداً رويداً وهي زيغ أو إنحراف بسيط أو تشويه بسيط للواقع وتستمر في انتاج صور عديدة لتصبح هي الواقع بعد أن تزيحه أو تلغيه , أمثلتها كثيرة في مجتمعاتنا , حفلات الزواج مثلاً أصبحت المحاكاة فيها تتراكم لتصبح هي الاصل بعد أن أزاحة الواقع الحقيقي لمعنى الزواج والاحتفال به في مجتمعنا في السابق , حيث الطمأنينة والتقارب والارتياح , فأصبح صورة تُلتَقط وحشود لاعلاقة لها بالحفل كمنسبة حميمية وإنما لضرورة اجتماعية طارئة.
من أمثلة المحاكاة كذلك في الاعلام الاخباري انه لايعرض الواقع كماهو بل يعيد بناءه بطريقة انتقائية تجعل من الحدث نسخة معدلة من الواقع. حسب الطلب والاستهلاك
الاعلانات التجارية تخلق عالماً مثالياً لحياة لاتشبه حياة البشر لكن الناس يتصرفون وكأن هذا هو العالم الحقيقي
الانترنت ووسائل الاتصال الاجتماعي تعرض حياة الناس بصورة محسنة ومفلتره لاتعكس واقعهم الفعلي فيصبح من الصعب التمييز بين الواقع والمصطنع . يقول بو دريار ان حرب الخليج الاولى لم تحدث كما نظن بل عشنا محاكاة لحرب عبر الاعلام ويقصد ان ماشهادناه عبر التلفاز لم يكن حرباً وانما عرضاً اعلامياً منظماً لصور مصممة ومفلتره بعناية كانت اللقطات تركز على لقطات رائعة لصواريخ ذكية تطلق من البحر وتخفي مشاهد المار الحقيقية لمدن العراق , فلم تكن الحرب شيئاً وقع وانما شيئاً عشنا كمحاكاة تلفزيونية بلا ألم . لقد ذاب المعنى واصبحنا نعيش في عالم صور بلا جوهر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق